هناك نصائح تكتب بماء الذهب أخبرنا بها الإمام الراحل محمد الغزالي عن تطوير الذات وترقية النفس البشرية وتجديد نظرتنا للحياة حتى تتحسن أحوالنا إلى الأفضل حيث يقول : لا تعلّق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير و تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس ، ونحن كما نرتب البيت من الفوضى ونعيد كل شيء في مكانه الصحيح يجب ان نرتيب حياتنا بين الحين والحين لنرى ما عراها من اضطراب فنزيله وما لحقها من إثم فننفيه عنها مثلما تُنفى القمامة . إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة، أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً، ولا مسلكاً مجيداً بل إنها عودة تتطلب أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهداً يُجري على فمه هذا الدعاء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) كما أضاف العالم الجليل قائلا : والعيش في حدود اليوم – وفق هذه الوصايا – يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من أصبح آمناً في سِربه معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزتْ له الدنيا بحذافيرها)الترمذي (ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتاً من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيّن) وهي نصيحة للأديب الإنكليزي (توماس كارليل) على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل. وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجّس المربك المحيّر مما قد يفد به الغد.