أكد رأفت السيد الخبير الاقتصادي أن موازنة الدولة تعيش حالياً في العناية المركزة ولابد من إخراجها بشكل سريع حتي يتجنب الشعب نتاج هذا العجز ويبدأ في جني ثماره . وأضاف في حواره ل"التغيير" أن علاج هذا العجز يحتاج لوضع حد أقصى للأجور لاسيما مع ظهور ملامح الدستور الجديد لمصر والذى سيجرى العمل على تطبيقه إذا ما خرجت نتيجة الاستفتاء عليه بنعم للأغلبية من أبناء لشعب المصرى ، فضلاً عن ضم الصناديق الخاصة وترشيد الإنفاق الحكومى ومحاسبة المخالفين وتهيئة المناخ الجاذب للإستثمار عن طريق تحقيق الأمن والإستقرار للمستثمر فرأس المال جبان ، وإلى نص الحوار: *عجز موازنة الدولة بات خطراً يهدد الاقتصاد فنود إقاء مزيد من الضوء عن هذا العجز في البداية؟ الحديث الدائم عن العجز المستمر فى موازنة الدولة لاينتهى ، بل هو من الأمور التى تؤرق كل الوطنيين عامة والإقتصاديين بصفة خاصة وحتى نوضح الصورة لمن لايعرف مفهوم الموازنة العامة للدولة فهى عبارة عن بيان تقديري تفصيلي معتمد يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة ، والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة ؛ فهى تعتبر بمثابة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ، ونظراً لزيادة النفقات العامة عن الإيرادات العامة التى يتوقع الحصول عليها أى بإختصار "عدم قدرة الإيرادات على تغطية النفقات" والتى تنتج عن تزايد حدة الضغوط التضخمية إضافة إلى تزايد أعباء الديون الخارجية والداخلية كل ذلك يتوافق مع استنزاف الاحتياطيات الخاصة بالقطع الأجنبي يحدث العجز الذى يكون بمثابة جلطة دماغية فى رأس الدولة يحتاج إلى دخولها غرفة العناية المركزة لعلاج هذا العجز . *من الأهمية أن يعرف القارئ كيف ومن أين يحدث العجز فى الموازنة ؟ عجز الموازنة يحدث نتيجة عدة أسباب فهو انعكاس لعدم قدرة الإيرادات على تغطية النفقات، الأمر الذي يدفع الدولة عادة لتأمين الأموال اللازمة إما من خلال الإصدارات النقدية أو اللجوء إلى السندات أو القروض الداخلية أو الخارجية ، على اعتبار أن ما تم ذكره يعتبر من الوسائل الأساسية الرئيسية لتمويل العجز، فضلا عن ذلك فإن الأسباب التي تؤدى إلى تفاقم العجز تتمثل في اتباع بعض الدول لاسيما النامية سياسية "التمويل بالعجز" كوسيلة لتمويل التنمية الاقتصادية في مجتمعاتها عن طريق الائتمانات المصرفية وزيادة الإصدارات النقدية ، بالإضافة إلى الإنفاقات الكبيرة الضخمة بتلك الدول على المجالات العسكرية إضافة إلى المستلزمات السلعية والخدمية. كما أن تدهور القوة الشرائية للنقود مع ازدياد حدة الضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار مع وجود مخصصات الدعم السلعي، وارتفاع تكلفة الاستثمارات العامة نتيجة الفساد الإداري من جهة وعدم تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة في تنفيذ هذه المشروعات تؤدي أيضاً لهذا العجز ، فضلاً عن الزيادات فيما يخص الرواتب والأجور وهي زيادات اسمية وليست حقيقية كونها لا تؤدي إلى زيادة القوة الشرائية لأفراد المجتمع المذكور , مضافاً إلى ذلك زيادة خدمة فوائد الديون العامة ، وزيادة الإنفاقات الحكومية بشكل عام (مباني حكومية فاخرة، سيارات ومكاتب وسكرتاريه وخلافه من مظاهر الرفاهية الملحوظة) ، فضلاً عن جمود الأنظمة الضريبية نتيجة عدم قدرتها على الاستجابة وتقديم السياسات الملائمة التي تعمل على معالجة الضغوط التضخمية من جهة وانخفاض القوة الشرائية للنقود من جهة أخرى ، فضلاً عن أن زيادة العجز في ميزان الصادرات، وانخفاض نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي انخفاض متوسط نصيب الفرد من هذا الناتج بالإضافه إلى متغيرات سلبية أخرى متمثلة فى ارتفاع البطالة. *ما هي أهم نتائج ومخاطر هذا العجز ؟ لقد رصد المختصون هذه المسألة فتبين لهم أن هناك عدد كبير من المخاطر أهمها أنه عادةً ما يؤدي عجز الموازنة إلى الاقتراض، أي سحب الموارد والأموال التي كانت جاهزة لزيادة الاستثمار الخاص - خاصة في مجالات الصناعة والتجارة - مما يؤدي إلى انخفاض كمية الإنتاج ، وفي أغلب الأحيان يقع العجز بالدولة في حالة تضخم، وذلك لأنها تضطر إلى إصدار كميات إضافية من النقود دون زيادة رصيدها فتكون النتيجة انخفاض قيمة العملة وحدوث التضخم. *فماذا عن طرق علاج هذا العجز؟ لمواجهة ذلك العجز فى الموازنة فهناك رؤيتان متعاكستان ، إحداهما رؤية صندوق النقد الدولي وهي علاج العجز من خلال تقليص دور الدولة بالتخلص من الدعم الاقتصادي الذي تتحمله موازنة الدولة وإجراء تخفيض في بند النفقات التحويلية ذات الطابع الاجتماعي وخصوصاً ما يتعلق بدعم الأسعار التموينية والضرورية وزيادة أسعار الطاقة والاقتراب من الأسعار العالمية ، مع رفع الدولة يدها تدريجياً عن الالتزام بالتوظيف وتعيين الخريجين. ومن ضمن هذه الرؤية أيضاً أن تكف الدولة عن الدخول في مجالات استثمارية والتي يمكن للقطاع الخاص الدخول فيها , كما يجب وضع حدود للائتمان المصرفي المسموح به للحكومة والقطاع العام ووضع حد أقصى لإجمالي عجز الموازنة ونسبته للناتج المحلي. وفيما يتعلق بالرؤية الثانية فهي تتعلق بمنظور التنمية المستقلة وذلك يكون من خلال دعم طاقة الدولة الضريبية عن طريق وصول الضريبة إلى شتى أنواع الدخل والمجالات الممكنة وذلك عن طريق زيادة الضرائب المباشرة مثل الضرائب العقارية والضرائب على أرباح رؤوس الأموال والضرائب على الدخل وعن طريق زيادة الضرائب غير المباشرة التي تتسم بالتنوع مع ترشيد الإنفاق العام ، حيث أن أهم مجال للإنفاق العام يمكن الضغط عليه وهو الاستهلاك الحكومي غير الضروري مثل "الأبنية الحكومية الفاخرة والسيارات وغيرهم " ، مع مكافحة التهرب الضريبي و القضاء على الرشوة والفساد الإداري وإلغاء الإعفاءات والامتيازات الضريبية مع دعم كفاءة جهاز التحصيل. *هناك آراء كثيرة حول من يقع عليه المسؤلية في هذا العجز , فما تعليقكم؟ إن التصدي لعلاج العجز بالموازنة العامة للدولة، من الأمور الجوهرية التي تتصدر أي برنامج جاد لمكافحة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها أغلب البلدان النامية، إذ ثبت أن استمرار هذا العجز له علاقة وثيقة بانفجار قوي التضخم، وبأزمة المديونية الخارجية ، ومن هنا لا يوجد خلاف حول ضرورة علاج هذا العجز، لكن الخلاف الجوهري يتمحور حول كيفية العلاج ووسائله وعلى من يقع عبء هذا العلاج ، ولذلك لابد من التعجيل بتنفيذ بعض البنود الأساسية من الآن إذا ما أردنا أن ننقل خروج الموازنة من العناية المركزية من خلال وضع حد أقصى للأجور لاسيما مع ظهور ملامح الدستور الجديد لمصر والذى سيجرى العمل على تطبيقه إذ ما خرجت نتيجة الاستفتاء عليه بنعم للأغلبية من أبناء لشعب المصرى ، فضلاً عن ضم الصناديق الخاصة وترشيد الإنفاق الحكومى ومحاسبة المخالفين وتهيئة المناخ الجاذب للإستثمار عن طريق تحقيق الأمن والإستقرار للمستثمر فرأس المال جبان . وأريد أن أوجه كلمة للحكومة الحاليه أنه ليس من الفطنة فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد من حالة عدم الإستقرار فرض ضرائب جديدة لأن المواطن وحده هو الذى سيدفع ثمن فاتورة تلك الضرائب .