مع الهدنة التي جاءت بعد حرب غزة التي استمرت اسبوعا، يعمل اليمينيون واليساريون على دفع باراك أوباما لإعادة وتجديد جهود الولاياتالمتحدة لحل القضية الأساسية لسلام الشرق الأوسط. قبل ان يتدخل مرة أخرى بصنع السلام، على رئيسنا أن يسأل نفسه بعض الأسئلة الصعبة: هل هناك سلام حقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. هل هناك أي اتفاقية يمكن الاتفاق عليها، أو فرضها، وتكون مقبولة بالنسبة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ناهيك عن حماس، التي خرجت من مواجهتها لإحدى أكثر الهجمات كثافة في التاريخ الحديث بهيبة جديدة؟ ما العوائق الواضحة لهذه الاتفاقية؟ أولا، بيبي نتنياهو، الذي ترأس توسيع المستعمرات الإسرائيلية وانضم لأفيغدور ليبرمان، المؤيد للتطهير العرقي للعرب الإسرائيليين، في تحالف لليمين الإسرائيلي المتشدد. هل سيوافق بيبي على اتفاقية تتطلب طرد أعداد من آلاف المستوطنين الإسرائيليين من يهودا والسامرة، في الوقت الذي كان قد عارض فيه سحب أرييل شارون لبضع آلاف من المستوطنين في غزة؟ هل سيوافق بيبي على أن تصبح القدس عاصمة لفلسطين وإسرائيل أيضا، وهو مطلب الدول العربية الذي لا يقبل التفاوض عليه؟ هل يمكن للسلطة الفلسطينية التي تنازلت عن جميع حقوقها من أجل أن تبقى القدس على قيد الحياة؟ العقبة الثانية هي العلاقة بين القوى في واشنطن. مع بدء أوباما بالضغط على إسرائيل لإزالة المستعمرات من الضفة الغربية وقبول القدس عاصمة فلسطينينة، قد يشعل عاصفة نارية بين المسيحيين البروتستانت، واللوبي الإسرائيلي، والمحافظين الجدد والكونجرس الذي، وليس منذ فترة طويلة، رحب بيبي بعد أن وبخ باراك أوباما في المكتب البيضاوي. حصل أوباما على الكثير من القوة السياسية بنصره في الانتخابات، لكن ليس بالقدر الكبير. في مواجهة بيبي وباراك حول المستعرات والقدس، مع من يمكن لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون والديمقراطيين الأخرين أن يتطلعوا لانتخابات 2016؟ بالنسبة للجمهوريين، نعلم ذلك اصلا. فسياستهم اتجاه إسرائيل: «ليس هناك أمر واضح بيننا، فقد أدرتم ظهوركم لنا». العائق الثالث هو البيئة البديلة بين إسرائيل والشرق الأوسط المتشدد الجديد. فتنظر إسرائيل الآن شمالا إلى لبنان حيث يمتلك حزب الله صواريخ أكثر وأفضل من تلك الصواريخ التي أطلقتها حماس. ويكمن وراء ذلك تركيا القوية التي أعلن رئيس وزرائها بأن إسرائيل دولة «إرهابية». تقع إلى الشمال الشرقي سوريا، حيث من غير المحتمل أن تستمر الهدنة التي دامت أربعين سنة حول الجولان بعد أن يسقط بشار وأن يحل محله نظام سني يترسخ فيه الإخوان المسلمين، أو تصبح دولة فاشلة يكون فيها الجهاديين وتطلق الأسلحة الكيماوية. وتقع الأردن في الشرق، حيث هناك أعمال شغب. في الجنوب والغرب هناك حماس، ومصر التي يسيطر عليها الإخوان، والملايين من هؤلاء الناس يرغبون برؤية اتفاقية السلام الإسرائيلي تنهار. إسرائيل الآن معزولة كما لو أنها تقع في منطقة أكثر عدائية لوجودها من أي وقت مضى منذ حرب 1948. يبدو أن عهد اسحق رابين، عندما وقعت إسرائيل معاهدات مع مصر والأردن ودخلت في اتفاق أسلو مع ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، كان تاريخا فريدا من نوعه. وبالنظر إلى الوراء، مع اغتيال رابين وتسلم نتنياهو للمنصب، النافذة التي ظهرت بأنها فتحت قد تكون قد أغلقت إلى الأبد. يظهر أن الإسرائيليين الآن أناطوا مستقبلهم بتفوقهم العسكري بكفالة الولاياتالمتحدة – طائرات أف 16، والقنابل الذكية والقبة الحديدية المضادة للصواريخ – بدلا من محادثات واتفاقيات السلام. هذا ما يريدونه هم. لكن ماذا عنا؟ ماذا لدينا نحن لنظهره عن عقود من التدخل في الشرق الأوسط؟ بصرف النظر عن «تحريرنا» للكويت، وأفغانستان، والعراق وليبيا بكلفة آلاف من الأرواح وتريليونات الدولارات، وبصرف النظر عن دفع مئات الملايين على شكل مساعدات خارجية، إلا أن تأثير أميركا لم يكن قليلا أبدا. هيلاري كلنتون، التي قطعت جولتها في آسيا للسفر إلى إسرائيل ومصر، كانت كالمتفرج ولم تتدخل في التواسط للهدنة. حتى لم يسمح لها بالتحدث إلى حماس. لهذا السبب صنفنا حماس بأنها منظمة إرهابية. مدهش. ماذا كان جو ستالين عندما تحدث إليه هاري ترومان معه في بوستدام؟ وماذا كان نيكيتا خورتشوف عندما دعا أيزنهاور «سفاح بودابيست» إلى كامب ديفيد؟ ماذا كان ماو عندما شاركه رتشارد نيكسون الحديث في بكين العام 1972؟ نحن نكتف أيدينا ونندهش لماذا لا ننجح. اليوم، عندما يدفع بأوباما نحو جولة عقيمة أخرى من صنع السلام في الشرق الأوسط، وحثه على التدخل في الحرب العرقية الأهلية الطائفية في سوريا وحثه أيضا على رسم «خط أحمر» لشن حرب على إيران، عليه أن يسأل نفسه: كيف يمكن أن تكون المصالح الأميركية الحيوية عرضة للخطر بالبقاء خارج هذا العراك، أو النزاع، أو الحرب بشكل خاص؟ لماذا من شأننا نحن حل جميع هذه الأزمات؟ وما احتمالية أن نقوم نحن بحلها؟ نحن خارج العراق، وسنترك أفغانستان عام 2014. هل علينا أن نعود إليها، أم كما تعهد أوباما، علينا أن نقوم «ببناء الأمة» هنا في وطننا؟