* من ارتضوا بتشكيل التأسيسية ثم قاطعهوها أرادوا تفجيرها لمصالح شخصية * تدخل القضاة في السياسة مناصرة لطرف دون آخر يفسد القضاء * التنفيذية خططت لكسب موالاة القضاء على مدار 50 عاماً ونجحت بتقدم المكافآت * التشكيك في استفتاء المرحلة الأولى بهتان وعدم معرفة * نادي القضاة في الماضي كان يدافع عن مصلحة الوطن أكثر من دفاعه عن القضاة أنفسهم أكد المستشار السيد المحمودي سكرتير نادي القضاة الأسبق والمحامي بالنقض أن الدستور بعيد كل البعد عن الصراع السياسي الحالي الذي يهدف في المقام الأول للوصل إلى كرسي الرئاسة باعتباره الفرصة الأخيرة لمن لم يحالفهم الحظ في انتخابات الرئاسة. وأضاف المحمودي في حوار خاص ل"التغيير" أن تدخل القضاة في السياسة مناصرة لطرف دون آخر يفسد القضاء تماما لأن من أهم سمات القضاء هو الحياد والنزاهة والموضوعية , واصفاً إدعاء البعض بتزوير الاستفتاء وعدم وجود قضاة على الصناديق فرية وبهتان.. وإلى نص الحوار: * كيف تقرأ المشهد الحالي والصراع الذي تشهده مصر؟ المعركة التي تدور في مصر حالياً لا تتعلق بمشروع الدستور أو الإعلانات الدستورية وإنما نشأت عقب انتخابات الرئاسة وفوز الدكتور مرسي بمقعد الرئيس , وقبل ذلك حل مجلس الشعب الذي كان يسيطر عليه الإخوان والسلفيون والتيارات الإسلامية، ومنذ هذا التاريخ بدأت العراقيل تظهر الواحدة تلو الأخرى في مواجهة الرئيس المنتخب حتي لا يستطيع أن يوفي ما التزم به أمام الشعب . * معني ذلك أنك ترى أن المعركة الحالية رئاسية ولا تتعلق بالدستور؟ بالطبع، أهم ما يريدون الوصول إليه هو منع ثورة مصر من الوصول من ثورة شعبية حقيقية تنتهي فيها الشرعية الثورية وتحل محلها الشرعية الدستورية.. ومن هنا فإن الذي لم يحالفه الحظ في الفوز بالرئاسة وجد أن وصول الإخوان ومن ورائهم من بقية التيارات الإسلامية سيحول دون وصوله في الرقيب العاجل إلى ماكان يصبوا إليه في مؤسسة الرئاسة. الهدف السابق أدى إلى تحالف الكثير ممن شاركوا في الثورة مع فلول النظام السابق ورجال أعماله بقصد منع تشكيل المؤسسات الدستورية في الوطن خاصة أنه حتى الآن يسيطر رموز الوطني المنحل من الدرجه الثانية على مقاليد الدولة العميقة في مصر ..إذاً فالمعركة ليست معركة دستور وقيام فصيل واحد بوضعه على غير الحقيقة، وإنما هؤلاء شاركوا فيه وارتضوا بتشكيل التأسيسية قبل أن يتم وحينما تشكلت قاطعوها ثم عادوا إليها مرة أخرى لتفجيرها من الداخل فنيتهم لم تكن المساهمة في إعداد الدستور من الأساس. * ما رأيك في تدخل القضاة في السياسة بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة؟ فيما يتعلق بقضاء مصر العظيم فقد امتدت يد السلطة التنفيذية إليه في عام 1969 حين كان القضاء يمثل ضمير الأمة وحينما وقف بجوار شعبه في الدفاع عنه أثناء الحكم الناصري المستبد بعد نكسة 67 وأصدر بيان مارس الشهير والذي كان من ورائه أن تعرض القضاة لإعادة تشكيل السلطة القضائية وباقي الهيئات القضائية الأخرى، وأخرج منها من أخرج وأحيل منها من أحيل إلى مناصب إدارية نتيجة لمواقفه في الدفاع عن قضايا مواطنيه بما لا يخل بدخوله معترك الحياة السياسية إذ أن رجال القضاة مستقلون في عملهم ولاعلاقة لهم بالأمور السياسية ولكن لهم علاقة بالأمور الوطنية. * هل شهد تاريخ القضاة تدخلات بمثل هذا الشكل في الصراع السياسي خلال مرحلة ما قبل الثورة ؟ رجال القضاء بطبيعتهم هم من المحافظين أي لا ينحازون لطرف على حساب الطرف الآخر؛ فسلوكهم دائماً أنهم متبصرون بمواقع أقدامهم لاينصرون إلا الحق وهو طابع في أغلبهم , ومنذ عام 69 وبعد أن أعيد الذين سبق وأن استبعدوا في مذبحة القضاة في هذا العام أخذت السلطة التنفيذية تبحث عن وسيلة تحاول بها أن تجعل القضاء موالي لها واستمرت على مدي أكثر من 50 عاماً تسعي لهذا المخطط تارة بالترهيب وتارة بالترغيب إلى أن استطاعت الوصول لرموز القضاء في فترات معينة وقامت بمد السن بزعم أن هذا يفيد القضاة بالخبرة بعد سن الستين , إلا أن ذلك كان بغرض استفادة أشخاص بعينهم ومنحهم مكافآت على ماقاموا به من خدمات جليلة لهذه السلطة التنفيذية . لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل تم تعيينهم في وظائف إدارية كبير كمحافظين ووزراء كي يتم السيطرة على القضاء وجعله يدور وجوداً وعدماً مع مصلحة السلطة التنفيذية في مقابل الخدمات التي تقدمها هذه السلطة. *تدخلات نادي القضاة مؤخراً في الصراع السياسي أثارت حوله العديد من التساؤلات , فبما تفسر ذلك؟ نادي القضاة في الماضي البعيد ثم القريب كان لا يدافع عن مصلحة القضاة فحسب بقدر ماكان يدافع عن مصلحة الوطن وأبنائه ضد الظلم والاستبداد في الستينات والسبعينات , حيث كنت حينها سكرتيراً لنادي القضاة ورأس النادي في هذه الفترات المستشارون "أحمد جنينه ووجدي عبد الصمد وقبلهم المستشار هريدي" , ثم في الماضي القريب أخذ مجلس إدارة النادي يسعي لتحقيق استقلال حقيقي للسلطة القضائية وعدم تغول السلطة التنفيذية عليها. أما العهد القريب السابق على الثورة مباشرة كان رئيس النادي المستشار زكريا عبد العزيز وكان آخر رئيس لنادي القضاة قبل الثورة وهو من وقف وقفته الشريفة للدفاع عن استقلال القضاء بما لايحول دخول السلطة التنفيذية على القضائية , من خلال عمل ميزانية مستقلة للقضاة وعدم تبعية التفتيش القضائي وتعيين رؤساء المحاكم الابتدائية من جانب وزير العدل ويكون مسيطر على السلطة القضائية مجلس القضاء الأعلي . * ما هي الانعاكاسات السلبية لاختراق القضاة مجال السياسة ؟ تدخل القضاة في السياسة مناصرة لطرف دون آخر يفسد القضاء تماما لأن من أهم سمات القضاء هو الحياد والنزاهة والموضوعية لأن العدل أساس الملك وليس هذا فقط بل إناه أساس كل شئ ولاينصلح حالنا إلا بصلاحه أي العدل . وعلى سبيل المثال "في أثناء الحرب العالمية الثانية في انجلترا شكا أحد القضاة لوزير الدفاع وكانت محكمته بجوار مطار لندن أن أصوات الطائرات تزعج المحكمة وهي تنظر قضايا المواطنين فذهب وزير الدفاع لرئيس الوزراء وقال له باستخفاف هل تتخيل أن قاضي محكمة كذا يكالب بنقل المطار معتقداً أن رئيس الوزراء سيقول له امضي في طريقك إلا أنه فوجئ بأنه يقول له خير لانجلترا أن تُهزم في الحرب من أن يُهزم العدل بها, مشيراً إلى ان الأمر في مصر يختلف تماماً حيث فوجئنا في الاستفتاء الأخير بحالة من الاستهانه للقضاء من خلال مطالبة البعض للقضاة بإخراج إثبات شخصية. *ما مدي إلزامية القرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية لنادي القضاة خلال الفترة الأخيرة برائسة الزند؟ نادي القضاة نادي اجتماعي يقدم خدمات اجتماعية وإنسانية ولاتلزم قرارات جمعيته العموميه الهيئات القضائية المختلفه وإنما الجمعيات العمومية للمحاكم هي التي تعبر عن هؤلاء القضاة. ولذلك فإنه مرة أخري فإنه لايجوز لنادي القضاة التدخل في السياسة بأي شكل من الأشكال. *فما رأي سيادتكم في الدستور الجديد وتعليقكم على طريقة إعداده؟ مشروع الدستور الذي أعد من جانب اللجنة التأسيسية ما يمكن أن أقوله أن المستشار الغرياني رئيس اللجنة كان قاضي القضاة ورئيس المجلس الأعلي للقضاء قبل رئاستة للتأسيسة مباشرةً , وهو رجل يتميز بسمت القاضي ونزاهته وتاريخه الطويل في الحفاظ على المبادئ القضائية والعدالة وهو ذو ضمير حي ولايسمح لنفسه أن يكون تبعاً لأحد أو ممثلاً لفصيلاً دون آخر , كما أن الجمعية التأسيسية تشكلت بالوفاق مع كل التيارات ثم ما حدث أن بعضاً منهم لم يقبل الاستمرار وانسحب ثم عاد ليفجر التأسيسية من الداخل كما قلت. *البعض يري أن الدستور الجديد لم يحقق للقضاء استقلاله , فما رأيكم؟ الدستور يحقق للقضاء استقلالاً كاملاً فيما يتعلق بالمواد المذكورة فيه ولايتبقي سوي إصدار قانون للسلطة القضائية ليحقق هذا الاستقلال لأن تبعية التفتيش وتعيين رؤساء المحاكم الإبنتدائية لايكون إلا بقانون السلطة القضائية وهذه لاترد في نصوص الدستور. *هناك من يشكك في نتيجة الاستفتاء على المرحلة الأولي , فما تعليقكم؟ كل ما يقال في ذلك ومنه أن هناك بعض اللجان لم يكن بها قضاة على الصناديق ما هو إلا فرية وبهتان . ومايحدث في العمليات الإنتخابية كالآتي أن في كل دائرة يكون لها رئيس وغالباً رئيس استئناف أو محكمة ابتدائية والتي في دائرتها سيتم الاستفتاء , ومن المعروف أنه في كل مركز اقتراع لجنة انتخابية يرأسها قاضي يذهب قبل يوم الانتخابات للمحكمة الممنتدب للإشراف فيها ويتسلم مظروف اللجنة التي سيشرف عليها ويقوم بالتوقيع على الاستلام وبأخذ مظروفاً آخر به نقود لمصروفاته أثناء الاستفتاء بالإضافة إلى سيارة يستأجرها أو تخصص له من جانب لجنة الانتخابات , ومعني ذلك أن أو راق الانتخابات تسلم للقاضي ويوقع عليها برقم الدائرة التي سيشرف عليها في هذا اليوم فكيف مكن أن يدعي البعض بأن هناك لجان بدون قضاة إذا كان الأمر يتم بهذا الشكل , ولذلك فهو اتهام لايقبله العقل وأمر يحاولون النيل به من صندوق الاستفتاء . كما أن مافعله البعض مع القضاة من مطالبتهم بإبراز هويتهم أمر غير مقبول تماماً , بالإضافة إلى أن هذه الإداعاءات باطلة فإنهم لايدركون أن الاستفتاء طبقاً للدستور يقوم بإجرائه 4 جهات منها السلطة القضائية متمثلة في قضاة مصر ووكلاء النيابة العامة ومجلس الدولة بالإضافة إلى هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية , فقد يكون الكارنية الموجود مع أحدهم ليس فيه صفة القاضي بعينها فمثلاً هيئة قضايا الدولة تسمي الدرجات فيها مابين مندوب مساعد ومندوب ومحام ونائب ومستشار مساعد ومستشار ونائب رئيس , وهؤلاء لايدركون أن كل من يحملون هذه المسميات هم قضاة في النهاية.