هل تتأثر مصر بأي تسرب نووي قد يحدث في إيران؟    وزير الزراعة بفرنسا: تقنيات حديثة وصديقة للبيئة ودعم صغار المزارعين    رئيس وزراء بريطانيا يؤكد قرب توقيع الاتفاق التجاري مع أمريكا    إصابة خمسة إسرائيليين وسط تل أبيب بعد سقوط صواريخ إيرانية    تعيين اللواء حاتمي قائدًا عامًا للجيش الإيراني    ميسي يتحدث عن مواجهة الأهلي: متحمسون لترك بصمتنا العالمية    توتنهام يستهدف ضم مهاجم برينتفورد    القليوبية تعلن جاهزية اللجان لاستقبال امتحانات الثانوية العامة    السكة الحديد: تشغيل قطار روسي فاخر على خط الصعيد كخدمة جديدة    حمزة نمرة| مفاجأة ألبوم رامي جمال «محسبتهاش»    رانيا فريد شوقي تمازح أحمد بدير.. «كان فاكرني عاقلة» | صورة    فات الميعاد الحلقة 1.. أسماء أبو اليزيد تحاول إقناع أحمد مجدى بشراء شقة جديدة    إسرائيل تعلن بدء الهجوم الإيراني وتحذر مواطنيها    لميس الحديدي عن ضرب إيران :الوضع يتطلب منا إدراك المخاطر المحيطة بنا    وزارة الصحة: نجاح فريق طبى بمستشفى الخانكة في إجراء جراحة نادرة لطفلة رضيعة    غرفة عمليات مركزية بالدقهلية للتعامل مع حريق بمنطقة خالية داخل مركز إرسال بطره    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    منافس جديد لصلاح.. تفاصيل عقد فيرتز مع ليفربول    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    حقيقة تقرير أيمن الرمادي عن المستبعدين في الزمالك    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    للوقاية من ضربات الشمس..توزيع أكثر من 5 آلاف مظلة على الحجاج بالمدينة    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    هجوم إسرائيلي يستهدف "مطار مهرآباد" في طهران    4 أبراج تهتم بمظهرها.. هل أنت منهم؟    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    وكيل تعليم شمال سيناء يعقد اجتماعًا موسعًا مع رؤساء لجان الثانوية العامة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الجمعة 13-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة اولية على سياسة اوباما الخارجية في ولايته الثانية
نشر في التغيير يوم 20 - 11 - 2012

درجت العادة ان تشهد السياسة الخارجية الاميركية بعض التعديل في التوجه والوجهة خلال فترة الولاية الثانية للرئيس المنتخب لاعتبارين رئيسيين: الاول، رغبة جامحة لرؤساء الولاية الثانية البدء بارساء "ارث" يطبع السجل الرئاسي من منظار تاريخي؛ وثانيا، بصفته غير قابل للتقدم بالترشيح مرة اخرى (مما يعرف بالبطة العرجاء)باستطاعة الرئيس الاقدام على اتخاذ قرارات كانت تقيد حركتة في الولاية الاولى بين الناخبين.
الامر عينه ينطبق على اوباما في الولاية القادمة، اذ يحكمه هاجس تقييم ولايتيه في اطار تاريخي يذكره بالرضى. كما سيقدم على اتخاذ اجراءات كان مترددا في اتخاذها قبل الانتخابات، والتي كرستها محادثة خاصة اجراها مع الرئيس الروسي آنذاك ديميتري مدفيديف والتقطها الميكروفون الذي اعتقد انه اغلق قائلا ارجو ابلاغ رسالتي (لفلاديمير) بوتين ان"الانتخابات المقبلة هي الاخيرة بالنسبة لي، وبعد انقضائها سيتوفر لدي قدر اكبر من المرونة" في الملفات ذات الاهتمام المشترك. وكانت اجابة مدفيديف واضحة في دلالتها بانه سينقل ذلك الى بوتين.
عند هذا المنعطف تجدر الاشارة لتصريح الناطق باسم الرئيس الروسي، ديميتري بيسكوف، مطلع الاسبوع الجاري بان "الرئيس الاميركي اكد قبوله دعوة نظيره الروسي بزيارة روسيا."
واقع الامر ان التحديات التي تواجه سياسة الادارة الخارجية تتنامى وتتشعب، لا سيما في ظل حالة الانقسام السياسي للمشهد الاميركي والذي ساهم بفوز اوباما بنسبة ضئيلة – الامر الذي يعد نادرا في تاريخ الانتخابات الاميركية. ان تركيبة التوازن السياسي الراهنة في الكونغرس تعقد جهود الادارة في الحصول على مصادقة مجلس الشيوخ على اية معاهدات بنسبة ثلثي الاعضاء ويجعلها امر صعب المنال.
كما ان هنالك بعض التحديات التشريعية التي ستترك تداعياتها على سياسة اوباما الخارجية، ليس اقلها التوصل لاتفاق تشريعي حول الميزانية الفدرالية والتي تواجه تقليصا في مواردها وارتفاع نسبة ضريبة الدخل على بعض الشرائح الاجتماعية الوسطى. واستنادا الى السجل القريب، فان اوباما اظهر خفة ادراك لآلية التشريع وضرورة بناء تحالفات مع خصومه السياسيين.
هناك إجماع عام بان الوضع المالي الراهن للحكومة الاميركية على شفير الهاوية، ان استمر العمل به بالوتيرة الراهنة، مما سيترتب عليه آثار جمة للسياسة الخارجية والامنية الاميركية، بدءاً بميزانية الدفاع واخواتها. نجاح اوباما مرهون بقدرته على التحكم بمفاصل الميزانية المركزية الهائلة – وانعاش النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ – والذي سيترك بصماته بقوة على نجاعة ادائه داخليا وخارجيا وشروع الزعماء الدوليين تقييم قدراته وصلابة موقفه استنادا الى مهارة ادارته للازمة الداخلية.
فريق جديد للتحكم بمفاصل السياسة الخارجية
سينزوي أوباما جانبا لاعادة هيكلة اطقم سياسته الخارجية ومجلس الامن القومي، بناء على ما تداولته وسائل الاعلام المختلفة بان وزيري الخارجية والدفاع، هيلاري كلينتون وليون بانيتا على التوالي، اعربا عن نيتيهما التنحي عن منصبيهما في القريب العاجل، مع تأكيدهما على القدرة في البقاء بالمنصب لحين مصادقة مجلس الشيوخ على خليفتيهما. الاستقالة المفاجأة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، ديفيد بترايوس، اسهمت في مضاعفة التحدي الماثل.
التغييرات المرتقبة في طاقم السياسة الخارجية يحفز طرح تساؤلات هامة. اولها، يتعلق بفعالية الطاقم الجديد. اذ ان هيلاري كلينتون حظيت بمقدار عال من الصدقية بين الساسة من الحزب الجمهوري تجاوزت فيه الرئيس اوباما ووزير الدفاع ليون بانيتا على الرغم من خبرة الاخير الطويلة في اروقة الكونغرس. هل سيتمتع التشكيل الجديد بقدرات ومواهب مماثلة؟ وهل سيكون بمقدوره العمل بسلاسة مع مستشار الرئيس للأمن القومي، توم دونيلون؟
ثانيا، هيكلية الطاقم الجديد والاثر الذي ستتركه على تناول اولويات الرئيس اوباما؟ وهل سيكون بمقدور اوباما بلورة اطار عام لما ينوي انجازه من مهام، لا سيما وان رفد دم جديد له تأثيراته الخاصة على تحديد الاولويات المطلوب انجازها وتسخير الادوات المناسبة.
عند هذا المنعطف، فان دور كل فرد يعد حيويا، مهما بلغت رتبته الوظيفية، لما له من انعكاس على مجمل السياسة.عند مغادرة الوزراء مناصبهم، يتولى نوابهم ومساعديهم المقربين ادارة الشؤون اليومية، ودفع عملية الانتاج قدما بفضل هؤلاء. بيد ان بعض المبادرات قد تتراجع او تتعثر نظرا لشغر منصب المسؤول الاول. على سبيل المثال فان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الوزير لشؤون الشرق آسيوية والمحيط الهاديء، كيرت كامبل، سويا شرعا بهندسة الدور المتعاظم للدول الاسيوية، وكليهما سيترك منصبه قريبا.
كما لا ينبغي القفز عن عامل ماذا ينتظره الآخرون من السياسة الخارجية الاميركية في السنوات الاربع المقبلة وما هم فاعلون، ويتضمن ابعادا ثلاثة: الدور المرتقب للجمهوريين في صياغة السياسة الخارجية؛ قياس ردات فعل الدول الاخرى للتطورات الداخلية الاميركية؛ واستشراف الازمة المرتقبة غير المتوقعة.
من نافل القول ان السياسة الخارجية للرئيس اوباما تعتمد على فريقها حصرا. اذ بعد ان استطاع الحزب الجمهوري الاحتفاظ بنسبة الاغلبية في مجلس النواب فان حظوظه تتنامى في التأثير على اتخاذ قرارات ذات طبيعة حيوية بمجرد التلويح بسيطرتهم على قرار الصرف المالي، مما قد يؤهله لطرح رؤية مغايرة. علاوة على ذلك فان الادارة الاميركية ستجد نفسها مضطرة الى تنسيق سياستها الخارجية مع بعض حلفائها مثل بريطانيا والمانيا واليابان، او مع منافسيها الفاعلين مثل روسيا والصين.
حجم الانفاق العسكري سيترك أثره ايضا على ردات فعل الدول الاخرى حين تخفض الولايات المتحدة ميزانيتها العسكرية. قد يترك الامر اثرا فوريا على العمليات العسكرية الاميركية الجارية في الشرق الاوسط، الا ان قلقا متناميا يسود بين اوساط صناع القرار لتعاظم القوة العسكرية للصين وعزمها على استخدامها في ظروف مؤاتية. وعليه، خصصت الولايات المتحدة موارد كبيرة للمحافظة على تفوقها عسكريا في آسيا، على الرغم من حصول قيادة القوات المركزية على حصة الاسد من الموارد والتي بدأ يتبلور فشل تخصيص موارد كافية للقيام بذلك. وهذا الامر يقود الى الاستنتاج بأن الاستقرار الاستراتيجي وقدرة الولايات المتحدة على التحكم في الاحداث والتطورات الاسيوية قد يصيبه الضعف نتيجة ذلك.
مهارة ادارة الازمات الراهنة هو ما سيحدد نجاعة سياسة اوباما في ولايته الثانية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان سجلها الحاضر لا يشير الى تميز في مواجهة الازمات الطارئة – والذي تجلى حديثا في اجراءاتها حيال الاضطرابات التي عصفت بالشرق الاوسط، في مصر وليبيا وسورية، وربما مرده يؤشر على فقدان الادارة لاطار استراتيجي واضح المعالم للسياسة الخارجية الاميركية.
فيما يخص عامل اعادة توجيه السياسة الخارجية، فضل اوباما حصر خياراته ببعض القرارات التي اتخذها في ولايته الرئاسية الاولى. فيما يخص العلاقات مع روسيا، راهن اوباما منذ بدء ولايته المنتهية على تجاوز نظام الدفاع الصاروخي لحلف الناتو على اراضي بولندا وجمهورية التشيك. والآن لم يعد بوسعه المناورة به امام الطرف الروسي الذي ادرك مبكرا ان مسألة الدفاع الاميركي عن اوروبا هي مسألة قابلة للتفاوض. صعود روسيا الى عضوية منظمة التجارة الدولية – يعد مكسبا حقيقيا لادارة الرئيس اوباما وقد يثبت اهميته لاحقا في خدمة الاقتصاد الاميركي المترنح.
تحتفظ روسيا ببعض عوامل التفوق السياسية على الولايات المتحدة. قبول الرئيس الروسي بوتين فرض عقوبات على ايران لم توقف العمل بالبرنامج النووي – مما يضاعف الضغوطات على الولايات المتحدة في سياستها الشرق اوسطية. كما ان "ترحيب" بوتين ببقاء قوات حلف الناتو في افغانستان ينعكس سلبا على بقاء القوات الاميركية بالقرب من الحدود الروسية واضطرارها التصدي لارهاب المجموعات الاسلامية. علاوة على ذلك فقد طردت روسيا بوتين وكالة التنمية الدولية الاميركية من جميع اراضيها، بل اوقف العمل بالقانون الاميركي لعام1992 القاضي بالتخلص من اسلحة الدمار الشامل ومكوناتها في "الاتحاد السوفياتي السابق،" والمعروف بقانون السيناتور سام نان والسيناتور ريتشارد لوغار. تلوح فرصة في الافق للتفاوض حول معاهدة نووية بشروط جديدة، بيد ان حظوظ المصادقة عليها تبدو بعيدة المنال. كما ان روسيا اليوم لم تبدِ اي رغبة لتخفيض وتيرة مبيعاتها من الاسلحة لدول الشرق الاوسط.
روسيا الآن في وضع باستطاعتها التحكم بطرح المبادرات التي ستترك بعض التغيرات الدراماتيكية على مسار السياسة الخارجية للادارة الاميركية.
"الكأس المقدس" لسياسة الرؤساء الاميركيين الخارجية تكمن في صياغة حل سلمي دائم في الشرق الاوسط.بيد ان الخيارات المتاحة امام الرئيس اوباما قيدتها سياساته في ولايته الاولى لا سيما لعدد من الازمات التي اندلعت طيلة فترة ولايته. لن يكون بوسع اوباما اعادة الساعة الى الوراء والتغاضي عن النظر في اي أفق يمهد التوصل الى حل تفاضي وانكفائه السابق امام ضغوط واستبزاز نتنياهو. لكل فعل تداعياته. فالعدوان"الاسرائيلي" الاخير على قطاع غزة اثبت ان "اسرائيل" بوسعها احيانا المضي قدما ببعض الحملات دون الحصول على اذن اميركي مسبق ولكن لا تستطيع الاستمرار فيها بدون الغطاء الاميركي. فالتصعيد الجاري يهدد باتساع العدوان بالنظر الى تصريحات "حزب العدالة والتنمية" للاخوان المسلمين في مصر بانه لن يكون بوسعه الوقوف جانبا امام الغارات والهجمات"الاسرائيلية" على قطاع غزة، والتي دشنتها باغتيال نائب قائد القوات العسكرية لحركة حماس، احمد الجعبري. وطالب بيان "حزب العدالة والتنمية" اتخاذ"موقف عربي ودولي حازم لوقف المجازر."
فقد اوباما بريقه بعد اخفاق سياساته الشرق اوسطية وقدرته التأثير على الجانبين، الفلسطيني و"الاسرائيلي." كما تدهورت اسهمه لممارسة قدرته في الحفاظ على وتيرة السلام بين "اسرائيل" ومصر. اذ اصبح من الوارد انهيار اتفاقية السلام بين الطرفين خلال فترة ولايته الثانية. ولا يبدو حتى كتابة هذه السطور ان الدور الوظيفي المعتاد لمصر، وفق الرغبة الاميركية، سيستمر بنفس الفعالية والوتيرة التي نفذها مبارك، اذ يواجه الرئيس المصري مرسي صعوبات واحراجات في اخراج موقف ظاهره مختلف عن سلفه وباطنه وادواته متطابقة.
ايران اضحت تقض مضاجع السياسة الاميركية. ففي مؤتمره الصحافي الاول بعد فوزه بولاية ثانية، اجاب بوضوح حول توجهاته المقبلة نحو ايران، بالقول:
"ارغب بصدق التوصل الى حل ديبلوماسي للازمة. كنت واضح في موقفي من المسألة قبل الانتخابات وخلالها والان بعدها – ملخصه اننا لن نسمح لايران اقتناء سلاح نووي.لكنني ادرك ان هناك فرصة زمنية متاحة امامنا لحل المسألة بالاساليب الديبلوماسية.لقد وظفنا اقسى العقوبات عبر التاريخ، وبدأت تؤتي ثمارها وتداعياتها على الاقتصاد الايراني.
ينبغي ان يتوفر لهم (الايرانيون) وسيلة تتيح لهم بموجبها الاستمتاع بميزات الطاقة النووية السلمية، وفي نفس الوقت الامتثال للالتزامات الدولية وتوفير ضمانات واضحة للمجتمع الدولي بانهم لا يعتزمون المضي لاقتناء سلاح نووي.
وعليه، نعم، ساسعى الى دفع المسار (الديبلوماسي) في الاشهر المقبلة بغية التيقن من امكانية اجراء حوار ليس بين ايران وبين المجتمع الدولي فحسب بل والولايات المتحدة، للبحث في سبل حل تلك المسائل. ليس بوسعي تقديم وعد بأن ايران ستدخل الجولة، ويتعين عليها ذلك، لكنه الخيار المفضل ومرحب به بشكل اكبر ... الاصول والمتطلبات الديبلوماسية لن تحد حركتنا. ان كانت ايران جادة في التوصل لحل المسألة، سيكون بوسعهم تحقيق ذلك."
اما في الشأن السوري، فقد اوضح اوباما في مؤتمره المذكور مكنونات سياساته المقبلة بالقول:
"كنت من أوائل القادة ، أعتقد، على مستوى العالم بالقول انه يتعين على الأسد ان يرحل، ردا على الوحشية التي لا تصدق التي أظهرتها حكومته في مواجهة ما كان في البداية مظاهرات سلمية.
بالتأكيد ، الوضع في سورية تدهور منذ ذلك الحين. لقد شاركنا مع المجتمع الدولي على نطاق واسع وكذلك مع القوى الإقليمية لمساعدة المعارضة. إلتزمنا بتوفير مئات الملايين من الدولارات لمساعدة الناس داخل وخارج سورية على حد سواء. ونحن نتشاور باستمرار مع المعارضة بخصوص كيفية تنظيم انفسهم ولا يبقون منقسمين ومتفرقين في مواجهة هجمات نظام الأسد.
"نحن في تواصل مكثف مع دول كتركيا والأردن الجارة المباشرة لسورية ولها تأثير – وبطبيعة الحال إسرائيل التي لديها قلق بالغ ، كما هو لدينا ، بخصوص تحريك الأسلحة الكيميائية على سبيل المثال التي يمكن ان تحدث في مثل هذا المناخ المضطرب والتي يمكن ان يكون لها تاثير ليس فقط في داخل سورية ولكن على كل الإقليم.
"يحدوني الأمل لرؤية المعارضة السورية كي تكون مظلة تحقق انسجام فيما بينها اكثر مما سبق. نحن في طريقنا للتحدث معهم . سيقوم مبعوثي بالسفر لعقد اجتماعات مختلفة مع المجتمع الدولي ومع المعارضة.
"ننظر أليهم كممثلين شرعيين لطموحات الشعب السوري. نحن لسنا مستعدين للإعتراف بهم بعد كحكومة في المنفى ولكن نعتقد أنهم مجموعة ممثلة على نطاق واسع. احد المسائل التي سنستمر في التركيز عليها هي التأكد من ان المعارضة ملتزمة بسورية ديمقراطية ، سورية تعددية، سورية المعتدلة.
"لقد رأينا عناصر متطرفة دست نفسها داخل المعارضة وسنكون على اهبة الإستعداد حولها -- على وجه الخصوص عندما نبدأ الحديث عن تسليح المعارضة -- والا نضع الأسلحة بطريقة غير مباشرة في أيدي أناس قد يسببون أذى للامريكيين ، أو للإسرائيليين ، او غير ذلك من الانخراط في أعمال تضر بامننا القومي.
"نحن مستمرين في العمل والتحقق من هذه المسألة والانخراط بقدر ما نكون في موقع يجعلنا نتأكد من اننا نشجع العناصر الأكثر اعتدالا والمتعقلين من المعارضة الملتزمين بالمشاركة وباحترام حقوق الإنسان والعمل بالتعاون معنا في المدى الطويل."
تصريحات اوباما المشار اليها تدل على ان سورية ستبقى تشكل مأزقا لسياساته، لا سيما ان ما بدأ كظاهرة تمرد شعبي تلطى وراء التظاهر السلمي انقلب الى حرب أهلية وحشية دخل عليها عاملي القاعدة ومجموعات جهادية وسلفية اخرى تتنامى ادوارها في مفاقمة الازمة. وقد تصبح سورية بالنسبة لاوباما تحديا شبيها بما اضحت اليه العراق بالنسبة لسلفه بوش الابن وحرب البوسنة بالنسبة للرئيس الاسبق بيل كلينتون.
طموح اي رئيس في ولايته الثانية ان يترك طبعته الخاصة على مسار الاحداث الدولية، وسرعان ما يدرك ان نجاح طموحاته يعتريه صعوبات جمة. اذ ان توازنات سياسة الولاية الاولى قد قيدت حرية الحركة والمرونة، وتضاءلت الرغبة لدى الادارات المتعاقبة في احداث تحولات سياسية دراماتيكية كون التغيرات توحي ببطلان السياسات السابقة. من المتوقع ان يلجأ اوباما لاتخاذ بعض المبادرات، لكن حجم التغيرات لن يتجاوز المستويات المتواضعة.
---------------------------------------------------------------------------------
د. منذر سليمان مؤسس ورئيس مركز الدراسات العربية والأمريكية بواشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.