موعد متوقع لإعلان "مجلس غزة" وسط خلاف "الجثة الأخيرة"    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    اليوم، قطع الكهرباء عن بعض المناطق ب 3 محافظات لمدة 5 ساعات    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    بيع ساعة يد للمخرج الأمريكي كوبولا ب 10.8 مليون دولار في مزاد    ارتفاع عدد قتلى انفجار بولاية ميتشواكان غربي المكسيك إلى 3 أشخاص    مشغل شبكة الكهرباء الأوكرانية يقول إن إصلاح الشبكة سيستغرق عدة أسابيع    تأجيل محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية التجمع الإرهابية    أقرأ تختتم دوراتها الأولى بتتويج نسرين أبولويفة بلقب «قارئ العام»    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    زيادة المعاشات ودمغة المحاماة.. ننشر النتائج الرسمية للجمعية العمومية لنقابة المحامين    محافظ الإسماعيلية يتابع تجهيزات تشغيل مركز تجارى لدعم الصناعة المحلية    إصلاح كسر مفاجئ بخط مياه بمنطقة تقسيم الشرطة ليلا بكفر الشيخ    "الراجل هيسيبنا ويمشي".. ننشر تفاصيل مشاجرة نائب ومرشح إعادة أثناء زيارة وزير النقل بقنا    رحمة حسن تكشف عن خطأ طبي يهددها بعاهة دائمة ويبعدها عن الأضواء (صورة)    قلت لعائلتي تعالوا لمباراة برايتون لتوديع الجمهور، محمد صلاح يستعد للرحيل عن ليفربول    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لاكتشاف المواهب| صور    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    برودة الفجر ودفء الظهيرة..حالة الطقس اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    بدون أي دلائل أو براهين واستندت لتحريات "الأمن" ..حكم بإعدام معتقل والمؤبد لاثنين آخرين بقضية جبهة النصرة    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    جورج كلونى يكشف علاقة زوجته أمل علم الدين بالإخوان المسلمين ودورها في صياغة دستور 2012    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    أسعار الذهب اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    أول صورة لضحية زوجها بعد 4 أشهر من الزفاف في المنوفية    الاتحاد الأوروبى: سنركز على الوحدة فى مواجهة النزاعات العالمية    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الحكومة البريطانية تبدأ مراجعة دقيقة لأنشطة جماعة الإخوان.. ماسك يدعو إلى إلغاء الاتحاد الأوروبى.. تقارير تكشف علاقة سارة نتنياهو باختيار رئيس الموساد الجديد    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي للمرة الأولى.. فيديو    أسوان والبنية التحتية والدولار    وزير الاتصالات: تجديد رخص المركبات أصبح إلكترونيًا بالكامل دون أي مستند ورقي    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    هيجسيث: الولايات المتحدة لن تسمح لحلفائها بعد الآن بالتدخل في شؤونها    أخبار × 24 ساعة.. متى يعمل المونوريل فى مصر؟    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة اولية على سياسة اوباما الخارجية في ولايته الثانية
نشر في التغيير يوم 20 - 11 - 2012

درجت العادة ان تشهد السياسة الخارجية الاميركية بعض التعديل في التوجه والوجهة خلال فترة الولاية الثانية للرئيس المنتخب لاعتبارين رئيسيين: الاول، رغبة جامحة لرؤساء الولاية الثانية البدء بارساء "ارث" يطبع السجل الرئاسي من منظار تاريخي؛ وثانيا، بصفته غير قابل للتقدم بالترشيح مرة اخرى (مما يعرف بالبطة العرجاء)باستطاعة الرئيس الاقدام على اتخاذ قرارات كانت تقيد حركتة في الولاية الاولى بين الناخبين.
الامر عينه ينطبق على اوباما في الولاية القادمة، اذ يحكمه هاجس تقييم ولايتيه في اطار تاريخي يذكره بالرضى. كما سيقدم على اتخاذ اجراءات كان مترددا في اتخاذها قبل الانتخابات، والتي كرستها محادثة خاصة اجراها مع الرئيس الروسي آنذاك ديميتري مدفيديف والتقطها الميكروفون الذي اعتقد انه اغلق قائلا ارجو ابلاغ رسالتي (لفلاديمير) بوتين ان"الانتخابات المقبلة هي الاخيرة بالنسبة لي، وبعد انقضائها سيتوفر لدي قدر اكبر من المرونة" في الملفات ذات الاهتمام المشترك. وكانت اجابة مدفيديف واضحة في دلالتها بانه سينقل ذلك الى بوتين.
عند هذا المنعطف تجدر الاشارة لتصريح الناطق باسم الرئيس الروسي، ديميتري بيسكوف، مطلع الاسبوع الجاري بان "الرئيس الاميركي اكد قبوله دعوة نظيره الروسي بزيارة روسيا."
واقع الامر ان التحديات التي تواجه سياسة الادارة الخارجية تتنامى وتتشعب، لا سيما في ظل حالة الانقسام السياسي للمشهد الاميركي والذي ساهم بفوز اوباما بنسبة ضئيلة – الامر الذي يعد نادرا في تاريخ الانتخابات الاميركية. ان تركيبة التوازن السياسي الراهنة في الكونغرس تعقد جهود الادارة في الحصول على مصادقة مجلس الشيوخ على اية معاهدات بنسبة ثلثي الاعضاء ويجعلها امر صعب المنال.
كما ان هنالك بعض التحديات التشريعية التي ستترك تداعياتها على سياسة اوباما الخارجية، ليس اقلها التوصل لاتفاق تشريعي حول الميزانية الفدرالية والتي تواجه تقليصا في مواردها وارتفاع نسبة ضريبة الدخل على بعض الشرائح الاجتماعية الوسطى. واستنادا الى السجل القريب، فان اوباما اظهر خفة ادراك لآلية التشريع وضرورة بناء تحالفات مع خصومه السياسيين.
هناك إجماع عام بان الوضع المالي الراهن للحكومة الاميركية على شفير الهاوية، ان استمر العمل به بالوتيرة الراهنة، مما سيترتب عليه آثار جمة للسياسة الخارجية والامنية الاميركية، بدءاً بميزانية الدفاع واخواتها. نجاح اوباما مرهون بقدرته على التحكم بمفاصل الميزانية المركزية الهائلة – وانعاش النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ – والذي سيترك بصماته بقوة على نجاعة ادائه داخليا وخارجيا وشروع الزعماء الدوليين تقييم قدراته وصلابة موقفه استنادا الى مهارة ادارته للازمة الداخلية.
فريق جديد للتحكم بمفاصل السياسة الخارجية
سينزوي أوباما جانبا لاعادة هيكلة اطقم سياسته الخارجية ومجلس الامن القومي، بناء على ما تداولته وسائل الاعلام المختلفة بان وزيري الخارجية والدفاع، هيلاري كلينتون وليون بانيتا على التوالي، اعربا عن نيتيهما التنحي عن منصبيهما في القريب العاجل، مع تأكيدهما على القدرة في البقاء بالمنصب لحين مصادقة مجلس الشيوخ على خليفتيهما. الاستقالة المفاجأة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، ديفيد بترايوس، اسهمت في مضاعفة التحدي الماثل.
التغييرات المرتقبة في طاقم السياسة الخارجية يحفز طرح تساؤلات هامة. اولها، يتعلق بفعالية الطاقم الجديد. اذ ان هيلاري كلينتون حظيت بمقدار عال من الصدقية بين الساسة من الحزب الجمهوري تجاوزت فيه الرئيس اوباما ووزير الدفاع ليون بانيتا على الرغم من خبرة الاخير الطويلة في اروقة الكونغرس. هل سيتمتع التشكيل الجديد بقدرات ومواهب مماثلة؟ وهل سيكون بمقدوره العمل بسلاسة مع مستشار الرئيس للأمن القومي، توم دونيلون؟
ثانيا، هيكلية الطاقم الجديد والاثر الذي ستتركه على تناول اولويات الرئيس اوباما؟ وهل سيكون بمقدور اوباما بلورة اطار عام لما ينوي انجازه من مهام، لا سيما وان رفد دم جديد له تأثيراته الخاصة على تحديد الاولويات المطلوب انجازها وتسخير الادوات المناسبة.
عند هذا المنعطف، فان دور كل فرد يعد حيويا، مهما بلغت رتبته الوظيفية، لما له من انعكاس على مجمل السياسة.عند مغادرة الوزراء مناصبهم، يتولى نوابهم ومساعديهم المقربين ادارة الشؤون اليومية، ودفع عملية الانتاج قدما بفضل هؤلاء. بيد ان بعض المبادرات قد تتراجع او تتعثر نظرا لشغر منصب المسؤول الاول. على سبيل المثال فان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الوزير لشؤون الشرق آسيوية والمحيط الهاديء، كيرت كامبل، سويا شرعا بهندسة الدور المتعاظم للدول الاسيوية، وكليهما سيترك منصبه قريبا.
كما لا ينبغي القفز عن عامل ماذا ينتظره الآخرون من السياسة الخارجية الاميركية في السنوات الاربع المقبلة وما هم فاعلون، ويتضمن ابعادا ثلاثة: الدور المرتقب للجمهوريين في صياغة السياسة الخارجية؛ قياس ردات فعل الدول الاخرى للتطورات الداخلية الاميركية؛ واستشراف الازمة المرتقبة غير المتوقعة.
من نافل القول ان السياسة الخارجية للرئيس اوباما تعتمد على فريقها حصرا. اذ بعد ان استطاع الحزب الجمهوري الاحتفاظ بنسبة الاغلبية في مجلس النواب فان حظوظه تتنامى في التأثير على اتخاذ قرارات ذات طبيعة حيوية بمجرد التلويح بسيطرتهم على قرار الصرف المالي، مما قد يؤهله لطرح رؤية مغايرة. علاوة على ذلك فان الادارة الاميركية ستجد نفسها مضطرة الى تنسيق سياستها الخارجية مع بعض حلفائها مثل بريطانيا والمانيا واليابان، او مع منافسيها الفاعلين مثل روسيا والصين.
حجم الانفاق العسكري سيترك أثره ايضا على ردات فعل الدول الاخرى حين تخفض الولايات المتحدة ميزانيتها العسكرية. قد يترك الامر اثرا فوريا على العمليات العسكرية الاميركية الجارية في الشرق الاوسط، الا ان قلقا متناميا يسود بين اوساط صناع القرار لتعاظم القوة العسكرية للصين وعزمها على استخدامها في ظروف مؤاتية. وعليه، خصصت الولايات المتحدة موارد كبيرة للمحافظة على تفوقها عسكريا في آسيا، على الرغم من حصول قيادة القوات المركزية على حصة الاسد من الموارد والتي بدأ يتبلور فشل تخصيص موارد كافية للقيام بذلك. وهذا الامر يقود الى الاستنتاج بأن الاستقرار الاستراتيجي وقدرة الولايات المتحدة على التحكم في الاحداث والتطورات الاسيوية قد يصيبه الضعف نتيجة ذلك.
مهارة ادارة الازمات الراهنة هو ما سيحدد نجاعة سياسة اوباما في ولايته الثانية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان سجلها الحاضر لا يشير الى تميز في مواجهة الازمات الطارئة – والذي تجلى حديثا في اجراءاتها حيال الاضطرابات التي عصفت بالشرق الاوسط، في مصر وليبيا وسورية، وربما مرده يؤشر على فقدان الادارة لاطار استراتيجي واضح المعالم للسياسة الخارجية الاميركية.
فيما يخص عامل اعادة توجيه السياسة الخارجية، فضل اوباما حصر خياراته ببعض القرارات التي اتخذها في ولايته الرئاسية الاولى. فيما يخص العلاقات مع روسيا، راهن اوباما منذ بدء ولايته المنتهية على تجاوز نظام الدفاع الصاروخي لحلف الناتو على اراضي بولندا وجمهورية التشيك. والآن لم يعد بوسعه المناورة به امام الطرف الروسي الذي ادرك مبكرا ان مسألة الدفاع الاميركي عن اوروبا هي مسألة قابلة للتفاوض. صعود روسيا الى عضوية منظمة التجارة الدولية – يعد مكسبا حقيقيا لادارة الرئيس اوباما وقد يثبت اهميته لاحقا في خدمة الاقتصاد الاميركي المترنح.
تحتفظ روسيا ببعض عوامل التفوق السياسية على الولايات المتحدة. قبول الرئيس الروسي بوتين فرض عقوبات على ايران لم توقف العمل بالبرنامج النووي – مما يضاعف الضغوطات على الولايات المتحدة في سياستها الشرق اوسطية. كما ان "ترحيب" بوتين ببقاء قوات حلف الناتو في افغانستان ينعكس سلبا على بقاء القوات الاميركية بالقرب من الحدود الروسية واضطرارها التصدي لارهاب المجموعات الاسلامية. علاوة على ذلك فقد طردت روسيا بوتين وكالة التنمية الدولية الاميركية من جميع اراضيها، بل اوقف العمل بالقانون الاميركي لعام1992 القاضي بالتخلص من اسلحة الدمار الشامل ومكوناتها في "الاتحاد السوفياتي السابق،" والمعروف بقانون السيناتور سام نان والسيناتور ريتشارد لوغار. تلوح فرصة في الافق للتفاوض حول معاهدة نووية بشروط جديدة، بيد ان حظوظ المصادقة عليها تبدو بعيدة المنال. كما ان روسيا اليوم لم تبدِ اي رغبة لتخفيض وتيرة مبيعاتها من الاسلحة لدول الشرق الاوسط.
روسيا الآن في وضع باستطاعتها التحكم بطرح المبادرات التي ستترك بعض التغيرات الدراماتيكية على مسار السياسة الخارجية للادارة الاميركية.
"الكأس المقدس" لسياسة الرؤساء الاميركيين الخارجية تكمن في صياغة حل سلمي دائم في الشرق الاوسط.بيد ان الخيارات المتاحة امام الرئيس اوباما قيدتها سياساته في ولايته الاولى لا سيما لعدد من الازمات التي اندلعت طيلة فترة ولايته. لن يكون بوسع اوباما اعادة الساعة الى الوراء والتغاضي عن النظر في اي أفق يمهد التوصل الى حل تفاضي وانكفائه السابق امام ضغوط واستبزاز نتنياهو. لكل فعل تداعياته. فالعدوان"الاسرائيلي" الاخير على قطاع غزة اثبت ان "اسرائيل" بوسعها احيانا المضي قدما ببعض الحملات دون الحصول على اذن اميركي مسبق ولكن لا تستطيع الاستمرار فيها بدون الغطاء الاميركي. فالتصعيد الجاري يهدد باتساع العدوان بالنظر الى تصريحات "حزب العدالة والتنمية" للاخوان المسلمين في مصر بانه لن يكون بوسعه الوقوف جانبا امام الغارات والهجمات"الاسرائيلية" على قطاع غزة، والتي دشنتها باغتيال نائب قائد القوات العسكرية لحركة حماس، احمد الجعبري. وطالب بيان "حزب العدالة والتنمية" اتخاذ"موقف عربي ودولي حازم لوقف المجازر."
فقد اوباما بريقه بعد اخفاق سياساته الشرق اوسطية وقدرته التأثير على الجانبين، الفلسطيني و"الاسرائيلي." كما تدهورت اسهمه لممارسة قدرته في الحفاظ على وتيرة السلام بين "اسرائيل" ومصر. اذ اصبح من الوارد انهيار اتفاقية السلام بين الطرفين خلال فترة ولايته الثانية. ولا يبدو حتى كتابة هذه السطور ان الدور الوظيفي المعتاد لمصر، وفق الرغبة الاميركية، سيستمر بنفس الفعالية والوتيرة التي نفذها مبارك، اذ يواجه الرئيس المصري مرسي صعوبات واحراجات في اخراج موقف ظاهره مختلف عن سلفه وباطنه وادواته متطابقة.
ايران اضحت تقض مضاجع السياسة الاميركية. ففي مؤتمره الصحافي الاول بعد فوزه بولاية ثانية، اجاب بوضوح حول توجهاته المقبلة نحو ايران، بالقول:
"ارغب بصدق التوصل الى حل ديبلوماسي للازمة. كنت واضح في موقفي من المسألة قبل الانتخابات وخلالها والان بعدها – ملخصه اننا لن نسمح لايران اقتناء سلاح نووي.لكنني ادرك ان هناك فرصة زمنية متاحة امامنا لحل المسألة بالاساليب الديبلوماسية.لقد وظفنا اقسى العقوبات عبر التاريخ، وبدأت تؤتي ثمارها وتداعياتها على الاقتصاد الايراني.
ينبغي ان يتوفر لهم (الايرانيون) وسيلة تتيح لهم بموجبها الاستمتاع بميزات الطاقة النووية السلمية، وفي نفس الوقت الامتثال للالتزامات الدولية وتوفير ضمانات واضحة للمجتمع الدولي بانهم لا يعتزمون المضي لاقتناء سلاح نووي.
وعليه، نعم، ساسعى الى دفع المسار (الديبلوماسي) في الاشهر المقبلة بغية التيقن من امكانية اجراء حوار ليس بين ايران وبين المجتمع الدولي فحسب بل والولايات المتحدة، للبحث في سبل حل تلك المسائل. ليس بوسعي تقديم وعد بأن ايران ستدخل الجولة، ويتعين عليها ذلك، لكنه الخيار المفضل ومرحب به بشكل اكبر ... الاصول والمتطلبات الديبلوماسية لن تحد حركتنا. ان كانت ايران جادة في التوصل لحل المسألة، سيكون بوسعهم تحقيق ذلك."
اما في الشأن السوري، فقد اوضح اوباما في مؤتمره المذكور مكنونات سياساته المقبلة بالقول:
"كنت من أوائل القادة ، أعتقد، على مستوى العالم بالقول انه يتعين على الأسد ان يرحل، ردا على الوحشية التي لا تصدق التي أظهرتها حكومته في مواجهة ما كان في البداية مظاهرات سلمية.
بالتأكيد ، الوضع في سورية تدهور منذ ذلك الحين. لقد شاركنا مع المجتمع الدولي على نطاق واسع وكذلك مع القوى الإقليمية لمساعدة المعارضة. إلتزمنا بتوفير مئات الملايين من الدولارات لمساعدة الناس داخل وخارج سورية على حد سواء. ونحن نتشاور باستمرار مع المعارضة بخصوص كيفية تنظيم انفسهم ولا يبقون منقسمين ومتفرقين في مواجهة هجمات نظام الأسد.
"نحن في تواصل مكثف مع دول كتركيا والأردن الجارة المباشرة لسورية ولها تأثير – وبطبيعة الحال إسرائيل التي لديها قلق بالغ ، كما هو لدينا ، بخصوص تحريك الأسلحة الكيميائية على سبيل المثال التي يمكن ان تحدث في مثل هذا المناخ المضطرب والتي يمكن ان يكون لها تاثير ليس فقط في داخل سورية ولكن على كل الإقليم.
"يحدوني الأمل لرؤية المعارضة السورية كي تكون مظلة تحقق انسجام فيما بينها اكثر مما سبق. نحن في طريقنا للتحدث معهم . سيقوم مبعوثي بالسفر لعقد اجتماعات مختلفة مع المجتمع الدولي ومع المعارضة.
"ننظر أليهم كممثلين شرعيين لطموحات الشعب السوري. نحن لسنا مستعدين للإعتراف بهم بعد كحكومة في المنفى ولكن نعتقد أنهم مجموعة ممثلة على نطاق واسع. احد المسائل التي سنستمر في التركيز عليها هي التأكد من ان المعارضة ملتزمة بسورية ديمقراطية ، سورية تعددية، سورية المعتدلة.
"لقد رأينا عناصر متطرفة دست نفسها داخل المعارضة وسنكون على اهبة الإستعداد حولها -- على وجه الخصوص عندما نبدأ الحديث عن تسليح المعارضة -- والا نضع الأسلحة بطريقة غير مباشرة في أيدي أناس قد يسببون أذى للامريكيين ، أو للإسرائيليين ، او غير ذلك من الانخراط في أعمال تضر بامننا القومي.
"نحن مستمرين في العمل والتحقق من هذه المسألة والانخراط بقدر ما نكون في موقع يجعلنا نتأكد من اننا نشجع العناصر الأكثر اعتدالا والمتعقلين من المعارضة الملتزمين بالمشاركة وباحترام حقوق الإنسان والعمل بالتعاون معنا في المدى الطويل."
تصريحات اوباما المشار اليها تدل على ان سورية ستبقى تشكل مأزقا لسياساته، لا سيما ان ما بدأ كظاهرة تمرد شعبي تلطى وراء التظاهر السلمي انقلب الى حرب أهلية وحشية دخل عليها عاملي القاعدة ومجموعات جهادية وسلفية اخرى تتنامى ادوارها في مفاقمة الازمة. وقد تصبح سورية بالنسبة لاوباما تحديا شبيها بما اضحت اليه العراق بالنسبة لسلفه بوش الابن وحرب البوسنة بالنسبة للرئيس الاسبق بيل كلينتون.
طموح اي رئيس في ولايته الثانية ان يترك طبعته الخاصة على مسار الاحداث الدولية، وسرعان ما يدرك ان نجاح طموحاته يعتريه صعوبات جمة. اذ ان توازنات سياسة الولاية الاولى قد قيدت حرية الحركة والمرونة، وتضاءلت الرغبة لدى الادارات المتعاقبة في احداث تحولات سياسية دراماتيكية كون التغيرات توحي ببطلان السياسات السابقة. من المتوقع ان يلجأ اوباما لاتخاذ بعض المبادرات، لكن حجم التغيرات لن يتجاوز المستويات المتواضعة.
---------------------------------------------------------------------------------
د. منذر سليمان مؤسس ورئيس مركز الدراسات العربية والأمريكية بواشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.