الحصر العددي لنتائج انتخابات النواب، تقارب في عدد الأصوات بين مرشحي بولاق الدكرور باللجنة 63    متحدث التعليم: لا إجراءات جديدة ضد الطلاب غير المسددين للمصروفات    فصل التيار الكهربائي عن 11 منطقة وقرية بكفر الشيخ السبت المقبل    هيئة الأمم المتحدة للمرأة تكرّم رانيا المشاط ضمن القيادات النسائية الملهمة    كامل الوزير: أسعار الطاقة في مصر تنافسية جدًا وأقل من تركيا والهند    السودان: عقوبات شكلية على شبكة مرتزقة كولومبيين .. "واشنطن" مستمرة بحماية أبوظبي رغم انكشاف دورها    إعلام عبري: خطط عسكرية إسرائيلية جاهزة لضرب حزب الله بعد انتهاء المهلة    نشرة الرياضة ½ الليل| عودة كلوب.. قائمة الأهلي.. برشلونة يقترب من حمزة.. والخطيب يدير الملف    تفاصيل سقوط عقار إمبابة.. الأجهزة المختصة تدرس ملابسات الحادث.. فيديو    حرمانها من بناتها.. أحدث شائعة طاردت شيرين عبد الوهاب في 2025    ياسمين عبد العزيز ل منى الشاذلي: أنا زعلانة منك.. والمذيعة: بوقفك علشان بتخربي الدنيا (فيديو)    لحظة دخول ياسمين عبد العزيز ستوديو معكم منى الشاذلي    الجيش الصومالي يحبط محاولة تفجير في مقديشو    انهيار منزل قديم من 3 طوابق دون إصابات بطهطا في سوهاج    تعزيز التعاون الدوائي بين مصر والصين.. مباحثات موسعة لزيادة الاستثمار ونقل التكنولوجيا في قطاع المستلزمات الطبية    جيمي كاراجر يهاجم صلاح ليتصدر التريند.. مدافع ليفربول السابق لم يفز بالدورى الإنجليزى وسجل 10 أهداف منها 7 فى نفسه.. ميسى وصفه ب"حمار".. رونالدو تجاهله على الهواء.. ومورينو: أنت نسيت الكورة.. فيديو    توروب يعلن قائمة الأهلي لمباراة إنبي    أحمد سالم في كلمة أخيرة: متوقع اكتمال تشكيل مجلس النواب الجديد بحلول أوائل يناير    في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ.. «الحرافيش» درة التاج الأدبي المحفوظي    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    دوري المحترفين ..أبو قير يواصل السقوط والترسانة يتعادل أمام طنطا    ميسرة بكور: بعض الدول الأوروبية تتصرف وفق مصالحها الوطنية على حساب المصلحة المشتركة    سيناتور روسي: العلاقات مع أوروبا لم تعد أولوية لترامب    مدينة العبور تجهز «شلتر» للكلاب الحرة لتحصينها وتنفذ حملات للتطعيم ضد السعار    إطلاق قافلة طبية علاجية شاملة لقرية أربعين الشراقوة بكفر الشيخ    إكسترا نيوز: لا شكاوى جوهرية في ثاني أيام التصويت وإقبال منتظم من السيدات    خبير استراتيجى: إسرائيل نفذت أكثر من 500 خرق منذ اتفاقية وقف النار بغزة    الإسماعيلي يكشف تفاصيل إصابة حارسه عبد الله جمال    حسام وإبراهيم حسن يزوران معسكر منتخب مصر مواليد 2007.. صور    فوز مشاريع تخرج كلية إعلام جامعة 6 أكتوبر بالمراكز الأولى في مسابقة المجلس القومي للمرأة    العدل: معايير النزاهة في الاستحقاقات الانتخابية منارة تضئ طريق الديمقراطية    المصل واللقاح: لقاح الإنفلونزا آمن تماما ويحسن المناعة ولا يضعفها    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    «هما كده» أغنية جديدة لمصطفى كامل ويطرحها السبت    لجان خاصة بذوي الإعاقة، تجارة عين شمس تعلن الجاهزية لامتحان 60 ألف طالب    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    مواعيد مباريات اليوم الخميس 11-12-2025 والقنوات الناقلة.. السعودية تواجه فلسطين والمغرب أمام سوريا    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة... أكبر سجن في العالم
نشر في التغيير يوم 18 - 11 - 2012

لا يتطلّب الأمر أكثر من البقاء لمدة يوم واحد في غزّة ليلمس المرء ما تكون عليه محاولة الصمود داخل أكبر سجن في الهواء الطلق حول العالم، حيث يمكث نحو 1.5 مليون نسمة على مساحة 140 ميلاً مربعاً تقريباً، وتمارَس في حقهم أعمال عنف عشوائية وعقوبات اعتباطية هدفها الوحيد الإهانة والحط من شأنهم. أما الغاية من هذه الوحشية، فالتأكد من هدم آمال الفلسطينيين في مستقبل لائق، وإبطال الدعم العالمي الهائل لتسوية دبلوماسية من شأنها منحهم حقوق الإنسان الأساسية. وقد أظهرت القيادة السياسية الإسرائيلية هذا الالتزام بصورة جذرية في الأيام القليلة الماضية، وحذّرت من أنها "ستتصرف بجنون" في حال نالت حقوق الفلسطينيين اعترافاً، ولو كان محدوداً، من الأمم المتحدة.
ولهذا التهديد "بالتصرف بجنون" جذور راسخة تعود إلى حكومات حزب "العمل" في خمسينيات القرن العشرين، ناهيكَ عن "عقدة شمشون" ذات الصلة، القائمة على المبدأ القائل: إن تجاوزت الحدود، فسنهدم جدران الهيكل من حولنا. ومنذ ثلاثين عاماً، قدّم قادة سياسيون إسرائيليون، بما يشمل بعض المتشددين المرموقين، لبيجن تقريراً مثيراً للصدمة عن كيفية ارتكاب المستوطنين في الضفة الغربية "أعمالاً إرهابية" مستمرة في حق العرب المقيمين في المنطقة، دون أن يخضعوا لأي عقاب.
وقد كتب المحلل العسكري-السياسي البارز "يورام بيري"، بعد أن انتابه شعور بالاشمئزاز، أن مهمة الجيش الإسرائيلي على ما يبدو لم تكن الدفاع عن الدولة، إنما "القضاء على حقوق الناس الأبرياء، فقط بسبب انتمائهم إلى "الأرابوشيم" (وهي صفة عنصرية قاسية) المقيمين على الأراضي التي وعدنا بها الله". وقد تم الاستفراد بالغزاويين بعقاب أكثر قسوة من غيره. فمنذ ثلاثين عاماً، وفق مذكرات بعنوان "الطريق الثالث"، وصف المحامي رجا شحادة المهمة اليائسة التي تقوم على حماية حقوق الإنسان الأساسية ضمن نظام قانوني مصمم لضمان الفشل، فضلاً عن تجربته الشخصية كصامد (أي كشخص راسخ العزيمة) راقب كيف تعمّد المحتلون الوحشيون تحويل بيته إلى سجن، وكل ما أمكنه فعله كان "التحمّل" بطريقة ما.
ومنذ ذلك الحين، تردّى الوضع إلى حد كبير. وعملت اتفاقية أوسلو التي تم الاحتفاء بها بزخم كبير عام 1993 على تحديد مقام قطاع غزة والضفة الغربية ككيان إقليمي موحد. وفي تلك الأثناء، كان سبق للولايات المتحدة وإسرائيل أن أطلقتا برنامجهما القاضي بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بهدف منع أي تسوية دبلوماسية.
وقد ازداد عقاب الغزاويين حدةً في يناير 2006، عندما ارتكبوا جريمة كبرى، وصوتوا "بالطريقة الخاطئة" منتخبين حركة "حماس". ومع إظهار الولايات المتحدة وإسرائيل، بدعم من الاتحاد الأوروبي الخجول، "توقهما إلى الديمقراطية"، فرضتا على الفور حصاراً وحشياً رافقته هجمات عسكرية.
وتفاقمت حدّة الحصار والهجمات، لتبلغ ذروتها في شتاء 2008-2009، مع عملية "الرصاص المصبوب"، التي تُعتبر من أكثر عمليات فرض القوة العسكرية جبناً ووحشيةً في الذاكرة الحديثة، وفي عام 2008، تم ترسيخ هدنة بين إسرائيل و"حماس"، ولم يتخللها أي إطلاق لصواريخ "حماس"، إلى أن اخترقت إسرائيل الهدنة بغطاء من الانتخابات الأميركية في نوفمبر.
تبدو غزة كدولة من العالم الثالث، تضمّ بؤراً من الثراء يحيط بها فقر مدقع. إلا أنها ليست متخلّفة، بل على الأرجح محرومة من التطوّر.
وبإمكان المرء أن يسمع، أثناء جلوسه في فندق قريب من الشاطئ، أصوات طلقات نارية صادرة عن زوارق حربية إسرائيلية توجّه صيّادي السمك بعيداً عن مياه غزة الإقليمية باتجاه اليابسة، وترغمهم على صيد السمك في مياه شديدة التلوّث، لأن الأميركيين والإسرائيليين يرفضون إعطاءهم إذناً بإعادة بناء أنظمة مياه الصرف والكهرباء التي أقدموا على تدميرها.
ولا تزال إمدادات المياه محدودة إلى حد كبير، وسبق لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا" أن أصدرت مؤخراً تقريراً يحذّر من أن الأضرار التي أصابت طبقة المياه الجوفية قد تصبح قريباً "غير قابلة للعكس". وفي غياب حل سريع، قد تكفّ غزة عن كونها "مكاناً قابلاً للحياة" بحلول عام 2020.
وتسمح إسرائيل بإدخال الخرسانة لمشاريع "أونروا"، ولكن ليس للغزاويين المشاركين في جهود إعادة الإعمار الضخمة، مع العلم أن معظم التجهيزات الثقيلة المحدودة من حيث العدد تبقى متوقفة، لأن إسرائيل لا تسمح بإدخال العدّة الضرورية لإصلاحها. ويشكل هذا كله جزءاً من برنامج عام وصفه دوف فايسجلاس، أحد مستشاري رئيس الوزراء أولمرت، بعد أن تعذر على الفلسطينيين الانصياع للأوامر في انتخابات 2006، قائلاً: "إن الفكرة تكمن في فرض حِمية على الفلسطينيين، ولكن من دون جعلهم يموتون من الجوع".
وفي الآونة الأخيرة، وبعد بضع سنوات من الجهود، نجحت المنظمة الإسرائيلية المعنية بحقوق الإنسان "غيشا" في الحصول على أمر من المحكمة يفرض على الحكومة إصدار سجلاتها التي تعطي تفاصيل عن "الحمية".
وكانت ظهرت آمال بأن تتمكن حكومة مرسي الجديدة في مصر، وهي أقل استجابة لإسرائيل من تلك التي حكمت في عهد مبارك بدعم من الغرب، من فتح معبر رفح، وهو الممر الوحيد من قطاع غزة إلى خارجها، بعيداً عن السيطرة الإسرائيلية المباشرة. وقد حصل انفتاح طفيف، ولكنه لم يكن كبيراً. ولا يسع زائر غزة إلا أن يشعر بالاشمئزاز حيال شذوذ الاحتلال، يزيد من حدّته الشعور بالذنب لأننا نملك القدرة على وضع حد للمعاناة والسماح للصامدين بعيش حياتهم بسلام وكرامة كما يستحقون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.