بالنسبة لأميركي الجيل القديم الذي حارب في الحرب العالمية الثانية وأميركي الجيل الصامت الذي جاء في فترة الخمسينينات، فإن الفكرة الأخلاقية العظيمة والأيدولوجية كانت الحرب الباردة. فهي تعطي سببا ووضوحا لسياساتنا وسياستنا الخارجية، ولأرواحنا. من سقوط برلين في عام 1945 إلى سقوط جدار برلين في عام 1989، كانت الحرب الباردة قد شنها جيلين، ومع انتهائها واجه الأميركيين سؤالا أساسيا إذا انتهى النزاع التاريخي بين الشيوعية والحرية، وإذا لم تظهر بعد الآن الامبراطورية السوفييتية والاتحاد السوفييتي، وإذا رغب الروس بمصادقتنا وإذا اتخذ الماويين طريق الرأسمالية، ماذا ستكون مهمتنا الجديدة في العالم؟ ماذا يمكن أن نفعل الآن؟ توقف النقاش عندما اجتاح صدام حسين الكويت. حشد جورج بوش الأب قوة تحالف وربح الحرب التي تطلبت 100 ساعة فقط من القتال البري. فقد وجدنا مهمتنا كانت الولاياتالمتحدة آخر القوى العظمى، وكان بوش المنتصر قد أعلن أننا قد نعمل على بناء «نظام عالمي جديد». تحدث المحافظين بحماسة عن «لحظة أميركا أحادية القطب» وعن «الهيمنة العالمية» المقبلة. لكن كان الأميركيون غير مقتنعين وغير ملهمين. وكانوا قد رفضوا النصر في عاصفة الصحراء. في عام 2000، كان الحزب الجمهوري يدعم بوش آخر كان يعد باميركا «اكثر تواضعا». بعدها جاءت أحداث 11 أيلول والتحول في منتصف العمر لجورج بوش الإبن إلى تدخلات ويلسون. بعد هزيمة طالبان في شهر كانون الأول لعام 2001، قرر بوش بإعادة تشكيل أفغانستان على غرار ولاية أيوا ولخوض حملة صليبية ضد محور الشر. وفي فترة توليه الثانية، في خطابه الافتتاحي الثاني، أعلن أن مهمة أميركا كانت «إنهاء الطغيان في عالمنا». انحدر العالم إلى حد الالتزام. في نهاية عام 2006، عادت طالبان وبدت أميركا تخوض حربا لا نهاية لها في العراق. فقد الجمهوريون الكونجرس ونتج عن حرب بوش الصليبية الديمقراطية نصرا انتخابيا لحماس وحزب الله. في شهر تشرين الثاني عام 2008، طرد الصليبيين. جاء بعد ذلك باراك أوباما. ومع بدء «الربيع العربي» في عام 2010، ومع سقوط الديكاتوريين في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، تبنى أوباما التحرك كما لو كان ملكه. لكن أوباما تلقى صحوة عنيفة. عندما بدأ سقوط الديكتاتوريين العرب، الواحد تلو الآخر، انطلقت أيضا وزادت الآن وانتشرت في الأراض التي كانوا يحكموها عوامل الدمار الأربعة للعالم العربي: القبلية، والوطنية العرقية، والتشدد الإسلامي، ومعادات أميركا. لذا نصل إلى سؤال أساسي: إذا كان العالم الإسلامي يغمره الغضب والكراهية لنا -بسبب حروبنا، الاحتلال الذي قمنا به، والهجمات بطائرات بدون طيار، ودعم إسرائيل، والثقافة المنحطة، ومسامحة كل من يسيء للإسلام والرسول -لماذا إذن ندعو لانتخابات حرة، في الوقت الذي سيستخدم فيه الناس تلك الانتخابات للتصويت لحكام للسلطة معاديين للولايات المتحدة؟ إذا كانت النتيجة المحتملة أو الحتمية للإطاحة بالديكتاتور الحليف هو وصول الأعداء الإسلاميين إلى السلطة، فلماذا نساعد على الإطاحة بالدخلال الحرب الباردة، اتخذت الولاياتالمتحدة أصدقاء لها حيث وجدتهم. وإذا كانوا راغبين في أن يزيدوا حصتهم معنا، من الشاه إلى الجنرال بينوشيت، كنا نرحب بهم. المعارضون الديمقراطيون أمثال جواهرلال نيهرو في الهند وأولوف بالمي في السويد كنا ندير لهم ظهورنا. خلال الحرب الباردة والحرب العالمية الثانية، لم يكن المسألة الحاسمة سواء كنت جئت إلى السلطة من خلال انتخابات حرة أم لا - فبعد كل هذا وصل أدلف هتلر بتلك الطريقة إلى السلطة - إنما هل أنت معنا أم ضدنا؟ في الوقت الذي قد يعتبر فيه هذا الأمر نوعا من الكراهية، بعض الدول غير مناسبة للديمقراطية. مثلما اعترض إدموند بورك قائلا: «كان قد ذكر في الدستور الداخلي، أن الرجال بعقول متطرفة لا يمكن أن يكونوا أحرار بتصرفاتهم. فرغباتهم تشكل أحكامهم. مع كراهية أميركا في جميع أنحاء العالم العربي الإسلامي، نحن نواجه لحظة واضحة جديدة. ما هي مهمتنا الآن في العالم؟ ما يجب أن يكون الهدف الأسمى لسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية؟ ما هو الهدف العالمي الذي يجب أن نسعى إليه بميزانيات الدفاع والاستخبارات المساعدات الخارجية الخاصة بنا والبالغة تريليون دولار، والوجود الواسع في كل قارة وفي معظم دول العالم؟ النظام العالمي الجديد الذي تبناه بوش الأول هو تاريخ تسبب في انحدار استراتيجيتنا وتصدي روسيا والصين والعالم الإسلامي لنا. حرب بوش الثاني الصليبية الديمقراطية وتبني أوباما للربيع العربي قد منح السلطة وأطلق العنان لقوات أقل تقبلا للرغبات الأميركية من الطغاة والحكام المستبدين الذين أطيح بهم بموافقتنا. أثبت أن التصورات الثلاثة وهم. ومع أميركا المتجهة نحو الإفلاس ، ومع الدين الجديد البالغ تريليون دولار المكدس سنة بعد أخرى، قد يودع مجلس جون آدمز نفسه لدولة متعبة من قرن من الحروب الصليبية.