منذ 15 عاما أو أكثر قليلاً؛ لم يكُن "عيد الأم" قد أمسى مناسبة استهلاكيّة في مصر. ثم دشنته اليد الخفيّة لتشجيع الاستهلاك، ليمسي أحد أهم المواسم الاستهلاكية في العقد الأول من القرن العشرين. وحين زادت السلع عن الحد؛ لحقه في أقل من عقدين: "رأس السنة"، و"الكريسماس" "عيد الحب" ... وصولاً إلى "الهالوين" الأميريكي. وغالباً فإن الإمعات التي تنقل هذه العادات الاستهلاكية البذيئة لا تعي مضامينها الفلسفية والعناصر الوثنيّة الطافحة في بعضها مثل "عيد الهالوين"، لذا فإن ما يهمنا هو الإشارة إلى أنه موسم استهلاك جديد دُشّن -وقد نجد معمماً أحمقاً يُضفي عليه الشرعية فيما بعد. إن هذا الفيض من "الأعياد" غير المبررة ليس سوى محاولة لاستمرار خطوط إنتاج سلع تافهة في العمل على حساب شعوب من المغيّبين المغفّلين الذين تعيش أكثر شعوبهم تحت خط الفقر. أجد التفسير التآمري شديد المصداقية والواقعية في هذه الحالة. فحين يتبنى بلد متردي في كل شيء (من المرور إلى الصحة مرورا بالتعليم) أعيادا انتزعت من سياقات حضارية أخرى بغير مبرر واضح ولا سبب مفهوم سوى الاستهلاك؛ فإن هذا لا يعني سوى أنها مؤامرة بالفعل. مؤامرة أقل أضرارها اقتصادية وأخطرها عقديّة. وحبذا لو دشّن بعض العقلاء حملة لمقاطعة هذه "الأعياد" ومراسيمها والاستهلاك فيها. ولعل كلماتي تجد لها صدى في نفوس بعض الناشطين من الشباب، فينفروا مأجورين ليقتدي بهم غيرهم. والله من وراء القصد.