جدل السياسة يدور حول قيم وأخلاقيات مجتمع ما وطرق تحققها في حياة الأفراد.. وكل ما هو "عام" من ملكية لمصالح .. لمساحات .. لموارد .. لرأي ومشاركة. وحين تنكمش مساحة الأخلاق ويتم تبوير المجال العام وتحويل الملكية العامة إلى ملكيات خاصة، وتدور الدولة حول مصالح فئة فإننا نكون بصدد:موت السياسة. فليست غاية السياسة حل النزاعات بل إدارتها، وليس تحقيق الإجماع بل بناء التيار العام لأي مجتمع. فإن تغولت الأطراف على التيار الرئيس اختل المشهد؛ كذلك فإن فهم سنن الاجتماع شرط صلاح السياسة. ومن كان ينشد احتكارا وسيطرة فقد خالف السنن لأن هذا مناقض لمُراد الله .. ومهما طال الزمن فسعيه إلى خسران؛ ولنتذكر أن الثورة لم تكن فقط على نظام بل على منطق الدولة المتغولة الباطشة، وأن تغيير النظام مع استمرار منطق هذه الدولة هو جري في المكان. لذا فإن التنازع حول الدستور ينبغي أن يتحول لنقاش حول الدولة التي نريد، وليس النظام فقط. لأنه حال تطبيق الشريعة فمنطق الدولة قد يفسد مقصد الشريعة. وهنا للمجتمع دور في دعم قيم ومعاملات الشريعة بل وبعض أحكامها، يتواصى بها الناس فيما بينهم ويحفظوها في معاملاتهم اليومية والحياتية..ميزانا. ومن هنا كذلك فإن أُمة الشريعة هي الضابط لاستقامة دولة الشريعة. من أراد أن يقيم الشرع فعليه بإصلاح نسيج المجتمع ونُظم العدالة كي "يُحقق" شرع الله؛ والله أعلم.