" آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا " .. فما هي أوجه الاعجاز " الكيميائي " في هذه الآية .. الإعجاز الأول : هو أنه لا يمكن تفاعل النحاس بالحديد إلا لو كان الحديد في صورة الفلز .. فزبر الحديد هو قطع الحديد العظيمة التي تستخرج من الصخور الرسوبية في الأرض و أشهرها الهيماتيت Fe2O3 أو الليمونيت ، و عليه ينبغي استخلاص الحديد Fe كفلز .. اذا لا بد من اختزال الهيماتيت ( للتخلص من الأكسجين الموجود في Fe2O3 و يبقى فلز الحديد Fe ) .. و لهذا كان ترتيب الخطوات في الآية الكريمة : اتوني زبر الحديد : احضروها من الصخور .. ثم .. انفخوا : أي أشعلوا النيران ، فتتصاعد الأبخرة عبارة عن أول أكسيد الكربون CO و التي تختزل الهيماتيت و يتصاعد ثاني أكسيد الكربون CO2 تاركا فلز الحديد و هذه هي الصورة الوحيدة التي يستطيع أن يتفاعل بها مع فلز النحاس " القطر " .. و من هنا يبدأ الإعجاز الثاني : و هو تكوين سبيكة الحديد و النحاس .. و السبيكة تتميز بعدة مميزات أهمها : القوة : فالسبيكة أقوى بمراحل من فلز الحديد بذاته و كذلك فلز النحاس منفردا .. و أيضا النعومة : فالسبيكة ملساء جدا .. مثل الذهب يكون أسود و خشن وقت استخراجه من المنجم .. لكن لما تتم معالجته كسبيكة تراها ذهبية ملساء قوية .. و هاتان الصفتان للسبائك قد عبر عنهما الله تعالى في الايات التالية بقوله : فما استطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا .. أي ما استطاعوا ان يتسلقوه نظرا لنعومته الفائقة .. و ما استطاعوا أن يخرقوه لقوته و متانته .. و امعانا في وصف القران لمتنانة السبيكة المكونة للجبل فقد وصفها الله بكلمة لم تأتي في القرآن الا للأمور الجسام و هي كلمة " دكاء " بقوله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ... و دكاء لم تذكر الا في مواضع عظيمة كقوله تعالى : فلما تجلى ربه للجبل جعل دكاء .. و قوله : كلا اذا دكت الأرض دكا دكا .. و الله أعلم .. بقلم / محمد نوار - دكتور صيدلي