إجرام ما بعده إجرام.. وفجر ما بعده فجر، مشهد عبثى وكوميديا سوداء، شباب يغرر به ليجمع توقيعات "تمرد"، ونخبة وإن شئنا الدقة "نكبة" تلتقى فى منزل وزير سابق امتثالا لأمر القائد الأعلى للقوات المسلحة لإعطائه تفويضا بالانقلاب، وجماهير يعميها غضبها من الإخوان عما ينتظرها وينتظر مصر من عنف ودمار فتخرج هاتفة لجلاديها، مظاهرات خمس ساعات مثل الوجبات السريعة تصور من الطائرات مع بعض الخدع السينمائية لتكون مسوغا للانقلاب، وقائد يخون قسمه وينقلب على قائده الأعلى، ورئيس أعلى محكمة فى مصر يقبل أن يكون واجهة للانقلاب، وشيوخ وقامات كانت قامات تبارك الانقلاب وتشرب نخبه، وإذا بالسحر ينقلب على الساحر وتنشق الأرض فى ميدانى النهضة ورابعة العدوية عن جماهير أبية ترفض الانقلاب ولا ترضى إلا بكسره، راهن قائد الانقلاب أنها لن تستمر إلا ساعات أو أيام كمظاهراته التيك آواى.. فإذا بها تدخل الشهر عابدة صائمة محتسبة فداء للوطن، فيصر على التحدى ويدعو للاحتشاد راجيا الشعب -من خلف نظارة سوداء- الحصول على تفويض لمقاومة ما أسماه بالإرهاب، ليحول مصر إلى ساحات للاقتتال، حرب أهلية وإن شئت منزلية، وقبل الحصول على التفويض كانت مجزرة المنصة.. ونفصل بعد الإجمال. مسوح البراءة والنقاء تسقط عن حركة "تمرد" بعد تبادل شبابها الاتهامات بالبحث عن الشهرة وبالعمالة إضافة إلى تهمة التمويل الكفراوى على لسان منى مكرم عبيد: "كنا على اتصال بالجيش والبابا وشيخ الأزهر ومع الفريق السيسى قبل 30 يونيه".. إذن فهؤلاء بعض من رءوس المؤامرة مرسى كان يحكم دولة مبارك ودولة مبارك تتآمر لإسقاطه الكثير من السياسيين المصريين عندما يتحدثون فى الولاياتالمتحدة يسقطون كل الأقنعة سيتحجج الانقلابيون بأنهم أعطوا تفويضا للجيش ليمنعوا حمام الدم، ونسألهم هل منعوا حمام الدم أم أنهم أعدوا له؟ الفريق السيسى يدرك أنه ينقلب على الدستور والشرعية لذا لا يتحرك إلا بأوراق حتى يضمن وجود شركاء: "تفويض بالانقلاب من النخبة وتفويض بالقتل من الشعب" عجبا لانقلاب يتم بتوقيعات تجمع بالتليفون!!! منى مكرم: "وبهذا انتهى عصر مرسى بحلول 2 يوليو" هذا هو الهدف الحقيقى للانقلابيين، الذى بدأ منذ تولى مرسى السلطة الفريق السيسى ألقى خطاب التفويض بالقتل فى غيبة كل من الرئيس المؤقت ونائبه ورئيس حكومته "جيش مصر لا يعرف الشائعات".. فلماذا لم يقدم اللواء حسن الروينى للمحاكمة عندما صرح أمام الملايين أنه كان يلجأ لإطلاق الشائعات فى ميدان التحرير من لديه القدرة على توجيه الإنذارات والعصف بالمسار الديمقراطى كان يمكنه إجبار الجميع على التفاوض للخروج من الأزمة ليبقى الجيش على الحياد التفويض الذى طلبه السيسى يدخل مصر فى أتون حرب أهلية بل حرب منزلية.. تورط الابن فى قتل أبيه.. والأخ فى قتل أخيه.. فلا يوجد منزل إلا وبه هذا الخلاف السياسى نزار قبانى "الحاكم يضرب بالطبلة، وجميع وزارات الإعلام تضخم من صوت الطبلة، والصحف الكبرى والصغرى تعمل راقصة فى ملهى تملكه الدولة" مسوح البراءة والنقاء تسقط عن حركة "تمرد" بداية لا نشك فى أن جزءا كبيرا من الذين خرجوا إلى ميدان التحرير وبعض الميادين يوم 30 يونيه هم من أبناء الشعب الذين عانوا من المشكلات الحياتية، التى لم يتمكن الدكتور محمد مرسى ونظامه من حلها لأسباب عديدة ليست هى موضوعنا، ولكن هؤلاء غرر بهم للأسف لخدمة أغراض شخصية وحزبية ضيقة. على صفحات موقع "صدى البلد" بتاريخ 12 يوليو 2013 شن شادى الغزالى حرب، القيادى فى حزب الدستور هجوما شديدا على من وصفهم ب"نجوم تمرد"، وهدد بكشف ما وصفه ب"اتصالاتهم ولقاءاتهم المريبة والغامضة فى مدينة نصر وفندق الخليفة المأمون مع من يقومون بتشغيلهم وتوجيههم طوال الفترة الماضية". وجاء هذا الهجوم ردا على هجوم "شباب تمرد" عليه وعلى أحمد ماهر وإسراء عبد الفتاح ومايكل منير وعماد عاطف بعد تكليفهم من الرئيس المؤقت المعين باعتبارهم ممثلين للثورة المصرية بموجب مبادرة منهم بعمل سلسلة زيارات لبعض العواصمالغربية لتسويق انقلاب 3 يوليو على أنه ثورة شعبية مما أدى إلى اتهام تمرد لهم بالتخوين والعمالة للغرب وللقيادة المؤقتة للدولة، وهو ما أرجعه شادى الغزالى إلى الغيرة والمنافسة من الزملاء، والرغبة فى تصدر المشهد. وأضاف شادى الغزالى "هنا أود الرد على هؤلاء السادة فى "تمرد" ممن أذهلتهم أضواء الكاميرات بأن الجميع يعلم من هم العملاء الذين لا يتخذون قرارا أو يلتحقون بأى فعالية إلا بعد أخذ رأى أسيادهم فى مكاتبهم فى مدينة نصر أو فى اللقاءات الخاطفة التى تعقد فى فندقهم بالخليفة المأمون". وأضاف حرب أنه يمتلك من المعلومات عن تلك اللقاءات ما "لن يتردد فى كشفه متضمنا أسماء نشطاء وضباط يحضرون تلك الاجتماعات وتفاصيل المكاسب المالية التى حصل عليها أعضاء الحملة الكرام (حملة تمرد)"، مشيرا إلى أن من يسكن فى بيت من زجاج لا يجب أن يقذف الناس بالطوب، ومختتما تصريحاته ب"إن عدتم عدنا"، حسب ما قال. اتهامات بالرغبة فى الشهرة وبالعمالة لبعض الأجهزة الأمنية، إضافة إلى تهمة التمويل، أى أن مسوح البراءة والنقاء التى ارتدتها حركة "تمرد" أبعد ما تكون عن الصحة، هذا عن الصغار فماذا عن الكبار؟!!. وأوراق التوت تسقط عن الانقلابيين يبدو أن الكثير من السياسيين المصريين عندما يتحدثون فى الولاياتالمتحدة يسقطون كل الأقنعة، فكلنا نذكر أحمد نظيف الذى كان لا يحلو له الإساءة لشعب مصر إلا عبر الصحف الأمريكية، ومن هنا جاء الفيديو الخاص بكلمة السيدة منى مكرم عبيد بمعهد الشرق الأوسط بالولاياتالمتحدة لتفضح الفريق أول السيسى وكل المشاركين فى الانقلاب "لقد نزل 30 مليون مصرى إلى الشارع يوم 30 يونيه للمطالبة باستقالة السيد مرسى، منهم حوالى 3 ملايين كانوا موجودين بميدان التحرير يملؤهم الإحساس بالأمل، خاصة عندما طارت طائرات الهليوكبتر فوقنا وألقت علينا أعلام مصر، وأيضا ضباط الشرطة من الشباب الذين وصلوا الميدان محمولين على الأكتاف، ضباط الشرطة الذين كانوا يهانون وقد تركوا الشوارع فى الحقيقة، شىء لم أره منذ عام أو أكثر.. هذه الإشارة ليست فقط لعصيان الشرطة ولكن للتضامن مع الشعب". وأضافت منى مكرم "فى صباح 30 يونيه دعيت على عجل لمنزل الوزير الأسبق الكفراوى، وفى حضور فؤاد علام نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، والكاتب المعروف سعد هجرس، وعشرة أو 12 شخصا آخر يمثلون العمال والنقابات، وكنا متعجبين من سبب وجودنا، قال الوزير الكفراوى إنهم كانوا على اتصال بالجيش ومع البابا وشيخ الأزهر ومع الفريق السيسى، وإن الجيش طلب منهم أن يكتبوا مطلبا شعبيا لكى يتدخلوا ليمنعوا حمام الدم.. كتبنا الطلب بسرعة كبيرة لأنه كان مطلوبا منا تسليمه قبل الثالثة عصرا، وبالتليفون حصلنا على موافقة 50 شخصية أخرى مثل تهانى الجبالى وجابر نصار الرئيس الجديد لجامعة القاهرة، وكثيرين على المستوى نفسه، وأوصلناه للقوات المسلحة قبل الساعة الثالثة، جزء من النص الذى كتبناه يقول: لقد أعطيت الجميع أسبوعا واحدا لحل المشكلات وأن يصلوا لحل وسط وإلا فإنكم ستتدخلون لمنع حمام الدم، ونحن نطالبكم بأن توفوا تعهدكم لأننا على حافة حرب أهلية وحمام دم حقيقى، وبهذا انتهى عصر مرسى بحلول 2 يوليو". وبقراءة حديث السيدة منى مكرم عبيد وبغض النظر عن حكاية الثلاثين مليون وملايين ميدان التحرير يتبين لنا ما يلى: * أن الإعداد للانقلاب بدأ قبل 30 يونيه، وهو ما أكده الفريق السيسى فى خطاب "التفويض بالقتل" من أنه ظل ينصح مرسى حتى نهاية مارس ثم توقف عن النصح. * قادة انقلاب 3 يوليو يتمثلون فى "الفريق أول السيسى - وزارة الداخلية وأمن الدولة تحديدا ممثلة فى اللواء فؤاد علام - فلول نظام مبارك - رموز جبهة الإنقاذ - مسئولى حركة تمرد - البابا - شيخ الأزهر". * الفريق السيسى ورط الجيش فى العمل السياسى والتحيز لجزء من الشعب "طارت طائرات الهليوكبتر فوقنا وألقت علينا أعلام مصر". * وأيضا الشرطة شاركت فى الانقلاب "ضباط الشرطة من الشباب الذين وصلوا الميدان محمولين على الأكتاف"، الذين كانوا يتآمرون على د. مرسى طوال العام "وقد تركوا الشوارع فى الحقيقة، شىء لم أره منذ عام أو أكثر"، ولا ندرى إذا كانت السيدة منى مكرم قد تبين جنود الشرطة بالملابس المدنية أم لا؟!! * الفريق السيسى يدرك أنه ينقلب على الدستور والشرعية، لذا يحرص على التفويضات "تفويض بالانقلاب من النخبة وتفويض بالقتل من الشعب". * سيتحجج الانقلابيون بأنهم أعطوا تفويضا للجيش ليمنعوا حمام الدم، ونسألهم هل منعوا حمام الدم أم أنهم أعدوا له؟ * "وبهذا انتهى عصر مرسى بحلول 2 يوليو" هذا هو الهدف الحقيقى للانقلابيين الذى بدأ منذ تولى مرسى للسلطة. إن خروج الجماهير لم يكن هو الفاعل للأحداث، ولكنها كانت أداة طلبها قائد الانقلاب وطلبها الغرب، ليس الأسبوع الماضى أو الشهر الماضى ولكن منذ مجىء الدكتور مرسى، وراجعوا تصريحات محمد أبو حامد وما طلبه الغرب منه لدعمه، وراجعوا تصريحات الدكتور عماد جاد بعد لقاء بعض قيادات الإنقاذ للسفيرة الأمريكية. وتم الانقلاب على الشرعية وحدث ما توقعناه، ودخلت مصر نفق العنف والفوضى، وتأكد الاستقطاب بانتصار القيادة العامة للقوات المسلحة لحركة تمرد وجبهة الإنقاذ ومسارها غير الدستورى، بحجة أنها تنتصر لإرادة الشعب ومطالبه، كما أشار بيان الانقلاب للفريق أول عبد الفتاح السيسى. إحدى المحسوبات على النخبة تتحرش بالفريق السيسى وبمتحدثه العسكرى فى مقال نشر لها بجريدة "المصرى اليوم" يوم الخميس 25 يوليو 2013 بعنوان "يا سيسى.. إنت تغمز بعينك بس!" كتبت غادة شريف "طالما السيسى قالنا ننزل يبقى هننزل.. بصراحة هو مش محتاج يدعو أو يأمر.. يكفيه أن يغمز بعينه بس.. أو حتى يبربش.. سيجدنا جميعًا نلبى النداء.. هذا رجل يعشقه المصريون!.. ولو عايز يقفِل الأربع زوجات، احنا تحت الطلب.. ولو عايزنا ملك اليمين، ما نغلاش عليه والله!.. أهو هنا بقى نطبق الشريعة، مش تجيبلى راجل جاهل بذقن معفرة طولها مترين وتقولى نطبق الشريعة!!.. وأؤكد لك أنه لو ترشح السيسى رئيسًا سينتخبه حتى من ترشحوا للرئاسة سابقًا.. هذا رجل يتكرر معه ما حدث مع عبد الناصر عام 56.. نستطيع الآن أن نقول إن عبد الناصر يبعث من جديد فى شخص الفريق السيسى.. هذا رجل نعشقه ونعشق متحدثه العسكرى القيمة السيما ويخرب بيت أى حد يزعلهم!". لا تعليق.. وحتى لو لم نكن فى رمضان. قراءة فى خطاب التفويض بالقتل قدمنا فى مقال سابق قراءة فى مقال الانقلاب للفريق السيسى، واليوم نقدم قراءة لخطاب التفويض بالقتل الذى ألقاه الفريق أول السيسى يوم الأربعاء 24 يوليو فى حفل تخريج إحدى الكليات العسكرية فى غيبة الرئيس المؤقت ونائبه الدكتور البرادعى ورئيس حكومته الدكتور الببلاوى. بدأ الفريق السيسى القائد العام للانقلاب حديثه الانقلابى أمام شباب يضع أولى خطواته على طريق حياته العسكرية بالدعوة للوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء الذين تطوله الاتهامات بقتلهم!!، وبدلا من الوقوف حدادا وذرف الدموع على الشهداء ألم يكن من الأوفق بل من الواجب تقديم المتهمين بالقتل المشاركين فى مذبحة الحرس الجمهورى للتحقيق وكشف حقيقة انتحار ضابط القوات المسلحة من عدمه؟ وأشار الفريق السيسى إلى "أننا تعاملنا بكل الأمانة والشرف ولم نخن، بل أعطينا النصيحة حتى آخر مارس ثم توقفنا لأنه لم يستجب للنصح"، وهنا نسأل ماذا بعد التوقف عن تقديم النصح؟ وهل هناك علاقة بين هذا التاريخ وبين لقاءات محمد حسنين هيكل وبدء حركة تمرد فى جمع التوقيعات ولقاءاتها التى أشار إليها شادى الغزالى حرب واللقاءات التى أشارت إليها منى مكرم عبيد على لسان المهندس الكفراوى؟ وأضاف "إن جيش مصر جيش عظيم، لا يعرف الشائعات، ولا الكذب، ولا الافتراءات" ونحن أيضا نؤكد ذلك "لا يعرف الشائعات"، فلماذ لم يقدم اللواء حسن الروينى للمحاكمة عندما صرح أمام الملايين أنه كان يلجأ لإطلاق شائعة عندما يريد تحريك ميدان التحرير فى اتجاه معين؟ أم ترى أن هناك شائعات سوداء وشائعات بيضاء كتلك التى كان يطلقها اللواء الروينى؟ ثم ما رأيكم فى أن حديثكم الذى استشهدتم فيه بالدكتور محمد سليم العوا والدكتور هشام قنديل والدكتور أحمد فهمى والشيخ أبو إسحاق الحوينى الذى وصفوه جميعا بعدم الدقة؟ لقد كان حديثكم من طرف واحد، وليتكم صرحتم بهذا الخلاف قبل اختطاف رئيس الجمهورية ليتمكن من الرد عليكم. وأضاف الفريق السيسى "إن جيش مصر جيش أسد، والأسد لا يأكل أولاده"، وأتساءل هنا من الذى أكل الشهداء فى مذبحة مسجد المصطفى بالقرب من دار الحرس الجمهورى؟ وأضاف الفريق السيسى "لقد أعطينا مهلة سبعة أيام طالبنا فيها الجميع بحل الأزمة، ثم أعطينا مهلة 48 ساعة، وعملنا إعلانا بذلك"، أقول يا سيادة الفريق قائد الانقلاب إنك وجهت إنذارا وليس إعلانا، وهل يجوز لقائد توجيه إنذار لقائده الأعلى؟ وإذا كانت لديك القدرة على اختطاف الرئيس والعصف بالدستور فلماذا لم تجبر هؤلاء الجميع على الجلوس على مائدة المفاوضات للخروج من الأزمة ليبقى الجيش على الحياد بدلا من انتصار قيادته لجزء من الشعب على حساب الجزء الآخر؟ ثم يلجأ الفريق للتهديد "فيه كلام كتير بيتقال وفيه إجراءات كتير بتتعمل"، ثم يقسم ثلاثا دون أن يطلب منه بأن "جيش مصر على قلب رجل واحد"، ثم يعود للتهديد "فيه حد عايز ياخد الشعب لنفق خطير"، "يعنى انت عايز يا تهد البلد يا تحكمها"، "لا يمكن أن يتم هذا بالعنف والإرهاب"، بعد كل هذا وفى هذا السياق.. من الذى يقصدهم الفريق السيسى بممارسة العنف والإرهاب؟ أظن أن سياق الحديث يقصد به المناصرين للشرعية وعودة الرئيس المختطف، هنا يسارع بالتأكيد "خارطة الطريق والإجراءات التى تم عملها لا يمكن التراجع عنها"، ويضيف "هذا الجيش يأمر فقط بإرادة المصريين"، وأسأل الفريق السيسى من الذى وضع خارطة الطريق التى تتحدث عنها؟ ومن الذى اختار المجتمعون يوم الانقلاب؟ وهل المجتمعون فى منزل المهندس الكفراوى هم شعب مصر؟ ولأن الفريق السيسى لا يعمل إلا بموجب أوراق ومستندات فإنه ختم الخطاب بمطالبة الشعب المصرى بالاحتشاد يوم الجمعة التالى فى ميادين مصر لإعطائه تفويضا لمواجهة العنف والإرهاب، فما مفهومه للإرهاب؟ لم يذكر، ولكن أظننا قد أوضحنا أنه يقصد بالإرهاب من سياق الحديث المناصرين للشرعية وعودة الرئيس المختطف، الذى يعتصم بعضا منهم فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة. ويضيف "أنا عمرى ما طلبت منكم حاجة، با أطلب منكم توروا الدنيا إن لكم إرادة ولكم قرار"، أى أنه يريد التفويض بمواجهة المتظاهرين والمعتصمين ليكون مسوغا له لاستعمال العنف وليقدمه للعالم الخارجى الذى يرفض استخدام العنف فى مواجهة المتظاهرين.. يا سيادة قائد الانقلاب إنك لا تريد تفويضا لمواجهة العنف والإرهاب أنت تريد تفويضا بالقتل.. إنك تدخل مصر فى أتون حرب أهلية بل حرب منزلية تتيح للابن أن يقتل أباه وللأخ أن يقتل أخاه.. فلا يوجد منزل إلا وبه هذا الخلاف السياسى.. ويا سيادة الفريق أقول لك مقولة ابن آدم لأخيه {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَىّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 28-29]. والغريب فى الأمر أن الجميع كان فى انتظار الإشارة من الرئيس المؤقت وشيخ الأزهر ورئيس الوزراء الذين دعوا الشعب فى اليوم نفسه واليوم التالى للاحتشاد، كما سارع الإعلام بتجهيز أرض المعركة بتلفيق الأخبار التى تتهم أنصار الشرعية بممارسة العنف، وكما يقول نزار قبانى "الحاكم يضرب بالطبلة، وجميع وزارات الإعلام تضخم من صوت الطبلة، والصحف الكبرى والصغرى تعمل راقصة فى ملهى تملكه الدولة". ويا سيادة القائد العام للانقلاب "إن مناصرى الشرعية والدستورية من شعب مصر لن يفقدوا الأمل فى تحرير رئيس مصر ليستمعوا إلى روايته ردا على روايتكم. "مذابح الانقلاب" إجرام ما بعده إجرام.. وفجر ما بعده فجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة الوداع: ((أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة بيتكم هذا فى يومكم هذا فى شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل يؤمن الطغاة والجناة بأنهم سيلقون ربهم؟ وإذا آمنوا هل يؤمنون بأنهم سيسألون عن أعمالهم؟ بعد كل أعمال التقتيل التى تمت وقبل أن يحصل الفريق السيسى على التفويض بالقتل فى مذبحة طريق النصر التى اعتلى فيها القناصة كليات جامعة الأزهر التى تجاوز فيها الشهداء المئات والمصابين الآلاف، فإن على الفريق السيسى والرئيس المؤقت ورئيس وزارة الانقلاب ووزير الشرطة أن يقدموا المجرمين للعدالة ثم يقدموا استقالتهم لتعود الشرعية الدستورية، وإذا لم يحدث ذلك فليقم بها غيرهم، وليتحرك الشعب ومعه المنظمات الحقوقية بتقديم المجرمين للعدالة وليصمد الشعب حتى إعادة مصر للمسار الدستورى الديمقراطى، إذا لم يحدث ذلك ستفسد الحياة {ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون}. يقول صاحب الظلال رحمه الله: "والحياة التى فى القصاص تنبثق من كف الجناة عن الاعتداء ساعة الابتداء، فالذى يوقن أنه يدفع حياته ثمنا لحياة من يقتل.. جدير به أن يتروى ويفكر ويتردد، كما تنبثق من شفاء صدور أولياء الدم عند وقوع القتل بالفعل شفائها من الحقد والرغبة فى الثأر، الثأر الذى لم يكن يقف عند حد فى القبائل العربية حتى لتدوم معاركه المتقطعة أربعين عاما كما فى حرب البسوس المعروفة عندهم، وكما نرى نحن فى واقع حياتنا اليوم، حيث تسيل الحياة على مذابح الأحقاد العائلية جيلا بعد جيل، ولا تكف عن المسيل. وفى القصاص حياة على معناها الأشمل الأعم. فالاعتداء على حياة فرد اعتداء على الحياة كلها، واعتداء على كل إنسان حى، يشترك مع القتيل فى سمة الحياة. فإذا كف القصاص الجانى عن إزهاق حياة واحدة، فقد كفه عن الاعتداء على الحياة كلها. وكان فى هذا الكف حياة. حياة مطلقة. لا حياة فرد، ولا حياة أسرة، ولا حياة جماعة. وإذا كان قتل المتظاهرين "إجرام ما بعده إجرام" فإن بيانات الداخلية والمتحدث الرسمى للقوات المسلحة وتسترهم على القتلة كان "فجر ما بعده فجر" مما سيفسد الحياة ويؤدى إلى نجاح الثورة ضد الانقلاب كما حدث فى ثورة 25 يناير المباركة بعد مقتل خالد سعيد وسيد بلال. أعود فأقول {ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون} وإن لم يكن القصاص فستفسد الحياة وتهلك مصر مصداقا لقول رسولنا الكريم ((إنما هلك من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)). يوميات فيس بوك السبت 14 يوليو 2013 يتهم المغرضون معتصمى رابعة العدوية والنهضة بتقاضيهم أجرا نظير الاعتصام، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5]، ولهؤلاء أنقل هذه الصورة: الأستاذة فاطمة وبدرية -صورة من خارج الميدان- سيدات مصر الشريفات. صديقى الشيخ الأستاذ بالأزهر: انت فين يا بدرية ما حدش شافك من قبل رمضان وانت عارفة احنا مانستغناش عنك. بدرية: الأستاذة فاطمة المحامية هى اللى شغلانى يا دكتور، ما حضرتك عارفها اللى مكتبها قريب من هنا. الدكتور: شغلاكى فى إيه يا بدرية؟ بدرية: شغلانى فى عمل السندوتشات، كل يوم أشترى لها ب500 جنيه عيش رغيفين بجنيه، صاحب الفرن مساهمة منه بيدينا الثلاثة بجنيه، يبقوا 1500 رغيف نقسم الرغيف اتنين يبقوا 3000 رغيف الدكتور: وبتحشوهم إيه بدرية: بتشترى عشرين قالب حلاوة وثلاث صفايح جبنة، وقدرتين فول كبار غير الزيت والملح. الدكتور: وبعدين؟ بدرية: أقعد طول اليوم أعمل السندوتشات وبعدين أكيس ألف كيس كل كيس ثلاثة سندوتشات وعلبة كاندز. الدكتور: ده اللى بعدك عننا. بدرية: ما هو مرتبى زاد من 800 جنيه لألف وخمسمائة جنيه. الدكتور: كويس. بدرية: لأ ده فى الدنيا يا دكتور، أما ثوابى فى الآخرة فبرضه موجود. بارك الله فى سيدات مصر الشرفاء. الأحد 14 يوليو 2013 دراسة الدكتور رفيق حبيب التى نشرتها الشعب مؤخرا يختمها بكلام رائع "إن دروس التاريخ تؤكد أنه عندما تقوم ثورة لإسقاط نظام حكم مستبد، ثم تأتى حكومة منتخبة، وبعدها يحدث انقلاب عسكرى، فإن هذا الانقلاب العسكرى يفشل فى النهاية، والحكومة المنتخبة تعود للحكم، وكل من أيد الانقلاب العسكرى يخسر فى النهاية". هل تنطبق تلك القاعدة التاريخية على مصر؟ ندعو الله سبحانه.