قبل عام من الآن وتحديدا في السادس من ديسمبر عام 2006، تحدث روبرت جيتس امام الكونجرس في جلسة ناقشت ترشيحه لمنصب وزير الدفاع خلفا لدونالد رامسفيلد، وقال امام اعضاء المجلس وبوجود وسائل الاعلام كلمته الشهيرة، التي اختصر جيتس فيها مستقبل الوجود الاميركي في العراق حيث قال بالنص (انه لا نصر في العراق) واليوم وبعد عام على هذا الكلام، وبعد زيارته الى العراق الاسبوع الماضي، يؤكد روبرت جيتس ذلك، ويقول ان النصر بعيد المنال، وهذا الاقرار تزامن مع الاعلان عن بدء انسحاب اكبر وحدة عسكرية اميركية من العراق، دون ان يتم تعويضها بقوات اخرى، ورغم ان البنتاجون لم يضع جدولا زمنيا معلنا لسحب قواته من العراق، إلا أن وزير الدفاع أعلن أن الأسابيع المقبلة ستشهد سحب قطعات أخرى، وهذا ما يتم الإعداد له وتهيئة المستلزمات الضرورية لتنفيذه. ان خروج دونالد رامسفيلد، الذي تحاول الكثير من الأطراف الأميركية تحميله وزر الهزيمة العسكرية في العراق، ومجيء روبرت جيتس الذي أقر قبل توليه الوزارة باستحالة تحقيق الانتصار في ميدان الحرب داخل العراق، والبدء بسحب القوات الاميركية، يؤكد ان الادارة الاميركية فقدت الأمل بالمستقبل، خاصة فيما يتعلق بالعراق، ولهذا أخذ وزير الدفاع وقادة الحرب الاميركيين يتحدثون عن الانجازات السياسية، وهو الغطاء الذي يحاولون جاهدين ارتداءه وضخ اكبر عدد ممكن من صوره عبر وسائل الاعلام، ليقول الاميركيون للاميركيين وللعالم، انهم حققوا اهدافهم، وعلى ارض الواقع لم يتحقق لهم اي شيء، على العكس من ذلك فإن الهزائم الكبيرة تلحق بهم في ميدان الحرب. ان المعارك المتواصلة في ميدان الحرب بالعراق، لم تتوقف ومهما حاول الاميركيون التعتيم على ذلك، فإنهم لم يتمكنوا من اخفاء الحقيقة، التي تؤكد ان حربا شرسة تدور بين المقاومين في العراق وقوات الاحتلال الاميركي، ومع ان وسائل الاعلام الاخرى، تحاول ضغط الصورة الحقيقية الى اصغر حجم ممكن، الا ان مجريات الاحداث، تؤكد الحجم الحقيقي للصورة، التي تبرز فيها امكانات المقاومة العراقية وقدراتها العسكرية التي الحقت الهزائم الهائلة بقوات الاحتلال الاميركي. ان الهزيمة لم تتأكد خلال العام المنصرم، بل بدأت تتضح منذ عام 2004 وخلاصته اقرار روبرت جيتس اواخر العام الماضي، بان قواتهم لم تتمكن من تحقيق الانتصار في العراق، هو تأكيد على انتصار الطرف الاخر وهو المقاومة العراقية، وهذا النصر لا يتحدث عنه الكثيرون رغم أهميته الكبيرة، ليس للعراق وحده وانما للعالم اجمع، لأن نتائج الهزيمة الاميركية وانتصار المقاومة العراقية، لا يمكن النظر اليها وفق المقاييس العسكرية فقط، وانما من جميع الزوايا التي انطلق منها المشروع الاميركي الكوني، الذي اراد ان يكون غزو العراق واحتلاله، هو العنوان الاكبر في هذا المشروع، فوصلوا الى نهاية حافة الهاوية، والمستقبل مفتوح امام الصورة الحقيقية، التي ستظهر تفاصيلها الدقيقة في الحرب الدائرة بين قوات الاحتلال الاميركي، والمقاومة في العراق.