قضت محكمة سودانية على معلمة بريطانية بالسجن 15 يوما ثم ترحيلها، بسبب ادانتها بتهمة اهانة الدين. وقال احد محامي فريق الدفاع عن المعلمة البريطانية ان المحكمة وجدت جيليان جيبونز، 54 عاما، مذنبة. ووجه الاتهام الى جيبونز بعد ان ابلغ احد العاملين في مدرستها السلطات بأنها سمحت للتلاميذ بإطلاق اسم محمد، على لعبة على شكل دب. وبعد المحاكمة التي استمرت اقل من يوم في الخرطوم قال محامي الدفاع «خلصت المحكمة الى انها مذنبة بتهمة اهانة الدين والحكم هو 15 يوما في السجن ثم الترحيل». واعتذرت جيبونز امام المحكمة وقالت انها لم تقصد الاساءة الى الاسلام. وبدت علامات الرعب والذهول، على وجه المعلمة البريطانية عندما حضرت الى محكمة الخرطوم شمال الجنائية في موكب امني صارم، وشق موكبها طوقا امنيا اخر مدججا بالسلاح ضرب منذ الصبح الباكر حول مبنى المحكمة، الواقع في قلب العاصمة السودانية. وابتلع المبنى المعلمة وموكبها معا، في حين وقف حشد من الصحفيين يتابعون دخول المتهمة البريطانية الى المحكمة، التي كانت تنتظر وصولها من محبسها. وقبل الدخول الى قاعة المحكمة اجلست جيليان جيبونز المعلمة في مدرسة «الاتحاد للاساس» (ابتدائية) على كرسي في احد مكاتب المحكمة، ولاحظ من حولها انها كانت تضع يديها على خديها، وتهز رأسها، وكانت مرعوبة، وفي حالة ذهول، وكأنها لا تدري ما يحدث لها. كانت ترتدي بدلة نسائية كاملة بلون ازرق داكن وتحتها قميص باللون الازرق السماوي، وبدت غير راغبة في التحدث الى من حولها. ووقعت صدامات بين الشرطة المكثفة في المكان وصحفيين يمثلون الصحف ووسائل الاعلام المحلية، فضلا عن مراسلي وكالات الأنباء والقنوات الفضائية، الذين حضروا بالمئات للمكان من الصباح الباكر لمتابعة الجلسة التي حظيت باهتمام بالغ من الاجهزة الحكومية والدينية في الخرطوم. واحتجزت الشرطة عددا من الصحفيين، لساعة على الاقل امام المحكمة، قبل ان تطلق سراحهم وتصادر منهم الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية التي التقطوها قبيل حضور المتهمة الى ساحة المحكمة وأثناء حضورها. ولم يحضر الجلسة التي بدأت في حوالي الساعة الواحدة ظهرا سوى عدد قليل من الاشخاص، ما اعتبرها الصحفيون شبه مغلقة، ومنع القنصل البريطاني في الخرطوم من الدخول الا ان مسؤولا كبيرا في الشرطة تدخل بعد ساعة على الاقل من منعه وسمح له بالدخول الى المحكمة، ويمثل الدفاع في القضية المحامي كمال الجزولي وآخرون، كما يمثل الاتهام بابكر عبد اللطيف رئيس وكيل النيابة العامة بولاية الخرطوم. وعزا قيادي في الشرطة الاجراءات الامنية المشددة الى ما وصفه حرص السلطات على سلامة المتهمة، وقال اللواء الطاهر عبدين مدير ادارة المباحث الجنائية في السودان «انهم لن يسمحوا بمس شعرة من المتهمة». وكانت جيليان جيبونز سألت احد التلاميذ كان يحمل دمية دب في حصة ترفيهية ان الاسم الذي يقترحه للدمية فقال الطفل انه يسمي الدب اسم «محمد»، غير ان اولياء تلاميذ فيما بعد اعتبروا ما حدث اهانة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقاموا بفتح بلاغ ضد المعلمة البريطانية باعتبارها هي «المسؤولة عن التسمية المهينة للرسول». وبدأت حملة يقودها رجال الدين تندد بالمعلمة، ونددت رابطة اسلامية باسم الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان في بيان اصدرته في الخرطوم بهذه المناسبة بالحادثة، وحملت على المعلمة البريطانية، ووصف البيان تسمية الحيوانات سواء اكانت دمى باسم محمد بمثابة تعريض للنبي صلى الله عليه وسلم، وإساءة اليه، وأرفقت الرابطة صورة من الرسائل التي بعثت بها المعلمة الى اولياء الامور ووعدت فيها بتسجيل زيارات لهم في المنازل، وطالب البيان بالتحقيق مع من هم وراء فكرة رسائل المعلمة. من جهتها، قالت هيئة علماء السودان وهي هيئة شبه رسمية في بيان لها ان ما حدث من المعلمة البريطانية يعتبر بالونة اختبار من الدوائر المعادية للاسلام، وقالت «ما حدث ليس وليداً للصدفة او فعلاً منسوباً للجهل»، وقال بيان الهيئة انها تحتفظ بحقها القانوني في مقاضاة كل من تثبت عليه تهمة الاساءة للرسول صلى الله عليه وسلم». من ناحية اخرى، استدعى المجلس التشريعي لولاية الخرطوم (برلمان) ولاية الخرطوم مدير المدرسة التي وقعت فيها الاحداث للاستماع إليه حول ملابسات القضية، وطالب برلمان الولاية وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في مناهج المدارس الاجنبية والخاصة لمعرفة «وجه القصور»، وقال «على الوزارة ان تراقب هذه المدارس. وكان التلميذ محمد، قال في تصريحات انه اختار اسم محمد للدمية بنفسه، وأضاف «سألتني ماذا اريد ان اسميه فقلت له محمد لأنه اسمي»، ومضى «لم اكن افكر في النبي محمد صلى الله عليه وسلم»، وتابع «كل زملائي وافقوا على الاسم»، وقال التلميذ محمد انه سيكون مستاء اذا لم تعد المعلمة جوبيلز الى المدرسة.