فى زمن تضيع فيه الأصوات النسائية فى الأدب بسبب استيلاء الصوت الذكورى على الضوء الأدبى..يمكن أن نقول إن الأدب النسائى فى الوطن العربى عامة ومصر خاصة يحفر فى الصخر.. والذى ضيعنا عامة فى الذاكرة الأدبية أن الزهيمر الأدبى والفكرى مقصود.. وطبيعى بنسبة أكبر.. يقول نجيب محغوظ: آفة حارتنا النسيان. ويقول صلاح الدين الأيوبى إن عقل وذاكرة مصر كالزير المثقوب.. سعاد سليمان بعد تخرجها بأيام جاءتنى فى مركز «رؤيا» للعمل صحافية.. وبدأت التدريب.. كنت أعطيها الكتاب لتلخصه فتحضر التلخيص فى اليوم التالى ومعها الأوراق، كانت تريد أن تصعد سلم المعرفة بجدية.. كنت أمزق وأصحح وأحيانا تبكى ثم بعد فنجان شاى.. أهديها كتابا آخر لتلخصه فتضحك.. إنها ابنة الإرادة والموهبة الحقيقية.. عرفتها جريدة «عكاظ» التى نشرت لها أربعة مواضيع ولم ترسل إليها جنيها واحدا.. وتكلمت مع الدكتور سعيد مسئول الصفحة أيامها.. ولكنه وعدنى.. ونسى الوعد. وظلت مفلسة ومقاتلة.. وتقدمت إلى تلفزيون إسكندرية معدة برامج، وجلست معها مرة واحدة كى أشرح لها البرنامج كيف يعد، وكأنها كمبيوتر.. ونجحت.. وبعد أيام كانت من أفضل المعدات. وفى مكتبى كان مدير المكتب سيد شعبان يشكو لى منها ويكتب مذكرات ضدها كى أفصلها.. وكنت أقول له أنا لن أشارك فى ذبح أية موهبة أو حصارها مهما كانت الظروف، وفجأة أخبرنى سيد شعبان رغبته فى الزواج منها، قلت له طموحها ليس له حدود هى تريد أن تجلس بجوار صافيناز كاظم وسيفشل الزواج.. كانت سعاد أحلامها تهاجر كل ليلة إلى القاهرة بحثا عن مكان ومكانة.. فُسخ عقد الزواج وأنجبت بنتا وولدا (زى الفل).. وجاءت إلى القاهرة تملك حلما وثوبا بسيطا وعقدا كل حباته أمل فى الحياة.. وفاجأتنى ذات يوم بمجموعة قصصية وأنا فى معرض الكتاب لفت انتباهى قصة محاكمة القصة الأخيرة.. هذه القصة اعتبرها من عيون القصة القصيرة فى مصر، ولم لا أن تأتى بنت الصعيد المقاتلة التى نشأت فى بحر الإسكندرية فمنحها البحر التجديد وأخذت منه الاستمرار.. قد تدخل فى مقهى البستان مع الروائية المتقدة رباب كساب والكاتبة وسيمة براء الخطيب.. وقد جلس عن قرب فى المائدة المجاورة الروائى الرائع مكاوى سعيد يتأمل الشارع.. وفى الوقت نفسه تجدها فى التلفزيون فى القناة الثانية، والقناة الثقافية، وتكتب فى جريدة القاهرة مقالا عند صلاح عيسى، وتجدها فى ندوة فى الأتيليه عند سهير المصادفة المبدعة دائما فى بحر التجديد.. إن سعاد سليمان جزء من القاهرة ومن الإسكندرية ومن مصر.. تحفر بأظافرها فى الصخر فى مناخ ثقافى غير شريف ملوث منذ مئات السنين.. صدر لسعاد سليمان مجموعة من الأعمال هى: -« هكذا ببساطة»، مجموعة قصصية، طبعة خاصة 2001. - «غير المباح»، رواية. الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005. - «الراقص»، مجموعة قصصية؛ الهيئة المصرية لقصور الثقافة 2007. الجوائز - شهادة تقدير عن المجموعة القصصية «هكذا ببساطة» من مسابقة محمود تيمور التى أقامها المجلس الأعلى للثقافة 2002. - جائزة الدكتور حسين فوزى عن رواية «غير المباح»، والتى أقامها اتحاد الكتاب المصرى. صدر لسعاد أخيرا رواية بعنوان «آخر المحظيات». وفيها تحاول سعاد أن تتحدث عن العلاقة الذكورية والأنثوية أو علاقة الحب والنقاء وخيانة الرجل المرأة، أو يمكن أن تكون ذات بعد فلسفى؛ إذ تناقش قضية البحث عن الحب النقى الأبدى.. لغة الرواية متماسكة وتنساب معك كمتلق للعبارة والفكرة.. وتبشر بميلاد كاتبة قادمة بقوة لتجلس فى الصفوف الأولى فى الإبداع الروائى خلال السنوات القليلة القادمة.