احتجزونى فى زنزانة تحت الأرض لمدة 18 يوما بأوامر من «مبارك» ونظامه هناك تحركات على أعلى مستوى لمحاربة الإسلام فى أوروبا.. والمسلمون فى فنلندا يعاملون كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية حصلت على وثيقة صادرة من البرلمان الأوربى لمشروع قانون أعده يهود لمحاربة المد الإسلامى فقد الهوية الإسلامية من أخطر المشكلات التى يعانى منها بعض المسلمين فى الدول غير الإسلامية المستشرقون يحاولون إفراغ القرآن من قدسيته ويشوهون معانيه علاء الدين محمد على ماهر، مواطن مصرى حمل الرحال إلى أوروبا منذ أكثر من 40 عاما، بحثا عن فرصة عمل توفر له حياة كريمة، إلى أن استقر به الحال فى فنلندا، ليتجه بعد فترة إلى العمل الدعوى، ويؤسس هو ومجموعة من المسلمين «الرابطة الإسلامية» فى بداية التسعينيات، التى تعتبر أقدم مؤسسة إسلامية هناك، ومن بعدها أسسوا «وقف المركز الإسلامى الفنلند»، الذى تولى أمانته فى الشمال. «الشعب» التقت الأستاذ علاء، وتعرفت منه رحلته، وأحوال المسلمين فى فنلندا.. وإلى نص الحوار: * متى بدأت رحلتك إلى الخارج؟ وهل كانت بغرض «الدعوة» منذ البداية؟ بعد أن أصابتنى الأوضاع فى مصر بحالة من الإحباط، خاصة بعد هزيمة 1967، قررت أنا ومجموعة من زملائى السفر إلى هولندا للبحث عن فرصة عمل. وبالفعل تمكنا من السفر فى أغسطس من عام 1970، بمساعدة شقيق أحد أصدقائى. وبعد عام تقريبا، انتقلت منها إلى فنلندا، ولم يكن الإسلام قد انتشر بها بالنسبة الحالية، وكانت الدولة حينها تلقبنا ب«المحمديين» نسبة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وفى عام 1986، توفى شقيقى الأصغر فى مصر، وكانت وفاته نقطة تحول فى حياتى، بعد أن وضعت الموت نصب عينى. وأنشأنا مع مطلع التسعينيات، ما تسمى «الرابطة الإسلامية الفنلندية»، التى تعد أقدم مؤسسة إسلامية فى فنلندا، لكن بعد أن سيطر الصوماليون على مقاليد الأمور بها، وأصبحت تدار بأسلوب غير جيد، قررنا فى عام 1993، وبعد استشارة عدد من المشايخ والعلماء، تأسيس ما يسمى «وقف المركز الإسلامى الفنلندى»، وأصبحت مسئولا عن وقف الشمال تحديدا. * كيف يمكن للمسلم الذى يعيش فى الخارج أن يحافظ على هويته الإسلامية فى ظل اختلاف العادات والتقاليد؟ مشكلة فقْد الهوية الإسلامية من أخطر المشكلات التى يعانى منها بعض المسلمين فى الدول غير الإسلامية؛ وذلك لعدم وجود الحصانة الدينية اللازمة عند بعضهم، كما تلعب سياسات التذويب المبرمجة بإحكام التى تعتمدها هذه الدول، دورا كبيرا فى هذا الشأن؛ فهم يحاولون استقطاب أبنائنا إلى الفتن والموبقات باستمرار. وخلاصة القول أن المسلم الذى يعتز بإسلامه ويفتخر به، تجده يحافظ على دينه فى أى مجتمع، ويتمسك بقيمه ومبادئه، لكن دون انعزال عن المجتمع، وتساعده على ذلك المؤسسات الإسلامية الموجودة فى الخارج التى تقدم كثيرا من المساعدات للجاليات المسلمة. * غياب الاعتراف الرسمى بالدين الإسلامى فى دولة فنلندا.. هل يقف حائلا دون إنشاء المساجد أو المراكز الإسلامية؟ المسلمون فى فنلندا لا يزالون يُعامَلون كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، فضلا عن النظرة العنصرية التى يلاقونها فى هذا البلد. والصعوبات ليست فى إنشاء المساجد فقط، بل نواجه صعوبات أكثر مرارة للحصول على أراض لدفن الموتى المسلمين. والتحديات والعراقيل التى تضعها الدولة أمام المسلمين كبيرة. وعلى الحكومة الفنلندية احترام الأقليات، ومعاملة المسلمين باعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولى. * هل تعرضت لأى مضايقات خلال سنوات إقامتك بفنلندا بسبب ما تقوم به فى مجال نشر الدعوة؟ اعتقلتنى السلطات الفنلندية عام 2000، واحتجزتنى فى زنزانة تحت الأرض لمدة 18 يوما، بأوامر من الطاغية «مبارك» ونظامه، بعد أن أوحى للمخابرات الفنلندية بأننى الذراع اليمنى لأسامة بن لادن، وأن الوقف يموله تنظيم القاعدة، واقتحمت المخابرات منزلى وشركاتى، وجمدت المحكمة أموالى، باعتبارى وكيل القاعدة فى بلاد الشمال. ولا تزال القضية مستمرة حتى الآن. والقاضى فى الجلسة الأخيرة وعدنى بالبراءة إذا اعترفت بأننى مخطئ؛ حتى لا يحق لى المطالبة بعد ذلك بالتعويض عما أصابنى من أضرار، لكنى رفضت. * هناك قلق فى الأوساط البحثية الصهيونية من تعاظم قوة المسلمين فى أوروبا خوفا من تأثيرهم مستقبلا فى الأوضاع.. فهل هناك بالفعل تزايد فى أعداد المسلمين فى الدول الأوروبية؟ على الرغم من تزايد أعداد المسلمين كثيرا فى أوروبا مؤخرا، فإنها لا تريد الاعتراف رسميا بأعدادهم. ولقد وصل العدد فى فنلندا فقط إلى نحو ربع مليون مسلم. وهناك تحركات على أعلى مستوى لمحاربة الإسلام فى أوروبا. والدليل على ذلك ما وقع بيدى عام 97؛ فلقد حصلت على صورة وثيقة هى توصية تمهيدية صادرة عن البرلمان الأوروبى بشأن الأصولية والتحدى للنظام القانونى الأوروبى، واللجنة الخاصة بالحقوق المدنية والشئون الداخلية، بشأن مشروع قانون أعده يهود لتجفيف المنابع لوقف المد الأصولى، وهو قانون غرضه الحقيقى محاربة المد الإسلامى فى أوروبا الذى يتزايد بنسب تسبب لهم رعبا. * متى يتم الخروج بالدعوة إلى نطاق أوسع من نطاق الجالية الإسلامية لتشمل غير المسلمين؟ فى هذا الأمر عقبات تقابلنا، لكن بالعمل الجاد والعزم والتصميم والإخلاص لله، نجحنا بالفعل فى دعوة العديد من أبناء دولة فنلندا الأصليين إلى الإسلام، وبعد اعتناقهم إياه أصبحوا من أكثر الناس علما وأدبا وخلقا وفهما للدين، وساعدنا على ذلك أننا ترجمنا كتابا من نحو 38 صفحة اسمه«الإسلام ديننا» إلى اللغة الفنلندية، لتعريف المعنى الحقيقى للإسلام. ولا أقول هذا الكلام من باب التفاخر والتعالى، لكنى أريد أن أعطى أملا فى أنه إذا أصلحت النية لله فلا مستحيل. * هل للمسلمين دور فى الحياة السياسية فى فنلندا خاصة بعدما سمعنا عن اعتزام بعضهم تأسيس حزب سياسى؟ على الرغم من أن المشاركة السياسية فى مستوياتها المختلفة هى من مقتضيات المواطنة، سواء من الناحية القانونية أو من حيث مقتضيات المواطنة نفسها، فإن المسلمين فى أوروبا عامةً لم يحسنوا التعامل مع العمل السياسى حتى الآن نتيجة للعقبات التى تضعها الدول الأوروبية. ولعل أبرز الأمثلة على ذلك عندما قرر أحد الأشخاص فى فنلندا ويدعى «عبد الله تام» -وهو أحد الذين اعتنقوا الإسلام- تأسيس حزب سياسى يسمى «الحزب الإسلامى الفنلندى»، وبدأ بالفعل فى جمع التوقيعات اللازمة لإنشاء الحزب الذى يحتاج -وفقا للقوانين الفنلندية- إلى 20 ألف توقيع، وبدأ بالظهور فى وسائل الإعلام ظهورا لافتا للانتباه، لكن مع الأسف شوهته السلطات الفنلندية، واتهمته بالتخابر لصالح دول أخرى، ولم يتمكن من جمع التوقيعات. * صف لنا نظرة الغرب إلى مصر عقب ثورة 25 يناير؟ بعد ثورة 25 يناير، كان الغرب ينظر إلينا بانبهار، وكنا نحن المصريين نشعر بالعزة والفخر، لكن الأحداث والاضطرابات السياسية التى لا تزال تشهدها البلاد داخليا تُحدث تأثيرا سلبيا فى صورة مصر الطيبة التى تكونت بعد الثورة، وفى المصريين فى الخارج. * ما مدى صحة النسخة المترجمة من القرآن الكريم إلى اللغة الفنلندية؟ المستشرقون يحاولون إفراغ القرآن من قدسيته، ويشوهون معانيه، وهناك افتراءات على القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم فى ترجماتهم. وفى فنلندا ترجم البروفيسور المسيحى الغربى يآكّو هامين أنتيلا (بروفيسور اللغة العربية والبحوث الإسلامية فى جامعة هلسنكى) القرآن إلى اللغة الفنلندية بصيغة مشوهة يقصد بها التحريف والإساءة للمسلمين وتحريض الفنلنديين خاصةً والغربيين عامةً على الإسلام والمسلمين. وقد واجهته بأخطائه قبل أن يطبع، ولم يستطيع الرد علىّ، وعلى الرغم من ذلك طبع المصحف المشوه. ومع الأسف نحتاج فى الغرب إلى المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل الأزهر، لننشر الإسلام الحقيقى الذى يُشوّه. ولقد قابلت مفتى الديار المصرية خلال زيارتى الأخيرة إلى مصر، وطلبت منه التعاون معنا فى فنلندا فى مجال الدعوة بإرسال بعض الدعاة إلينا، لكننى فوجئت به يطلب منى تقديم طلب بذلك، بالإضافة إلى إجراءات روتينية أخرى، فأخبرته أننا جميعا خدام لهذا الدين ولا داعى للإجراءات المعقدة.