عُرف مسلمو بورما, الذين يشكّلون خمس السكان بالعيش كمواطنين من الدرجة الثالثة دون أدنى حقوق, دون خدمات, ولا حياة آدمية, وبالرغم من تعرَّضهم, ومازالوا, لحملات الإبادة والتطهير العرقي, فلم يزدهم ذلك إلا قوة وصلابة وثباتًا على الدين, وأصبح الموت عندهم أنشودة للشهادة, وأفضل لهم من أن يرضوا الدّنيّة في دينهم، فلم يُعهد عنهم الارتداد عن الإسلام. وحينما حاول النظام العسكري اليساري الغاشم بدعم من الأغلبية البوذية, حملهم على الارتداد عن دينهم؛ تطبيقًا للشعار الذي اتخذوه:"لا بيت فيه مسلم في هذا الوطن"، قاموا بإبادتهم بأقذر الأساليب التي عرفها التاريخ. هؤلاء المسلمون الذين يسامون سوء العذاب صباحَ مساءَ, مازالوا يكتوون بجحيم طغمة العسكر؛ يستصرخون العالم الذي يزعم أنه حُر؛ فلا مجيب.. ولا يتألم ولا يرف له جفن إزاء ما يتعرَّضون له من مجازر يرتكبها المجرمون العسكر بدعم البوذيين, الذين يتعاملون مع المسلمين بحسبانهم وباءً لا بد من استئصال شأفته، حتى إذا ما انتهى المجرمون من إبادة قرى مسلمة بأكملها؛ يسارعون بوضع لوحات عليها, إشارةً إلى خلوها من المسلمين ..!
مسلمو بورما يستصرخون فينا نخوة الإخوة والإسلام, والعروبة, والضمير؛ فلا سامع ولا متابع, ولا مجيب..! يتعرّضون للنفي من بلادهم عبر المحيط ويُساقون ويُرَحلون إلى أراض غير أرضهم في رحلات موحشة ومهلكة, لو سَلِموا فيها من الغرق؛ تعرَّضوا للاعتقال بوصفهم غرباء وغير شرعيين؛ ليعيدوا الكَرَة في رحلة البحث عن وطن بديل, وآمن وهكذا حياتهم من قارب هالك إلى آخر متآمر، ومن رحلة موت محقق إلى رحلة تغريب موحشة..! ومن يقدر له النجاة من هذه الفخاخ؛ يلاحقه المجرمون؛ ليشيّدوا له معسكرات التأديب, يُستَعبَدون فيها بشكل كامل لدى الجيش البورمي؛ كبارًا وصغارًا، حيث يجبر المسلمون على أعمال, السُخرة؛ تمهيدًا لقتلهم ببطء وسادية.. يحدث هذا تحت سمع وبصر الهيئات والمنظمات الدولية, وجمعيات ومنظمات المجتمع الذي يدّعي التحضر والمدنية، ووسائل إعلام, لا يسمح لها بالاقتراب من معسكرات الموت..في ظل صمت مطبق لأكثر من مليار وستمائة مليون مسلم يشاهدون هذه المجازر أو يسمعون بها ولا ينطقون ببنت شفاه!
إن ما يدعو للرثاء حقًا، هو ذلك التباطؤ الذي ربما يصل لحد التواطؤ من منظمات عربية وإسلامية التي لم تطالب أحرار العالم للتدخل بوضع حد لتلك الممارسات الإجرامية ضد مسلمي بورما، وإغاثتهم والسعي على أصعدة الهيئات والمؤسسات الخيرية والإغاثة وهيئة الأممالمتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في كل أرجاء العالم الإسراع لنصرتهم وتقديم كافة أشكال الدعم لهم، ومنحهم حقوق المواطنة كاملة ومساواتهم بكل مواطني بورما..!
يظل مسلمو بورما الأكثر تنكيلاً والأشد إبادةً والأعظم تطهيرًا عرقيًا في العالم؛ فلا يعرف التاريخ أقلية على وجه البسيطة ُسحِقَت كما ٌسحِقوا، ولا عرفت الإنسانية دينًا أهين في العالمين, كما أهين الإسلام في بورما؛ فيكون مصيرهم المحتوم الدائم, متراوحًا ما بين القهر والظلم, والذل أو انتظار الموت المؤكَّد:قتلاً أو غرقًا أو تشريدًا يحل بساحتهم بين الفينة والأخرى.. صبرًا أيها المسلمون المجاهدون، ستبقَّى مأساتكم حاضرة وشاخصة كوصمة عار على جبين الإنسانية الذي غض الطرف عما تلاقونه من ويلات, ولم يحرِّك ساكنًا إزاء ما تتعرَّض له من مجازر جماعية, أو العمل في سٌخرة دونما مقابل, أو طرد قسري عن أرض الأجداد.
إنها مأساة شعب مسلم يُساق إلى حتفه إلا أن يقول: ربي الله..!
همسة: اللهم إنا نسألك أن تحقن دماء إخواننا وأخواتنا المستضعفين في بورما؛ وثبِّتهم وأيِّدهم وانصرهم على عدوهم فيصبحوا ظاهرين. [email protected]