وزير الأوقاف يكشف أمام الشيوخ عن رؤية الحكومة في تجديد الخطاب الديني    في موسمه ال13.. جامعة بنها تحقق مراكز متقدمة في مهرجان «إبداع» (صور)    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الثاني الثانوى في القليوبية    وزير الخارجية والهجرة يشارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ المشروع السكني "ديارنا" المطروح للحجز حاليا بمدينة بدر    البلطي ب100 جنيه.. انخفاض أسعار الأسماك في أسيوط    تعرف على أسعار اللحوم والفراخ في أسيوط اليوم الإثنين    مزايا قانون العمل الجديد.. شهادة خبرة مجانية وحقوق أوضح للعاملين (تفاصيل)    وزير باكستاني: ملتزمون بالسلام الإقليمي وسنرد على أي عدوان هندي بحسم    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    ميار شريف تتراجع 14 مركزًا في التصنيف العالمي للتنس    منهم الأهلي.. زميل ميسي يتحدى منافسيه في كأس العالم للأندية    الزمالك يطالب لجنة الانضباط بمعاقبة الأهلي بسبب زيزو.. أحمد حسن يكشف    انقسام في الأهلي بشأن موقف "النحاس" من الاستمرار في تدريب الفريق    3 سنوات سجن ل "بائع ملابس" هتك عرض طالبة في الطريق العام بالإسكندرية    عودة ارتفاع درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة (تتجاوز ال33 درجة)    مصرع شخص وإصابة 2 آخرين في تصادم سيارتين وموتوسيكل بقنا    عمرو دياب يشعل أجواء القرية العالمية بحفل دبي وسط تفاعل جماهيري (صور)    «مسرح الجنوب» يكرم الكاتب المسرحي محمد ناصف    الإمام الأكبر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن رفقة أولادها.. ويؤكد: أم مثالية قدمت أنموذجًا في التضحية والتفاني والثقة في الله    للتعامل مع التغيرات المناخية وعلاج الدرن.. «الصحة» تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية بمستشفيات الأمراض الصدرية    «دون أي آثار أو ندبات».. فريق طبي ينجح في إزالة ورم من فك مريضة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    «الرعاية الأساسية» يتابع جودة الخدمات الصحية بعدد من الوحدات ومراكز طب الأسرة بأسوان    الاستماع لأقوال سيدة اتهمت سايس بالتحرش في العجوزة    الهند تحبط مخططا إرهابيا في قطاع بونش بإقليم جامو وكشمير    وزير الخارجية العراقي يحذر من احتمال تطور الأوضاع في سوريا إلى صراع إقليمي    الليلة.. "قضية أنوف" و"نساء شكسبير" ضمن المهرجان الختامي لنوادي المسرح    رئيس الوزراء: الدولة تعمل وفق خطة تستهدف مضاعفة أعداد السياح الوافدين    "صحة غزة ": عدد الشهداء الأطفال تجاوز 16 ألفا.. والقطاع يشهد مؤشرات صحية وإنسانية خطيرة    رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي: لن نشارك في توزيع المساعدات الإنسانية بقطاع غزة    جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    عضو مجلس المحامين: الإضراب أمام محاكم الاستئناف يشمل جميع جلسات الخميس    التحقيق في اتهام لاعتداء بالضرب على جوري بكر من طليقها فى أكتوبر    الرعاية الصحية تنظم فعالية حول وقاية مرضى السرطان من الجلطات بالإسماعيلية (صور)    طريقة عمل القراقيش بالعجوة فى خطوات بسيطة    وزير الكهرباء يجتمع بمسئولي شركة "ساى شيلد" لمتابعة مجريات تشغيل منظومة الشحن الموحد    جامعة أسوان تنظم ندوة تعريفية لتعزيز الشراكة البحثية لحماية نهر النيل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    ريهام عبد الحكيم تتألق في مهرجان الموسيقى العربية    رئيس تجارية القليوبية: تطبيق دعم المستثمرين نقلة رقمية تعزز ثقة رجال الصناعة    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    متحدث «الوزراء»: تنسيق كامل بين الجهات المختلفة لزيادة عدد الحضانات    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    النحاس يبدأ دراسة نقاط القوة والضعف في المصري قبل مواجهة الخميس    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    أمير هشام: الزمالك في مفاوضات متقدمة مع البركاوي.. وبوزوق ضمن الترشيحات    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهبان بورما وشيوخ المسيار
نشر في الشعب يوم 28 - 09 - 2007


عبد الباري عطوان

قدم الرهبان البوذيون في بورما درسا مشرفا في مواجهة الديكتاتورية العسكرية، عندما نزلوا الي الشوارع، حفاة شبه عراة، في تحد غير مسبوق لقوات امن قمعية لم تتردد في قتل ثلاثة منهم، احدهم بالرصاص، واثنان ضربا حتي الموت.
الرهبان البورميون معروفون في العالم كنموذج في التواضع والسكينة ورفض كل انواع العنف، وغالبا ما يعبرون عن معتقداتهم السلمية بالموسيقي وقرع الطبول، وارتداء قطعة برتقالية من القماش الرخيص علامة علي التواضع والتقشف والزهد.
هؤلاء ليسوا اهل كتاب، ولا يوجد اي ذكر في ديانتهم البوذية للعنف او الجهاد، او قول كلمة حق في وجه سلطان جائر، ومع ذلك قرروا ان ينحازوا الي جانب الشعب البورمي المسحوق، وان يخرجوا الي الشوارع للمطالبة بالاصلاح ووضع حد للممارسات القمعية والفساد المستشري في البلاد في ظل حكم طغمة عسكرية ديكتاتورية ظالمة.
اوضاع الشعوب العربية اسوأ كثيرا من اوضاع الشعب البورمي، فالانظمة الديكتاتورية العربية تغولت في القمع وارهاب المواطن، ومصادرة الحريات ونهب المال العام، والتنكيل بالمعارضين، ومع ذلك لا نري اي تحرك من رجال الدين الذين تزدحم بهم المساجد واماكن العبادة، والجامعات والمدارس وكل اوجه الحياة.
شاهدنا مظاهرات لسيدات يطالبن بحقهن في قيادة السيارة، بعضهن تعرضن للضرب والاعتقال والفصل من وظائفهن، وتشويه سمعتهن الشخصية، من خلال نهش اعراضهن، والتطاول عليهن واسرهن بكلام فاحش. ولكننا لم نشاهد مطلقا مظاهرة لرجال الدين تطالب بالاصلاح ووضع حد للفساد، واعتقال الآلاف في السجون، وتغييب القضاء العادل المستقل.
الرهبان البوذيون لم تتعرض معابدهم للتدنيس، ولم تتدخل السلطات الحاكمة في طريقة عبادتهم، ولم تقم الحواجز لمنع انصارهم من الصلاة، ومع ذلك نزلوا الي الشوارع يواجهون الرصاص القاتل بصدورهم العارية.
حكامنا ارتكبوا خطيئتين اساسيتين وعشرات الخطايا الاخري الاقل شأنا، الاولي انهم مارسوا القمع في اسوأ صوره، وعاثوا في بلداننا فسادا، والثانية صمتهم بل تواطؤهم في عمليات الاذلال التي تتعرض لها امتنا في العراق وفلسطين. ومع ذلك ينبري رهط من وعاظ السلاطين للدفاع عنهم باصدار الفتاوي التي تبرر فسادهم وديكتاتوريتهم واستئثارهم بالسلطة، ومعاملة الشعوب وكأنها عبيد لهم ولنسلهم.
الرهبان البوذيون الكفرة في عرف هؤلاء ثاروا علي الظلم والقمع، ووعاظ السلاطين في بلادنا ينافقون الحكام الديكتاتوريين ليل نهار، ويتحالفون معهم في حرف النشئ عن الممارسة الحقيقية لتعاليم عقيدتهم في التصدي للظلم ونصرة المستضعفين وتحرير المقدسات.
عندما تسألهم لماذا تقفون في خندق الحكام الفاسدين تبررون فحشهم وتسترون عوراتهم بالفتاوي، يردون بالقول ان طاعة اولي الامر واجبة، ويلحقون ذلك بفتوي عدم جواز الخروج علي الحاكم الا اذا ثبت كفره.
طاعة الحاكم واجبة ولكن عندما يكون سيدنا عمر بن الخطاب، او سيدنا علي بن ابي طالب، لكن طاعة حكام طغاة تقاعسوا عن القيام بواجباتهم في حماية المقدسات ونشر العدل بين الرعية، والانتصار للحق، ونصرة اشقاء تحت الاحتلال فهذا هو قمة النفاق.
الامم تفسد وتتخلف عندما تفسد قياداتها الدينية، وتنحرف عن مهامها في تقديم المثل والنموذج في التضحية والفداء، والتصدي للحكام الظلمة المفسدين في الارض، المتواطئين مع الاعداء، المتقاعسين عن القيام بالحد الادني من واجباتهم في الدعوة الي الاصلاح، ورفع المظالم، وتربية النشئ تربية صالحة علي اسس الشهامة والكرامة وعزة النفس ومقاومة الاحتلال والمحتلين وتقويم مظاهر الاعوجاج في المجتمع.
من المؤسف ان الشغل الشاغل لمعظم علمائنا الذين يملأون الفضائيات حاليا هو الحديث في امور ثانوية تبتعد عن جوهر تخلف امة الاسلام والمسلمين، واسباب استهدافهم بحروب مدمرة دون غيرهم من الامم. ولولا الحياء لاعتبروا الجهاد في فلسطين والعراق في مواجهة الاحتلال ارهابا وخروجا علي طاعة ولي اولياء الامر الذي هو امريكا.
الرهبان البوذيون الكفرة لم ينشغلوا بزواج المسيار، وموائد رحمان الراقصات، ولم يتوقفوا كثيرا عند نواقض الوضوء علي اهميتها، ونزلوا الي الشوارع في مسيرات جهادية، وهم الذين لم يعرفوا الاسلام وتعاليمه وربما لم يسمعوا بها.
جميع شعوب الارض تتحرك، تتظاهر، تنتفض، وتقدم التضحيات من اجل تغيير مجتمعاتها نحو الافضل، وتكريس حقوق المواطنين في الحريات والمشاركة في السلطة وصياغة حاضرهم ومستقبل اجيالهم الا شعوبنا العربية، والسبب هو وعاظ السلاطين وفتاواهم التخديرية التي تركز علي الهوامش والتفاصيل الصغيرة، وتبتعد عن القضايا الجوهرية.
علماء الدين كانوا يتصدرون المظاهرات واعمال المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي والانكليزي، الآن تحولوا الي ادوات في يد الحاكم، يستقبل بعض كبارهم المسؤولين الاسرائيليين، ويبرر التطبيع، ويبيح المحظورات، ويشرع القتال ضد بلد عربي مسلم شقيق ويقف الي جانب القوات الامريكية حرصا علي منصبه، وطمعا في منحة من حاكم ظالم فاسد.
علينا ان نعترف اننا امة مريضة بمرض عضال أحد ابرز اسبابه وعاظ السلاطين، وشيوخ المسيار، الذين يلعبون دورا كبيرا في تجهيل الاجيال الحالية والمستقبلية حتي تظل هذه الامة في سبات اهل الكهف ولأطول فترة ممكنة.
فعندما يطفح كيل رهبان بورما المسالمين انتصارا لشعبهم الذي لا يواجه ربع القمع والفساد الذي تواجهه شعوبنا علي ايدي حكامها الظلمة، ولا يطفح كيل علمائنا ورجال ديننا، فهذا ابرز تشخيص للورم السرطاني الكبير الذي ينتشر في خلايا هذه الامة.
نتمني ارسال بعثات الي بورما لكي يتعلم ابناؤنا من رهبانها وشعبها معاني الثورة علي الظلم والقمع والديكتاتورية، وكيفية عدم التردد في قول كلمة حق في وجه سلاطين جائرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.