موجة الغلاء التى اكتسحت الأسواق ضربت الفقراء والمساكين وذوى الدخل المحدود فى مقتل، فأصبحت مرتباتهم الضئيلة لا تكفى الخبز الحائر بين التموين والمخابز، بخلاف العلاج والتعليم والمواصلات ونفقات الحياة التى لا تنتهى. فقد ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة تراوحت ما بين 20 إلى 40% وبلغ سعر كيلو لحوم الدواجن الحية 19 جنيها بدلا من 11 جنيها، ووصل سعر كيلو الدجاج المذبوح (البلدى) 26 جنيها بدلا من 20 جنيها. ووصل سعر كيلو البطاطس إلى 3 جنيهات بدلا من جنيهين والطماطم إلى 3 جنيهات بدلا من جنية ونصف، بينما وصل سعر كيلو الكوسة إلى 6 جنيهات بدلا من 3 جنيهات، ووصل سعر كيلو الخيار إلى 4 جنيهات بدلا من 3 جنيهات، ووصل سعر كيلو الفلفل إلى 5 جنيهات بدلا من 3 جنيهات. ويتراوح سعر كيلو الأرز ما بين 4 إلى 5 جنيهات على حسب النوع والجودة، ووصل سعر كيلو العدس إلى 10 جنيهات، وكيلو اللوبيا وصل إلى 8 جنيهات، ووصل سعر لتر الزيت ما بين 11 إلى 15 جنيها حسب الأنواع بزيادة بنحو 3 جنيهات فى الكيلو الواحد. ما هذا الغلاء الفاحش؟.. ويتراوح سعر كيلو الجبنة البيضاء ما بين 24 إلى 30 جنيها للكيلو الواحد. وشهدت الأسواق بعدد من المحافظات حالة من الارتفاع المفاجئ للأسعار فى ظل غياب تام لأجهزة الرقابة التموينية وحماية المستهلك؛ فسجلت أسعار اللحوم والأسماك ارتفاعا ملاحظا، فسجلت للكندوز والبتلو من 48 جنيها للكيلو إلى 60 جنيها للكيلو، كما ارتفع سعر كيلو الكبدة المستوردة من 18 إلى 30 جنيها. وكذلك ارتفاع أسعار الأسماك والتى سجلت ارتفاعا ملحوظا للسمك البلطى من 12 جنيها إلى 16 جنيها للكيلو، وارتفاع سعر كيلو سمك البياض إلى 30 جنيها للكيلو بدلا من 21 للكيلو وأسماك الماكريل المثلج من 9 جنيهات إلى 14 جنيها للكيلو. وقفزت أسعار الزبدة البلدى من 30 جنيها للكيلو إلى 40 جنيها، وكذلك السمن النباتى من 28 جنيها للعبوة زنة 3 كيلوجرامات إلى 34 جنيها للعبوة نفسها. وارتفعت سلع المواد الغذائية؛ إذ ارتفع سعر المكرونة من 3.5 إلى 4.5 جنيهات للكيلو، والطحينة من 12 جنيها إلى 22 جنيها للكيلو، والفول البلدى من 4 إلى 9 جنيهات للكيلو، والعدس من 5 إلى 9 جنيهات للكيلو الواحد، والدقيق من 3 إلى 4.5 للكيلو، والفاصوليا من 8 إلى 14 جنيها للكيلو، و(البسلة) ارتفع سعرها من 9 إلى 12 جنيها، وارتفع سعر كيلو الجبنة البيضاء من 12 إلى 16 جنيها للكيلو، والشعرية من 3 إلى 5 جنيهات، والحلاوة الطحنية من 10 إلى 16 جنيها للكيلو. كما سجلت مواد البناء ارتفاعا ملحوظا بعد أن ارتفع سعر طن الأسمنت من 450 جنيها إلى 640 جنيها، فى حين ارتفع سعر طن الحديد من 4500 إلى 5250 جنيها، وارتفع سعر الطوب الأحمر من 310 إلى 350 للألف طوبة، والبلوك الحجرى من 350 إلى 450 للألف طوبة بيضاء، كما ارتفع سعر متر الرملة من 15 جنيها إلى 20 جنيها للمتر، وارتفع سعر طن الجبس من 750 إلى 900 جنيه. وارتفع سعر أنبوبة البوتوجاز بعد رفع جزئى للدعم عنها، وذلك إجراء مصحوب لتدنى سعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، وأيضا شرط من شروط البنك الدولى لحصول مصر على قرض قدره 4.8 مليارات دولار. وقالت د. هالة محمد عبيد، مدرس بكلية العلوم - جامعة قناة السويس؛ إن المرتب لم يعد كافيا لنفقات أسبوعين خلال الشهر، وكان من المفترض أن تزيد الحكومة مرتبات العاملين بالدولة مثلما رفعت الأسعار، فكل شىء فى مصر ارتفع سعره ما عدا المرتب فثابت، والذى أصبح لا يكفى حاجتنا، ولو استمر ارتفاع الأسعار على هذا المنوال بدون زيادة مرتبات للموظفين فلن تكون هناك طبقة وسطى، بل تكون هناك طبقة عالية وطبقة معدمة. وأشارت دكتورة هالة إلى أن المعيشة أصبحت صعبة ولا يوجد دخل يكفى احتياجات الأسرة بعد الغلاء الفاحش لأسعار الخضراوات واللحوم السلع الغذائية من عدس وأرز وفول بلدى. فقد اشتعلت الأسعار والدخل محدود والحكومة لم تراع محدودى الدخل. فقد كنا نعتقد أن بعد الثورة وانتخاب رئيس ستستقر الأمور, ولكن اكتشفنا خلال شهور من حكم الرئيس محمد مرسى ارتفاع ملحوظ فى الأسعار لم تراع الفقراء. ولم تسلم الأسماك من الزيادة؛ فقد ارتفع سعر السمك البورى فى سوق باكوس من 22 إلى 25 جنيها حسب الحجم, والسمك البلطى من 10 جنيهات إلى 15 جنيها، والكابوريا من 15 إلى 35 جنيها للكيلو حسب الحجم, والجمبرى من 12 إلى 50 جنيها للكيلو حسب الحجم, والسبيط القطع 17 جنيها للكيلو, وسمك السردين من 8 إلى 15 جنيها حسب الحجم. أما اللحوم الحمراء فقد أصبحت خارج حسابات المواطنين؛ إذ ارتفع سعر الكيلو من 60 إلى 80 جنيها فى بعض المناطق, بينما توجد فى الأسواق الشعبية بسعر من 50 إلى 60 جنيها للكيلو. وبازدياد أسعار المحروقات ارتفعت معظم الأسعار؛ فمختلف الصناعات فى مصر تعتمد بشكل أساسى على إنتاجها من المحروقات (سولار وبنزين وغاز) فالزيادة المرتفعة فى الأسعار البترولية تنعكس مباشرة على أسعار المنتجات الغذائية، وأسوأ ما فى الأمر عدم توفر العملة الصعبة للاستيراد، ما أدى إلى ارتفاع الدولار ليصل إلى أسعار قياسية منذ عشر سنوات، فقد وصل سعره فى البنوك إلى 685 قرشا مقابل الجنيه الواحد، بينما تخطى سعره فى السوق السوداء 8 جنيهات، وهو ما يعبر عن أزمة حقيقية لا يمكن تغافلها مهما كانت المعطيات. وكانت قد بدأت الأزمات بالخبز بين أصحاب المخابز ووزارة التموين التى عملت على منظومة جديدة للخبز من خلال تحرير الدقيق؛ إذ يحصل صاحب المخبز على الدقيق بالسعر الحر ثم تشتريه الحكومة منه ب32 قرشا وتبيعه للمواطنين بالسعر المدعم 5 قروشا. ولكن اعترض أصحاب المخابز على تكلفة جوال الدقيق 80 جنيه، وطالبو برفعها إلى 120 جنيه، كما طالبوا بصرف حافز السولار والإنتاج المتأخر منذ 6 شهور. فتظاهروا ووقفوا وقفات احتجاجية، ولكن لم تستجب لهم، فلم يجدوا سوى الصمت. وعلى الجانب الآخر أكدت الوزارة أن منظومة الخبز الجديدة توفر على الدولة 11 مليار جنيه سنويا، كان يتم إهدارها من خلال تهريب الدقيق للسوق السوداء، كما أن هذه المنظومة تم تطبيقها فى كافة المحافظات. وجاءت أزمة السولار التى جعلت شوارع مصر مزدحمة بالسيارات؛ فيظل السائق يبحث بالساعات عن السولار فى المحطات وينتظر دوره الذى قد يصل إلى ساعات لكى يحصل عليه. واشتد الزحام فى المحافظات نتيجة أزمة السولار، ما جعل السائقين يرفعون أجرة المواصلات، والمواطن الذى يدفع ضريبة عجز الحكومة فى توفير السولار الذى يعتبر من الأساسيات فى الدولة. واختتمت الأزمات بالبوتاجاز فصدر صباح أول أبريل قرار وزارى مفاجئ رقم 1256 لسنة 2013 الخاص برفع أسعار أسطوانات البوتاجاز إلى 8 جنيهات للمنزلية و16 جنيها للتجارية، فتصاعدت أزمة أنبوبة البوتاجاز، وهو ما أثار غضب أصحاب المستودعات الذين أغلقوا مصانع تعبئة الغاز فى مسطرد والقطامية اعتراضا على رفع سعر الأنبوبة. كما اعترض شباب الخريجين بالبوتاجاز على رفع سعر الأسطوانة وعدم تحديد هامش الربح؛ إذ إنهم كانوا يحصلون على الأنبوبة ب2.5 جنيه ويبيعونها للمواطنين ب5 جنيهات، أما الآن فيحصلون على الأنبوبة ب6 جنيهات ويبيعونها ب8 جنيهات. وعلقت وزارة التموين أن سعر الأسطوانة كان يصل إلى 230 قرشا، ويتم بيعها ب5 جنيهات، ويحقق الموزعون هامش ربح يصل إلى 270 قرشا، وهو هامش الربح نفسه تقريبا الذى سيحققونه بعد القرار، كما وعدتهم بحل مشكلتهم من خلال التواصل مع المحافظين ومديرى مديريات التموين لرفع هامش الربح جنيها فوق الجنيهين. وبعد أن توقف أصحاب المستودعات وشباب الخريجين مدة يومين ونظموا وقفات احتجاجية ومظاهرات عادوا مرة أخرى إلى عملهم. وهذا ما يحدث مع وزارة التموين تصدر قررات فيهيج المواطنون المتضررون من هذه القرارات لأيام، ثم يهدأون وكأن شيئا لم يحدث، ويكون المواطن هو الخاسر الذى يدفع الفاتورة. وتعرفت جريدة «الشعب» آراء الخبراء الاقتصاديين فى ازدياد أزمات التموين خلال الآونة الأخيرة، فقال رشاد عبده، الخبير الاقتصادى؛ إن مايحدث من أزمات التموين مجرد بداية لحكومة ضعيفة لا تقدم حلولا، وليس بها خبرات؛ فمن الأفضل لها أن تستورد من الخارج. كما أن لديها عجزا فى الموازنة العامة فتعمل على رفع الأسعار والضرائب لسد عجزها، ما يمثل ضغطا على المواطن المصرى. وأوضح أن من شروط صندوق النقد الدولى خفض قيمة العملة، وهو ما يحدث حاليا، فلم تعلم الدولة أننا نستورد أكثر من 65% من السلع الغذائية، أى يعمل على رفع المخصصات المالية اللازمة لاستيراد السلع مما يعمل على رفع أسعار هذه السلع فى السوق المصرية ويبقى المواطن المصرى الذى يدفع فاتورة العجز المالى. وأضاف أن الشرط الثانى رفع سعر الطاقة على المصانع، ما يجعل صاحب المصنع يتنازل عن العمال فيزيد البطالة، فتكون النتيجة هى الضغط على المواطن المصرى. وقال د. حمدى عبد العظيم، خبير اقتصادى؛ إن أزمات التموين نتيجة منظقية للنقص فى العملة الأجنبية المطلوبة لاستيراد المواد الغذائية، كما أن احتياطى البنك المركزى قل، والبنوك ترفض فتح اعتمادات جديدة للعملات الأجنبية فيضطر البعض إل اللجوء إلى السوق السوداء. وأشار إلى نقص الكميات الموجودة بالسوق نتيجة النقص فى العملات الأجنبية فترتفع تكلفة الاستيراد. مضيفا: إن تلاعب البعض فى أسعار السلع الغذائية وتهريب السولار لبيعه فى السوق السوداء، كل هذا يعمل على اشتداد أزمات التموين. وأضاف: إن تخزين المواطنين للوقود والسولار بالمنازل خوفا من نقص الكميات أو ارتفاع الأسعار يعمل على زيادة المشكلة وأزمة السولار. وأوضح أن الحل يكمن فى تشديد الرقابة على الأسواق وتوفير العملات الأجنبية من خلال فتح اعتمادات جديدة للعملات الأجنبية مضيفا اتفاق وزارة المالية مع البنك المركزى على توفير الماليات للسلع الأساسية عن الكماليات