سيكثر الحديث في الأيام القادمة عن إنجازات الطاغية المستبد الديكتاتور حسني مبارك في وسائل الإعلام المصرية المعزولة تماما عن الشارع المصري ..لأنها لا تعبر إلا عن السلطة الحاكمة .. ولا يعنيها ما يكابده الإنسان المصري في حياته اليومية من مصاعب وأهوال .. فهي لا تحظى بأي مصداقية .. ولا يعتمد عليها المواطنون في معرفة الأخبار أو المعلومات .. ويلجئون دائما إلى المحطات الأخرى يلتمسون منها الحقيقة والخبر المحايد .. بعيدا عن الزيف والنفاق الذي يهيمن على الإعلام المصري مقروءا أو مرئيا أو مسموعا .. وسيتكرر هذا الإفك والبهتان فور الإعلان المنتظر بفارغ الصبر عن وفاة هذا المجرم العتيد الذي ملآ الدنيا ظلما وجورا .. وبقدر ما سيفرح الناس ويطلقون الزغاريد والأهازيج ويذبحون الذبائح فرحا وابتهاجا لهذا الخبر السعيد .. سأكون حزينا مغتاظا .. لماذا ؟ ! .. لأني كنت أريد أن أراه يحاكم على جرائمه الشنيعة في حياته قبل هلاكه .. وأن يحاكمه الشعب في الدنيا قبل أن ينال عقابه في الآخرة .. ولعل الله سبحانه وتعالى وهو الحكم العدل أراد أن يختص هو بعقابه وعذابه لحكمة تخفى علينا .. لذا .. فمحاولة حصر إنجازات مبارك الهالك في هذه العجالة أمر عسير.. لأنها إنجازات شيطانية عديدة ومتنوعة .. تمتد آثارها التخريبية إلى كل المجالات .. ولكني سأحاول الإشارة إلى رؤوس المواضيع أو النقاط الإجمالية دون الدخول في أي تفاصيل .. فذلك يحتاج إلى مجلدات .. والعنوان الرئيسي لكل هذه الإنجازات التي خنقت مصر وأطبقت على صدرها وحولتها إلى جثة هامدة طوال ربع قرن من الزمان هو إهدار حقوق الإنسان والوصول بالبلاد إلى حافة الهاوية.. والهبوط بمستواها إلى الصفر وما تحت الصفر .. ومعذرة إذا لم تسعفني الذاكرة .. فكثرة المآسي تنسي بعضها بعضا 1 ولعل أبرز إنجاز في عهد مبارك هو استمرار حالة الطواريء منذ بداية حكمه حتى الآن .. وهي حالة كئيبة .. حولت البلاد إلى ثكنة عسكرية يحكمها الرعب والخوف والهواجس والقهر والبطش .. وإطلاق العنان بلا حدود لعناصر الشرطة والأمن المركزي وأمن الدولة يعيثون في الأرض فسادا .. ويعبثون بحرية الناس وأمنهم كما يحلو لهم دون رقيب أو محاسب .. مما حول المجتمع المصري إلى مجتمع سلبي ينأى بنفسه عن المشاركة في أي أنشطة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية .. خوفا من إغضاب السادة الحكام أو أعوانهم فينالهم المكروه أو الأذى 2 وفي غيبة القانون .. يعتقل الشباب والرجال والنساء والشيوخ والأطفال دون تهم أو حتى تحقيق .. ولا نعلم العدد الحقيقي للمعتقلين داخل السجون المصرية .. والكثير منهم لا يعرف أحد مكانهم 3 وانتشرت المحاكم العسكرية للمدنيين .. حتى يتم حرمانهم من الدفاع عن أنفسهم أمام قاضيهم الطبيعي .. ويسهل تلفيق التهم .. والزج بأفضل الكفاءات في غياهب السجون 4 التعذيب الوحشي داخل السجون .. واستخدام أقذر الأساليب وأكثرها انحطاطا لانتزاع الاعترافات وإذلال المواطنين .. وقتل العديد من السجناء والمعتقلين لعدم تحملهم قسوة وبشاعة هذا التعذيب والإجرام .. وتعمد نشر ذلك عبر وسائل الإعلام والصحف لإشاعة الذعر وإرهاب الناس .. لدرجة أن المعتقلين في جوانتانامو يرتعدون حين يهددونهم بنقلهم إلى السجون المصرية .. من هول ما يعرفونه عما يجري فيها 5 غياب السلطة التشريعية .. وفرض قوانين مقيدة للحريات تصب في صالح الحكام المستبدين .. وإضفاء حصانة زائفة على الوزراء والنواب تمنع محاسبة أو محاكمة أي مسئول مهما ارتكب من جرائم 6 إهدار أحكام القضاء .. وسيادة البلطجة والفوضى .. والمثل الصارخ لذلك هو الأحكام الأربعة عشرة التي صدرت لصالح جريدة الشعب .. وامتناع الحكومة عن التنفيذ 7 تزوير جميع الانتخابات والاستفتاءات .. ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم .. حتى صارت جميع المجالس النيابية شبه معينة .. مما أفرز نواب المخدرات ونواب القروض والتهرب من الخدمة العسكرية ونواب الفضائح الجنسية وبيوت الدعارة والمتغيبين عن الجلسات والمستغرقين في النوم أثناء الجلسات 8 تجريف الحياة السياسية .. وتقليص دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني .. وحجب كل المخلصين من المفكرين والساسة والمبدعين وأصحاب الرأي وأهل الخبرة عن الحياة العامة .. وإبراز المنافقين والمطبلين والمزمرين والمسبحين بحمد الحكام 9 فرض الحراسة على النقابات المهنية وتعطيل الانتخابات فيها .. والسيطرة على النقابات العمالية 10 القضاء على الاتحادات الطلابية .. وقتل الوعي والفكر في الوسط الجامعي وفصل الطلاب وحبسهم ومنعهم من دخول الامتحانات والقضاء على مستقبلهم 11 غلق المصانع 12 بيع القطاع العام بأبخس الأثمان 13 تسريح العمال وإجبارهم على المعاش المبكر 14 تخريب الزراعة المصرية العريقة .. وتبوير ما يقرب من مليوني فدان كانت تزرع أجود المحاصيل .. وضرب زراعة القطن والمحاصيل الرئيسية التي كانت تتمتع بسمعة عالمية طيبة .. و المناحل لم تسلم من هذا التخريب .. حتى أصبحنا نستورد جل غذاءنا من أعداءنا بدءا من القمح وانتهاء بالفجل والثوم 15 قتل مئات الألوف وإصابة الملايين من أبناء الشعب المصري بالأمراض الفتاكة مثل السرطان والالتهاب الكبدي والفشل الكلوي .. وغير ذلك .. بسبب استخدام المبيدات والمواد الكيماوية المسببة للسرطان والتي قام باستيرادها الوزير السابق يوسف والي .. ومع ذلك لم يقدم للمحاكمة حتى الآن رغم إدانة القضاء له وحبس أعوانه من موظفي وزارة الزراعة في قضية الفساد الكبرى 16 إفساد التعليم .. والتخبط المستمر في السياسة التعليمية .. وانتشار الدروس الخصوصية في كل مراحل التعليم 17 حرمان المواطن من أدنى الحقوق الصحية .. وتلويث ماء الشرب .. وتسميم البيئة بترك القمامة في الشوارع وسحب الدخان الكثيفة وارتفاع أسعار الدواء وتكاليف العلاج وإدخال الأغذية الفاسدة إلى البلاد دون رقابة أو إجراءات حماية 18 إعلام هابط ينسم بالإسفاف والنفاق والتفاهة 19 عشرة ملايين شاب عاطلون عن العمل يشكلون قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار في أي لحظة مما أدى إلى انتشار الجريمة والرذيلة والمخدرات بشكل لم يسبق له مثيل 20 عشرة ملايين فتاة عانس يكاد يفتك بهن الكبت والحرمان والقهر والإرهاق واليأس والانحراف 21 غلاء الأسعار المتواصل والذي جعل الغالبية العظمى من المصريين تلهث باستمرار وراء لقمة العيش 22 التخلي عن البعد العربي والإسلامي .. وعزل مصر عن القضايا القومية .. وتحجيم دورها .. والنزول بمكانتها إلى أدنى المستويات على مر تاريخها.. بحيث لم تعد قادرة على ممارسة دورها القيادي والريادي .. لأن حكامها أسلموا زمامهم إلى أعداءها .. فباتوا مطية يمتطونها ليصلوا إلى أطماعهم بسهولة 23 التفريط في أمن مصر القومي بترك عصابات الكيان الصهيوني تعربد على الحدود المصرية .. وتقتل الجنود والمواطنين المصريين دون رد فعل فضلا عن العدوان اليومي الهمجي على أهلنا في فلسطين 24 التآمر على إسكات المقاومة الفلسطينية والعراقية .. ووصف المقاومين الذين يدافعون عن أوطانهم وأمتهم بأنهم إرهابيون وقبل أن أنهي مقالي ..أعترف أني عجزت عن حصر هذه الإنجازات .. ولم أذكر إلا القليل منها .. ولكن عزائي أن المصريين جميعا يعانون قسوتها .. ويعزمون على التخلص منها بإنهاء هذا الحكم في أسرع وقت ممكن.