أولاً: دولياً، من المهم أن تنتبه قوى المقاومة العربية إلى صعود نجم روسيا والصين في الساحة الدولية، وإعادة تأكيد نفوذهما ودورهما فيها، ناهيك عن التحالف الذي يعقدانه في إطار منظمة شانغهاي للتعاون، وأهمية هذا التحالف في إعادة شيء من التوازن للعالم الذي بقي أحادي القطبية أكثر مما يجب بعد انهيار دول المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي السابق. ولننتبه هنا بالأخص لموقف روسيا المتميز من الاعتراف بقوى المقاومة في فلسطين والدعم الذي تقدمه لسوريا على سبيل المثال. فليس من الحكمة أن نثير صراعات جانبية مع روسيا والصين عندما يلعبان دوراً رئيسياً في تعديل ميزان القوى ضد الطرف الأمريكي-الصهيوني إقليمياً وعالمياً. وعلينا أن نحسب خطواتنا جيداً في هذا المجال من وجهة نظر مصلحة الأمة العربية أولاً وأخيراً، ومنها عدم وجود مصلحة للأمة العربية في تفكيك القوى الدولية المنافسة للولايات المتحدة بذريعة الدفاع عن "الأقليات"! ولا شك بأن عودة روسيا والصين إلى الحلبة الدولية ستصاحبها محاولة الولاياتالمتحدة العودة للعب "بالورقة الإسلامية"، كما وصفها كسينجر من قبل، لتطويق وتفكيك روسيا والصين، أي كما فعلت الولاياتالمتحدة بيوغوسلافيا التي كان الرئيس الشهيد صدام حسين من العرب القلائل الذين تحلوا ببعد النظر الكافي للوقوف علناً ضد قصفها وتفكيكها.
وثانياً: تبقى المقاومة العربية، بالرغم من التناقضات بين فصائلها وشخصياتها أحياناً، مقاومة متكاملة الأهداف من وجهة نظر مصلحة الأمة، وعشية ذكرى انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني، من المستغرب أن يظهر هذا العدد من المقالات المشككة بذلك النصر، والزاعمة أنه هزيمة... العدو الصهيوني نفسه أقال رئيس الأركان دان حالوتس، وتخلص من وزير الدفاع عمير بيريتس، ولم يمدد لقائد البحرية الأميرال ديفيد بعشات بعد 37 عاماً من الخدمة، بسبب مسؤوليتهم كقيادة عسكرية عن الفشل في حرب لبنان في صيف عام 2006، فعندما يقول العدو ذلك علناً، هل يعود هناك شك بعدها لمصلحة من مال ميزان المعركة؟! ولكن إفراغ النصر من مضمونه، وتحويله إلى هزيمة، أو تحويل الهزيمة الفعلية إلى نصر شكلي، يشكل بحد ذاته جزءً من الصراع السياسي. ولذلك لم يكن من المفاجئ أيضاً أن تقوم قوى 14 آذار بتصوير نصر مرشح التيار الوطني الحر في الانتخابات الفرعية بالمتن الأعلى على أمين الجميل كهزيمة!! لماذا؟ لأن الأرثوذكس والأرمن رجحوا الكفة لمصلحة التيار الوطني الحر؟ ولكن ألا يثبت هذا أن التيار الوطني الحر أكثر تمثيلاً للمسيحيين في لبنان؟ إذن ماذا يبقى لسمير جعجع وأمين الجميل؟!
وثالثاً: يوافق يوم 27/8 الذكرى السادسة لاستشهاد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى الذي اغتاله العدو الصهيوني في 27/8/2001 بمروحية أباتشي أمريكية بعد عامٍ من انتخابه أميناً عاماً في المؤتمر الوطني السادس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تموز / يوليو عام 2000.
المهم، انضم الرفيق أبو علي مصطفى في ذلك اليوم من أيام انتفاضة الأقصى إلى قافلة القادة الفلسطينيين الشهداء، وكان بذلك أول قيادات الصف الأول الذين يستشهدون في الانتفاضة الثانية. وكان أبو علي مصطفى قد عاد إلى الضفة الغربية عام 1999 بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، بعد الحصول عبرها على عدم ممانعة صهيونية، إن كان يتعظ أولو الألباب يا أبو النوف...
ورابعاً: ما زال الطرف الأمريكي-الصهيوني لا يعي كيف تتحول ذكرى القادة الشهداء في فلسطين (وغيرها) إلى طاقة ثورية لا ينضب معينها، من عز الدين القسام إلى أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي إلى فتحي الشقاقي إلى شهداء شرفاء فتح منذ كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار إلى عشرات قيادات الصف الأول في فصائل المقاومة الفلسطينية من سياسيين وعسكريين ومثقفين (كغسان كنفاني). والمعذرة كل المعذرة من عشرات القادة الشهداء الذين لا يتسع المقام هنا لذكرهم، ففي حالة المقاومة الفلسطينية بالذات، ليس هناك أتفه من الدعاية الانهزامية التي تسعى لإحباط الناس بالتقول أن القادة يرسلون أولاد الناس ليموتوا بالنيابة عنهم، فهذا القول لا ينطبق على القابضين على جمر المبادئ من القادة، ولو انطبق على غيرهم، ويكفي أبو علي مصطفى شرفاً أن تديم ذكرَه الكتائبُ التي تحمل اسمه كلما أبدعت المزيد من أعمال المقاومة، خاصة إذا كانت من النوع الاستشهادي، ولا بأس من المزيد من العمليات الشهية كتلك التي قضى فيها الخنزير رحبعام زئيفي.
وخامساً: من وجهة نظر مصلحة الأمة العربية، بات الحفاظ على وحدة العراق شرطاً للحفاظ على وحدة المشرق العربي، ولا يسع المرء هنا إلا أن يلاحظ بأن الانسحاب التدريجي للقوات البريطانية من جنوب العراق يشبه الانسحاب التدريجي للقوات البريطانية من فلسطين عام 1948 لمصلحة القوات الصهيونية، سوى أن المستفيد هنا هو النفوذ الإيراني في العراق.
وسادساً: يبدو أن الحكام العرب اكتشفوا بأن أفضل طريقة لتلهية الشعب بما يبعده عن حقيقة احتكارهم للثروة والسلطة في المجتمع هي إشغاله بانتخابات لمجالس نيابية أو غير نيابية ليس لها فعلياً أية صلاحيات أو قدرة على اتخاذ أي قرار مصيري. وسابعاً: ماذا يفعل ابن القذافي بالضبط؟ وما هو مشروعه؟ أم أنه يغني على ليلاه فحسب؟ بجميع الأحوال، كما يحب أن يقول الليبيون: الله غالب!
بذكرى استشهاد أبو علي مصطفى: لماذا تقترب الجبهة الشعبية من التيار الليكودي في الساحة الفلسطينية؟ د. إبراهيم علوش
اليوم، عشية الذكرى السادسة لاستشهاد القائد أبو علي مصطفى في 27/8/2007، نجد أن الجبهة الشعبية باتت تنجر تدريجياً في الصراع الدائر بين الشريحة الأمنية والسياسية الفلسطينية المرتبطة بالطرف الأمريكي-الصهيوني من جهة، وقوى المقاومة من جهة أخرى، إلى صف محمود عباس والسلطة، خاصة منذ إطلاق سراح نائب الأمين العام عبد الرحيم ملوح... وهو التوجه الذي لا ينسجم مع روح الجبهة الشعبية وتاريخها، ولو كان يعبر عن تيار أقلوي في صفوف قياداتها، لأن جبهة محمود عباس في الساحة الفلسطينية اليوم هي جبهة متحالفة علناً مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، وبالتالي فهي ليست أبداً مكاناً مناسباً لمن يحبون فلسطين، سواء أحبوا حماس أو كرهوها.
وحتى لا تبدأ الاتهامات المألوفة بممارسة التخوين والمزايدة وإلى ما هنالك، لا بد من دراسة التحولات التدريجية التي طرأت على موقف "الشعبية" باتجاه الاصطفاف العلني مع سلطة عباس، منذ سيطرة حماس على غزة، من خلال البيانات الرسمية للجبهة الشعبية، ومن خلال تصريحات قياداتها، كما جاءت على موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على النت، وليس من خلال ما يقوله أي طرف خارجي عن الجبهة، سواء كان حزباً أو كاتب مقالة.
ويلاحظ من خلال تمحيص تلك البيانات والتصريحات أن المواقف المتضمنة فيها كانت تنحدر باتجاه الشريحة الفلسطينية المتحالفة علناً مع الطرف الأمريكي-الصهيوني أولاً مع مضي الزمن، وثانياً، حسب هوية المتحدث.
فعبد الرحيم ملوح هو الأوضح ضمن "الشعبية" في التعبير عن نهج التسوية في الساحة الفلسطينية، وفي تبني موقف عباس، وفي الاشتراط على حماس أن تتخلى عن مقرات السلطة والأجهزة الأمنية في غزة كشرط للحوار، وهو شرط سلطة عباس أصلاً الذي يصر أن لا حوار بدون ذلك الشرط (لا شروط عند عباس على الحوار مع العدو الصهيوني طبعاً!). ويلي عبد الرحيم ملوح في هذا التشدد جميل مجدلاوي، ولكن التصريحات الصادرة عن ماهر الطاهر في دمشق كانت أكثر توازناً، ولكن ليس أكثر توازناً من تصريحات الأمين العام الأسير أحمد السعدات الذي لم يفرج عنه مثل ملوح، أو يسمح له بالتحرك بحرية في الضفة مثل أبو النوف...
كما أن البيانات الرسمية للجبهة انتقلت مع الزمن، خاصة منذ الإفراج عن ملوح، من التأكيد على الحوار بين فتح وحماس وحل الخلاف ودياً إلى تبني فكرة فرض الشروط على حماس كشرط للحوار، وهو عملياً تسليم غير مشروط من حماس للسلطة مقابل... حوار، على طريقة تعامل العدو الصهيوني مع السلطة الفلسطينية يعني!!. وفيما يلي تلخيص سريع لتغير مواقف الجبهة الشعبية من معوم و"حيادي"، إلى مناصر لعباس، بين شهري أيار/ مايو وآب / أغسطس 2007، حرفياً كما جاءت على موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على الإنترنت:
- غازي الصوراني في المؤتمر الشعبي في غزة في 24/5/2007: التأكيد على الحوار الديموقراطي والوحدة الوطنية و"التطبيق الحازم للقانون العادل الذي يضمن بصورة لا تقبل المساومة محاسبة كل مظاهر الفساد والمحسوبيات وأدوات الفلتان ورموز الاقتتال في كلا الطرفين سواء في بعض الأجهزة الأمنية أو في بعض التشكيلات العسكرية الأخرى" (لاحظ كيف تحول هذا الموقف الحريص على التوازن فيما بعد).
- بيان لناطق باسم "الشعبية" في 13/6/2007: الدعوة للاعتصام لوقف الاقتتال، والمطالبة بحوار عاجل بين هنية وعباس، وبناء إستراتيجية سياسية وقيادة وطنية موحدة.
- أحمد السعدات من سحن هدرين يوم 17/6/2007: دعوة لقيادة موحدة وحوار وطني بعيداً عن الأجندات الخارجية و"الرؤيا الإسرائيلية الأمريكية لتصفية الموضوع الفلسطيني وتقزيم مضمون ثوابته الوطنية"، وإدانة للحسم العسكري في غزة ولإعلان حالة الطوارئ في الضفة.
- ماهر الطاهر من دمشق في 23/6/2007: رفض استبعاد حماس من الحوار الفلسطيني، ودعوة لقيادة وطنية مؤقتة من الأمناء العامين للفصائل، وإلى "إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بحيث لا يتم بناؤها على أسس حزبية وفئوية، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحسم العسكري الذي شهدته قطاع عزة".
- الإفراج عن عبد الرحيم ملوح و255 أسيراً من فتح واليسار في 21/7/2007.
- أبو أحمد فؤاد في لبنان في 3/8/2007: "نؤكد مجدداً أن نقطة البداية والانطلاق لأية معالجات وطنية ناجعة وناجحة يجب أن تنطلق في الأساس من تراجع حركة حماس عن سيطرتها على قطاع غزة، وكذلك تراجع حركة فتح والرئاسة عن إجراءاتها". (لاحظ التحول هنا بإعطاء أولوية لتراجع حماس).
- عبد الرحيم ملوح 12/8/2007: " ما أقدمت عليه قيادة حماس من حسم عسكري مدان ومرفوض ومطلوب التراجع عنه سياسياً وعملياً... قيادة حماس وجهت ضربة مؤلمة للكيان الفلسطيني الواحد" (بالانسجام مع المشروع الصهيوني حسب رأيه، وكأن فلسطين هي الضفة وغزة فحسب).
- جميل مزهر 14/8/2007 يهاجم "اعتداء القوة التنفيذية على الحريات في غزة". الشعبية تشارك في اعتصام الفصائل ضد حماس.
- جميل مجدلاوي 15/8/2007: "على حركة حماس التراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته في غزة لتوفير المناخ الإيجابي للحوار".
- ناطق باسم الجبهة في حفل تأبين منصور ثابت في مخيم النصيرات، كما جاء على موقع الجبهة في 18/8/2007: "دعا حركة حماس إلى التوقف عن الممارسات الخاطئة التي تقوم بها في قطاع غزة وإلى التراجع عن نتائج الحسم العسكري كمقدمة لإجراء عملية حوار وطني شامل بهدف الخروج من المأزق الراهن، استناداً إلى وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة". (لاحظ تعبير "كمقدمة").
ملاحظات عابرة على مؤتمر دولي عابر
د. إبراهيم علوش
يتعامل صناع القرار الأمريكيون مع الأحداث من منظور إعلامي ومنظور علاقات عامة أكثر مما يفعل صناع القرار في أية دولة أخرى. فالمهم عندهم في الحدث السياسي هو "كيف يبدو"، وليس "كيف هو"، وبالتالي فإن الأولوية الأولى في تعاطيهم الآني مع أي حدث هي احتواء انعكاساته السلبية عليهم و"تغيير الانطباعات" حوله من خلال إستراتيجية إعلامية مدروسة توظفه لمصلحتهم بقدر الإمكان. وبشكل عام، فإن منهج "إدارة الأزمة"، بدلاً من التعاطي مع جذورها وحلها، يرتبط أساساً بمدرسة "التسويق" (مقابل مدرسة "الإنتاج") في العمل السياسي. إن طريقة تعاطي إدارة الرئيس بوش مع أزمتها المركزية في العراق، أس أزمتها الأمريكية الداخلية والعالمية و"الشرق أوسطية" وجوهرها الأساسي، تنبع من منطق "إدارة الأزمة" وحرص الإدارة الأمريكية على صورتها وهيبتها والحاجة لاحتواء الأذى اللاحق بهما أولاً. ومن هنا جاء الهروب نحو المؤتمر الدولي جزئياً بغرض تلميع إدارة بوش عالمياً وإقليمياً وأمريكياً. ولا بد من الانتباه جيداً أن توقيت المؤتمر الدولي بين "المعتدلين العرب" و"إسرائيل" في الأسبوع الثالث من شهر أيلول/ سبتمبر جاء محسوباً ليترافق مع مناسبتين مهمتين في نفس الفترة: 1) انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وضرورة إبراز بوش عالمياً كصانع سلام، ودعوة دول العالم المجتمعة لتقديم الدعم له في جهوده لإقامة السلام في "الشرق الأوسط"، 2) تقرير الجنرال الأمريكي بتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق للكونغرس الأمريكي حول "إنجازات" خطة زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، وما سيسببه من إحراج داخلي للإدارة الأمريكية! وهذا غير حاجة الإدارة الأمريكية لتسويق نفسها عربياً وإسلامياً بعد جرائمها في العراق وأفغانستان، لأن هذا ما يجري بالضبط: تسويق الإدارة الأمريكية لعامة العرب والمسلمين من خلال مؤتمر سلام دولي.
الحمد لله أني لست مع أي شكل من أشكال التسوية أو التعايش أو التفاهم مع اليهود في فلسطين، وليس فقط دولة "إسرائيل"، ولكن الأنظمة العربية و"المعتدلين العرب" المندفعين باتجاه تقديم الغطاء السياسي لجهود إدارة بوش في "إدارة الأزمة" إما أنهم لا يدركون وإما أنهم لا يريدون أن يدركوا أية رافعة سياسية عملاقة يمسكون بها... بل هم في موقع أقوى الآن من أي وقت منذ سقوط الاتحاد السوفياتي لفرض تنازلات على الإدارة الأمريكية لأن المؤتمر الدولي لا يعني شيئاً بدون مشاركتهم. وبدلاً من مؤتمر بلا جدول أعمال ولا موعد ولا مكان لقاء معروف حتى الآن، مؤتمر يستثني المسار السوري بالذات، ويحاصر قوى المقاومة، ويتبنى "اتفاق مبادئ" فلسطيني-"إسرائيلي" أخر يتيح للطرف الأمريكي-الصهيوني تضييع الوقت لفرض الوقائع على الأرض وفرض إستراتيجية "التطبيع قبل السلام"، ومؤتمر صمم خصيصاً لتحسين نسب التأييد الداخلي لحكام واشنطن وتل أبيب بعد تدنيها بشدة حسب استطلاعات الرأي، وبدلاً من تحالف سياسي-عسكري يسقطهم أكثر في الشارع العربي وأمام التاريخ، وبدلاً من أن يصبحوا مجرد سوقٍ للسلاح المكدس والقواعد الأمريكية والنفوذ الخارجي، كان يمكن أن يحصلوا على ما ينقذ ماء وجوههم على الأقل، ولو لم يصل إلى الحد الأدنى من حقوق الأمة التي لا يمكن نيلها عبر المؤتمرات الدولية!
"خطة الطريق" كانت - ولنركز على كانت – مشروع "اتفاق مبادئ" أخر استغله الطرف الأمريكي-الصهيوني لكسب الوقت وفرض الوقائع على الأرض، وقد نفذ مفعول تلك الخطة كأداة للترويج للأوهام عربياً وفلسطينياً عندما أقدم شارون على خطوة "الانسحاب الأحادي" من غزة. إبان ذلك، عمل الطرف الأمريكي-الصهيوني بجد واجتهاد على "تغيير الأنظمة" في الوطن العربي، وإعادة تشكيل البيئة الإستراتيجية للمنطقة باتجاه تفكيك الدول المركزية في الوطن العربي وإحلال مشاريع "الإصلاح" محلها. فالحقيقة تبقى أن الأنظمة العربية – وكل الأمة - مدينة ببقائها للمقاومة العراقية أولاً، ثم للمقاومة اللبنانية، ثم للمقاومة الفلسطينية. ولولا تلك المقاومة، لعقد فوق أنقاض الأنظمة العربية، بدلاً من المؤتمر الدولي في أيلول، مؤتمر فسيفساء "الدويلات الشرق أوسطية" بعضوية تتراوح ما بين خمسين إلى مئة دولة أقليات مختلفة، برئاسة شخص اسمه كوهين بن شالوم السفرديمي مثلاً!