تعتزم الإدارة الأمريكية تدشين برنامج لمراقبة آلاف العاملين بحقل الإغاثة في جميع المنظمات الخيرية الأجنبية التي تتلقى معونات من الولاياتالمتحدة، خشية أن يكون منهم أحد على صلة بالإرهاب، وهو البرنامج الذي قوبل بانتقادات لاذعة من قبل هذه المنظمات. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها الصادر الخميس 23-8-2007 عن مذكرة حكومية فيدرالية قولها: إنه "سيتعين على منظمات الإغاثة الأجنبية التي تتلقى تمويلا من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس آيد) أن تقدم معلومات مفصلة عن موظفيها". وأوضحت المذكرة أن هذه المعلومات ستشمل الاسم، والعنوان، ومحل الميلاد، والجنسية، وأرقام جوازات السفر وبطاقات الهوية والتأمينات الاجتماعية، ونوع الجنس، والوظيفة، وغيرها من المعلومات الوظيفية الأخرى. وسيدخل هذا البرنامج المقترح ومسماه ""نظام مراقبة الشريك" حيز التنفيذ يوم 27 أغسطس الجاري، وسيطالب المنظمات الخيرية أيضا بتسليمه أرقام تليفونات وفاكسات العاملين لديها بالإضافة إلى عنوانيهم الإلكترونية، وقالت المذكرة الحكومية إن هذه المعلومات ستستخدم للتأكد من أن هؤلاء الأشخاص ليسوا على صلة بالمنظمات الإرهابية أو أفرادها، أو لا يشكلون خطرًا على الأمن القومي الأمريكي. وفي أول رد فعل على هذا البرنامج، وجه تحالف "إنتر أكشن" الذي يضم 165 منظمة خيرية أجنبية انتقادات لاذعة لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، وقال صمويل إيه. ورثنجتن رئيس التحالف إنه "لا يوجد أساس قانوني للبرنامج"، مشيرا إلى أنه سيمثل عبئًا كبيرًا على عاتق المنظمات غير الحكومية التي يعمل بها نحو 20 ألف موظف. ودعا الإدارة الأمريكية إلى التراجع عن برنامجها "المثير للجدل". كما انتقد "مجلس الصحة العالمي"، وهو تحالف دولي يضم العاملين المحترفين في مجال الرعاية الصحية العامة في أكثر من 100 دولة، البرنامج الأمريكي الجديد، وقال: "إن من شأنه فرض أعباء إدارية ثقيلة على المنظمات الخيرية فيما يتعلق بجمع المعلومات عن موظفيها وحفظ سجلاتهم". وعلى الصعيد الداخلي، أثار البرنامج تساؤلات من قبل الجماعات والمنظمات الأمريكية الخيرية، فقال مدير تنفيذي لمنظمة خيرية أمريكية غير حكومية كبرى رفض الإفصاح عن اسمه متسائلا في تصريحات لصحيفة "تايمز البريطانية الصادرة أمس الخميس: "لا نعرف من سيقوم بعملية المراقبة؟ وما هي المعايير المتبعة في ذلك؟ وهل سيكون بمقدورنا الرد على أية مزاعم أم لا؟". يذكر أن المنظمات الخيرية الأجنبية تعمل منذ فترة بالفعل على التحقق من هوية موظفيها لضمان أنهم لا يمتون بصلة للأفراد أو الجماعات الموضوعة على لائحة الإرهاب التي تعدها وزارة الخارجية الأمريكية سنويا. ومنذ هجمات 11 سبتمبر التي استهدفت الولاياتالمتحدة عام 2001، تضع السلطات الأمريكية المنظمات الخيرية الأجنبية، خاصة الإسلامية منها، تحت المجهر خشية أن تمرر المساعدات والتمويل الأمريكي إلى الإرهابيين. ووضعت واشنطن في وقت سابق من شهر أغسطس الجاري منظمة "الصلاح"، وهي واحدة من كبرى المنظمات الخيرية في قطاع غزة الفلسطيني، على قائمة الإرهاب، بدعوى أنها "داعم رئيسي لحركة حماس" التي تصنفها الولاياتالمتحدة كمنظمة "إرهابية".. وبموجب هذه الخطوة جمدت واشنطن حسابات المنظمة البنكية؛ الأمر الذي أثر بالسلب على أسر ما يزيد على 10 آلاف يتيم فلسطيني ترعاهم "الصلاح". كما أصدر مكتب "الإرهاب والاستخبارات المالية" التابع لوزارة المالية الأمريكية قرارًا بإغلاق 5 منظمات خيرية إسلامية كبرى، وصادر أصولها المالية التي تقدر بملايين الدولارات.