التمسك بهشام قنديل حالة مخيفة من عدم الإدراك السياسى الغرب هو السارق الحقيقى لأموالنا.. وينهب 1.6 تريليون دولار سنويا من إفريقيا 4 مليارات دولار هى كل ما أعاده الغرب من المال المسروق من عالم الجنوب! "وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ"
كتبت مقالا فى 20 يناير 2012 حول العلاقة المثلثة بين الإخوان المسلمين والعسكر والأمريكان، وقلت إن هذه المعادلة ستظل تحكم المعادلة السياسية فى المدى القصير، ومع الأسف فقد برهنت الأيام على صحة هذا التحليل. أقول مع الأسف لأنى كنت أتمنى أن ينجح الإخوان لأن هذا فى مصلحة مصر والإسلام، وكنت مستعدا ساعتها للاعتذار عن مواقفنا وتحليلاتنا. وجاء فى هذا المقال: وفى هذا المجال فقد ارتكب الإخوان أول خطأ بتأكيد موافقتهم على حكومة الجنزورى حتى 30 يونيو القادم، وليعلموا أنهم سيتحملون أوزارها المتوقعة بل المؤكدة، فهى إحدى حكومات العهد البائد، وأسوأ شىء أن يبدأ الإخوان حياتهم السياسية من موقع الأغلبية فى البرلمان فى ظل حكومة فاشلة (لاحظ أزمة الوقود المفتعلة حاليا كمثال)، وسيكون موقفا مثيرا للسخرية أن يقتصر دور الإخوان (وهم الأغلبية) على تقديم استجوابات للحكومة!! وهو أمر لن يقبله الشعب، وسيحمل الإخوان المسئولية، لأنه لم ينتخبهم من أجل تقديم استجوابات (فهذا عمل المعارضة!) ولكن من أجل اختيار حكومة تتولى إصلاح البلاد. ولا توجد أى قدسية لما يسمى الإعلان الدستورى، والشعب لن يقبل التعلل بهذا الإعلان الذى لم يعرض عليه. فالشعب يريد أن يرى الأمور تعود إلى مجراها الاعتيادى ولكن فى إطار إصلاح، لم يقم بالثورة إلا من أجله. وفى إطار اللعبة المثلثة فإن الإخوان حريصون على استرضاء أمريكا وطمأنة إسرائيل، وعملوا بنصيحة مصطفى الفقى عندما قال: إن حاكم مصر لا بد أن يأتى بموافقة أمريكا ورضاء أو عدم ممانعة إسرائيل. لذلك فهم حريصون منذ سنوات على حوار منفتح مع الأمريكيين، أصبح علنيا الآن وعلى أعلى مستوى، ودخلوا مع الأمريكان فى مرحلة التفاهمات المكتوبة: الالتزام بكامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل، الالتزام بحقوق المسيحيين والمرأة (لا ندرى بأى مفاهيم؟)، الابتعاد عن إيران. كان هذا ما يتسرب، ولكن أصبحت الأمور أكثر وضوحا وعلنية، إذ أعلن مسئولو حزب الحرية والعدالة (الإخوان) التزامهم بتصدير الغاز لإسرائيل مع تعديل السعر المجحف الحالى، والتزامهم باتفاقية الكويز. والطريف أن وسائل الإعلام المحسوبة على المجلس العسكرى تغمز من قناة الإخوان على هذه المواقف، فى حين أن هذه نقطة اتفاق جوهرية بين العسكر والإخوان، أى التعامل برفق مع الأمريكان والصهاينة. ويزعم العسكريون سرا أو بعضهم على الأقل أن هذا أمر تكتيكى، ولكن بمفهوم جديد لفكرة التكتيك، فصداقة إسرائيل وأمريكا بدأت منذ 30 سنة تكتيكية وربما تستمر 30 سنة أخرى تكتيكية أيضا، ولا ندرى ما هى الإستراتيجية إذن، ونحن نحذر الإخوان من الانسياق فى هذا المفهوم التكتيكى!! إن أصدقاء الإخوان بل وقواعد وأعضاء الإخوان ربما يقبلوا كل هذا الكلام والمقابلات على أساس أنها من قبيل المناورة حتى الاستلام الكامل للسلطة فى 30 يونيو. ويقع الإخوان فى خطأ فادح إذا ظلوا يتصورون أن أمريكا قوة عظمى لا يمكن تجنب بطشها وأنه لابد من أخذها باللين، ورغم أن هذا مرفوض فى كل الأحوال فإنه يصبح مرفوضا ومستهجنا أكثر وأمريكا والغرب فى حالة تراجع اقتصادى وإستراتيجى. ونحن لا ندعو إلى صدام فورى مع أمريكا أو إسرائيل، ولكننا نرفض السعى لمرضاتهما، وعلى الإسلاميين فى مصر وغيرها من البلاد العربية أن يدركوا أن هذا الانقلاب الأمريكى والغربى فى التعامل مع الإسلاميين ليس مفاجئا (كتبت عن حتمية ذلك فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى) بل كان حتميا لأن المد الإسلامى ظاهرة تاريخية لا مرد لها، ولا بد من الاعتراف بها والتعامل معها. بل لقد قاوموا ذلك بكل ما يملكون من قوة، فهزموا عسكريا فى العراق وأفغانستان ولبنان وغزة. وأيضا هزموا بالثورات العربية التى أسقطت أنظمتهم الاستبدادية العميلة، وكانت هى السد الأخير الذى يحول بينهم وبين الإسلاميين كحكام. فبعد سقوط هذه السدود الأخيرة لم يعد لديهم من خيار سوى تجرع السم أى التعامل مع الإسلاميين كحكام، ولا يعنى هذا أنهم سيقيمون علاقات معهم بحسن نية، ولكنهم سيسعون ما أمكنهم أن يحتووهم ويستأنسوهم، على أمل الاحتفاظ بنفس علاقات التبعية بأشكال اقتصادية وسياسية متنوعة. ولا مانع شرعا من التعامل معهم على قاعدة المصالح المتبادلة والمتوازنة والعلاقات الندية، وكذلك على أساس توقف اعتداءاتهم على العرب والمسلمين، وعلى أساس عدم تدخلهم فى شئوننا الداخلية. ويجب أن يدرك الإخوان وغيرهم من الإسلاميين فى مصر وغيرها أنه لا يجوز إدارة الصراع بصورة قطرية منفردة، فلا يجوز أن نترك أمريكا كما كان فى عهد المخلوع، تتعامل مع كل دولة عربية وإسلامية على حدة ويتفرج الآخرون حتى يأتى الدور على أحد منهم. فمصر لن تنطلق فى التنمية الاقتصادية إذا سقطت ليبيا فى براثن التبعية للغرب، وإذا استمر تمزيق السودان. إن الثورات العربية كانت فى الأصل استكمالا لانتصارات المقاومة المسلحة فى البلدان المحتلة، وأدت إلى أقصى إضعاف ممكن للولايات المتحدة فى المنطقة العربية، فلا يجوز بعد أن نطرد أعمدة العمالة فى مصر وليبيا وتونس واليمن أن يواصل الحكام الجدد نفس سياسة فتح النوافذ والأبواب للأمريكيين على الأسس السابقة نفسها. اطمئنان الأمريكيين بالنسبة لمصر يزداد مع الأيام، وهم مع هذا المزيج الجديد العسكرى - الإسلامى وهو مزيج اجبارى فى ظل الضعف الليبرالى، وهم يرون فى العسكريين أشخاصا مختبرين فى صداقة الولاياتالمتحدة والسلام مع إسرائيل وعدم الالتزام الإسلامى. ويرون فى الإسلاميين قوة مدنية قابلة للتطوير والتشكل وإن كان الأمر هنا لا يخلو من مغامرة، وهذا هو المعنى الأعمق لمصطلح (الفوضى الخلاقة) الذى لم يفهمه كثيرون. فالمقصود بالفوضى الخلاقة، هو السماح للإسلاميين بالوصول للحكم، مع محاولة تغييرهم وهم فى موقع الحكم، وهو الأمر الذى يتطلب ممارسة ضغوط عليهم من أسفل، وعبر وسائل جماهيرية واقتصادية، مما يحدث بعض الاضطرابات (ما حدث بعد كتابة هذا المقال بعام يؤكد ذلك) ولكنها تكون تحت السيطرة! فكما قلت إن الظروف تفرض وصول الإسلاميين للحكم قبل الاتفاق الأمريكى معهم على كل شىء، فلا بأس من مواصلة الحوار والتأثير عليهم من موقع السلطة، وهذا ما حدث فى مصر، لذلك فإن العسكريين سيلعبون دور الطرف العاقل والمجرب فى هذه العلاقة المثلثة. وكل طرف من الثلاثة يوهم كل طرف من الاثنين الآخرين أنه هو الأقرب إليه! فى تجربة تركيا نجح حزب العدالة والتنمية فى استخدام الغرب فى إضعاف الجيش وإخراجه تدريجيا من معادلة السلطة السياسية المباشرة. ولكن الوضع فى مصر لا يستقيم هكذا، بل على العكس فإن الطرف الذى سيبرهن على أصالته فى رفض النفوذ الأمريكى الصهيونى فى مصر هو الذى سيفوز فى الصراع ويتبوأ عرش مصر، والإخوان هم الذين سيخسرون من هذه اللعبة المثلثة لأنهم هم الذين سيتراجعون عن مبادئهم المعلنة. وعندما أتحدث عن المؤسسة العسكرية فأنا أتحدث عن المجلس العسكرى والفئة العليا الفاسدة والتابعة حتى يأذن الله بتطهير الجيش من أدران عهد المخلوع. وإلا فإنه من الطبيعى أن تكون علاقة الإسلاميين بالعسكريين وثيقة وحميمة فى إطار النهج الجهادى ضد أعداء الأمة. الطريف أن هجمات العلمانيين على الإخوان المسلمين طوال الشهور الماضية تركز على تشددهم، وهذا أمر يعكس حالة غريبة من عدم المتابعة، ذلك أن أغلب النقد المنصف للإخوان من المفترض أن يأتى فى مجال تساهلهم أو روحهم العملية المفرطة، وتراجع فكرة التمسك بالأدلة الشرعية وميلهم الشديد للبراجماتية. ففى هذا المجال مثلا وجدنا الإخوان يفاجئون الجميع بموقفهم من التطبيع مع العدو الصهيونى، فيما سموه الالتزام بالاتفاقيات التجارية!! وإذا التزم الإخوان حقا بما يقولونه من تصريحات فإننا لن نجد تغييرا كبيرا عن سياسات العهد السابق، ولكننى ما زلت أقول لعلها المناورة حتى 30 يونيو!. وعموما فإن هذه الأمور تحتاج إلى مقال خاص عن العلاقة بين السياسة والفقه، لأن العدوى انتقلت للسلفيين فتصوروا أن العمل السياسى يعنى التحلل من الضوابط الشرعية تحت شعار المصلحة أو تحت شعار أن الحاكم المسلم قد يرى ما لا نرى! أما عسكريو مبارك فيقولون للأمريكان نحن أقرب إلى بعضنا البعض وبيننا عشرة طويلة عمرها 30 سنة، ومن مصلحتكم أن يكون الرئيس منّا، خاصة ونحن نضمن المرجعية المدنية غير الدينية، كما أننا برهنا على التزامنا بكامب ديفيد والسلام مع إسرائيل. ويقول عسكريو مبارك للإخوان إنهم معهم وسيواصلون الطريق معهم لطمأنة الأمريكان لأنهم إذا رأوا حكما إسلاميا خالصا لانقضوا على مصر ولأرهقونا بألف طريقة وطريقة، واعتقد أنهم سيتوصلون لصيغة ما ترضى الجيش فى الدستور، ولا شك أنهم يؤمّنون لهم خروجا آمنا (وهذا ما حدث بالضبط بل حدث استسلام كامل لمطالب العسكر)؟! وأهمية هذه الملاحظات فى التالى: فالذى ننتظره الآن بعد عناء العام الانتقالى أن تنطلق البلاد فى طريق النهضة والتقدم، وهذا لا يحدث بالتدريج دوما، بل لا بد من لحظة الإقلاع التى تحقق طفرة فى السياسات الداخلية التنموية وفى السياسات الخارجية المكملة لها فى حزمة واحدة متكاملة. فهل ستفلح الطريقة الإخوانية الزاحفة البطيئة؟ لا أظن لأن الظروف المصرية لا تقارن بالظروف التركية أو الماليزية. (الشعب الإلكترونى – 20 يناير 2012) ما الذى يمكن أن نضيفه اليوم؟! يدفع الإخوان ثمن عدم كسرهم لهذه المعادلة المثلثة عن طريق الاحتماء بالشعب المصرى والارتباط به ليس بالعمل الجاد على طريق حل مشكلاته فحسب؛ بل عن طريق المصارحة بحقائق الأمور. فانعزلوا عن الشعب واستمروا أسرى لمعادلة: الإخوان – العسكر الأمريكان! يدفع الإخوان ثمن خيارهم التدريجى الزاحف البطىء الذى لا يتوافق مع زمن الثورات والتحولات الكبرى، وفكرهم لا يعرف هذا المنهج رغم أنه من الإسلام؛ لأن الإسلام كما يؤمن بسنة التدرج، فإنه يتبنى أيضا سنة الطفرة أو الثورة فى اللحظة المناسبة: الهجرة إلى المدينة – فتح مكة.. إلخ. وقد بذلت جهدا كبيرا خلال دعوتنا لإضراب 6 إبريل 2008 مع أعضاء مكتب الإرشاد والمرشد السابق نفسه لإقناع الإخوان بالمشاركة فى هذا الإضراب، فقال أحد القيادات البارزة: إن فكر الإخوان ليس فكرا انقلابيا، ومنهجنا لا يتضمن هذه الأساليب. وقد نجح الإضراب العام نجاحا مؤزرا دون الإخوان، وكان ذلك من أسباب مشاركتهم فى آخر لحظة وبدون فاعلية كبيرة فى إضراب 4 مايو 2008 حتى إن أعضاءهم فى مجلس الشعب حضروا الجلسة بصورة اعتيادية فى نفس اليوم ولم يلتزموا بالإضراب. ومع ذلك فقد ظللنا نأمل أن يغير الإخوان أسلوبهم بعد سقوط الطاغية. ولكن ذلك لم يحدث فهم يفتخرون بأن إعلانهم عدم الترشح للرئاسة وعدم الترشح لمجلس الشعب إلا بنسبة الثلث، كان من أهم أسباب اقتناع أمريكا والعسكر بالتخلى عن مبارك. وهى قراءة خاطئة للمشهد حتى وإن صحت هذه الاتفاقات. ويدفع الإخوان ثمن تهادنهم غير المبدئى مع العسكر إذ أدى هذا لعدم تطهير القضاء أو آلة الدولة التنفيذية وانتهى بحل مجلس الشعب!. ورغم الخلاص من المجلس العسكرى فى 12 أغسطس 2012 إلا أن الإخوان لم يفعلوا الكثير لتطهير آلة السلطة التنفيذية إما تحسبا للمؤسسة العسكرية أو تحسبا لأمريكا، وفى الحالتين فهم الخاسرون ومصر هى الخاسر الأكبر من كل هذه المساومات. وهم يدفعون بشكل متزايد بعناصر إخوانية فى السلطة التنفيذية ولا اعتراض لنا، كالآخرين على ذلك، ولكن اعتراضنا على عدم كفاءة وتأثير غير قليل من هذه العناصر. ويكفى أن هشام قنديل هو رئيس الوزراء، وتركه فى هذا المنصب حالة مخيفة من عدم الإدراك السياسى!! حكم الإخوان (ولا أريد أن أظلم مرسى لأنى أعتقد أنه سينجح أكثر إذا تحرر من منهج الإخوان ولا أقول من العلاقة مع الإخوان فهى طبيعية وضرورية) حكم الإخوان يدفع ثمن عدم تطهير آلة الدولة وكان هذا أهم من زرع الشجر الذى لم يزرع أو القوافل الطبية وهى مهمة المعارضة لا الحكام أو جمع القمامة أو دهان أسوار المدارس!! ويدفع ثمن أن ما يشغلهم هو زرع عناصر الإخوان لا رفع أداء الجهاز الإدارى. وعندما يخير حكم الإخوان بين مواجهة الشعب أو الأمريكان يختار مواجهة الشعب!! ويخضع حكمهم لإملاء الأمريكان فى الاقتصاد عبر صندوق النقد، بما فى ذلك تخفيض الجنيه ورفع الأسعار وإلغاء الدعم. وهى سياسات ستقضى على أى فاعلية لرفع الحد الأدنى للأجور. ولا يبدون أى اهتمام كاف بالقطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية. بل منشغلون فى التضييق على الناس فى الضرائب والأسعار لإصلاح الميزانية كما أخبرهم الصندوق! ثم البحث العشوائى عن استثمار أجنبى هنا أو هناك، وقرض ومنحة من هنا أو هناك، دون أى خطة محكمة للتنمية. المصالحة مع المفسدين المصالحة مع المفسدين حالة نموذجية لاستمرار الإخوان أسرى للعلاقة المثلثة مع الأمريكان ومع قيادة المؤسسة العسكرية التى تدعم الحفاظ على علاقات التبعية مع الأمريكان والتطبيع مع إسرائيل كما كانت على مدار أكثر من 3 عقود. فزكريا عزمى وصفوت الشريف وحسن عبد الرحمن وفاروق حسنى وفتحى سرور والمخلوع وأسرته، هؤلاء ليسوا رجال أعمال متعثرين أو متأخرين فى دفع الضرائب حتى تتم المصالحة معهم. هؤلاء مفسدون فى الأرض ومخربون ارتكبوا جرائم قتل أو نهب إلى حد تدمير الاقتصاد الوطنى أو خربوا وسرقوا آثار مصر أو وضعوا الأساس القانونى لهذا التدمير. هؤلاء يستحقون الإعدام خاصة المخلوع وأسرته والعادلى ورئيس مباحث أمن الدولة. وهذا سيكفى الناس ولن تطالب بالقصاص بعد ذلك من صغار الضباط والجنود المتهمين بإطلاق النار. واحتمال العفو عن الجميع وارد فى حالة واحدة: إذا أعادوا لنا مئات المليارات التى نهبوها. لست قاضيا ولكننى أطرح الاحتمالات وفقا لشرع الله، واقتداء بما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة. فقد عفا عن الجميع عدا 10 من كبار المجرمين الذين ارتكبوا جرائم محددة ومعروفة، ومع ذلك عفا عن ثلاثة أو أربعة من هؤلاء العشرة (راجع كتب السيرة، وكتابى سنن التغيير فى السيرة النبوية الشريفة).. ولم تكن هناك أموال مهربة من مكة إلى بنوك سويسرا وغيرها فى ذلك الزمان!! بل عاد المهاجرون إلى ديارهم وبيوتهم فى مكة. وكانوا قبل الفتح يعترضون القوافل المكية ردا على الاستيلاء على أموالهم. الأموال المسروقة لا يوجد أى سبيل للعفو عنها. لا بد من عودة هذه الأموال للشعب المصرى على داير المليم، وليس بالمساومات الحقيرة حول بعض الفتات. المخابرات الغربية تعرف كل شىء المخابرات الأمريكيةوالغربية شريكة فى جريمة سرقة أموال الشعب المصرى لأنها، ومن ثم حكام الغرب يعرفون مكان كل دولار فى الحسابات السرية المزعومة فهى سرية على الشعوب، علنية لدى حكام الغرب. وبدلا من مواجهتهم بهذه الحقيقة نذهب نتسول منهم قروضا ومنحا لن تقيل اقتصادنا من عثرته بل ستزيدها. والدول الغربية تستغل معرفتها بهذه الحسابات فى ابتزاز الحكام الطغاة والعملاء. ثم تستغلها بعد ذلك فى ابتزاز الحكام الجدد كى يسيروا على الصراط الأمريكى، ثم إذا أعادت الأموال لا تعيد سوى النذر اليسير وتستغل القسم الأكبر كاحتياطٍ لأموالها ولا تعطيها للأسر المخلوعة المغفلة. 1.6 تريليون دولار حجم الأموال المنهوبة سنويا من إفريقيا! يقول تقرير للبنك الدولى: إن الفساد فى الدول الإفريقية يلتهم سنويًا ربع الناتج المحلى الإجمالى، أى 148 مليار دولار، بينها 20 إلى 40 ملياراً رشاوى للحكام والمسئولين، وأن ما بين 1- 1.6 تريليون دولار يتم تهريبها خارج الحدود سنويًا من نشاطات مالية وتجارية غير مشروعة. الدول النامية تواجه مشكلات عدة فى استعادة الأموال المنهوبة، فقد استغرقت الفلبين 18 عامًا لاستعادة أموال كانت تخص حاكمها السابق «فرديناند ماركوس» من سويسرا، وأنهت نيجيريا معركة استمرت خمس سنوات لاستعادة 500 مليون دولار نهبها الدكتاتور «ثانى أباتشا». وتحتل «سويسرا» المرتبة الأولى فى قائمة البلدان التى أعادت أكبر قدر من الأموال غير المشروعة المودعة فى مصارفها (أكثر من 1.7 مليار دولار)، تمثل نصف الأموال غير الشرعية التى أعيدت من دول العالم، لكن هذا المبلغ لا يعد شيئًا مذكورًا بالمقارنة بالأموال المنهوبة التى تقدر ب700 مليار دولار على الأقل!!. وقد تمت إعادة أموال مُودعة فى«سويسرا»، أهمها: - 800 مليون من أموال الدكتاتور النيجيرى السابق «أباتشا» (وهو أكبر مبلغ مالى تمت إعادته)، ويقدّر المراقبون الأموال التى نهبها «أباتشا» بخمسة مليارات دولار فى خمس سنوات! - إعادة قرابة 700 مليون دولار من بين أموال هربها «ماركوس» خلال فترة حكمه للفلبين بين 1965 إلى 1986م. - 92 مليون دولار أموال «مونتسينوس» الرئيس السابق لجهاز مخابرات «بيرو». - إعادة 21 مليون دولار لأنجولا. - قضية كازاخستان: وهى قضية مرفوعة فى الولاياتالمتحدة وتتعلق ب 84 مليون دولار. وانتهت بتسوية بين سويسرا والولاياتالمتحدة وكازاخستان لتشكيل صندوق لمساعدة الأطفال المحرومين. - قضية الرئيس «كارلوس ساليناس» فى المكسيك، فبعد تحقيق استمر من عام 1996م حتى 2008م توصل إلى أن هناك 66 مليون دولار محصلة من مصدر إجرامى وتمت إعادتها. - قضية «دوفالييه»: جمدت السلطات السويسرية قرابة 6 ملايين دولار من أموال دكتاتور هايتى السابق فى انتظار تسوية مع سلطات بلده، لكن أرقام المبالغ المستردة حتى الآن تعد ضئيلة للغاية إذا قورنت بحجم الأموال المنهوبة؛ فهى لا تتجاوز أربعة مليارات دولار من سويسرا وغيرها، مقارنة بنهب يتجاوز تريليون دولار كل عام. (أحمد عز الدين – المجتمع ). لا نقول إن الحل الوحيد هو فى هذه الأموال المنهوبة ولكن من السفاهة أن نضحى بها دون قتال. بل من السفاهة أن نكرم المفسدين فى الأرض ونتركهم ينعمون بما سرقوه وهم فى منازلهم بل نترك لهم عقاراتهم فى مصر دون أن يكشفوا ويسلموا لنا هذه الأموال المهربة. أذكر أن أملاك زكريا عزمى فى مصر احتاج ذكر عناوينها إلى صفحة كاملة من صفحات الأهرام وصفحة أخرى للشرح والتحليل!!. ولكنهم أبرياء جميعا وفقا لنظرية العدالة الانتقالية، وهى فى الحقيقة عدالة انتقامية من الشعب المصرى. مرة أخرى الإخوان أسرى المصالحة مع الفلول، ولا شك أن قادة العسكر يباركون ذلك، وأيضا أمريكا تبارك ذلك لأنه من الأفضل أن تتم معاملة عملائها المخلوعين باحترام حتى لا يخاف العملاء الذين لم يخلعوا بعد!! منذ يومين فقط تكرم جهاز الكسب غير المشروع بعد أكثر من عامين من الثورة وطلب من البنك المركزى المصرى والبنوك العاملة الكشف عن حسابات رجل الأعمال الهارب حسين سالم المصرفية وكذا حسابات ذويه وشركة "ميرابيلا المملوكة له. وقالت مصادر مصرفية -طلبت عدم الكشف عن هويتها- فى مكالمة هاتفية مع وكالة الأناضول للأنباء إن أعضاء بالنيابة العامة سيتوجهون للبنوك خلال الساعات القادمة للاطلاع على الأصول التى يمتلكها أو يشارك فيها حسين سالم الهارب إلى إسبانيا منذ قيام ثورة 25 يناير من حسابات وودائع وأمانات وخزائن الشركات تمهيدا لحصرها. وأضافت وكالات الأنباء أن سبب ذلك ليس استعدادا للمصادرة لا سمح الله بل هو استعدادا للمصالحة مع هذا الجاسوس الذى سرق ثرواتنا وأعطاها مجانا ليهود إسرائيل. والمصالحة مقابل أقل من 3 مليار دولار، وهو مكسب هذا اللص فى أقل من عام واحد! ********** يا رب أرجع أمتنا إلى كتابك الكريم وسنة نبيك.. يا رب إننا ندعوك فى جوف الليل وفى رائعة النهار أن تخرج أمتنا من الذل والعار، وأن تؤلف بين قلوب المؤمنين على أساس عدم الخوف من الكفار والمجرمين والمفسدين والمنافقين، وأن تنصر من يرفع راية الإسلام ممزوجة بالعزة والفخار والعدل لكل أبناء مصر. اللهم انصر من يتمسك بآياتك بأكثر من التمسك بالمصالح التنظيمية والحزبية والسلطوية، اجعلهم يا رب يعرفون أن الطريق المستقيم هو أيضا طريق المصلحة فى الدنيا والآخرة. اجعلهم يفهمون ألا تعارض بين المصلحة والعقيدة، بين الاستقامة والرخاء لكل بنى مصر. اجعلهم يؤمنون حقا وصدقا بآياتك: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) هود 113. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) آل عمران 118 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ) الممتحنة 1. (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا) النساء 138، 139. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) التوبة 16.