"قف.. حاجز للتفتيش"، عبارة كثيرا ما تصدم أهالي الضفة الغربية أثناء تنقلهم بين قراهم ومدنهم، حتى أصبحت تشكل بالنسبة لهم مأساة يومية أبطالها جنود "إسرائيليون" يتمركزون خلف مكعبات اسمنتية ويتلذذون بإهانة الشبان وحتى الفتيات الفلسطينيات "لدواع أمنية". ويشكو تجار فلسطينيون اعوزهم الحصار المفروض على قطاع غزة من ان الاسلوب الذي تتبعه "إسرائيل" لتسليمهم بضائعهم غالبا ما يزيد معاناتهم. تنتشر عشرات الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش في شتى مدن الضفة الغربية ويشكل بعضها حواجز دائمة وبعضها الآخر متنقل. وتشهد هذه الحواجز الكثير من حوادث اعتقال وقتل وإصابة مئات الفلسطينيين فضلا عن ممارسات الجنود التي يصفها الفلسطينيون بالتعسفية. حاجز "عطارة" القريب من بيرزيت بمدينة رام الله شاهد على المعاناة التي تنغص حياة الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال أوقف الجيش "الاسرائيلي" شبانا فلسطينيين على الحاجز مساء الثلاثاء بحجة التفتيش الدقيق لدواع أمنية وأمرهم بخلع ملابسهم. وأصدر الجنود أوامرهم بإخضاع الشبان للتفتيش البدني ثم أمروا بتركهم تحت أشعة الشمس لفترة طويلة وعلى مرأى من المارة ريثما يتم تفتيش السيارة وما تحتويها. وخضعت أغراض المسافرين الفلسطينيين للتفتيش الدقيق حيث قام الجنود بنثر محتويات الحقائب والأكياس على الأرض. يقول السائق محمد زهران من رام الله الذي يضطر للمرور عبر الحاجز يوميا "في بعض الأيام يسمح للداخل إلى المدينة بالمرور دون تفتيش، في حين يكون التفتيش لمن يخرجون منها، وفي أيام أخرى يكون العكس، وتبقى الأمور مرتبطة بمزاج مجموعة الجنود العاملين هناك". ويقع حاجز عطارة شمال رام الله ويعتبر المدخل الوحيد لعدة قرى شمالية تابعة للمحافظة بالإضافة إلى كونه مدخلا للقادمين من مدينة نابلس وشمال الضفة إلى المدينة. وقال شهود عيان إن جنود الاحتلال يحملون قائمة بأرقام هويات فلسطينية ويقومون بمطابقتها برقم هوية كل مار. ويقول السائق زهران "الجنود يبتدعون كل الطرق لتعطيلنا ويتعاملون معنا وكأننا قطيع ماشية أو أقل من ذلك". أما أحمد بدوي وهو سائق سيارة أيضا فكان يتأفف من شدة الحر على الحاجز حيث وقف ما يزيد على ساعتين ينتظر إشارة من الجندي بالمرور. ويقول بدوي "منذ ساعتين وأنا أقف على الحاجز، لا أدري ما الحجة وما السبب، حرارة الشمس تكاد تقتلنا، ولا أدري عندما أصل الجندي هل سأخلع ملابسي أم سأمر سالما". من جهة اخرى ومنذ سيطرة حماس على غزة في يونيو/حزيران الماضي اغلقت "اسرائيل" معبر المنطار التجاري الرئيسي على الحدود مع غزة لاسباب امنية، وبات معبر صوفا الطريق الوحيد لدخول البضائع، وفي غياب تنسيق "اسرائيلي" فلسطيني رسمي تزيد معاناة التجار الفلسطينيين بسبب الممارسات التعسفية لجنود الاحتلال. وأضحت محاولات تجار غزة انتشال الاطعمة والخضروات، وغيرها من السلع القابلة للتلف من الرمال، مشهدا يوميا ويزيد من معاناتهم صعوبة الوصول للمكان. ويقول بكر ابو معمر، احد الفلسطينيين الذي يملكون الأراضي التي تلقى فيها السلع "إنهم يتعاملون معنا مثل الحيوانات". وتابع "يلقون السلع ويغادرون كأنهم يقولون للفلسطينيين هاهو طعامكم كلوه.. بيعوه.. اصنعوا به ما شئتم". وتنفي اسرائيل تعمد تعريض البضائع للخطر وتقول انها تحاول تفادي ازمة اقتصادية في غزة في نفس الوقت الذي تتجنب فيه التعامل مع حماس التي تدعو الى تدمير الكيان. ويقول شادي ياسين المتحدث باسم مكتب التنسيق "الاسرائيلي" الذي يشرف على تسليم البضائع لغزة "نسلم آلاف الصناديق لغزة يوميا ويمكن ان يتهشم البعض خلال ذلك". ويقول ياسين انه يجري انزال البضائع من الشاحنات خلال النهار في معبر صوفا على ان تعود الشاحنات إلى "إسرائيل" في الساعة الثالثة بعد الظهر ثم تغلق البوابات ويسمح للتجار الفلسطينيين بتحميل البضائع ونقلها إلى السوق. ويقول ياسين ان السلع تنقل مباشرة من شاحنات "اسرائيلية" إلى شاحنات فلسطينية في معبر كرم ابو سالم. ولكن فلسطينيين يشيرون إلى ان معبر كرم ابو سالم يستخدم بصفة اساسية لنقل المساعدات الانسانية لسكان غزة البالغ تعدادهم 5.1 مليون نسمة. وغزة باعتبارها منطقة محظورة يحدد الجيش الصهيوني اين وكيف يتسلم التجار الفلسطينيون بضاعتهم التي سددوا قيمتها مسبقا. ويقول محمد الطويل وهو تاجر يعتمد على معبر صوفا لتسلم البضائع التي يستوردها ان عمليات التسليم غير المأمونة تضر بنشاطه. ويضيف وهو يلتقط طلبية خوخ "اخسر الاف الشيقلات في كل مرة". كما ان الفارق الزمني بين إنزال البضائع والتقاطها يزيد من خطر سرقة البضائع. وقال ابو معمر "ينبغي ان نحمي السلع من اللصوص والفقراء الذين يأملون في الحصول على ما يطعمون به اطفالهم". ويقول تجار انه ينبغي عليهم دفع 2000 شيقل (465 دولارا) اولا للادارة التي تقودها حماس في غزة، قبل نقل البضائع إلى الاسواق رغم اصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما يعفي الافراد والشركات في الاراضي الفلسطينية من دفع رسوم. ويقول الطويل "ابو مازن غير موجود. حماس هنا وتقول ادفعوا وحملوا البضائع .. لذا فاننا ندفع".