تناولنا فى الحلقة السابقة، الجزء الأول، فضيحة تعاقد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد «عمرو موسى» مع مركز دراسات وأبحاث «بوز آلن هاملتون» التابع رسميا للمخابرات الأمريكية لتطوير جامعة الدول العربية. وهذا المركز من أهم أذرع وعقول المخابرات الأمريكية الممتدة فى العالم كله لتعبث وتخرب وتنفذ المخططات والمؤامرات الأمريكية. والكارثة أن عمرو موسى مدعى «القومية العربية»، أجرى هذا التعاقد بعد احتلال أمريكا العراق وقتل وتشريد 5 ملايين عربى مسلم فى خمسة شهور فقط حتى (18 سبتمبر 2003). وعرضنا رفض السفير «أحمد بن حلى» نائب عمرو موسى، الحديث عن جنسية هذا المركز وإصراره على القول إنه «بيت خبرة عالمى»؛ ما دفعنى إلى القول: «هذه جريمة وكارثة لا يمكننا قبولها أو السكوت عنها.. ماذا تفعلون بنا؟! وهل يمكن عقلا أن يطور هؤلاء الذين احتلوا العراق ودمروها منذ شهور، الجامعة العربية؟! وأين مراكز الدراسات والأبحاث والعقول العربية؟! ولماذا لم تستعينوا بها؟!». ونكشف هنا فى (الحلقة الثانية) حقيقة المواجهة العنيفة بينى وبين «عمرو موسى»، ثم ما حدث مع الدكتور «أحمد جويلى» الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 2003، ثم كيف كذب عمرو موسى مرتين؛ مرة فى حديثى معه، والأخرى فى الجلسة الافتتاحية للقمة العربية فى تونس فى 20 مايو 2004؛ ليخفى جريمته، ثم محاولاتى لكشف هذه الجريمة على صفحات الصحف. ونتساءل عن ثمن الخيانة.. ثمن بيع وثائق وأسرار الجامعة العربية للمخابرات الأمريكية. ثم كان بفضل الله تعالى سهولة حصولى على «محضر الاجتماع الرسمى للمجلس الاقتصادى والاجتماعى» بجامعة الدول العربية. وهو من أهم الآليات التنفيذية للجامعة فى دورة انعقاده «الثانية والسبعين» بقاعة الاجتماعات الكبرى. ويتكون هذا المجلس من كل وزراء الاقتصاد والمالية العرب. وله أمانة خاصة بالجامعة تحتل الدور السادس ويرأسها أمين عام مساعد للشئون الاقتصادية، وهو «سعودى الجنسية دائمًا». وكان يشغل حينذاك هذا المنصب السفير «عبد الرحمن السحيبانى». وحاليا يشغله السفير «محمد التويجرى». ويقع محضر الاجتماع فى زهاء «86 ورقة» حسب الكشف المرفق، وقد حضره وفود كل الدول العربية. وكان يرأس الوفد المصرى حينذاك الوزير «الهارب» يوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد، ومعه وفد أبرز من فيه المستشار «سيد البوص». وقد حضر هذا المؤتمر الدكتور «أحمد جويلى» الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية حينذاك، بصفته مراقبًا فقط. وحين اطلعت على هذا المحضر الرسمى، كان اتصالى بالصديق العزيز الدكتور «أحمد جويلى» وأنا غير مصدق: «كيف لفارس الوطنية الدكتور «جويلى» أن يفعل مثل عمرو موسى؟!» وأخبرته بما فى يدى من مستندات، ولا تزال كلماته نصا والتى تصرخ ألما محفورة فى ذاكرتى، وأنا أقول له: «معالى الوزير، كيف توقعون مثل هذا العقد؟! هذه جريمة فى حقنا من تدمير لعقولنا وكرامتنا وعزتنا وقوميتنا وإسلامنا!». وإذا ب«أحمد جويلى» يقول لى نصا، والألم يعتصره، وبأدبه الجم المعهود: «لنا الله يا أدهم.. لنا الله يا عم الحاج.. هيه.. هيه.. حسبى الله ونعم الوكيل»!. قلت له: «معالى الوزير، لماذا لم تعترض على هذه الجريمة؟!» قال: «يا أدهم، إن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يحضر اجتماعات الجامعة العربية بصفته (مراقبا) فقط. وليس له أى حق فى أى شىء. وأنت تعلم هذا. وما حدث كارثة انسحبت من هذا الاجتماع وتركته بسببها، وهذا أقصى ما يستطيعه مجلس الوحدة». ومن المعلوم أن «مجلس الوحدة الاقتصادية» كان يقع مقره خارج مبنى الجامعة العربية. وأنه أُسّس لتنفيذ السوق الاقتصادية العربية المشتركة. ومقره كان فى المبنى الذى كان يشغل معظمه «الحزب الوطنى المنحل»، وقد حُرق إبان الثورة. وهذا المجلس تضم عضويته دولا عربية، مثل مصر وليبيا واليمن والأردن والسودان. وترفض عضويته دول مجلس التعاون الخليجى كلها، وترفض المجلس تمامًا. وقد ظل هذا المجلس طوال تاريخه فى سبات عميق ولا دور له، إلى أن استيقظ فى عصر «أحمد جويلى» فشهد طفرة فى الفكر الاقتصادى والعمل القومى العربى، تفوق فيها بكثير على الجامعة العربية؛ ما جعل علاقة «جويلى» وعمرو موسى تصاب بأزمات وفتور شديد. وأمام ما قاله أحمد جويلى، لم أجد أمامى مفرا من الاتصال بمعالى الأمين العام «عمرو موسى» ومواجهته.
عمرو موسى يكذب ويدعى أن الباحثين العرب رفضوا تطوير الجامعة العربية فلجأ إلى أمريكا كان اليوم جمعة، وكانت الساعة تقترب من التاسعة مساء حين اتصلت بالأمين العام للجامعة العربية «عمرو موسى» على هاتفه المحمول فوجدته مغلقا، فاتصلت بمنزله فى مسكنه القديم بشارع «مكة» المطل على نادى الصيد بالدقى (قبل أن ينتقل بعد ذلك مباشرة إلى قصره المنيف بالقاهرة الجديدة، الذى يزيد ثمنه عن خمسين مليون جنيه)، وحين أدرت قرص الهاتف برقم منزل عمرو موسى، إذا بمعالى الأمين العام للجامعة العربية يرد بنفسه وبكلمته المعهودة: «أيوه»، قلت له: «معالى الأمين العام، لقد وقع فى يدى مستندات لتوقيعكم عقدا لتطوير جامعة الدول العربية مع مركز دراسات وأبحاث (بوز آلن هاملتون)، فلماذا هذا المركز تحديدا؟». قال: «هذا مركز دراسات وأبحاث عالمى»!!!. قلت له: «لكن يا معالى الأمين العام، هذا المركز أمريكى الجنسية، فكيف تتعاقدون معه لتطوير الجامعة العربية بعد احتلال أمريكا العراق؟! وكيف تتعاقدون معه وأنت أمين عام الجامعة العربية وجرائم أمريكا ضد العرب والمسلمين لم ولن تتوقف منذ دعمها اللا محدود لليهود لاغتصاب فلسطين وتشريد ما يزيد على 6 ملايين عربى وقتل مئات الآلاف وشن الحرب على العراق وقتل وتشريد (5 ملايين) عربى، ثم قبل هذا جريمة أمريكا فى (أفغانستان)، والتخطيط بين المخابرات الأمريكية والمخابرات السعودية ومصر وصناعة ما يسمى تنظيم (القاعدة) للحرب ضد الاتحاد السوفيتى السابق لمصلحة أمريكا فقط؟!». وإذا بالأمين العام للجامعة العربية يرد وقد علت نبرات صوته ويحتد وقد أخذته العزة بالإثم قائلا: «إنه بيت خبرة عالمى معروف، وبه خبرات وكفاءات عربية». قلت له وأنا أكثر حدة منه: «لماذا لم تطوروا الجامعة العربية بالاستعانة بمراكز دراسات وأبحاث عربية وبعقول وفكر عربى؟!». إذا بمعالى الأمين العام يكذب ويقول: «لقد أعلنا ذلك ولم يتقدم أحد»!!! قلت له، وبحدة شديدة: «مستحيل؛ فلم نسمع بهذا من قبل مطلقا، ولم نقرأ أى شىء عنه، والجميع يعلمون أنكم تؤدون عملا سريا ترفضون الكشف عنه وعن غموضه؛ لأنه مركز تابع للمخابرات الأمريكية الذى تعاقدتم معه لتطوير الجامعة العربية.. هذه كارثة .. مصيبة.. لن أسكت عنها». وأغلقت الهاتف فى وجه هذا المخادع الشيطان عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية. ولقد ذكرت فى الحلقة السابقة عبارة تصف بدقة شديدة نائب «عمرو موسى» المدعو «أحمد بن حلى»، أستأذنكم فى تكرارها الآن عن الشيطان «عمرو موسى».. لا.. لا.. معذرة للشيطان؛ فإبليس ثابت على مبادئه.. على كفره.. على إصراره.. على قسمه أمام الحق سبحانه وتعالى: «قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ». أما عمرو موسى فقد تفوق على إبليس بمراحل كثيرة؛ فقد لبس رداء الوطنية المصرية والقومية العربية، وظل يمثل ويمثل وهو المخادع، وهو أعدى أعداء الوطنية المصرية والقومية العربية، وقد وقع (عقدا للجاسوسية القانونية) بين المخابرات الأمريكية والجامعة العربية ولم يفعل إبليس ذلك!!، وتزعم جبهة الإنقاذ، والإنقاذ الحقيقى لمصر هو إنقاذها من أمثاله.
عمرو موسى يكذب أمام القمة العربية بتونس ليدارى جريمته وبعد ست شهور قدم «بوز آلن هاملتون» دراسته النهائية ممهورا على غلافها عبارة «سرى للغاية». وللسرية الشديدة، لم يطبع من هذه الدراسة سوى خمس نسخ فقط. وبحمد الله، استطعت الحصول على نسخة من هذه النسخ الخمس، ثم أخذت كل المستندات من هذه الدراسة والعقد الموقع بين «هاملتون» وعمرو موسى ومحضر اجتماع المجلس الاقتصادى والاجتماعى وذهبت إلى الأستاذ عبد اللطيف المناوى مدير مكتب الشرق الأوسط بالقاهرة حينذاك. وقد كان لى تصور ورأى، هو ما عبرت عنه برفضى هذه الجريمة؛ جريمة التجسس القانونى بين عمرو موسى والمخابرات الأمريكية فى هجومى العنيف على السفير أحمد بن حلى، ثم هجومى الأعنف على عمرو موسى، لكن «الشرق الأوسط» لم تنشر سوى عرض صحفى لدراسة بوز آلن هاملتون فى أيام 18 و19 و20 مايو 2004، واعتبرته انفردا صحفيا جاء تحت عناوين «الشرق الأوسط تحصل على نسخة من التقرير السرى لبوز آلن هاملتون لتطوير المجلس الاقتصادى والاجتماعى» - «الشرق الأوسط تنشر مشروعا يناقشه القادة العرب للتعاون الاقتصادى العربى» - «الشرق الأوسط تحصل على نسخة من تقرير تطوير المجلس الاقتصادى والاجتماعى». ومع أنه لم يك بهذا العرض رأى ولا فكر ولا تقييم، ولن أقول «معارضة» لهذه الجريمة البشعة. وأعترف الآن: كم كنت (ساذجًا) حين تصورت أن هذه الجريدة السعودية ستأخذ موقفا قوميا أو إسلاميا أو عقليا ضد هذه الجريمة، والسعودية نفسها قد شاركت فى هذه الجريمة وباركتها!، والسعودية وأمريكا فى كل السياسات وجهان لعملة واحدة!. ومع ذلك فقد أصاب معالى الأمين العام للجامعة العربية صدمة مروعة جعلته فى كلمته بالجلسة الافتتاحية بالقمة العربية بتونس، التى تزامنت مع نشر الحلقة الثالثة يوم 20 مايو 2004 يقول علنا فى كلمته أمام القمة العربية وسمعها العالم كله وهو يتباهى ويفتخر: «لقد تم الاتفاق على تطوير الجامعة العربية مع بيت خبرة عربى»!!. ولم أملك وأنا استمع إليه وأشاهده وهو يكذب بكل وقاحة وبلا أدنى ذرة من خجل أو إحساس بالمسئولية الوطنية أو القومية إلا أن أصرخ: «يا كذاب»!!. أما ثمن هذه الجريمة؛ جريمة التعاقد مع مركز دراسات «بوز آلن هاملتون» التابع للمخابرات الأمريكية لتطوير الجامعة العربية، الذى ارتكبها معالى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، من تمكين المخابرات الأمريكية من الحصول على أدق أسرار الجامعة العربية وكل المستندات والوثائق السرية للغاية بها؛ فهو أمر واضح وجلى. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة