سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري.. ماذا يحدث الآن في العملة الأمريكية؟    رئيس الوزراء يتابع من مركز التحكم جاهزية الشبكة القومية للغاز وتأمين الإمدادات.. صور    وزير المالية يكرم عددا من الممولين المتميزين والداعمين للمسار الضريبي المحفز    أبو الغيط: الاحتلال هو أصل التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلي المغلق في نيوجيرسي    برقم الجلوس.. رابط الحصول على نتيجة الشهادة الإعدادية في البحيرة    ضبط 3 أشخاص كونوا تشكيلا عصابيات للاتجار في المخدرات بالشرقية    تجديد حبس مدرسة متهمة بمحاولة تسريب امتحان الثانوية العامة في الشرقية 15 يوما    إصابة 8 أشخاص في حدث تصادم علي طريق جمصة بالدقهلية    المشدد 15 عاما لعاملين لاستعراضهما القوة وإصابة شخص بعاهة مستديمة بالقليوبية    لتجنب الشعور بالألم.. كيف يعيش مرضى الضغط والسكري صيفا آمنا؟    البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه    وزارة الصحة الإيرانية: أكثر من 400 قتيل منذ بداية الحرب مع إسرائيل    إجلاء 256 طالبا هنديا آخرين من إيران    الصين: وصول أول رحلة تقل مواطنين صينيين من إيران    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    «الهروب من العذاب»..ربة منزل تقفز من الطابق الأول بطفلتها بمركز دار السلام بسوهاج    ماجدة الرومي تطرح أغنية بلا ولا أي كلام    ضمن المسرح التوعوي.. بدء عرض "ميتافيرس" بقصر ثقافة الزقازيق الثلاثاء المقبل    استجابة لرغبة جمهوره.. حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من أغنية سيبتك    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    هذا اللاعب سينضم إلى باريس سان جيرمان في كأس العالم للأندية    لطلاب الثانوية العامة.. ابدأ بالإجابة عن الأسئلة السهلة حرصا على وقت الاختبار    وزير العمل: الوزارة توفر فرص عمل للشباب في السوق الأوروبي.. وتسعى لدمج ذوي الهمم    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    قلق في بايرن ميونخ بسبب إصابة موسيالا    عمرها 17 عاما.. كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده    تامر حسني يكشف سر تعاونه مع رضا البحراوي بفيلم «ريستارت».. فيديو    أستاذ علوم سياسية: عدوان إسرائيل على إيران انتهاك صارخ للقانون الدولى    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمنظومتى مياه الشرب والصرف الصحي بقري مغاغة    جولة مفاجئة لوزير الصحة بمركز صقر قريش للاطمئنان على الخدمات وجودة الأداء    طب القاهرة تبدأ خطوات تطوير المناهج وتقليص محتواها لتقليل العبء الدراسي    تحرير 148 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سيطرة برازيلية على دور المجموعات بكأس العالم للأندية    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    من مصر إلى العراق.. احتفال "السيجار" يشعل الموسم الرياضي    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    على هامش منتدى بطرسبورج.. الرئيس الروسي يلتقي أمين عام منظمة "أوبك"    تقدم جامعة أسيوط 100 مركز في تصنيف "التايمز 2025" للتنمية المستدامة    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 16 فلسطينيا من الخليل    وزير الري يبحث "التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء" مع خبراء الجامعة الأمريكية| صور    نقابة المحامين تقرر الطعن على حكم وقف جمعيتها العمومية    وزارة الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألف و700 زيارة من الحجاج المصريين    مباريات اليوم.. صدام قوي لصنداونز.. ومواجهة أمريكية خالصة    وزارة الثقافة تحتفي بعيد وفاء النيل من خلال سلسلة من الفعاليات الفنية    المعهد القومي للأورام يطلق فعالية للتوعية بأورام الدم    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    الشاطر ينتقد ريبيرو بعد تصرفه تجاه نجم الأهلي.. ويؤكد: حمدي ومروان زي بعض    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تتفجر شعرًا.. مع المغردين للثورة (2)
نشر في الشعب يوم 29 - 01 - 2013

هل لنا أن نتذكر من صلاح عبد الصبور فى «ليلى والمجنون»:
يا أهل مدينتنا..
انفجروا أو موتوا..
رعب أكبر من هذا سوف يجيئ!"؟!
وأن نتذكر قصائد أخرى لشعراء تمنّوا الثورة أو تنبئوا بها وأنذروا وآخرين عاشوا وقوعها مقدما فى أعملهم؟! لسوف تضيق المساحة عن احتواء ما يمكن أن يقال.. فلنكتف إذن بواحدة أو أكثر من أهم النماذج الشعرية الغاضبة والرافضة والمتمردة التى كتبت ونشرت فى أوج سطوة الطغيان. وهى قصيدة الشاعر حسن طلب «مبروك مبارك» كمخاطرة قيل عنها يوم نشرت إنها جنونية. وبالتأكيد حاق بصاحبها «المندفع المخاطر» مما يكره الكثير؛ فهل كان المستبد يقرأ الشعر أم أنه قد قرأ له وشرح؟ بالتأكيد فهمه أو فهموها؛ لأنها كتبت بأقصى ما يمكن للبساطة المبدعة أن تصاغ ولنقتبس منها مرغمين نزرا يسيرا يقول:
وسيمضى الوقت.. نعم بالتأكيد سيمضى..
وستكتب أنت بنفسك..
خاتمة سلالة حكام العسكر..
لا بد ستصبح آخر حصرمة فى العنقود..
وبأيديك تجىء نهاية هذا العصر المنكود!..
هذا اليوم سيأتى..
حتما لا بد سيأكلك ويأكلنا الدود..
وستبرأ مصر من العنة..
لن يبقى فى تلك المحنة..
غير اللعنة..
تنصب على ذكراك..
وتذكار ثلاثين من الأعوام السود..
هذا اليوم سيأتى أسرع مما تتوقع!
هل هذه «ضربة الحدس» التى وصفها فرنسيس برجسون أنها يمكن أن تكون بديلا عن النظريات مائة عام أو تزيد؟ وهل كان ما كتبه أو غامر به أحمد فؤاد نجم ولحنه وغناه الشيخ إمام كى يصبح أكثره «مارسيليز مصرى» مفتتحا للغضب والتمرد وإنذارا بالثورة وتحريضا للشعراء الحقيقيين على القول دون خشية والمغامرة حتى ولو كانت غير مأمونة العواقب؟
يقول نجم فى قصيدته «النعمة فاقت حدها» مخاطبا الرئيس المخلوع فى لهجة تهكم حاد لكنه مفعم بمرارة قاسية مثلما حملتها قصيدة حسن طلب السابقة ولكن فى لغته الشعرية السهلة المميزة بعاميتها الجزلة المعتادة مطلعها:
نظرا لأن النعمة فاقت حدها..
ولأننا مش قدها..
ولأن فعلا إنجازاتك..
فوق طاقتنا نعدها..
ولأننا غرقنا فى جمايل..
مستحيل حنردها..
نستحلفك.. نسترحمك..
نستعطفك.. نستكرمك..
ترحمنا من طلعة جنابك حبتين..
عايزين نجرب خلقة تانية ولو يومين!
ولأن المرارة قد فاضت فقد تحول كثير من قصائد الشعراء إلى ذلك الخطاب المباشر، مغامرين بتوجيهيه للطاغية سواء بالعامية أو بالفصحى إذ لم تعد تجدى الإسقاطات ولا ارتداء مسوح الشخصيات التاريخية أو أقنعتها أو ما يسميه ت. س. إليوت «الصوت الثانى للشاعر» تواريا من السلطة واتقاء لشرها؛ فها هو فاروق جويدة فى قصيدة طويلة مليئة بالتهكم المر أيضا هى الأخرى بعنوان «الأرض قد عادت لنا» يكتب:
من الفلاح الفصيح إلى فرعون مصر:
يا سيدى الفرعون..
هل شاهدت أحزان المدينة؟..
الناس تصرخ من كهوف الظلم..
والأيام موحشة حزينة..
ومواكب الكهان تنهب فى بلاطك..
والخراب يدق أرجاء السفينة..
والموت يرسم بالسواد زمانك الموبوء والأحلام جاحدة ضنينة.
نعم، لقد كتب كل بطريقته قبل وقوع الحدث الهائل النبيل وأرهص كل منهم بقدر ما يطيقه من إرهاص، أو صرح بما يمكن أن يتحمله من جراء التصريح فلم يصمت الشعر، ولا فضت أفواه الذين هم شعراء. لكن شعرا آخر جديدا كتبته الثورة أو نفثته على لسان الكثيرين الصادقين الحقيقيين منهم.. شعرا بدأت بشائره فى الظهور من قبل لحظة سطوعها النهائى فى تاريخها الموعود؛ حين قرر نفر من الشعراء أنهم لم يعد أمامهم ما يخافون منه أو يتقوه رغم وجوده بالفعل فغامروا ممهدين للثورة متنبئين بقرب سطوعها بألسنة شعرية متباينة؛ إذ استهوى كثيرا منهم خطاب الحديث المباشر نفسه المغمور سخرية واستخفافا بالمستبد مثل «عبد الرحمن يوسف » فى قصيدة طويلة « آنية» ذات نفَس تقليدى متدفق، بعنوان «الطريدة» ويستهلها بآيات تسع عمودية فى مفتتح كلاسيكى يقول:
«حى الشعوب تقود اليوم قائدها.. تزيح ظلمة ليل كى ترى غدها»
ثم ينتقل متحولا بها إلى مقاطع يبدأها دائما بشطر موحد متكرر كى ينطلق بتساؤلاته المستنكرة يوجهها إلى الذى لا يريد أن يفارق العرش إلا أن يورثه لابنه:
ماذا بربك تنتظر؟!..
أن يصدر الرحمن أمرا بانتدابك فوقنا رغم الثمانين التى قد بلغتها؟!..
أن يكسر الثوار بابك؟!
حينها هيهات تقدر أن تمثل فوق شاشات القوادة دور غلاب العباد المنتصر»
ولا يخفى ما تحتشد به الأبيات على مدار القصيدة من ثقافته التاريخية العربية والإسلامية يضمنها ويناص بها كى يزيدها جزالة تقليدية وخطابية يتعمدها باعتبارها قصيدة ثورة، وليستمر الدفق الشعرى عنها ومن أجلها بأشكاله وصياغاته المتنوعة الثرية موجها إلى الشهداء فى قصائد كثيرة منها «تراتيل الغضب» المهداة من الشاعر «أحمد سويلم» إلى أرواحهم، بادئا بمدخل مختلف يدلف منه إلى يبرر الثورة فيمنطقها ويبررها كضرورة بقوله:
«للشعر مذاق الحكمة..
عند الشعراء
وللخبز مذاق آخر فى أفواه الفقراء..
وللأشرعة البيضاء مجاديف يناولها موج البحر..
وللسفاحين الخوذات السوداء..
ومتاريس القهر..
وأدخنة الدمع الخانقة..
ودانات القتل».
ثم ينفجر «سويلم» معلنا عن الحدث الكبير قائلا:
«اليوم.. تخلى الشعراء عن الحكمة..
ار الخبز مذاقا مرا فى الأفواه..
صارت أشرعة البحر بلا مرفأ..
إلا فى أفواه المهمومين بجمر القتلة..
يا أم الأبناء المحمولين على نعش الموتى..
ماذا يجدى دمعك فى لغة..
فقدت بالأمس طزاجتها..
واستشهد فى ساحتها من يعشقها..
فحنت فوق الجسد الدامى..
تغرقه همّا ونواحا؟»
(يتبع)

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.