محيط : سماح شفيق الشاعر أحمد سويلم شاعر مصري ينتمى الى جيل الستينات، ونائب رئيس اتحاد كتاب مصر . وضح إبداعه فى عديد من المجالات مثل القصص الشعرية والدواوين والمسرحيات، وقد برع فى كتابة أدب الطفل الذي يعتبره أصعب أنواع الشعر، إنه الشاعر "أحمد سويلم " الذي كان لشبكة الاعلام العربية "محيط" معه هذا الحوار.
محيط : ما هي أشهر محطاتك الإبداعية ، وأيها كانت أكثر تأثيرا في نفسك كشاعر ؟ سويلم : المحطات التى مررت بها متداخلة وغير زمنية ، بمعنى انها جاءت معا ،فاليوم شعر غدا مسرحية وهكذا ، وحتى الان قمت بكتابة 15 ديوان للقصيدة الشعرية ، والمسرح الشعري للكبار كتبت فيه اربع مسرحيات ، اما بالنسبة للاطفال فقد كتبت لهم الكثير من الأعمال الأدبية . كل محطة أثرت في تكويني للغاية ؛ فبالنسبة للقصيدة الشعرية فقد كنت ضمن جيل عانى من كل التحولات الاجتماعية والسياسية والفنية فى العالم العربي ، وكنت مجندا فى حرب العبور ، وحاولت التعبير عن هذا الواقع كشاعر وليس ككاتب تاريخي ، وأنا عموما لا أصدر ديوانا أو حتى قصيدة إلا إذا كنت مقتنعا تماما أنها تجاوزت ما قبلها ، وأعتبر أنني قاسيا في حكمي على أي الأشعار أضمها لديواني ، والكثير من الأشعار التي كتبتها مثلا وقت المعركة لم تنشر للآن لأنها كتبت بانفعال ، وأنا أنظر للشعر باعتباره تعبير عما بعد الحدث ولا تكتمل الرؤية خلال الحدث نفسه لدى الشاعر . وكذا بالنسبة للدراسات فقد كان لي منهج فيها ، فمن المعروف أن تراثنا العربي يحوي جوانبا مشرقة وأخرى سلبية ، وأنا أسعى دوما لتسليط الضوء على المناطق المشرقة ، فمثلا أعددت دراسة "أطفالنا في عيون الشعراء" وقد تتبعت النظر للطفل منذ الحضارات القديمة ، وكذا دراستي حول "مجانين الشعر العربي" والتي سارت على منهج وضعته أن الشاعر يحب محبوبته ثم يكتب فيها أشعاره يبثها حبه ، ثم ينتحر من أجلها ! ، ودراسة أخرى مثلا حول "الإعلام الشعري في التراث العربي" وقد اكدت خلالها ان الشعر هو وسيلة الاعلام الوحيدة قديما ، كما القيت الضوء على شعراء العمر القصير ، فكان هناك شعراء كبار مقاما ولكنهم ماتوا فى العمر القصير امثال امرؤ القيس " فقد توفى فى سن الاثنان والاربعين ، وابو القاسم الشابي . واخير دراسة كانت عن علاقة الشعراء بالسلطة . أما في محطة المسرح الشعري فقد وجدت ان لدى القدرة على توسيع الدراما المسرحية ووضعها في قالب شعري ، وكان هناك شعراء كبار فعلوا ذلك مثل " احمد شوقى " فى مسرحية "مصرع كليوباترا " ، وقد احدث التوازن بين الشعر والدراما . وفي محطة الأطفال اتخذت قراري بالكتابة لهم فى عام 1980 ، عندما بلغت ابنتى سن العاشرة ولم اجد لديها كثير من الكتب التى تقربها من هويتها ، بدات بخمس قصص من "الف ليلة وليلة" ، وبعدها قررت ان أكتب شعرا للأطفال في صورة قصص ومسرحيات ، وكنت اعتبر نفسي من الشعراء القلائل فى فعل هذا ، واتصور ان العيب لم يكن فى اللغة العربية ، ولكن فى مستخدمى اللغة الذين لم يستطيعوا صياغة لغة بسيطة تناسب الطفل ونفسيته ، ما يحب وما يكره ، وأؤكد أن الكتابة للاطفال صعبة وتحتاج لسعة أفق ، وأظن أنه من افضل ما كتبت للاطفال ديوان "انا واصدقائي" ، اشياء لها علاقة الطفل مع عالم مشوق ، مع الزهور ، الكمبيوتر ، مع المدرسة ، ولعب الكرة . محيط : إلى أى تيار سياسي ينتمى سويلم ؟ سويلم : أنا أنتمى لمصر وليس لى اى اتجاه سياسي ولا حزبي، فأنا كشاعر يجب أن أكون حرا فى آرائي ومواقفى ، ولا أحب أن يحجر أحد على تفكيري؛ فالتيار السياسي يقيد صاحبه . محيط: من هم الشعراء الذين أثروا في تجربتك ونفسك حتى الآن ؟ سويلم : معظم الشعراء كان لديهم بصمة داخلى ، فالشعر المعاصر يحمل فى داخله جينات جميع الشعراء الذين سبقوه ولايستطيع ان ينفصل عن هذا التراث ، مهما ادعو غير ذلك ، والتاثير يكون جذريا داخل الانسان وبعد فترة لابد للشاعر ان ينفصل عن هذا التاثير ، كي يكون له ملكية خاصة ، فقد تاثرت فى بادئ الامر بامرؤ القيس ، والبياتي ، وصلاح عبد الصبور ، واخيرا ايقنت انى لا بد وان اكون احمد سويلم .
الشاعر مع محررة محيط أثناء الحوار محيط : رفضت ربط الثقافة بالسياسة لماذا ؟ سويلم : لم أقصد الفصل التام ، لأن الثقافة جزء لا يتجزء من السياسة ، لديك مثلا موقف المثقفين العرب الواضح الرافض للتطبيع مع اسرائيل ، ولكن وزير الثقافة " فاروق حسني " قام بالتحايل على هذا الموضوع الان ، بعد ان رشح لعضوية اليونسكو ، ودعا الى حد كبير للتطبيع ، فلماذا فى هذا التوقيت ؟ لأنه له أهداف حالية جعلته يدعو لترجمة الكتب العبرية الآن تحديدا !!. محيط : ما هي اكثر دواوينك الشعرية التى تعتز بها ؟ سويلم : اعتز بالديوان الاول "الطريق والقلب الحائر" وكان له قصة معي ، فقد اخترت قصائده بين عدد كبير من القصائد وقدمته الى دار النشر ، صدر هذا الديوان ولكن النكسة اوقفته ، وكان" امين العالم " رئيس مجلس ادارة الدار القومية للكتب ، وافرج عنه بعد النكسة بشهرين ودعوته لمناقشة ديواني مع "عبد القادر القط "،و" "صلاح عبد الصبور " في برنامج "مع النقاد" ولولا مجيئهم لتركت كتابة الشعر كليا . واذكر من اهم القصائد فى هذا الديوان " لاتكسر سيف التحدى للحياة والعالم " محيط: مارأيك فى دواوين الشباب الجديدة ؟ سويلم : انا متابع جيد لدوواين الشباب ، وان كانت تاخذ بعض الشئ الطابع النثري ،وانا مختلف فيما يقال عنه " قصيدة النثر " وان كانت تسمى "جنس ادبي "، فمن الممكن ان تكون هناك اعمالا جيدة جدا ، ورديئة جدا ، ولكن الجيد اقل من الردئ وربما هذا للاستسهال ، وبالتاكيد الشعر الردئ لن يستمر ، لانه سيصل الى طريق مسدود ، والذي يستطيع ان يحسن من ابداعه هو الذي يستمر ، وارى ان التكنولوجيا الحديثة ساعدت الشباب فى ان يخرج شعره للعالم عبر الانترنت بصورة اسهل ، وعندما يلاقي قبولا تقوم بعض دور النشر بطباعتها ، لكن أكرر أن الجيد منه قليل . محيط : منصبك فى اتحاد الكتاب هل أثر على مسيرتك الابداعية ؟ سويلم : لا تماما انا لست موظفا ولكن منصبى فى اتحاد الكتاب تطوعى ، ولا يؤثر على شعرى بل العكس لأنه يجعلنى فى تواصل دائم مع المثقفين والكتاب والادباء . محيط : ماهو جديدك الابداعى ؟ سويلم : كتاب "توت عنخ امون" للاطفال وسيتبع سلسلة الهلال ، ديوان "الدوائر" صدر حديثا منذ شهرين ، مسرحية "المعلوم والمجهول" ، كتاب على وشك الصدور بعنوان " الشخصية العربية فى التراث الادبي ". من قصيدته "مقام الترقب" نقرأ : " ..متعبا جئت فى لهفة الطير تلك النجوم مقامى.. لكنك الآن موقد خمرى و بلسم جرحى وزنبقة تحمل السر فى ألق الصبح.. هل تستريح عيونك حين أطل أنا من نوافذها و ارتل شعرى فتحملة فى القفار القبائل تروية تحت الشجيرات فى حلقات السمر؟ من تراة يهىء يوما مقام الترقب من تراة يمد بساط الحروف ليعبر ليل من العشق يملأ للحائرين على ضفة الشوق أقداحهم فاذا فرغت.. ملأ العين حلم اشتهاء ونبض ارتواء و رعشة دفء ندى أناحجر البرق صمت الترقب منتظرا خطوك الراحل الآن نحوى أحمل بين يدى عذابات عمرى و أردية الشعر مثقلة بهمومى و لونا من الشمس بلأمس.. سلتة عيناى منها ليصبح لونك وحدك بين النساء ولونك وحدك بين الرياحين أ لا تعلمين.. زمانى يأسرنى فى قيود من الخوف من سيجىء ليعتقنى ويعيد الى اشتعالى يخلص شعرى من غفلة الصمت؟ ها أنذا اتباعد أطوىتخوم ارتحالى أختصر الأرض والبحر والعمر أمضى