مقال كتبه العبد الفقير كمشاركة في إحياء ذكرى الخلافة، لعله يوقظ من هو أعلى همة وأرقى أسلوبا ليجد طريقا لإحياء معاني الوحدة الإسلامية في القلوب.span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif"" span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""هناك اتهاما يوجه عادة من قبل الإعلاميين لقادة العمل الإسلامي بأنهم يسعون لإقامة الخلافة، وكأن السعي لإعادة الخلافة تهمة. وهذا إن كشف عن شيء، فإنه يكشف عن هزيمة نفسية تنظر للوحدة الإسلامية، والتمكين في الأرض على أنه تاريخ مشين ينبغي الهروب من الوقوع في مثله.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""بل ويكشف عن جهل بالواقع حيث نعيش تحت وصاية أمريكية تحدد لنا ما نزرع، وما نصنع، وما نمتلكه من سلاح، وما نشاهده من إعلام يقوم بالتشكيل الثقافي للأمة، بل وحتى ما ندرسه في مناهجنا التعليمية. أي أننا نعيش تحت حكم الامبريالية الأمريكية العالمية وأدواتها في توجيه الأمم هي النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري. فالسيد "المثقف" يرفض العيش في ظلال خلافة توحدنا وتعيد تشكيل النظام العالمي بشكل يحقق مصالح الأمة، في حين يقبل باستعمار عالمي في شكل مباشر أو غير مباشر.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""أصلا لفظ الخلافة يحمل رقيا في حد ذاته، فهو ليس مجرد اتحاد بين بضعة دول إسلامية، بل اللفظ يمثل فهما لرسالة الإنسان في هذا الكون. {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]. فنحن في هذه الأرض حملة رسالة وعقيدة نحمل الخير للبشرية، و نخرجها من الظلمات إلى النور بهدي الوحي الذي معنا.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""والاستخلاف ورد ذكره في وصية من الله سبحانه وتعالى لنبيه داود عليه السلام، تشرق منه بعض معاني المصطلح بشكل أوضح، قال تعالى: يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ". فالاستخلاف إذا يرتبط ارتباطا وثيقا بمعاني الحق والخير واتباع الهدي الرباني وعدم الانفلات منها. ومن هذا الفهم، كانت الخلافة الإسلامية تقوم بفتوحاتها لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فيدخل الإسلام القلوب وتنضم الشعوب لصفك لتحمل معك مشعل الخير للبشرية. ولذلك دخل وخرج المحتلون المستنزفون للثروات من بلاد كثيرة، أما الإسلام فدخل القلوب وانضمت إليه الشعوب، ودخل الناس في دين الله أفواجا. بل أن الناس تلعن المحتلين، ولكنهم يحملون كل الود والحب لقادة الإسلام الفاتحين حيث أناروا لهم الطريق، وأخرجوهم من ضيق الدنيا لسعة الدنيا والآخرة.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""وفي عهد الخلافة الإسلامية لم تكن هناك تلك الحواجز المصطنعة، فقد كانت الحدود تراب بين الدول الإسلامية، فيمكن للحاج المغربي أن يقضي بقية عمره في مصر، ويمكن للمصري أن يعيش بجوار الحرم إن شده الشوق إليه. ويمكن للتاجر أن ينتقل بتجارته من هذا البلد إلى ذاك بغير تعقيدات إدارية مجحفة.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""وفي عهد الخلافة الإسلامية حيث الحدود تراب، كانت مصر على سبيل المثال تستقبل أبناء الأمة الإسلامية و تتعامل معهم كأبناءها، وقد كانت في ذلك بمثابة "أم الدنيا" حقيقة لا مجازا. حتى أنك تجد بعض العائلات تحتفظ بأسمائها التي ترمز إلى أصولها البعيدة مكانا مثل الإسلامبولي "من إسلام بول – إسطنبول"، و الشيشيني "شعب شيشنيا"، وأباظة من "أبخازيا"، و الشوباشي وهم من "شعب الشوباش" على نهر الفولجا، و الجريتلي من "كريت"، بل حتى الرافد الأندلسي تجده متمثلا في "الشاطبي" من شاطبه بالأندلس. span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""الخلافة كيان يجمع الدول الإسلامية تحت قيادة واحدة ويحمي مقدراتها و يحفظ حقوقها. هل من مسلم عاقل يخشى هذا؟!
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""الخلافة تعني أن تحمل الدولة رسالتك كمسلم في الحياة فيتسق مشروع يجمع الأمة ويبنيها، وتعني ضمنيا العلو في الأرض وإن كان ليس الهدف في حد ذاته إلا إرضاء لله. هل من مسلم عاقل يجد في قلبه غضبا على هذا؟!span dir="ltr" style="font-family: "Tahoma","sans-serif"" span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""الخلافة تعني وجود كيان قوي يستطيع توحيد الجهود لصد الهجمات على ديار المسلمين، حيث لم نسمع عن انكسارات للمسلمين كما سمعنا بعد انهيار الخلافة. مذابح في كل مكان و أعراض تنتهك وذل ما بعده ذل. فهل من مسلم حر أبي يرفض هذا؟!
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""حتى الأقليات في عهد الخلافة أزعم أنها تعيش عصرا أزهى بكثير من العصر الحالي. طبيعي أن تعيش حياة اقتصادية أفضل في أمة تحكم العالم من أمة في ذيل الأمم. فالتقدم الحضاري ينعكس على كل السكان حتى النصارى واليهود. ما يحدث حاليا من استدراج لمتعصبي الأقليات واستخدام لهم لكبح جماح المنطقة من تحقيق آمالها في الوحدة والعلو في الأرض سينعكس سلبا على الأقليات وليس العكس.span style="font-family: "Tahoma","sans-serif"" span style="font-family: "Tahoma","sans-serif""أخطاء بعض الخلفاء لا تعني إلغاء الخلافة الكيان الجامع للمسلمين، تماما كما لا يعني ظلم مبارك إلغاء منصب الرئيس. الصواب هو البحث عن نظام سياسي يجمع الدول الإسلامية و في ذات الوقت يمنع الحاكم من التغول على السلطة. من الممكن الاستفادة بالنظام الفيدرالي للولايات المتحدة كبداية لتقديم فكرة المشروع للأمة.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""سقطت الخلافة في 3 مارس 1924، أي أنه من 90 عاما فقط كان كيان الخلافة قائما. span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""الخلافة ليست ذكرى في كتب التاريخ. الخلافة واقعا ربما عاش جدك بعض أيامه.span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif"" span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""عندما سقطت الخلافة رثاها شوقي أمير الشعراء:
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""نعم سقطت الخلافة، ولكنها حتما ستعود. فهكذا وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""روى الإمام أحمد عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""[ تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت ]
span lang="AR-SA" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""محمد نصر span dir="ltr" style="font-family: "Tahoma","sans-serif""[email protected]