بعد أن حاصرته الحقائق على الأرض من انتصار المقاومة الإسلامية (حزب الله) عليه، لم يجد رئيس وزراء الكيان الصهيوني إيهود أولمرت بدًا من أن يعترف للمرة الأولى بوجود "إخفاقات" في عدوانه على لبنان، ويعلن تشكيل لجنة تحقيق في أداء الجيش الصهيوني، كما طالب قواته الغازية بضرورة الاستعداد لمواجهة التهديد الإيراني. وقال أولمرت في مؤتمر لرؤساء البلديات في مدينة حيفا بشمال الأراضي المحتلة والغتصبات الصهيونية التي تضررت من صواريخ حزب الله، مساء أمس: "لم نكن مستعدين كما يجب، لم نحصل على النتائج المرجوة، حصلت نواقص وحتى إخفاقات، وحتى إن كانت الحصيلة العامة إيجابية فإن علينا ألا نتجاهل هذه الثغرات". وأعلن أولمرت في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية عن تشكيل لجنة تحقيق عامة في عدوانه على لبنان. وقال: "إن الحكومة التي أترأسها ستعين لجنة برئاسة ناحوم أدموني (رئيس سابق للاستخبارات الإسرائيلية الخارجية "الموساد")، وستكلف بدراسة أداء الحكومة خلال العدوان، وكل جانب آخر تراه ضروريًّا".
تهديد إيراني وتطرق رئيس الوزراء الصهيوني للأصوات الداعية لاستقالته والقيادة الصهيونية قائلاً: "أسمع أصوات المنتقدين، وأشم منها رائحة الانتهازية السياسية"، ولكنه قال: "السؤال ماذا سنفعل مع هذه الانتقادات، كيف يمكن أن نستخدمها لإصلاح هذا البلد". وأعلن أولمرت أنه يتحمل المسئولية كاملة عن قرار العدوان، وتعهد بإعادة الجنديين الصهيونيين المأسورين لدى حزب الله، وقال: "أعدكم بأن يعود الجنديان إلى منزلهما". وطالب أولمرت الكيان الصهيوني بضرورة الاستعداد للتعامل مع التهديد الإيراني قائلاً: "يجب أن نُعِدّ لتهديد من إيران، حيث إن رئيس إيران (محمود أحمدي نجاد) يكره (إسرائيل)". وأضاف: "ليس لدينا الترف لنضيع سنوات في التحقيقات التي لن تفيد بشيء مع تعلم الدروس والإعداد للمستقبل". وتابع: "هذه ليست حربًا ضد حزب الله فقط"، متهمًا سوريا وإيران بدعم الحزب عسكريًّا.
أجواء حرب وبحسب الصحف الإسرائيلية يخيم على الكيان الصهيوني أجواء الاستعداد لحرب قد تنشب مع إيران. ودلّلت الصحف على ذلك بقرار رئيس أركان جيش الحرب الصهيوني دان حالوتس تعيين أحد الجنرالات البارزين؛ ليكون مسئولاً عن إدارة حرب قد تنشب مع إيران مستقبلاً، بجانب اجتماعات سرية يجريها رئيس الوزراء مع كبار المسئولين السابقين للتشاور حول حرب محتملة. وتعتبر هذه الخطوة سابقة في العرف العسكري الصهيوني، حيث جرت العادة أن تتولى أفرع الجيش المختلفة رسم مخططات مستقلة، على أن تتم إدارة الحرب من قبل رئيس هيئة الأركان نفسه. وتؤكد المصادر العسكرية الصهيونية أن هذه الخطوة جاءت كإحدى العبر من الحرب الأخيرة التي خاضها المحتل الصهيوني ضد حزب الله، وانتهت في منتصف أغسطس الجاري. وبينت المصادر أن هيئة أركان الجيش توصلت إلى استنتاج مفاده بأن أحد الأسباب التي قادت إلى الفشل الصهيوني في عدوانه على حزب الله يرجع إلى غياب التنسيق الكامل بين أفرع الجيش والأجهزة الاستخبارية، إلى جانب غياب خطط عسكرية مسبقة للتعامل مع الحرب، بحسب ما ذكرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية. وتعرض حالوتس إلى انتقادات شديدة، بسبب عدم تحقيق أهداف الكيان الصهيوني العسكرية من الحرب الأخيرة، وبسبب أداء الجيش الصهيوني الذي تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.