قال قاض ليبي إن المحكمة الليبية العليا أيدت اليوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر على خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني لإدانتهم بتهمة تعمد إصابة 426 طفلا ليبيا بالفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الايدز). وأضاف القاضي فتحي الدهان خلال جلسة المحكمة التي استغرقت خمس دقائق فقط للنطق بالحكم – بحسب رويترز - أن المحكمة رفضت الطعون المقدمة من المتهمين وأيدت حكم الإعدام. ويأتي الحكم بعد أن أعلنت مؤسسة القذافي الخيرية أنها حصلت على موافقة عائلات الأطفال الليبيين الذين أصيبوا بفيروس الإيدز بقبول تعويضات مالية وذلك في إطار تسوية شاملة لقضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المحكوم عليهم بالإعدام على خلفية هذه القضية. وقال صالح عبد السلام المسؤول الأول في المؤسسة التي يترأسها نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام والمكلف بالمفاوضات مع عائلات الأطفال المصابين – بحسب وكالة الأنباء الفرنسية - إنه تم التوصل إلى تسوية مرضية مع الأسر تنهي قضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني. وأضاف أن التسوية ترضي جميع الأطراف المعنية وتضع حدا لهذه الأزمة، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن التفاصيل خلال الساعات المقبلة. بيد أن المسؤول لم يشر في حديثه إلى الطريقة التي سيؤثر فيها الاتفاق على الممرضات والطبيب المحتجزين، أو ما إذا كان الاتفاق سيجعل من الممكن تبديل الحكم الصادر بحقهم من الإعدام إلى السجن. يذكر أن صحيفة "24 ساعة" البلغارية نقلت عن سيف الإسلام الاثنين الماضي قوله إن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني تلقوا حكما غير عادل وإنهم لن يعدموا. ولدى سؤاله عن وجود ضمانات بعدم تنفيذ حكم الإعدام، قال سيف الإسلام للصحيفة "يمكنني القول بأننا لن نعدم أحداً". هذا ولم يرد أي تعليق من قبل ممثلي أسر الأطفال، في حين أعرب ذوو الممرضات البلغاريات الخمس عن فرحتهم بهذا الإعلان، لكن بعضهم بقي متحفظا إلى أن تتضح الأمور. يذكر أن أسر الأطفال توصلت إلى اتفاق مع صندوق خاص تم تأسيسه من قبل بلغاريا وليبيا عام 2005 برعاية الاتحاد الأوروبي، يقضي بدفع تعويضات مالية لأهالي الأطفال الذين توفوا بسبب المرض وتوفير العلاج لمن لا يزال منهم على قيد الحياة. ويأتي الإعلان عن التوصل إلى تسوية لهذه القضية قبل ساعات من انعقاد المحكمة العليا للنظر في طلب الطعن والاستئناف الذي تقدم به المتهمون للحكم الصادر من المحكمة الابتدائية. وكانت المحكمة قد أرجأت النطق بالحكم في جلستها التي عقدت يوم 20 يونيو الماضي، حيث طالب الادعاء العام بتأكيد حكم الإعدام بينما أصر المتهمون على الدفع ببراءتهم استنادا إلى أن الاعترافات المسجلة لهم في محاضر التحقيق سحبت منهم تحت التهديد. وكانت المحكمة الابتدائية أصدرت حكما بالإعدام بحق الممرضات البلغاريات الخمس العاملات في مستشفى بنغازي والطبيب الفلسطيني أشرف جمعة بعد اتهامهم بحقن 439 طفلا ليبيا عمدا بدم ملوث بفيروس الإيدز، وقد توفي منهم حتى الآن 56 طفلا. وتم توقيف المتهمين الستة بالقضية منذ فبراير1999 لتتخذ المسألة بعدا سياسيا خاصة بعد انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي والدعم الذي حصلت عليه من قبل واشنطن. كما أثرت القضية على علاقات طرابلس الخارجية في الوقت الذي كانت تسعى فيه لتحسين صورتها أمام العالم في أعقاب حادثة لوكربي الشهيرة. وخلال هذا الفترة ألقى خبراء غربيون باللوم على افتقار المستشفى الليبي للسلامة المهنية ومقومات الصحة العامة الصحيحة كسبب لإصابة الأطفال بالإيدز، معتبرين أن زج الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني في القضية ليس سوى محاولة للتغطية على هذا التقصير.