قبل أن تنهك عينك في مطالعة الأسطر القادمة وتصدع بها مخك، يجب أن نتفق أنك لن تستطيع أن تفهم قرارات "مرسي" إلا إذا أدركت أن هناك حرباً شعواء تدور بين الثورة وبين قضاة الحلف الشيطاني المتترسين خلف سور المحكمة الدستورية ورجال النهب الكبار أصحاب الصحف والفضائيات، إن لم تدرك هذا الآن "كبر مخك" واقلب الصفحة.! ألم يصدمك كما صدمني تعليق أحد أعضاء حزب الدستور تحت صورة جمعت رموز الحلف الشيطاني حمدين صباحي وعمرو موسى مع محمد البرادعي وسامح عاشور واحمد الزند، كتب عضو الحزب المحترم على حسابه في الفيس بوك متضرعاً :"اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً"..!
هكذا اعتبر قطيع العبيد أولياء الشيطان أنبياء الله، واعتبروا الرئيس فرعوناً جديداً يعشق السيطرة، وان قراراته انقلاب إخواني رتب له الإمام البنا منذ أكثر من 80 عاماً وحان وقته الآن، هذا الظن السيئ هو الذي سول للحلف صاحب اختراع "الدولة العميقة" استنزاف البلاد بالتجويع الاقتصادي والتفزيع الإعلامي طوال الأشهر التي أعقبت تولي الرئيس الإسلامي زمام الحكم، خلفاً لثلاثين سنة مضت من القهر والاستبداد والفقر والجوع والمرض.
ولا أحد ينكر مهارة حلف الشيطان الذي استطاع صناعة سبيكة يستحيل تجانسها في الظروف العادية، صنعها من بقايا فلول مبارك مع قطعان الحمضاوية والبرادعاوية والليبرالية والاشتراكية والناصرية، وبزغ في هذا الحلف المُدنس أشخاص مثل حمدين والبرادعي وتهاني والزند، كما ضم الحلف الشيطاني فضائيات وإعلام وصحف نجيب ساويرس ومحمد الأمين واحمد بهجت والسيد البدوي.
الأخطر أن الحلف استفاد كثيراً من دعم أعداء الثورة له في الخارج ولم يجد غضاضة في التوسل بإسرائيل كما حدث في حالة عمرو موسى، الذي تلقى نصيحة من وزيرة الخارجية الإسرائيلية بإرباك الرئيس مرسي، وهو ما فعله بالانسحاب من التأسيسية بسبب وجود مادة كان هو من اقترحها، وذلك لأن إسرائيل لن تنسى موقفك في غزة.!
كما أن بعض أنظمة الخليج وجدت في صعود مصر ثانية على حلبة السياسة الدولية غصة صعبة البلع، أضف إلى تلك الخلطة الشيطانية المال الأمريكي المتدفق من سفارة جاردن سيتي المتاخمة لميدان التحرير، والذي لم يعد تخفى رائحته النتنة المنبعثة من أفواه النخبة الشيطانية أمثال إبرهام عيسى، والتي أدمنت طوال الأشهر الماضية إشاعة الإحباط والفزع في قلوب المصريين الذين ضبطوا بوصلتهم السياسية تجاه شريعة الله.
وسط تلك المعجنة جاءت ضربة الرئيس التي تأخرت كثيراً، فأفقدت الحلف اتزانه، الأمر الذي دعا البرادعي الهارب إلى فيينا فور إذاعة الإعلان الدستوري، أن يتوسل بالعسكر في بيان رسمي للإطاحة بالرئيس المنتخب، معتبراً قرارات الرئيس انقلاب إسلامي على مؤسسات الدولة، ومطمئناً قطيع العبيد السائرين خلفه أنه سيخوض المعركة من فيينا حتى النصر أو الشهادة.!
قطيع البرادعي الذين جعلوه نبياً، لا يختلف عن قطيع صباحي كثيراً، فكلاهما سهل إقناعهم بأن الشر في شرع الله والخير على يد نبيهم الهارب إلى فيينا، ألم يقتنعوا من قبل أن عزل النائب العام الذي عينه مبارك هو استباحة للقضاء وإجهاضاً للثورة؟!، وحينما قال نبيهم صباحي أن "محمود عبد المجيد أرجل راجل في مصر" خرجوا يصفقون له، معتبرين الإخلاص ضد الثورة وتسهيل حصول القتلة على البراءة من الرجولة.!
ضربة الرئيس أنزلت البرادعي من عرشه على تويتر وأجبرته أن يُغبر "كوتشيه" الرياضي في المظاهرات ضد الرئيس المنتخب، محاطاً بقطعان العبيد ومتأبطاً ذراع حمدين صباحي وعمرو موسى ونقيب المحامين بالتزوير سامح عاشور والمستشار أحمد الزند الذي قال أن توفيق عكاشة مثله الأعلى، وذلك لأن من مصلحة الحلف الشيطاني أن تنصهر خلافتهم للوقوف ضد الثورة التي نجح الإسلاميين في العبور بها إلى محطة وضع الدستور، والخروج من دوامة إعادة الانتخابات وحل مؤسسات الدولة.