إن أسوأ ما أفرزته ثورة 25يناير برغم كل إيجابياتها وفضائلها العظيمة أننا صرنا على حافة الإنفجار من الغضب وبلغت القلوب الحناجر وتصورنا أن مشاكلنا ستحل بضغطة زر لمجرد تنحى مبارك عن الحكم ونفذ صبر ثلاثة عقود من الظلم والقهر فكانت النتيجة النهائية أن صارت مصر ملعباً للإعتصامات والوقفات الإحتجاجية والمطالب الفئوية التى تطالب الرئيس الجديد والسلطة المنتخبة بإصلاح ما أفسده سلفه وهذا مشروع دون أن نحمّله مسئولية ذلك الفساد. إن قضية الضباط الملتحين على وجه التحديد تجسيداً لحالة الغضب المكبوت طيلة سنوات فانفجر فى وجه السلطة والمجتمع لأننا ببساطة أخطأنا الوسيلة فى تحقيق الهدف المشروع وأكرر هدفاً مشروعاً ليس فقط من الجانب الشرعي تأسّياً وإقتداءاً بسنة النبى صلى الله عليه وسلم ولاجدال فى ذلك دون الدخول فى جدل فقهى محسوم , ولكن أيضاً من جانب الحرية الشخصية التى يكفلها الدستور والقانون ذلك أننا كنا فى خصومة مقصودة مع الشريعة والدين من جانب السلطة تحت دعاوى واهية وباطلة كان من تداعياتها الخطيرة أن صارت مخالفة الشريعة قانوناً يجب إحترامه وعدم الخروج عليه فأصبح الحلال حراماً والحرام حلالاً ممهوراً بختم النسر ومشفوعاً بموافقة الرئيس والقانون طيلة عقود طويلة. مشكلة الضباط الملتحين أنهم لم يستوعبوا أهمية التوقيت من وجهة نظرى كأحد أبناء التيار الإسلامى وقد أكون مخطئاً, ولم يستوعبوا أيضاً فقه الأولويات والذى نحن فى أشد الحاجة لتطبيقه الآن وفى كل وقت وطالما أنهم آثروا السكوت طوال السنوات الماضية نظراً لظروف القهر التى لاذنب لهم فيها من باب الضرورات تبيح المحظورات فالصبر هنا من أولويات الساعة وواجب الوقت – ذلك أن المصريين فى هذا التوقيت العصيب وبعد ثورة أطاحت برأس نظام وتقاتل للإطاحة ببقية الجسد فى ظل أزمة إقتصادية طاحنة يريدون لقمة عيش نظيفة وخدمة صحية لائقة وتعليم يبنى ولا يهدم – الشعب بحاجة إلى مياه شرب نقية وصرف صحى آدمى ومواصلات تليق بالبشروهذا كله دون التفريط فى أمور الدين بطبيعة الحال لكن بإستيعاب ضرورات المجتمع العاجلة والملحة وتقديم المقاصد على المظاهر ذلك أن أولوية المواطن الآن هو الأمن والعدالة حيث أن الضابط أو رجل الأمن بما يملك من أدوات بمقدوره تحقيق العدالة للمواطن فى أجواء من الأمن والإستقرار فى الشارع بصورة لائقة تحترم آدميته فالمواطن لايهمه ولا يعنيه لحية الضابط والتى هى سنة يعود ثوابها على صاحبها بينما تعود قيمة العدل والحق على المواطن البسيط - وحتى يتعافى المجتمع ويصبح أكثر جاهزية ومناعةً لإستيعاب كافة التغيرات ومن ثم إعطاء كل ذى حقٍ حقه يصبح المطلب أكثر ملائمة للتطبيق على أرض الواقع. لا أعتقد أن الرئيس مرسى يعارض تلبية مطالب الضباط الملتحين لأنه ببساطة ملتحياً وينتمى بالأساس للتيار الإسلامى لكن المشكلة فى الأولويات العاجلة ولأنه محسوب عليهم كأحد أبناء التيارالإسلامى ومتهم بالتحيز دوماً لكل ما هو إسلاميّ- الخاسر الوحيد هو المواطن والمجتمع الذى سيفتقد مجموعة من الضباط المضربين عن العمل بحاجة ماسة إلى خدماتهم فى تحقيق الأمن لإنجاز العدالة تُسأل عنها أيضاً وزارة الداخلية بتعنتها وإصرارها على عدم الحوار ما يطرح سؤالاً هاماً وعجيباً ماذا يضير المنظومة الأمنية وجود ضابطاً ملتحياً لطالما يؤدى عمله فى إطار القانون فى دولة على رأسها رئيس بلحية؟!. رضا حمودة[email protected].