وسط مقاطعة واسعة من قبل الأحزاب السياسية وأغلب القطاعات الشعبية بدأت اليوم الاثنين الجولة الأولى من انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المصري حيث شهدت اللجان الانتخابية وخلال الساعات الأولى من صباح اليوم إقبالا ضعيفا من قبل الناخبين على الرغم من الدعاية المكثفة التي قام بها الحزب الوطني الحاكم . كما شهدت اللجان الانتخابية التي يشارك فيها مرشحو جماعة الإخوان المسلمين حشود أمنية كثيفة سواء داخل اللجان أو حولها في إطار تخويف الناخبين والتأثير على مواقفهم . ويقول المراقبون إن الوضع السياسي القائم في مصر وعدم مبالاة الناخبين سيؤديان إلى نسبة مشاركة دون ال10% في هذه الانتخابات على الرغم من أن اللجنة العامة للانتخابات أعلنت أن 27 مليون ناخب مصري دعوا للتصويت في هذا الاقتراع الذي يتم بموجبه تجديد نصف أعضاء المجلس أي 132 عضوا حيث يبلغ عدد مقاعد المجلس 264 مقعدا. وتُجرى الانتخابات على 77 مقعدًا بعد فوز 11 بالتزكية في حين سيقوم الرئيس حسني مبارك بتعيين 44 عضوا آخرين في المجلس الذي لا يملك أية صلاحيات فعلية . وتقدم الحزب الوطني ب109 مرشحين يتوزعون في الدوائر ال67 التي قدم في بعضها مرشحين اثنين بينما يخوضها ما يقرب من تسعة عشر مرشحا لجماعة الإخوان التي اختارت المشاركة في هذه الانتخابات باعتبارها فرصة للاحتكاك بالجماهير . ويأتي إجراء هذه الانتخابات برغم إعلان أغلب الأحزاب السياسية مقاطعتها لها حيث قررت أحزاب العمل والوفد والتجمع والناصري عدم المشاركة في هذه الانتخابات احتجاجا على التعديلات الدستورية الأخيرة والتي اعتبرتها الأحزاب المصرية محاولة لتقنين ودسترة التزوير وإجهاض الحريات. غير أن بعض الأحزاب الصغيرة حرصت على المشاركة في الانتخابات حيث دفع حزب التكافل ب26 مرشحًا من بينهم ست سيدات بينما رشح الحزب الجمهوري الحر 22 مرشحًا ودفع حزب الشعب بمرشحٍ واحدٍ. هذا وقد تزامنت هذه الانتخابات مع حملة اعتقالات واسعة شملت كوادر جماعة الإخوان حيث وصل عدد معتقلي الجماعة على خلفية الانتخابات نحو ألف معتقل بينما أنصف القضاء المصري مرشحي الإخوان بعد محاولة الحزب الوطني استبعادهم بحجة استخدامهم لشعاراتٍ دينية. وفي أول رد فعل على الانتهاكات التي تمارسها أجهزة الأمن خلال العملية الانتخابية قرر ثلاثة من المرشحين المستقلين بمحافظة الفيوم الانسحاب الجماعي من انتخابات مجلس الشورى بسبب إغلاق اللجان والبلطجة التي يمارسها الحزب الوطني ضدهم والمرشحون هم: ياسر سلومة حميدة، روبي علي الروبي، أحمد توفيق عبد الكريم. وقامت قوات الأمن بالفيوم بإلقاء القبض على عدد من مراقبي منظمات حقوق الإنسان والذين بلغ عددهم حتى الآن 41 مراقبًا بينهم 28 من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، و6 من مركز سواسية، و7 من مركز الأرض. وكانت الأجهزة الأمنية قد بدأت ومع بدء عملية التصويت في حصار اللجان الانتخابية داخل الدوائر التي يوجد للإخوان مرشحون فيها خاصةً في دائرة أوسيم وإمبابة بمحافظة الجيزة والتي تشهد حشدًا أمنيًّا مكثفًا كما جرى اعتقال مندوبي بعض مرشحي الإخوان في السويس وكفر الشيخ. ففي السويس منعت الشرطة دخول مندوبي مرشح الإخوان الدكتور السيد رأفت إلى اللجان ومن بينها لجنة مدرسة الخليلية وذلك على الرغم من حصولهم على التوكيلات بشقِّ الأنفس في حدود الساعة الحادية عشرة من مساء أمس الأحد كما تم القبض على 3 مندوبين بحي الجناين منهم إبراهيم أبو خليل. إلا أنَّ المندوبين فوجئوا بالشرطة تقف على باب اللجان وترفض إدخال المندوبين بدعوى نقصان توقيع المأمور على التوكيل وذلك بكل دوائر السويس بينما يتم احتجاز مَن يذهب إلى القسم لاستكمال التوقيع. أما بالنسبة للسيدات فخوفًا من أنْ يتعرضن لنفس فضيحة الأمن في طنطا بالأمس قمن بتمزيق التوكيلات ولم تقف المهزلة عند هذا الحد بل اكتملت حلقاتها باختفاء رئيس اللجنة العامة للانتخابات ولا يزال مكانه مجهولاً حتى الآن!!. وفي محافظة البحيرة ألقت قوات الأمن القبض على 3 من مندوبي مرشح الإخوان في دمنهور د. حسني عمر كما اعتقلت ثلاثة مندوبين لسمير أبو شامية مرشح الإخوان بدائرة سمالوط بمحافظة المنيا من أمام اللجان فيما منعت قوات الأمن عددًا من مندوبي الدسوقي كليب مرشح الإخوان بطنطا من دخول اللجان رغم حصولهم على توكيلات رسمية!!. وفي شربين بالدقهلية قام مأمور المركز العميد محمد مجدي الحسيني بالاجتماع أمس برؤساء ونواب وأمناء اللجان المسافرة إلى محافظة الشرقية وأصدر لهم أوامره بأنْ يقوموا بتسويد بطاقات إبداء الرأي في الانتخابات لصالح مرشح الحزب الوطني بنسبة 93%, في موعدٍ أقصاه الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الانتخابات وكان عدد من حضر في هذا الاجتماع من رؤساء اللجان والمندوبين أكثر من 200 رئيس لجنة ومندوب. يُذكر أن هذا المأمور له سابقة كهذه في عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة حيث أمر بتسويد البطاقات قبل الساعة الثالثة مساء يوم الاستفتاء بنسبة 30% حضور، و75% نعم, و20% لا, و5% باطل!! وعلى نفس السياق فقد رفضت محكمة القضاء الإداري طلب اللجنة العليا للانتخابات بشطب أسماء ثمانية من مرشحي الإخوان كما قررت أيضا وقف الانتخابات في إحدى دوائر محافظة المنوفية بعدما رفضت لجنة الانتخابات منع الإخوان من تسجيل أسماء مرشحيهم في الدائرة. والمرشحون الثمانية هم: عبد المحسن قمحاوي (دائرة طلخا) وصلاح السمري (قويسنا وبركة السبع) وأحمد خطاب (الخانكة وشبين القناطر) وخالد الديب (ميت غمر) والدسوقي كليب (طنطا) ود. ناجي صقر (الزقازيق) وعزت غريب (بلبيس ومنيا القمح) وأحمد إسماعيل (الإسماعيلية). وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها التاريخي غير القابل للطعن عليه برئاسة المستشار السيد نوفل رئيس مجلس الدولة بعد مناقشات ومرافعات ومداولات استمرت من الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم وحتى الساعة العاشرة مساءً. وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد طلبت من المحكمة استبعاد المرشحين الثمانية من كشوف المرشحين بحجة أنهم مارسوا دعايةً انتخابيةً تحمل شعارات دينية إلا أن هيئة الدفاع عن المرشحين أكدت أن شعار "الإسلام هو الحل" شعار سياسي وليس دينيًّا فضلاً على أن اللجنة العليا للانتخابات اعتمدت في قراراتها على تحريات أمن الدولة. وكان الحزب الوطني رفع بالتعاون مع الأجهزة الأمنية حالة الطوارئ والتأهب القصوى للقضاء على أي سببٍ قد يُعيق تزوير انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى حيث قامت الإدارات التعليمية بعددٍ من المحافظات بإرسال خطابات لمديري المدارس بعدم منح المدرسين المعروف انتماؤهم للإخوان إجازة غدًا الاثنين والتنبيه على أنه يتم إحالة المدرس إلى التحقيق إذا تغيَّب عن الحضور للمدرسة. يذكر أن مجلس الشورى يشكل مع مجلس الشعب الهيئتين التشريعيتين للبرلمان المصري. بيد أن الأول الذي تأسس عام 1980 ويضم 264 مقعدا يتمتع بصلاحيات وسلطات تشريعية محدودة حيث يعمل بمثابة جهاز استشاري لمجلس الشعب. وتجرى الانتخابات لفترة ست سنوات في المجلس كل ثلاثة أعوام ثم يتم تغيير نصف أعضاء المجلس والذين يجري تعيين ثلثهم بقرار من رئيس الجمهورية وهو المنصب الذي يتولاه حسني مبارك منذ أكثر من ربع قرن.