بينما ينشغل العرب في الحراكات والثورات والحروب الداخلية، ويغيبون عما يجري في فلسطينوالقدس، متجاهلين التصعيد الصهيوني الخطير باتجاه احكام قبضته على كل فلسطينوالقدس، عبر سياسات التطهير العرقي التنظيفية، تتحرك هيئات ومنظمات اهلية امريكية واوروبية ضد ممارسات الاحتلال الصهيوني وحروبه ضد الشعب الفلسطيني، وتبرز على نحو خاص في هذه التحركات مؤسسات ولجان الكنائس المسيحية التي اخذت تلعب دورا نشطا ومهما ومؤثرا في التصدي لجرائم الاحتلال، وهي تسبب صداعا حقيقيا لحكومة الاحتلال، وترتقي فعالياتها الى مستوى وصفته بعض مصادر الاحتلال الاعلامية ب"انتفاضة الكنائس ضد اسرائيل". ففي الاسابيع الاخيرة على سبيل المثال، تحركت"لجنة الكنيسة المشيخية في اميركا " لتطالب بسحب الاستثمارات في الشركات المؤيدة للاحتلال الاسرائيلي"، ونشرت صحيفة "هآرتس-4 -7- 2012العبرية تقريراً عن تحرك اللجنة باتجاه لفت النظر الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، وجاء في نص التقرير:"بعد جدل طويل وساخن، وافقت اللجنة 15 التابعة للكنيسة البروتستانتية المشيخية في الولاياتالمتحدة على قرار يطالب بسحب الاستثمارات التي تقوم بها ثلاث شركات تتعامل مع اسرائيل، ومسألة ما |إذاكانت حركة "قاطعوا واوقفوا الاستثمارات وعاقبوا" المناوئة لاسرائيل تكتسب نفوذا، هي واحدة من أكثر القضايا سخونة التي يتم التساؤل بشأنها بين أكثر الأعضاء الناشطين سياسيا في االمجتمع اليهودي- في الوقت الذي يأخذ فيه الكثيرون هذه القضية بشكل جاد". وعلى نحو متكامل، كان مجلس الكنائس العالمي دعا الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد بناء أو توسيع المستوطنات دون قيود، كخطوة أولى نحو تفكيكها في جميع الأراضي الفلسطينية، وأوضح المجلس "أن وجود نحو 200 مستوطنة إسرائيلية، تضم أكثر من 450 ألف مستوطن في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، يتعارض مع السلام". وأضاف المجلس بأن المستوطنات الإسرائيلية والجدار العازل لها تأثير مباشر على حياة وكرامة الشعب الفلسطيني، لأنها تحول دون وصولهم إلى الأراضي والموارد المائية، والحد من حرية الحركة، وحقهم في الحياة والتعليم والحصول على الرعاية الصحية، وتعمل على تدمير الاقتصاد الفلسطيني- السبت 5 / 09 / 2009". وكان د. أنيس مصطفى القاسم كتب في صحيفة القدس العربي اللندنية - [ 19/09/2009 -] عن قرار المجلس قائلا:" "إن الاستيطان المتواصل في الأراضي خارج حدود "إسرائيل" المعترف بها دولياً (حدود الخط الأخضر لعام 1949) مرفوض من قبل جميع العالم تقريباً ويلاقي عدم تصديق واسع الانتشار لأنه غير شرعي وغير عادل ويتعارض مع السلام ويتنافى مع المصالح المشروعة لدولة إسرائيل"، "نطالب الحكومة الإسرائيلية بأن تجمد بحسن نية وعلى وجه الاستعجال كافة أعمال البناء الاستيطاني والتوسع فيه، كخطوة أولى في اتجاه إزالة جميع المستوطنات"، الكلام هذا ليس لمسؤول عربي أو فلسطيني، وليس جزءاً من بيان أو قرار رسمي عربي أو فلسطيني، وإن كنا نسمع قريباً منه أحياناً للاستهلاك المحلي، إنه جزء من بيان صدر عن اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي في دورتها المنعقدة في مقر المجلس بجنيف في الفترة ما بين 26 آب/ أغسطس و2 أيلول/ سبتمبر 2009، وأُعْلِنَ على الملأ يوم انتهاء الاجتماعات أي في الثاني من الشهر، ويقع البيان في ست صفحات باللغة الانكليزية كلها مكرسة لموضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وإلغاء الاستثمارات الكنسية وفرض المقاطعة. كما دعا مجلس الكنائس المسكوني ومقره جنيف"اعضاءه والجمهور الى التحرك لمواجهة قرار اسرائيل بالموافقة على بناء 900000 مسكن جديد" في القدسالشرقية"، ودعا الامين العام للمجلس الاب صامويل كوبيا المنظمات الاعضاء"الى التحرك بالتنسيق في ما بينها لحمل الحكومة الاسرائيلية على الرجوع عن قرارها"، وفي بيان اعرب الاب كوبيا عن "خيبة امله الكبيرة"، وقال ان منظمته "تدين بشدة قرار اسرائيل توسيع مستوطنة جيلو غير الشرعية". وفي السياق ايضا، نذكر مرة اخرى بما جاء في تقرير من واشنطن:"ان الجمعية العمومية للكنيسة البريسباتينية الامريكية عقدت مؤتمرها ال217 في مدينة برينغهام وحضره نحو 500 مندوب من جميع الكنائس البريسباتينية في الولاياتالمتحدة، وناقشت فيه مسالة سحب استثمارات مجمع الكنائس من الشركات العاملة في اسرائيل والاراضي المحتلة، التي تساعد بشكل او بآخر على ترسيخ الاحتلال الاسرائيلي او توفير ادوات العنف والتدمير له"، واشار التقرير حينئذ الى"قلق اسرائيلي ويهودي من فتح النقاش حول سحب الاستثمارات وان السفارة الاسرائيلية استقبلت مجموعة من الشخصيات البارزة من القيادات المسيحية بالولاياتالمتحدة ..كما ادان المجلس اليهودي الامريكي هذا النشاط المعادي لاسرائيل". وكانت كنيسة المسيح المتحدة قد"صادقت على سحب الاستثمارات من الشركات التي تساعد في بناء جدارالفصل او الاستيطان او تدعم الاحتلال". نقدر مواقف الكنائس التضامنية، ونقف احتراما امام كل هؤلاء الذين يقفون بمنتهى الشجاعة والتحدى في خندق فلسطين، ففي الوقت الذي ينزع بعض العرب انفسهم من فلسطين او ينزعونها منهم، نتابع هؤلاء المناضلين الكبار على امتداد امريكا واوروبا وهم يتصدون من هناك للاحتلال الصهيوني في فلسطين، وكيف ينددون بالجرائم الصهيونية وبالتاييد الامريكي لها، ويطالبون بتقديم جنرالاتهم امام المحاكم الدولية لمجرمي الحروب. [email protected] الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة