أعلنت مصادر في الشرطة العراقية أمس الأربعاء أنها عثرت على جثة أحد الجنود الأمريكيين الثلاثة المفقودين فيما قُتل 9 جنود أمريكيين آخرين في هجمات متفرقة في أنحاء العراق. وقالت الشرطة العراقية – الموالية للاحتلال الأمريكي- إن جثةً شبهَ عاريةٍ مصابةً بعيارات نارية وتحمل آثار التعذيب انتُشلت من نهر الفرات جنوب بغداد هي لجندي من ثلاثة جنود أمريكيين مفقودين منذ أنْ نُصِب كمينٌ لهم في 12 مايو الحالي. وأضاف النقيب مُثنَّى المعموري- المتحدث باسم شرطة الحلة عاصمة محافظة بابل- أنَّ الجثة كانت بها إصاباتٌ أحدثتها طلقات رصاص في النصف العلوي من الجسم والرأس وأن صاحبها كان يرتدي قطعة ملابس تحتية من التي يوزِّعها الجيش الأمريكي على جنوده وحذاءً بعنقٍ مرتفعٍ، ويضع على ذراعه اليسرى وشْمًا، وأكد أنَّ الجثة لأحد الجنود الأمريكيين المفقودين. وأوضح ضابط شرطة في دورية نهرية في المسيب على بُعد 60 كيلو مترًا جنوب بغداد بأنه يبدو أنَّ صاحب الجثة قد قُتل منذ نحو أسبوع، وكان برأسه آثار تعذيب. وقال جيش الاحتلال الأمريكي إنَّه تسلم الجثة ويحاول التأكد ممَّا إذا كانت لأحد الجنود المفقودين منذ الكمين الذي نُصب لهم في المحمودية جنوب بغداد وقُتل خلاله 4 جنود أمريكيين آخرين ومترجم عراقي أم لا. كما أعلن جيش الاحتلال الأمريكي أيضًا عن مقتل 9 آخرين من جنوده في خمس هجماتٍ متفرقةٍ بقنابلٍ وإطلاقٍ للنار يومَيْ الاثنين والثلاثاء الماضيين ليصل عدد قتلى مايو من الاحتلال حتى الآن إلى 80 جنديًّا أمريكيًّا – بحسب الإحصائيات الأمريكية . وفي ساعة متأخرة من مساء أمس قال جيش الاحتلال الأمريكي إن مسلحين هاجموا موكبًا تابعًا لوزارة الخارجية الأمريكية في شرق بغداد، وقامت قوات الأمن- مدعومةً بطائرات الأباتشي- بصدِّ الهجوم، ولم يُصَب أيٌّ من أفراد الموكب، بينما قالت الشرطة في منطقة السنك بشرق بغداد إنَّ 4 أشخاص قُتلوا وأُصيب 11 في هذا الحادث. وفي الوضع الميداني أيضًا أعلنت الشرطة العراقية أنَّ 20 شخصًا قُتلوا عندما فجَّر فدائي يرتدي سترة ناسفة نفسَه داخل مقهى مزدحم في بلدة مندلي بمحافظة ديالى الواقعة إلى الشمال الشرقي للعاصمة بغداد، بينما قدَّر رئيس بلدية مندلي عدد القتلى بحوالي 11 في البلدة التي يسكنها مزيجٌ من السنة والشيعة والتي شهدت بعضًا من أسوأ أعمال العنف منذ عام 2003م. كما قُتل 6 عراقيين وجُرح أكثر من 10 آخرين في قصف بقذائف الهاون استهدف حي الكرادة وسط بغداد، وقالت الشرطة العراقية إنَّ قذيفة هاون سقطت على منزلٍ في الحي، في حين سقطت قذيفة أخرى قرب المسرح الوطني، وفي بغداد أيضًا قُتِل جنديَّان عراقيَّان وشرطيٌّ في اشتباك بين الجيش العراقي ومسلَّحين وتفجير بسيارة مفخخة استهدف دوريةً للشرطة في حي الدُّورة جنوبالمدينة، فيما اغتال مسلَّحون العقيد طلال كريم قرب منزله في حي المنصور غرب العاصمة، كما قُتل 3 عراقيين على الأقل وجرح 15 آخرون عندما انفجرت سيارة ملغومة في ساحة انتظار للسيارات ببلدة جبلة قرب الإسكندريةجنوب بغداد. وفي الموصل أعلنت الشرطة عن مقتل 5 عراقيين بينهم عضو بالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود البارزاني في هجمات متفرقة، وفي مسلسل الجثث المجهولة أعلنت الشرطة عن العثور على أكثر من 70 جثةً مجهولةَ الهوية في بغداد وتكريت والرمادي والكوت في الساعات الأربعِ والعشرين الماضية. وفي الشأن السياسي فقد كان الملف الأبرز في الساعات الأخيرة هو ملف مستقبل مدينة كركوك؛ حيث رجَّح النائب عباس البياتي- وهو من التركمان الشيعة- اعتبار مدينة كركوك الغنية بالنفط إقليمًا لسنواتٍ عدة، على أنْ يقرر برلمانها الخاص مصيرها بعد ذلك. وقال البياتي: إنَّ لجنة مراجعة الدستور الخاصة بمستقبل كركوك أشارت إلى آراءٍ عدَّة يتضمن أبرزها حلاًّ يحفظ حقوق الجميع ويكون على مرحلتَيْن: أولاهما أنْ تكون المدينةإقليمًا ضمن فيدرالية العراق لمدة من خمس إلى سبع سنوات، مضيفًا أنَّ المرحلة الثانية ستتضمن اتخاذ برلمان إقليم كركوك قرارًا بإلحاق أو دمج الإقليم في إقليمٍ آخر أو البقاء مستقلاً. وكان نواب من مختلف الكتل البرلمانية قد رفضوا قرار مجلس الوزراء تطبيق المادة (140) من الدستور التي تنص على استفتاء في كركوك لتحديد ما يريده سكانها وذلك قبل نهاية العام الجاري. من جهته رفض رئيس برلمان كردستان العراق عدنان المفتي إحالة قضية كركوك إلى الأممالمتحدة، معتبرًا أنَّ القضية عراقية وجزء من المشكلة الكردية، وشدَّد المفتي- خلال مؤتمر صحفي جمعه مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالعراق أشرف قاضي- على أنَّ "حلَّ قضية كركوك موجود في الدستور"، في إشارةٍ إلى المادة 140، وأضاف: "إذا كان لا بد من إحالة قضية كركوك للمنظمة الدولية فلا بد من إحالة المسألة الكردية بكاملها؛ لأنَّ مشكلة كركوك جزء منها". وبشأن التعديلات الدستورية قال المفتي: إن الأكراد "على استعداد لإبداء المرونة الكاملة لتحقيق المصالحة الوطنية وتعديل أية بنود في الدستور"، مستثنيًا تلك التي تتناول الفيدرالية والديمقراطية والمادة (140) التي تُعالج مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها، وأضاف- في المؤتمر الذي عُقد بمبنى البرلمان في أربيل-: "هي مسائل ثابتة بالنسبة لنا ولن نتنازل عنها ونعتبرها خطًّا أحمر لا يمكن تجاوزه، ونحن غير مستعدين لإبداء مرونة بشأنها". ومن جهته قال قاضي: إنَّ قضية كركوك عراقية ويجب أنْ تُحل بين العراقيين، مضيفًا أنَّ الأممالمتحدة ستدرس أي مساعدة تطلبها الحكومة العراقية في الموضوع، وأكد أنَّ الأممالمتحدة مستمرة في دعم العملية السياسية بالعراق، وبالتحديد موضوع مراجعة الدستور وموضوع تحقيق المصالحة الوطنية، وأشار إلى أن الأطراف العراقية بحاجة إلى التوافق والصبر لإنجاح مشروعي تعديل الدستور والمصالحة. وكان قاضي قد وصل إلى أربيل يوم الثلاثاء الماضي في زيارةٍ تستمر عدة أيام؛ للاطلاع على آراء المسئولين والسياسيين الأكراد بشأن العملية السياسية الجارية بالعراق وإطلاعهم على التطورات وتشجيعهم على تناول القضايا التي لم يبتّ فيها. وأكد في هذا الإطار أنَّه "سعيد بالتقدم الحاصل في العملية السياسية وفي مجال الإعمار في كردستان"، آملاً أنْ "ينتقل ذلك إلى كافة أنحاء العراق"، وقال إنَّ الأممالمتحدة ستزيد نشاطها في كردستان، وسترفع من حجم الدعم للمؤسسات الحكومية في الإقليم، وأبدى الاستعداد لدعم الأكراد في وضع دستورهم الخاص.