على الرغم من إحكام جدار الفصل العنصري خناقه حول أرواحهم، خرج المئات من أهالي قرية "بلعين" الفلسطينية، ظهر يوم الجمعة (18/8) في مسيرة احتفالٍ بالنصر الذي حقّقته المقاومة الإسلامية في لبنان. ورفع أكثر من 300 متظاهرٍ من أهالي القرية، يرافقهم خمسون من المتطوّعين الأجانب والمتضامنين الدوليين، الأعلام الفلسطينية واللبنانية، في الجمعة الأولى بعد تعليق الحرب ضدّ لبنان، وإعلان انتصار المقاومة الإسلامية التي قادها حزب الله. وفي مواجهة ذلك، شنّت قوات الاحتلال الصهيونيّة منذ ساعات الصباح الأولى حملةَ تحريضٍ وتخويفٍ في صفوف مواطني القرية، حيث أبلغت السكان في أطرافها أنّها ستمنع التظاهرة الأسبوعية المحتفلة بانتصار المقاومة بأيّ طريقة، كما شرع ضباط المخابرات الصهاينة بالاتصال على هواتف أهالي القرية وإبلاغهم بمنع المظاهرة وتحذيرهم من المشاركة فيها، وكذلك أُبلِغ الصحفيّون بأنّه لن يُسمَح لهم بتغطية هذه الاحتفالات. وبعد صلاة الجمعة مباشرةً انطلق المئات من أهالي القرية في مسيرةٍ احتفالية باتجاه الجزء الغربي من أراضيهم والتي صادر الاحتلال أكثر من 2300 دونمٍ منها، أيْ ما يعادل 60% من أراضي القرية مجتمعة، لصالح بناء جدار الفصل العنصري. وقال عبد الله أبو رحمة، منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في القرية، إنّ قوات الاحتلال أطلقت خراطيم من المياه الزرقاء باتجاه المتظاهرين، تسبّب في إحداث حروقٍ وحساسية مفرطة في أجساد المتظاهرين بُغْيَة تفريقهم ومنعهم من الاستمرار في المظاهرة. وقد أصيب بشكلٍ مباشرٍ سبعة مواطنين جراء هذا السلاح الجديد. وأضاف أبو رحمة أنّ المتظاهرين على الرغم من ذلك استطاعوا الوصول إلى المركبة التي استُخدِمت في رشّ هذه المياه ورفع العلَميْن الفلسطيني واللبناني عليها، وقد فوجئوا بأنّ المركبة أطلقت باتجاههم غازاً من نوعٍ غريبٍ أدّى إلى حالةٍ من الهيجان والحكة الجلدية. واستخدمت قوات الاحتلال إلى جانب ذلك الأعيرة المعدنية والغاز المسيل للدموع، مما أدّى إلى إصابة الصحفي منير عبده من وكالة الصحافة الأميركية (A.B) برصاصة مطاطية في ظهره، ليرتفع بذلك عدد الصحافيين الذين أصيبوا في فعاليات بلعين ضدّ الجدار منذ بدايتها قبل عام ونصف إلى 30 صحافيّاً ومصوّراً. كما اشتبك جنود الاحتلال مع عددٍ من الصحافين الذي قدِموا لتغطية الحدث. يُذكَر أنّ قرية "بلعين" الفلسطينية والتي تقع غربي محافظة رام الله، بدأت بتنظيم فعاليات أسبوعية كلّ يوم جمعة بعد صلاة الظهر، منذ منتصف فبراير عام 2005، وتستمرّ هذه الفعاليات التي بلغ عددها حتى اليوم 150 فعالية، على الرغم من كافة الظروف، بصورة مواكبةٍ للأحداث على الساحة المحلية والإقليمية. وقال أبو رحمة إنّ سرّ استمرار فعاليات "بلعين" بنَفَسٍ قويّ هو الوحدة التي يبديها أهالي القرية فيما بينهم ضدّ مصادرة أراضيهم ظلماً وبناء المغتصبات عليها. وكذلك التنوع في تنفيذ الفعاليات وخلق أشكال إبداعية متجددة في كلّ مرة، واستثمار هذه المسيرات في إيصال رسالةٍ للعالم عن مدى الظلم الصهيونيّ الذي يلحقه جدار الفصل العنصري بالفلسطينيين وأراضيهم.