اكدت دراسة قام بها معهد "بن جوريون" للدراسات الاستراتيجية انه بالرغم من حرص الرئيس المنتخب فى أول خطاب له بعد إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات الرئاسة المصرية منذ عدة أيام على توصيل رسائل طمأنة لدول العالم خاصة تل ابيب على تعهده بالحفاظ على كل الاتفاقات الدولية التى وقعتها مصر من ضمنها اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام مع تل ابيب إلا أن تل أبيب بأجهزتها الأمنية والمخابراتية المختلفة تكن كل عداء وقلق وتخوف للنظام المصرى الجديد تحت غطاء "الإسلام السياسى". وأصابت المسئولين الصهاينة حالة من الارتباك فى أعقاب إعلان مرسى برئاسة مصر، فبينما أعرب مسئولون عن أملهم بأن يحافظ الرئيس الجديد على معاهدة السلام بحكم المصالح الاستراتيجية المشتركة بين الجانبين، دعا آخرون إلى إعادة النظر فى طبيعة العلاقات بين الأطراف فى المنطقة من خلال ترميم ما يسمى ب"محور الاعتدال" وتعزيز العلاقات مع السعودية والأردن والسلطة الفلسطينية. وقد عكست جميع الصحف ووسائل لإعلام الصهيونية صعود "الإخوان المسلمين" إلى سدة الحكم فى مصر، حيث أكدت أن صعودهم سيكون له انعكاسات مباشرة على مستقبل المنطقة من الناحية العسكرية والأمنية، موضحة أن هذا الواقع الجديد سيفرض على قادة الكيان الصهيونى أن يعيدوا التفكير فى منظومة التخطيط الاستراتيجى وإعادة فتح ملفات الجبهة المصرية التى أغلقت منذ عقود ظل فيها النظام السابق بقيادة الرئيس المخلوع حسنى مبارك حارسا أمينا لمصالح تل ابيب من الجبهة الغربية لتل أبيب. فبالرغم من ميزانية الدفاع الصهيونية المنهكة التى تصارع على الصمود فى وجه الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية التى تفاقمت فى الشارع الصهيونى فى ظل التوقعات بمزيد من التراجع الاقتصادى المتأثر بالأزمة المالية بالدول الغربية، وأن هذه الميزانية مطالبة اليوم بالتعامل مع "سيناريوهات الرعب" المستقبلية المتطرفة تتحول فيها مصر من حليف إلى عدو. وأكدت دراسة أن الحلقة الأضعف فى هذه السيناريوهات هو شبه جزيرة سيناء التى تفتقد تل ابيب القدرة على التحرك فيها لمواجهة التهديدات المنطلقة منها إلى جانب حالة العمى الاستخبارى المتراكم منذ عقود من الإهمال وتقييد حرية الحركة عسكريا بسبب اتفاق السلام الهش والحساس. ووفقا لتقديرات المحللين والخبراء الاستراتيجيين الصهاينة فإن التهديد الأمنى لتل ابيب سيتحول فى شبه جزيرة سيناء من تكتيكى على يد جماعات مسلحة غير منظمة أو منظمة إلى تهديد استراتيجى عندما يقترب الجيش المصرى من الحدود الصهيونية وعندما يتعامل بندية مع الصهاينة وأوضح المحللون الصهاينة أن هذا الأمر لن يكون فعليا بحكم أن المواجهة بين الرئيس الجديد وقيادة المجلس العسكرى تحتاج إلى مدة زمنية إلى حين إخضاع الجيش المصرى إلى حكم الدولة. وفى ظل الأوضاع الأمنية الحالية والمستقبلية فى شبه جزيرة سيناء فإن تل ابيب لن تجد نفسها مضطرة للتصرف بسطحية مع الأمور بشكل يهدد مستقبل عملية السلام ولكنها ستكون بحاجة إلى ترميم الأدوات الاستخبارية وتطويرها فى سيناء، إلى جانب إعادة تشكيل قواتها العسكرية فى الجبهة الجنوبية لمواجهة أى تهديد مستقبلى وهذا يتطلب وقتا وجهدا وأموالا كثيرة تجد تل ابيب صعوبة فى توفيرها، وأن الجدار الفاصل على الحدود المصرية الصهيونية فى هذه الحالة لن يكون ذا أهمية كبرى. وأوضحت دراسة معهد "بن جوريون" أنه على الجانب الآخر من المعادلة الأمنية مع مصر هو قطاع غزة الذى تنفس الصعداء بصعود مرسى إلى سدة الحكم، فى حين ترى حركة "حماس" التى تحكم سيطرتها على قطاع غزة فى مصر بحلتها الجديدة سندا لمشروعها وبالتالى فإن تل ابيب ستكون مقيدة اليدين لأن الرئيس الجديد لن يسمح لها بالاستفراد بقطاع غزة مرة أخرى. وجاء فى الدراسة أن القيادة الصهيونية بدأت تدرك أن قطاع غزة بدأ يخرج عن السيطرة وهى باتت تسلم بواقع ترى فيه حماس تتسلح وتتعاظم قوتها العسكرية تحت أعينها وهى لا تستطيع أن تحرك ساكنا خوفا من الشقيق الأكبر لحماس بعد مرسى وهى مصر بقيادة مرسى، وهذا ما عبر عنه أحد القادة العسكريين عندما قال خلال جولة التصعيد الأخيرة: "إن تل ابيب تشترى الهدوء من قطاع غزة حتى لو كان ثمن ذلك تعاظم قوة حماس العسكرية". وقالت الدراسة الصهيونية إنه من الناحية السياسية فإن الواقع الجديد فى مصر أعاد رسم الخارطة الجيو سياسية فى الشرق الأوسط، وأن فوز محمد مرسى برئاسة مصر سيكون بمثابة تدشين رسمى لمرحلة جديدة فى تاريخ المنطقة تتشكل خلالها محاور جديدة أهم معالمها صعود التيارات الإسلامية فى شمال أفريقيا وتعزيز نفوذ القوى الرافضة للهيمنة الغربية والقوة الصهيونية بما فى ذلك تركيا وحركات المقاومة فى لبنان وفلسطين فى المقابل يتهاوى نجم التيارات الموالية للغرب فى وقت يفقد فيه الأخير أدوات قادرة على التدخل لتغيير هذا الواقع. وفى السياق نفسه، يسود لدى المنظومة العسكرية والأمنية الصهيونية حالة من القلق والترقب الشديدين، عقب تولى مرسى مقاليد الحكم فى مصر، مما دفعهم إلى رفع مستوى التأهب على الحدود الجنوبية، والدفع بمزيد من الوسائل القتالية الحديثة بالإضافة إلى المعدات الاستخباراتية، والمطالبة بزيادة فى الميزانية، تحسباً لأى خطر قد يواجه تل ابيب من جارتها الجنوبية. وذكرت صحيفة "معاريف" الصهيونية فى تقرير مطول لها أن دخول مرسى إلى قصر الرئاسة فى القاهرة يحرم عيون كبار مسئولى المنظومة الأمنية من النوم، الأمر الذى دفعهم إلى رفع مستوى التأهب على الحدود الجنوبية، والدفع بمزيد من الوسائل القتالية والمعدات الاستخباراتية هناك. ونقلت الصحيفة العبرية عن أحد المسئولين الكبار بالجيش الصهيونى قوله:" لا يمكننا البقاء غير مبالين بالإضرابات التى تمر على دولة ذات جيش قوى من هذا القبيل، هذا العصر الجديد الذى دخلت فيه هذا الأسبوع بلد النيل ربما يعطى الأمل لملايين المصريين، ولكن على الجانب الآخر من الحدود انتخاب مرسى خلفاً لمبارك يحرم النوم على عيون كبار مسئولى المنظومة العسكرية والأمنية". وأضاف المصدر العسكرى الصهيونى: "فى الجيش الصهيونى درست مؤخراً عدة سيناريوهات داخل الجيش، من ضمنها الاستعدادات المستقبلية ضد مصر، وكان من ضمنها استثمار 15 مليار شيكل على مدى الخمس سنوات القادمة فى الجبهة الجنوبية". وأوضح الضابط الصهيونى:" خلال السنوات الماضية ركز الجيش الصهيونى كامل اهتمامه على الجبهة الشمالية، وعلى قطاع غزة، ولكن فى أعقاب التطورات الأخيرة فى مصر، وعلى رأسها تصريحات مرسى قبل انتخابه، التى قال فيها إنه يجب إعادة النظر فى معاهدة السلام مع تل ابيب، جعلت المنظومة العسكرية تكرس من وقتها الكثير للتفكير العميق على جارتها الجنوبية". ووصفت الصحيفة العبرية الجيش المصرى بأنه جيش "بمواصفات غربية" حيث يعتبر الجيش المصرى أكبر الجيوش العربية فى أفريقيا بل وفى العالم العربى بأكمله، ويعتبر واحدا من أقوى القوى فى المنطقة، حيث يضم جيشه 470 ألف جندى وضابط فى الخدمة النظامية، و480 ألف جندى احتياط، الأمر الذى يجعله الجيش العاشر فى حجمه على مستوى العالم، وفى المقابل فإن الجيش الصهيونى ووفقاً لتقارير غربية يضم أقل من 180 ألف جندى فى الخدمة النظامية، و560 ألف جندى فى الاحتياط، وبالتالى فإن القوة العددية ترجح لصالح الجيش المصرى. وزعمت معاريف أنه بالإضافة إلى كون الجيش المصرى من أكبر الجيوش العربية، فهو يتمتع بمنظومة أسلحة متطورة مقارنة مع الدول الأخرى، حيث يمتلك الجيش المصرى 1000 دبابة من طراز "أبرامز" الأمريكية، وسلاح الجو التابع له يمتلك نحو240 طائرة من نوع "F-16"، و186 من طراز "C" ذات المقعد الواحد، و54 من طراز "D" ذات المقعدين، بالإضافة إلى أن أسطوله البحرى الذى يتكون من نحو220 سفينة، و8 غواصات جميعها من إنتاج روسيا. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن المنظومة الأمنية ستطرح قضية الاستعدادات على الحدود الجنوبية مع مصر على وزارة المالية، ومن المتوقع أن يوضح كبار المسئولين فى وزارة الدفاع الصهيونى أنه بدون 15 مليار شيكل المقدرة، لن يكون بالإمكان التصدى لأى خطر من الحدود الجنوبية. ولفتت الصحيفة الصهيونية إلى أن وزير الدفاع الصهيونى إيهود باراك عبر عن دعمه فى السابق لزيادة الميزانية، وتأييده بصورة كاملة لجميع الإجراءات التى يتخذها الجيش على الحدود الجنوبية. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة