أسوار الاعظمية التي يزمع أو باشر ببنائها الاحتلال الأمريكي.. هي بالواقع مشروع صغير لمشروع كبير فاشل يهدف إلي تفكيك أوصال العراق وتقسيمه طائفيا واثنيا وسياسيا ودفعا لأبناء المجتمع العراقي الموحد نحو التفكك والتشرذم، فبين الحين والآخر يوحي لنا أن المحتل وكأنه قد أعطي إدارة العراق إلي عدة مخرجين أحضرهم من هوليوود ودعمهم بمجموعة من علماء النفس والبحث الاجتماعي لا غاية لهم ولا هدف إلا توجيه المجتمع العراقي بعد تقليل خياراته أو تحديدها بحيث تكون جميعها تخدم هدف المشروع الأمريكي بالمنطقة لزرع (فايروس) في العراق ينتقل ليصيب جميع دول المنطقة وما يحيطها في أن تكون حالة عدم الاستقرار والتأزم المستمر هي الطابع الذي يسعي لصيرورته ذلك انه يهدف إلي إبقاء التخلف في بلدان العالم الثالث كما يصنفونا هذا التخلف الذي يضطرهم إلي اللجوء نحو مجموعة الخيارات التي حددتها إدارة الشر في البيت الأسود منها ما يزيد الفرقة ومنها من تجعل الفرد فيه عبدا مطيعا منقادا إليها كعميل. وهذا هو مصغر وخلاصة المشروع الصغير والوضيع الذي باشر به المحتل حول الاعظمية الصامدة فمهما قدم من حجج واهية كالحفاظ علي الأمن أو السيطرة علي مجريات الأمور إلا أن الحقائق تتكشف طواعية نتيجة الخبرة التاريخية لتحليل الواقع وقراءة المستقبل التي اكتسبها أبناء المجتمع العراقي في الربع قرن الذي خلي. ہ لم يكن اعتباطا ولا خطأ غير مقصود من قبل المحتل حين قام بحل الجيش العراقي بل كان قرارا مقصودا يخدم أهدافه في صناعة أسباب كثيرة توضع علي بساط مبررات تواجده وبقائه في العراق وليس ذلك خافيا فقد أعلن العديد من قادته عن نيتهم بالبقاء عدة سنين بالعراق وبرروا ذلك بمحاربتهم لما سموه الإرهاب عنوان الفلم الأمريكي لهذا القرن. وارجو الانتباه لهذه الفقرة التي ستتوضح بعد إكمال الفقرة التالية: عرف من يمارس التحليل والحرب النفسية للعدو إن نتيجة حل جيش منظم اعتاد الحياة العسكرية الصارمة في أوامره وسلوكه إلي أن يقود هذا الفراغ الذي تكوّن مجموع أفراد هذه المؤسسة للتوجه إلي (الخيارات التي رسمها المحتل) فإما أن ينضموا إلي ميليشيات الخيانة والإجرام وهي التي تألفت بعلمه قبل الاحتلال وبرزت بعده أو إلي التنظيمات التي ستقاوم المحتل وهذا تحليل نفسي صارم وصحيح، كمدمن التدخين مثلا إذا ما انقطعت في الأسواق السيكارة التي اعتاد عليها فلن يكون خياره التوقف عن التدخين وإنما سيكون خياره اقتناء سيكارة أخري تتقارب مع ما أدمن أو اعتاد عليها، يذكرني ذلك بما اخبرنا به الرسول الأمين حين قال (عودوا أنفسكم علي ما اعتادت) أو بما معناه ولذلك تم رسم هذين الخيارين لمنتسبي القوات المسلحة ونحمد الله علي أن الغالبية العظمي قد انتظمت في المقاومة المسلحة وقليل منهم من احتجب وفضّل الانطواء حتي حين. ومهما كانت النتائج فهي تخدم بالنتيجة أهداف المحتل الإستراتيجية في العراق والمنطقة لا سيما وانه قد جاء في بدايات تصريحات المحتل قبوله بإعطاء خسائر بشرية (محدودة كما كانوا يعتقدون) ذلك أنهم ناقشوا وفرضوا هذا الرأي قبل خوض هذه المغامرة التاريخية ولكن كما أصبح واضحا وجليا للجميع فلم يسعفهم الحظ في أن تكون خسائرهم محدودة ولم يتوقعوا أن تكون المقاومة العراقية بهذه الشراسة والقوة والإصرار والتضحية بالنفس. لذلك فان مسببات بناء أسوار حول الاعظمية تتشابه في مضمونها نفس الغايات السابقة في تحديد الخيارات حين سرحوا الجيش العراقي لغرض تحقيق أهدافهم.. فما هي غايتهم هنا؟ حين يتم تقسيم بغداد وإحاطة مناطقها وفق التقسيم الطائفي ولما كانت قيادات الجيش والأمن خائنة للوطن والدين أو عميلة لهذا أو ذاك فإنها إكمالا لخطة التقسيم هذه فإنها ستقوم بإعمال إرهابية من تقتيل واعتقالات جائرة وعشوائية تشاركها في ذلك الميليشيات الإجرامية، ففي عند هذه الحالة فإنها تقوم بدفع أبناء مدينة الاعظمية ثم باقي المناطق في بغداد إلي خيارين: احدهما الهجرة والثاني الإصرار علي المقاومة. وفي الحالتين سينمو الإحساس بالظلم الطائفي وتزداد الهوة بين السنة والشيعة لاسيما إذا ما مورس نفس الأسلوب بمناطق يكثر فيها الشيعة لمحاولة عكس الأمور كي تخدم أهدافهم في قيام حرب أهلية طائفية. ہ هذا الأمر الذي نحذر منه الجميع وندعو إلي اعتماد مبدأ التحليل والحرب النفسية المضادة لإفشال مخططات المحتل وأعوانه ولن أتعجب إذا ما وصلت قيادات المقاومة في قناعاتها إلي نقل جزء من عملياتها العسكرية من فوق أسوار الاعظمية لتدك في شوارع واشنطن كرد مقابل طبيعي لما يتعرض له من إجرام، والعزم علي إضافة فشل آخر للقيادة التاريخية في الإرهاب الدولي الأمريكية حين تباهت أمام شعبها وقالت إنها نجحت في درء الخطر عن أمريكا وأبنائها بان نقلت الحرب إلي العراق لتتجمع القوي (الإرهابية) علي أرضه كي تحاربها هناك وتقضي عليها حينها لن تكون ارض المعركة خيارا أمريكيا تحدده لوحدها فقط!