بقيام ثورة 25 بدأت مرحلة جديدة فى تاريخ مصر الحديث ، وفرضت شرعية الثورة نفسها منذ أيامها الأولى حتى فى وجود رأس النظام المراد التخلص منه ، فكانت أولى ارهاصات هذه الثورة اقالة حكومة نظيف ثم تشكيل لجنة لتعديل بعض المواد فى الدستور خاصة فيما يتعلق منها بالانتخابات الرئاسية والاشراف القضائى على الانتخابات ، وباءت جميع محاولات المخلوع لاسترضاء الثورة بالفشل الذريع على الرغم من اعلانه الصريح من أنه لن يرشح نفسه للأنتخابات الرئاسية ، فيما أعلن عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية أن جمال مبارك لن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية أيضاً !!!الى هنا كان حد الاستجابة الى الشرعية الثورية فى مهدها ، وتحت الضغط الجماهيرى الغير مسبوق فى تاريخ البشرية – كما شهد بذلك العالم كله – دخلت ثورة مصر فى مرحلة جديدة وفريدة فى تاريخ الثورات حيث تم تسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة كأحد مؤسسات الدولة على خلاف الدستور القائم انذاك وهو دستور 1971 والذى يقضى بتسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب باعتباره المؤسسة المنتخبة من الشعب وهو المجلس الذى تم تزوير انتخاباته فى وضح النهار بشهادة 85 مليون مصرى !!!وبناءاً عليه - وبالشرعية الثورية- أصدر المجلس العسكرى قراراً بحل مجلسى الشعب والشورى ،ثم تبعه بتشكيل لجنة لوضع تعديلات دستورية على المواد التى أراد المخلوع تعديلها !! وكانت التعديلات على دستور 1971 فى 19 /3/2011 على أساس أن هذا الدستور لم يسقط والا انتفت الحكمة من تعديله، ثم فوجئنا باصدار اعلان دستورى نسف هذا الدستور بالكلية فى 30من الشهر نفسه !!!وتم تعديل بعض المواد التى تم استفتاء الشعب عليها ووضعها فى هذا الاعلان وسط تهليل من معظم الأطياف السياسية فى بداية شهر عسل سرعان ما تبين بعد ذلك مرارته التى ما زلنا نتجرعها حتى يومنا هذا ، وفى الناحية الأخرى وبازدواجية عنيدة أصرت السلطة الحاكمة على الاحتكام للقانون دون مراعاة للشرعية الثورية فأصدرت – بعد طول عناء – قانون الغدر الذى يصعب تفعيله على الرغم من حل الحزب الوطنى بحكم قضائى تاريخى الأمر الذى كان حرياً بتطبيق قانون الغدر بقوة الشرعية الثورية التى طبقت بعد قيام ثورات العالم أجمع وعزلت جميع من أفسدوا وشاركوا فى هدم مصر طوال ثلاثين عاماً ،الغريب المستنكر أن نجد الآن من يزعم عدم جواز تعديل المادة 28 التى تحصن اللجنة القضائية التى تدير انتخابات الرئاسة وتجعل قراراتها بمثابة أحكام باتة نهائية على الرغم من أنها لجنة ادارية بالدرجة الأولى !!على سند ان الشعب قد استفتى عليها!!! والقرار الصائب الآن جعل مدة الطعن خمسة عشرة يوماً من اعلان لجنة الانتخابات للنتيجة أمام المحكمة الادارية العليا أو محكمة النقض وهى مدة كافية لمراجعة محاضر رؤساء اللجان العامة فى 27 محافظة وهو أمر لن يستغرق أكثر من عدة ساعات !!كما يمكن تغيير هذه اللجنة – المطعون فيها – بأعضاء جدد مثل المستشار/ حسام الغريانى وعضوية نواب من محكمة النقض ونواب لرئيس مجلس الدولة حتى تنتهى حالة الشك والبلبلة السائدة الآن مادامت النيات حسنة فى عدم تزوير انتخابات الرئاسة وهو الحدث الذى سيكون مردوده لا يعلم مداه الا الله ، الى القائمين على أمانة الحفاظ على هذا الوطن ، مصر فوق الجميع والتاريخ لا يرحم والشعب صبور ولكن ... نور الدين عبد الصمد مدير عام بوزارة الآثار [email protected]