مجدى حسين: صحيفة المدينة ركزت على الثوابت لا المتغيرات د. أحمد الخولى: الدستور قضية أساسية ومحورية من قضايا الثورة نهرو طنطاوى: القرآن الكريم لم يتجاهل أو يتغافل النظام السياسى للأمه.
كثر فى الآونة الأخيرة الجدل حول الإعلان الدستورى الجديد والأسس والقواعد والركائز التى سوف يعتمد عليها فى غمرة هذا الجدل كان لابد من وجود دستور يتوافق مع مختلف الأزمنة، والأمكنة أيضا يتوافق مع مختلف الأديان والعقائد لذا برزت الحاجة إلى إحياء دستور النبى محمد صلى الله عليه وسلم كطرح قدمه الأستاذ نهرو طنطاوى الكاتب والباحث فى الفكر الإسلامى. فى البداية أشار طنطاوى أنه يتردد كثيرا على السنة وفى كتابات الذين لا يعلمون أن الإسلام ليس به مجموعة القواعد والآليات الأساسية التى تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيه وأن الله ترك الأمر للناس يديرون شئونهم وأمور الناس وفق ما يروق لهم وأن الإسلام لم يقم بتوضيح شكل الدولة هل هى "ملكية" أم "جمهورية" ولم يوضح الطريقة التى من خلالها يتم اختيار رئيس الدولة هل يكون بالتعيين أم بالانتخاب وهل يوافق الإسلام على التعددية الحزبية فى النظام السياسى أم يناهضها فكثيرا ما يدعى الذين لا يعلمون أن الإسلام لم يجب على الأسئلة ولا على غيرها من الأسئلة التى تطرح على شكل نظام الحكم فى الإسلام ومن ثم يدعون أن الإسلام دين ينحصر دوره فى التوجيه الروحى والأخلاقى فحسب ولا يصلح للزج به فى شئون الحكم والسياسة. وأضاف قائلا كذلك يدعي الذين لا يعلمون أن الدولة فى النظم السياسية الحديثة عليها إدارة وتبعات ومسئوليات تجاه رعاياها مسلمين وغير مسلمين فى الداخل وتجاه غيرها من الدول إسلامية وغير إسلامية فى الخارج لذا قد صار لزاما على الدولة الحديثة أن يتضمن دستورها بندا يؤكد مبدأ المواطنة أساس لإنتماء الجماعة الوطنية لها تنص على مساواة رعاياها فى الحقوق والواجبات دون تفرقة بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو اللون كما صار لزاما عليها أن تحمى حرية الاعتقاد والتفكير والتعبير دون انحيازها لأحد أو الوقوف بالضد على أحد. مشيرا كذلك أدعى الذين لا يعلمون أن الإسلام لا يوجد فيه مثل هذه الأمور الحديثة التى اكتشفها وأبدعها الإنسان الغربى الذى نتسول منه كل شيء حتى النظم السياسية وكيفية إدارة بلادنا. متسائلا هل يستقيم فى عقل عاقل أن الله خالق السموات والأرض منزل الكتب ومرسل الرسل هل يليق بهذا الإله العظيم أن ينزل كتاب كالقرآن الكريم يتحدث فيه عن الزواج والطلاق ثم يتجاهل أو يتغافل فى حديثه النظام السياسى والأخطر والأكبر من أمور ك كالحيض والزواج والطلاق فهل يليق هذا بالحق سبحانه العليم الخبير. مؤكدا أنه كذلك قال الذين لا يعلمون من التيارات الإسلامية مثل قوله فكلما سئلوا عن النظام السياسى ونظام الحكم فى الإسلام قالوا نحن نريد "دولة مدنية بمرجعية إسلامية" و قولهم هذا ليس قولا علميا وليس نظام سياسى حقيقيا يمكن تطبيقه على أرض الواقع وإنما هو قول ضبابى غائم لا مدلول حقيقى له أشبه بشخص مسلم اسمه "جرجس" أو شخص مسيحى اسمه" محمد" إذ كيف تتفق المدينةالغربية التى تقوم على الليبرالية التى تقدس حرية الفرد فيما يفعل حتى ولو مارس الجنس مع أخته أو ابنته دون أن تجرم قوانين الدولة المدينة هذا وهذا يؤكد بكل وضوح أن التيارات الإسلامية جميعا لا تعرف شيئا عن النظام السياسى الحقيقى الذى ورد فى القرآن الكريم واقامه النبى محمد عليه صلاة وسلام ومارسه واقعا فى المدينةالمنورة. ويؤكد كذلك أن التيارات الإسلامية لا تعرف من الإسلام أى نظام سياسى حقيقى سوى نظام دولة الخلافة ذلك النظام الذى انقلب مؤسسوه الأوائل على النظام السياسى النبوى الحقيقى الذى أسس قواعده النبى عليه الصلاة والسلام فى المدينةالمنورة فور هجرته إليها والذى ظل قائما حتى وفاته لذا عند صدور مثل هذا الكلام من الذين لا يعلمون يجب أن نلتمس عدم علمهم بالحقيقة الإسلام وتاريخه وعدم فقههم لنصوص الإسلام وتشريعاته. معبرا أنه معا لا يخفى على ذى علم وذى فقه أن كل كتب التاريخ الإسلامى وكل كتب السير الإسلامية أجمعت على أن القوم عقب وفاة النبى محمد قاموا بإنقلاب سياسى على النظام السياسى الذى أقامه النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينةالمنورة فاستبدلوا الذى هو أدنى بالذى هو خير فقاموا بإرساء قواعد نظام دولة الخلافة ذلك النظام الذى أطاح بنظام "أمة المدينة" ومنذ ذلك اليوم ظل المسلمون يعمهون ويتخطون سياسيا وحكميا إلى يومنا هذا.. فقد أجمعت كتب التاريخ والسير أن القوم نشأ بينهم صراع مرير على السلطة ظهرت "فى سقيفة بنى ساعده" عقب وفاة الرسول مباشرة وحتى قبل دفنه وقد أوردت كتب التاريخ والسير أن المهاجرين والأنصار انقسموا إلى حزبين كبيرين حزب المهاجرين من قريش ومعهم سادة قريش من الصحابة وحزب الأنصار وهم الصحابة من أهل المدينة فأما المهاجرون من قريش فقد طالبوا بالإمارة لأنفسهم كما أعلنوا فى قولتهم الشهيرة "منا الأمراء ومنكم الوزراء" وفى المقابل طلب أهل المدينة كما جاء فى قولتهم الشهيرة "منا أمير ومنكم أمير" وأثناء حديثه أكد طنطاوى فيما يتعلق بالتوصيف السياسى بنظام "أمة المدينة" أنه لم يكن "جمهوريا" ولا "ملكيا" ولا "سلطانيا" ولا "إماراتيا"ولا "ديمقراطيا" ولا "ليبراليا" ولا "برلمانيا" ولا "رئاسيا" ولا "دستوريا" إنما كان التوصيف النبوى له هو" النظام المدينى "وليس" المدنى" إذ مصطلح الدولة المدنية سياسى غربى حديث العهد أما النظام السياسى المدينى فهو مصطلح منسوب للمدينة المنورةوالمدينةالمنورة هى البلد الأول فى تاريخ البشرية الذى تأسس فيه ذلك النظام "الدستور" سياسى مكتوب ومخطوط فى صحيفة أعدها النبى بنفسه فى ضوء مبادئ وتشريعات القرآن الكريم. مؤكدا أن المسمى السياسى لهذا البلد "المدينةالمنورة" لم يحمل مسمى "دولة" ولا "مملكة" ولا "سلطنة" ولا "إمارة" ولا "ولاية" ولا "خلافة" وإنما المصطلح الذى أطلقه الله ورسوله على هذا البلد هو "أمة" مفسرا "أمة المدينةالمنورة" الأمة كلمة مشتقة من الاسم "أم" بضم الألف وتسكين الميم وليس الفعل "أم" مفتوح الألف ومشدد الميم كما يعتقد بعض الناس خطأ إذ الفعل "ام" مفتوح الألف ومشدد الميم له دلالة مغايرة للاسم "أم" فالفعل" ام "مفتوح الألف ومشدد الميم يدل على قصد شيء والتوجه إليه ومنه اشتقت كلمات الإمامة والإمام والأمام والتميم. أما الاسم "ام" فهى الأنثى الأم التى ولدت أبناء ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شيء أو اجتماعه أو تربيته أو إصلاحه أو مبدأه معربا بقوله أن الأم الأنثى التى ولدت تحمل بداخلها منهاجا عاما فى الحياة يضم هذا المنهاج حزمة من القيم والأخلاق والعقائد والمورثات والثقافة صوابا كانت محتويات ذالك المنهاج أو خطأ إلى أن الأم تعمل على نقل ذلك المنهاج بكل محتوياته إلى أبنائها مما يعمل على اجتمع هؤلاء الأبناء عليها فتصبح الأم أصلا جامعا لكل أبنائها وأحفادها مما تفرعوا أو اختلفوا أو تمايزوا حين يكبرون ويتفرقون عن بعضهم البعض مشيرا أن أصرة الأمومة تظل هى الأصل الجامع الرابط لهؤلاء الأبناء على تفرقهم لذلك نرى الله عز وجل أطلق الاسم أم على القرية الكبيرة الأصل الجامع لعدد كبير من القرى ومن حولها المجاورة والتابعة لها وهى ما يطلق عليها الآن مسمى العاصمة مدللا بذلك على قوله أن مكة أطلق الله عليها أم القرى أى العاصمة لكل من حولها من القرى وكذلك الآيات المحكمات من القرآن هن أم الكتاب كذلك رأس الإنسان أطلق عليها أم الإنسان وأم رأسه لأنها أصل جامع يحوى عدد من الأدوات إذ يحوى الرأس العينين والأذنين واللسان والشفتين والدماغ والأنف فلذلك يطلق عليها أم الإنسان. ومن الجدير بالذكر أن النبى عليه الصلاة والسلام لم يصف هذه الأمة فى الصحيفة الدستورية بأى صفة دينية أو قومية أو جغرافية أو لغوية ولم يطلق عليها صفة أمة إسلامية إنما الصفة التى أطلقها هى صفة أمة واحدة فضلا عن ذلك لم يرد فى القرآن الكريم لهذه الأمة أى صفة دينية أو عقيدية أو سياسية أو عرقية أو جنسية أو قبلية أو جهوية أو وطنية أو جغرافية وإنما التوصيفات القرأنية التى وصف الله بها هذه الأمة هى الوحدة والوسطية وأمة تهدى بالحق وبه تعدل. مشيرا أن الصحيفة الدستورية لأمة المدينة التى كتبها النبى صلى الله عليه وسلم هى الدستور السياسى الأول المخطوط والمكتوب من نوعه فى تاريخ البشرية وقد كتب النبى هذه الصحيفة الدستورية لتنظيم التعايش السلمى المشترك العادل بين المؤمنين والمسلمين من المهاجرين من قريش والأنصار من أهل المدينة وبين قبائل اليهود والنصارى وغيرهم من القبائل من قاطنى المدينة وقد جاءت بنود هذا الدستور فى 47 بندا دستوريا لم يسبق لها مثيل فى تحقيق العدل والحق واحترام حقوق الإنسان أيا كان دينهم أو شأنهم ولن يجد الباحث مثيلا لرقى وحضارة وروعة هذه البنود الدستورية فى أى من دساتير العالم الآن على الإطلاق لا فى الغرب ولا فى الشرق وقد تم إنشاء أمه واحده طبقا لهذا الدستور وجمعت تحت لوائها كل القبائل وأطياف الشعب المدينى على اختلاف انتماءاتهم الدينية والفكرية والمذهبية بغية تعايش هذه الأطياف كل وفق معتقده ودينه وفكره دون أن يتسيد فكر على آخر ومن دون يفرض طيف رؤاه على بقية الأطياف وقد وافقت جميع قبائل المدينة على هذا العقد الدستورى العظيم وعلى أن يتم السماح لكل طيف أن يسير حياته وفق ما يراه ووفق دينه وفكره أو مذهبه فيما لا يتعارض مع المبائ الإنسانية والقيامية والقانونية الرئيسية التى تم التفاق عليه فى الصحيفة والتى لا يختلف اثنان من الناس عليها. وأثناء حديثه أكد الدكتور أحمد الخولى أمين عام مساعد وأمين التنظيم بحزب العمل الجديد أن أيامنا تمر بعدة قضايا محورية فى مسار ثورة مصر منها قضية الدستور والتى تم الدفع بها فى مقدمة الأحداث وذلك بعد قرار محكمة القضاء الإدارى بإيقاف البرلمان عن تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة. فبالتالى يشكل الدستور قضية أساسية من قضايا الثورة مؤكدا أن دستور المدينة يعد مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية والتى تمت كتابتها بعد هجرة النبى إلى المدينة. وفى كلمته أكد الأستاذ مجدى أحمد حسين رئيس حزب العمل الجديد أنه لابد من فهم المعانى ليس هذا فحسب بل التدقيق الشديد فى فهم المعانى التى وردت فى الوثيقة. معربا بقوله أن أهم شيء ورد فى الصحيفة هو التمييز بين ما هو عام وخاص إذ أن دولة المدينة كان لها طابع خاص كانت دولة انتقالية ليس هذا فقط بل كانت تحتوى على نسبة يهود قلة. وفيما يتعلق بفكرة المواطنة ذكر حسين أن اليهود كانوا يذبحون مع المسلمين لذا برزت فكرة المواطنة التى وضعت فى الصحيفة خاصة المواطنة السياسية أى أنه كلنا سواء أمام القانون ويطبق على الكل دون أى تفرقة. مؤكدا أن أهم ما ورد فى هذه الوثيقة هو التفاهم زيادة على ذلك التركيز على الثوابت وليس على المتغيرات. وأثناء تكريمه من قبل حزب العمل الجديد أعرب المناضل أحمد دومه عن سعادته نتيجة هذا التكريم مشيرا أن هذه الثورة يجب أن تكون لها عدة موجات ويجب أن نعترف أن الموجة الأولى باءت بالفشل الذريع لذا يجب أن نخوض معركة أخرى لخلق موجة ثورية جديدة ضد المجلس العسكرى وأعداء هذا الوطن. معربا بقوله أن الثورة الحقيقية لن تتم إلا بالقضاء على الكيان الصهيونى.