الشعب يتحرك بالفعل دفاعاً عن وجوده.. فأين قادة المعارضة؟ وأين الجبهة الوطنية المتحدة؟! [email protected] لا يحتاج أى عاقل لأى نوع من البرهنة على تزوير الاستفتاء الأخير على تعديلات الدستور، وكل الاستفتاءات السابقة، ومع ذلك فإن حالة الاضطراب (والدهولة) التى أصابت النظام فاقت كل الحدود والتوقعات، فأعلن رأس النظام ونشرت كل صحفه الرسمية تصريحه الذى أكد فيه " ان نسبة الحضور فى الاستفتاء زادت على أى نسبة حضور أخرى شهدتها مصر من قبل" الأهرام الاربعاء 28 مارس 2007 صفحة (3)!! اذن مبارك يعترف بتزوير كل الاستفتاءات السابقة التى زادت عن 27% بما فيها الاستفتاءات التى انتخب فيها هو نفسه رئيساً للجمهورية، وبالتالى فإننا لا نصدق أيضاً حين تعلن أجهزته حضور 27 % فى الاستفتاء الأخير. اذا كان فى البلاد قانون ومؤسسات لكان يجب التحقيق فوراً فى هذا الاعتراف بالتزوير. والمثير للسخرية حتى لا يتصور أحد أنها مسألة زلة لسان.. نجد أحد أتباعه وهو مفيد شهاب يصرح للأهرام فى ذات العدد فى الصفحة الخامسة بتصريح متطابق!! "ان نسبة التصويت والتى بلغت 27.1 % تفوق نسبة التصويت التى عرفتها مصر فى الاستفتاءات السابقة وأيضاً فى الانتخابات البرلمانية". المعروف ان الاستفتاء السابق كانت نسبة الحضور المعلنة رسمياً 53 %!! ولا يهمنى من ذلك أننى وجدت اثباتاً جديداً أو دامغاً، ولكن الأهم بالفعل هو هذه الحالة التى أصابت النظام بأسره بالهلوسة والزهايمر وفقدان الاتزان، وعدم تقدير معانى الكلمات، ان مفاصل النظام تفككت وبالتالى أصبح لا يتقن أبسط قواعد الكذب! ولكن لاستكمال الصورة الكاريكاتيرية لابد أن نقرر وفقاً للبيانات الرسمية المعلنة. ان النسبة المعلنة للحضور فى استفتاء رئاسة الجمهورية عام 1999 وعلى أساسه حكمنا مبارك حتى عام 2005، كانت نسبة الحضور 79% مرة أخرى 79% . وكانت النسبة فى استفتاء 1993 84.1% وفى استفتاء 1987 88.47% أما الاستفتاء الأول 1981 فكانت نسبة المشاركة المعلنة رسمياً 81.3%. هذا هو الجدول: السنة نسبة المشاركة نسبة نعم 1981 1987 1993 1999 2007 81.3% 88.47% 84.1% 79% 27.1% 98.46 96% 96.28% 96% 75.9% مرة أخرى ما يهمنا الآن هو كيفية الخلاص من هذا الوباء. فإذا لم تتحد الأمة ممثلة فى قادتها ونخبتها فلا يحق لها أن تشكو، لأن الشعوب عادة ما تستحق حكامها. ولكن الشعب مظلوم معنا، فالمشكلة الحقيقية هى فى قادة المعارضة السياسية الوطنية والاسلامية معاً. إن البلاد تشهد نهوضاً شعبياً كبيراً فى العامين الماضيين، خروجاً جماهيرياً متواصلاً دفاعاً عن الحقوق المشروعة، بينما تجرى مظاهرات "كفاية" وباقى قوى المعارضة السياسية بشكل متواز، وغير متقاطع، وكأنهما خطان متوازيان لا يلتقيان. ليس من حق أحد من المثقفين أو السياسيين أن يثرثر حول عدم ثورية الشعب المصرى أو خنوعه. فكما ذكرت من قبل فإن عام 2006 شهد 222 احتجاجاً ما بين مظاهرة واعتصام ووقفات احتجاجية أو اضراب، وقد شمل هذا الاحصاء عمال قطاع الأعمال والحكومة والقطاع الخاص. ووفقاً لتقارير منظمة الأرض أيضاً فإن عام 2006 شهد مقتل 49 فلاحاً وإصابة 146 آخرين والقاء القبض على 274 فى قضايا متعلقة بالتنازع حول الأراضى وهى من توابع قانون المالك والمستأجر وغيرها من منازعات الملكية التى يعانى منها المستأجرون كفلاحى دكرنس. ولا توجد أية احصاءات حول عدد الاعتصامات الفلاحية، ولا عدد الاعتصامات والاضرابات الطلابية. ونحن نحتاج لهذا المرصد للتحرك الجماهيرى على المستوى اليومى والأسبوعى والشهرى والسنوى، وحتى يكف بعض السياسيين عن اختلاق الأعذار لأنفسهم بالحديث عن خنوع الشعب!! والأولى أن يجرى الحديث حول خنوع واستكانة النخبة القائدة. فى الأيام القليلة الماضية هذا بعض ما تمكنت من رصده من خلال وسائل الاعلام المكتوبة المتناثرة. · انتفاضة عمال وموظفى مطاحن القاهرة والجيزة، احتجاجاً على القرارات التى بدأت تسند أعمال المطاحن للقطاع الخاص مما سيقلل من حوافز العاملين بالشركة الذين يبلغ عددهم فى كل الفروع 25 ألف. ومرتباتهم لا تزال مع الحوافز أقل من 300 جنيه حتى بعد خدمة 20 سنة. خرج العمال فى شارع فيصل بالجيزة تتقدمهم النساء، وسنجد المشاركة النسائية ظاهرة ملحوظة فى مختلف تحركات الموظفين والعمال، ورغم توقف الاعتصام بسبب فرض الأمن لأجازة إجبارية يوم السبت الماضى، فإن النية تتجه لتجديد التظاهر والاعتصام. · اعتصام 300 طبيب من أطباء مستشفى أم المصريين اعتراضاً على ضآلة الرواتب والبدلات (من 100 إلى 200 جنيه)، وكان الاعتصام بنادى نقابة الأطباء بالجيزة. · أيضاً فى مجال الأطباء دعت الجمعية العمومية لنقابة أطباء المنوفية إلى الاضراب العام، للمطالبة بالافراج عن الأطباء المعتقلين، وأيضاً من أجل الغاء القرار 444 لسنة 2006. ثم تكرر هذا الموقف الصاخب فى الجمعية العمومية لأطباء مصر بالقاهرة. · ورغم ادعاء النظام ان لديه نوايا نووية سلمية! إلا أن موظفى هيئة الطاقة النووية اعتصموا أمام القصر الجمهورى بعابدين مطالبين بتثبيت العمالة المؤقتة بالهيئة وهى حوالى ألف موظف وباحث وعالم من الحاصلين على الماجستير والدكتوراة وبعضهم ينتظر التثبيت منذ 15 عاماً (مرتباتهم تتراوح بين 90 – 170 جنيهاً)! · ومن علماء الذرة إلى موظفى البريد، حيث تجمهر خريجو تجارة حلوان شعبة بريد أمام مبنى هيئة البريد بالعتبة فى وسط القاهرة احتجاجاً على عدم تعيينهم، وليس لهم مجال آخر للعمل!! · فى الأثناء شهدنا ثورة أهالى قلعة الكبش بسبب الحرائق التى التهمت أكواخهم دون مساعدة سريعة وذهب الأمن المركزى ليضربهم بعد خراب ديارهم. · ويقوم معلمو سيناء بمبادرة ستحرك كل معلمى مصر وهم بمئات الألوف، إذ وقع ثمانية آلاف من أصل ثلاثة عشرة ألف معلم فى سيناء ضد الكادر الخاص للمعلمين وهذا تحضيرا لتوسيع التوقيعات فى مختلف أنحاء الجمهورية استعدادا لإضراب جزئى فى شهر مايو القادم أثناء الامتحانات. · وكذلك يحضر المهندسون من أجل إضراب عام دفاعا عن نقابتهم المسلوبة منهم تحت الحراسة منذ ثلاثة عشرة عاما. · ويهدد عمال شركة كابرى بالاعتصام أمام مقر رئاسة الجمهورية بسبب إغلاق شركتهم دون الحصول على حقوقهم. · كل هذه التحركات كانت ستتوج بوقفة احتجاجية من ضباط الشرطة المتقاعدين بالأسكندرية ضد تزوير الاستفتاء، ولكن مباحث أمن الدولة تحركت فى الوقت المناسب للحيلولة دون هذه الظاهرة التاريخية. وكانت أنباء قد تسربت عن اعتصام وتجمهر أمناء الشرطة داخل مبنى وزارة الداخلية (منذ قرابة العام). وهذه كلها ظواهر غير طبيعية عندما تحدث فى إطار وحول الجهاز القمعى الأول. إذن هذه هى العينة من رصدى الشخصى خلال ثلاثة أو أربعة أيام فقط، وهى أقل من أحداث الواقع الفعلى، وبعد ذلك يتقول أحدهم على الشعب المصرى ويقول إنه يحب الذل. إن العينة التى تعرضنا لها تشمل أطيافا بالغة التنوع: عمال- موظفون- مهندسون- علماء ذرة- موظفو بريد- أطباء- شرطة- معلمون، وأيضا لابد من الإشارة إلى اعتصام فلاحى دكرنس فى أرضهم المغتصبة بحكم قضائى مزيف لايزال مستمرا – الاعتصام – حتى كتابة هذه السطور. الأيام القليلة الماضية شهدت أيضا تحركات لكفاية وقوى المعارضة فى وسط القاهرة والمنصورة ودمنهور ومظاهرات بالأسكندرية، ومظاهرات فى الجامعات فى إطار رفض التعديلات الدستورية. البلد يموج بالغليان، وهناك من المواقف ما هو أشد فاعلية من المظاهرات والإضرابات، من ذلك على سبيل المثال إعلان نادى القضاة التبرؤ من نتائج الاستفتاء. ومن علامات تفكك النظام أن د/ كمال أبو المجد وهو أحد مستشارى النظام يعلن رفضه للتعديلات الدستورية. وعندما يذهب أسامة الباز إلى الطلاب يسمع لأول مرة ما لا يرضيه من الطلاب ضد التعديلات. وهو الذى تعود أن يتحدث والطلاب يستمعون. إذن ما الذى ينقصنا؟! ينقصنا أن تجتمع كل قوى المعارضة الجادة وضع خطا تحت كلمة "الجادة" لتعلن الانفصال الكامل عن هذا النظام السياسى، وأن تضع خطتها التدريجية لمحاصرته وإسقاطه بالوسائل الشعبية والسلمية. أقول "الجادة" لأننى قرأت تصريحات لأحزاب رسمية لم يعد لها أى وجود فى الشارع المصرى ما تزال تتحدث بلغة ممجوجة عن رفض التعاون أو التحالف مع التيار الإسلامى. الحقيقة ان الذين يرفضون التعاون مع التيار الإسلامى فى هذه اللحظة يختارون التعاون مع أسوأ نظام فى تاريخ مصر المعاصر: نظام مبارك. ولايمكن الوقوف على الحياد فى هذه المعركة الآن. إما أن تكون مع النظام أو ضده. فإذا كنت ضده فلابد من الانخراط فى جبهة شعبية لا تستبعد احدا من القوى الفاعلة. والجبهة الشعبية الجادة التى ندعو إليها يمكن أن تكون من خلال الجبهة الوطنية من أجل التغيير أو من خلال كفاية أو من خلال أى إطار أو لافتة أخرى.. المهم أن تستوعب كافة القوى الفاعلة الجادة ضد النظام، وأن تنتهج أسلوب النضال السلمى فى الشارع، وأن تتجاوز مرحلة الاستجداء والمطالبة وكتابة عرائض الاسترحام!!