قالت هيئة علماء المسلمين "إننا على أبواب النصر العظيم، وقد بذل العراقيون الأصلاء في سبيله تضحيات جساماً. واليوم يجمع ساسة العالم على أن المشروع الأمريكي قد فشل في العراق. فلنحافظ على هذا الإنجاز بشيء من الصبر والتحدي". وحذرت الهيئة - في رسالة مفتوحة وجهتها الى الشعب العراقي العظيم بمناسبة الذكرى الرابعة للاحتلال الانكلو امريكي للعراق - من انقاذ المحتل من ورطته الكبرى في بلادنا باية وسيلة كانت قائلة "ولنحذر أن ننقذ المحتل - وهو يلفظ أنفاسه - من خلال تقديم أي دعم من شأنه أن يعيد له الأمل في البقاء". وبينت الهيئة ذلك ب"أن أعظم دعم له - أي للاحتلال - أن نتخلى عن نصرة مقاومتنا أو نسمح لمن هب ودب أن ينال منها أو ندفعها إلى مشاكل داخلية تثنيها عن تحقيق هدفها العظيم". وقد أثنت الهيئة في رسالتها على المقاومة خيرا بقولها "إن الله سبحانه حبانا بمقاومة مباركة صنعها أبناؤنا ورعاها المولى سبحانه برعايته، أذاقت الاحتلال الويل والثبور، ودفعت به ليتنازل عن كثير من أهدافه ومطامعه، وهو اليوم في أسوأ أحواله، تمارس عليه الضغوط من شعبه وساسته ليخرج من هذا المأزق من غير قيد أو شرط بعد أن كان قد بنى على نتائج غزوه أحلاماً وأوهاماً". وأرجعت الهيئة هذه النعمة العظيمة والفضل الجزيل الى الله عز وجل ثم المقاومين البواسل "وهذا كله إنما حصل بفضل الله تعالى ثم بفضل أبنائكم البررة الجنود المجهولين الذين بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل حريتكم وإعادة الأمن والأمان والخير والخيرات إليكم". واهابت الهيئة بالعراقيين الاباة أن يكونوا عند حاجة هؤلاء الأبناء البررة دائماً، ويقدموا لهم الدعم والإسناد ليتموا المهمة التي شرفهم الله بها، ووضع في طريقهم إليها جنان الخلد ونوال رضاه. ووصفت الهيئة هذا الطريق بانه خيار كل الشعوب المقهورة بالاحتلال، وان العراقيين لا بد لهم من السير على هذا الدرب المبارك لنيل الحرية والاستقلال الكاملين، فقالت "وفي كل دول العالم كان خيارها عندما يقع عليها ظلم الاحتلال هو المقاومة. واليوم لا خيار لنا - نحن أبناء هذا البلد - في مواجهة هذا الاحتلال سوى المقاومة التي تطيح بمشاريعه، وتلقنه درساً لا ينساه، مفاده: أن الشعوب لا تقهر، وأن آلته العسكرية لا وزن لها أمام إرادة الشعوب في التحرر ولا سيما شعب العراق الأبي المسلم، فتاريخه يشهد بأصالته ورفضه للذل والهوان". وحذرت الهيئة ابناء شعبنا الغيارى من أن هناك محاولات من المحتل وعملائه أنفقوا في سبيلها مليارات الدولارات لتشويه صورة أبناء المقاومة في أعين شعبها، وإلباس هذه المقاومة الطاهرة لبوس الإجرام أو الإرهاب، فتارة يقومون بعمليات لقتل أبرياء لا ذنب لهم ثم يروج إعلام هؤلاء أن المقاومة هي من صنعت هذا الصنيع، وأحياناً يتمكنون بعد جهد جاهد من اختراق مجموعة تعمل في إطار مدافعة المحتل فتنفذ من العمليات ما يخدم مآربهم. وللتذكير اعادت الهيئة الى الاذهان حديثا نقل عن كبار عناصر المخابرات الأمريكية، كانوا قد خرجوا بلحومهم وشحومهم في برنامج بثته إحدى الفضائيات العربية أكثر من مرة بعنوان (حروب السي آي أيه الخفية)، جاء فيه على لسان هؤلاء صوتاً وصورة: ((في حرب فيتنام كانت تأتينا الأوامر بقتل النساء والأطفال ورجال الأعمال لبعث الرعب في قلوب الناس))؟!!. ولهذه الحقيقة نبهتنا الهيئة من الوقوع في خديعة المحتل، وصرف جام غضبنا عنه، والركون إلى الرضا ببقائه، فهذا ما يريده وما أنفق الأموال الطائلة من أجل الوصول إليه. ومن منطلق ثقتها الكبيرة بأبنائنا المقاومين وجهت الهيئة نصحها لهم "أن يوحدوا صفوفهم ولا يسمحوا للخلافات أن تدب بين ظهرانيهم، وأن يسددوا رميتهم باتجاه المحتل العدو الأول للبلاد والعباد، وأن يتفقوا على برنامج واحد يتحلى بالواقعية ويلتزم بالثوابت الشرعية، وأن يتعاهدوا على صيانة حقوق العراقيين الأصلاء جميعاً من كل المكونات والأطياف، ويحولوا دون تجزئة البلد ونهب ثرواته ما استطاعوا إلى ذلك من سبيل". وقد قدمت الهيئة لذلك بسرد مقتضب للاوضاع الماساوية التي يعاني منها العراقيون بسبب الاحتلال واعوانه فقالت "ها هي الذكرى الرابعة للاحتلال الإنجلو أمريكي تمر علينا وبلادنا تسير من سيئ إلى أسوأ. فقدنا حتى هذا اليوم ما يربو على ثمانمائة ألف من أبنائنا. وطال الظلم قتلاً واعتقالاً رجالنا ونساءنا شيبنا وشباننا حتى أطفالنا لم يسلموا من هذا الظلم". وعن البنى التحتية لبلادنا ذكرت الهيئة انها دمرت بنحو يزيد على 70 %. ولم تعد لدينا خدمات حتى اصبحنا نموت في الشتاء برداً، وتزهق أرواحنا في الصيف حراً، ونطهو طعامنا على وقود من الحطب، ويصيبنا الظمأ على الرغم من وفرة مياهنا أو نشرب ماء ملوثاً فتمرض أجسامنا. اما عن التشريد والتهجير فقد بينت ان الملايين من ابناء شعبنا هجروا، فنصفهم هجرته في الداخل، تركوا بيوتهم وسكنوا في خيم أو عند آخرين متحملين الحرج وشاكين إلى المولى سبحانه سوء الحال، والنصف الآخر هجرته إلى خارج بلده ليشهد معاناة الغريب وبؤساء الطريد على الرغم من اننا لسنا فقراء، فبلادنا غنية، لكنها اليوم تنهب. ونتيجة لذلك كله أصبحت بلادنا الأسوأ في العالم فساداً إدارياً باعتراف منظمات عالمية متخصصة، ويشهد على ذلك القريب والبعيد. وقالت الهيئة انه "على الرغم من هذا كله فالمحتل ما زال يكذب، وما زال يرفع صوته من غير حياء ليقول: جئتكم بالحرية، وأعتقتكم من الظلم؟!!". وردت الهيئة على دعاواه هذه بقولها "نعم.. جاءنا بحرية الغاب، فاليوم المجرمون في عراقنا أحرار. مجرمو الاحتلال من قواته وأجهزته الاستخبارية وعصاباته الإجرامية يقتلون وينهبون من غير مقاضاة أو مساءلة. والأجهزة الحكومية التي نصبها بنفسه هي الأخرى تفعل مثل ذلك، ومن غير مساءلة أيضاً. هذه هي الحرية التي جاءونا بها". أما الظلم الذي زعموا أنهم أعتقونا منه فقد اوضحت الهيئة "ان الناس بدأوا يحنون إليه؛ لأن الظلم الجديد الذي وقع عليهم فاق صور الظلم كلها عند شعوب العالم". واستطردت تقول "إننا ندرك حجم المعاناة التي تطالنا جميعاً، ولكن هذا هو الاحتلال لغته التدمير، وقوامه القتل وسفك الدماء". وعن المشاكل الجمة التي يعاني منها العراقيون واولها الساسة الذين ساروا في مشروع الاحتلال قالت الهيئة "إننا اليوم نعاني من مشاكل عديدة، وإذا أردنا أن نتجاوز الحديث عن مشكلة الاحتلال وعملائه - لأن هذا مما نتحدث عنه دائماً - فإن في مقدمة هذه المشاكل: الساسة الذين رضوا لأنفسهم الدخول في المشروع السياسي لقوات الاحتلال، وزعموا أنهم فعلوا ذلك من أجل نصرة الشعب العراقي المظلوم ورفع المعاناة عنه؟!!". وبينت الخدمة التي قدموها للاحتلال "إن هؤلاء لم يقدموا شيئاً يذكر سوى إنقاذ الإدارة الأمريكية من الحرج الشديد أمام العالم، والسعي لإنجاح مشروعها، فالرئيس الأمريكي كلما توجهت إليه سهام النقد دافع عن نفسه بالقول: إن العراق يشهد مرحلة جديدة فيها حكومة منتخبة وبرلمان منتخب ودولة ذات مؤسسات؟!!". فعلى مستوى الحكومات وجرائمها في القتل وتصفية المعارضين قالت "إن ما جناه العراقيون في ظلها أنهم فقدوا من أبنائهم عشرات الآلاف بين قتيل أو مفقود على يد القوات الأمنية للحكومة من "حرس وطني" أو شرطة أو ميليشيات تابعة لها، وفي مقدمة من فقدوه علماء دين مخلصون وساسة متميزون وقادة عسكريون ووجهاء وشيوخ عشائر وأطباء ومهندسون وكوادر علمية أخرى نادرة في تخصصاتها". اما جرائمها في الاعتقال والاختطاف والتعذيب فقد اوضحت أن من العراقيين من هو "معتقل في سجون هؤلاء جميعاً - فلكلٍّ سجونه الخاصة - يعذب فيها الناس بشتى ألوان العذاب. ولقد سلكت الأجهزة الأمنية للحكومات والميليشيات التابعة لها أساليب في التعذيب ربما لا تخطر على بال الشيطان نفسه مثل غرس المثاقب الكهربائية في الأجساد أو كيّ المعتقلين بالمكواة أو غمسهم في أحواض التيزاب أو شدّ الأكف بمسامير الحديد إلى الجدران أو رضخ الرؤوس بين كتل الحديد". اما جرائم الاغتصاب في ظل هذه الحكومات فانها "طالت النساء والرجال معاً والصغار والكبار في غياب كامل لأدنى الاعتبارات الخلقية التي يتحلى بها الإنسان السوي". اما الجرائم الاخرى التي يصعب حصرها مما جناه العراقيون خلال هذه الحكومات فمنها التأجيج الطائفي المخطط له بخبث ودهاء، والتهجير القسري، وانتشار المخدرات، وعصابات المافيا، والاتجار بالأطفال، وغير ذلك. وبعد كل هذه الانتهاكات الفاضحة لحقوق الانسان طلعوا - اصحاب هذه الحكومات - علينا في الآونة الأخيرة بما يسمى "الخطة الأمنية" التي طالت آلافاً من الأبرياء بالقتل والاعتقال ظلماً وعدواناً، وبلغ الطائفيون - من خلالها - أهدافاً عجزوا عن الوصول إليها من دون هذه الخطة. ثم "على مستوى البرلمان فإننا إذا تجاوزنا الحديث عن صمته إزاء كل هذه الجرائم وكأن الأمر لا يعنيه نجده - باستثناء نفر قليل منه - متوجهاً إلى تحقيق أهداف لا علاقة لها بالمصالح الوطنية من قريب أو بعيد!!". وبينت الهيئة توجهات اغلب البرلمانيين المخالفة لمصالح العراقيين والساعية لتحقيق مصالح الاعداء بقولها "فبدل أن يجهد أعضاؤه في تحسين أوضاعكم المعاشية التي ازدادت في عهدهم سوءاً، وبدل أن ينشغلوا في تحسين الأمن الذي ازداد انهياراً في ظلهم صرفوا جهودهم في خدمة مشاريع المحتل، فمرروا الدستور كما أراد وفق الصياغات الأساسية التي وضعها بنفسه، وأعانوه على تمرير مشروع الفدراليات الذي يضعف بلدنا على نحو يحقق له أهدافه في الهيمنة عليه، واليوم يراد منهم تمرير ما وضعه المحتل من قانون للنفط والغاز يعيد ثروات البلاد إلى قبضة شركاته الاحتكارية". وتمنت الهيئة أن "يقف هؤلاء - ولو لمرة واحدة - ضد مشاريع المحتل، ويحافظوا على ثروة الأجيال والعمود الفقري لقوة العراق وسلامة مستقبله". وعادت الهيئة مرة اخرى الى ذكر المقاومة الباسلة وثقلها المعلوم في الساحة العراقية "إننا نعلم أن هناك وضعاً في ميدان المنازلة على أرضنا هو بالتالي من سيحسم هذه القضايا وغيرها.. فإما أن ينتصر المحتل ويقهر إرادة الشعب، وحينئذ ستنفذ مشاريعه كلها بغض النظر عن موقف الساسة والبرلمان!!.. وإما أن ينتصر الشعب ويمسك بزمام الأمور أبناؤه البواسل، وحينئذ لا قيمة لهذا القانون ولا لغيره وإن صادق عليه الساسة وأعضاء البرلمان بالإجماع". وخلصت الهيئة - في رسالتها المفتوحة - الى "أن الاحتلال يوم يخرج صاغراً مدحوراً تخرج معه كل مشاريعه وقوانينه وحتى رجاله وعملائه"، مبدية قلقها من "أن يقوم عراقيون - يزعمون أنهم من تربة هذا البلد - بدعم المحتل على أرضهم، وتمرير مشاريع له من شأنها سلب خيراتهم ومقدراتهم". وحذرت الهيئة هؤلاء من موقف بين يدي ربهم جل وعلا يحاسبهم فيه على ما فرطوا به من نعمة لصالح أعداء بلدهم.. ومن موقف مساءلة امام ابناء شعبهم. وختمت الهيئة رسالتها بالتضرع الى الله سبحانه أن يهبنا النصر العظيم، ويلحق بأعدائنا الخزي العظيم، وأن يعيد إلينا بلدنا سالماً معافى رخياً مطمئناً مدفوعاً عنه كل كرب وبلاء.. وسائر بلاد المسلمين. يذكر ان الذكرى الرابعة للغزو الانكلو امريكي واحتلال العراق تمر كل سنة في التاسع عشر من شهر اذار من كل عام، وقد عودتنا الهيئة على توجيه رسالة مفتوحة الى الشعب العراقي بهذه المناسبة في كل سنة تشرح فيها اوضاع البلاد باختصار وتقدم النصائح القيمة للخروج من الورطة التي تعم بلادنا وما حولها من بلدان بسبب هذا الاحتلال الظالم الجائر.