اولمرت يعلن لاءاته الثلاثة على رؤوس الاشهاد .. والحكومة الاسرائيلية تصرخ صباح مساء انها لن تعترف بحكومة الوحدة الفلسطينية ولن تتعامل ايضا مع وزراء فتح فيها...! والادارة الامريكية تشترط على الحكومة الاعتراف بشروط الرباعية اولا...! والرباعية بدورها تجتر الاشتراطات الامريكية –الاسرائيلية ...! يدرك الفلسطينيون باجماعهم السياسي من اقصى الاسلام الى اقصى اليسار ان اي اتفاق او حتى حديث عن وحدة وطنية فلسطينية ليس فقط لا يريح ولا يرضي الاحتلال،وانما من شأن ذلك ان يحركه نحو عمل حربي واسع النطاق، فمصلحة الاحتلال دائما في النزاعات والخلافات والحرب الاهلية الفصائلية الفلسطينية وليس في التفاهم والوحدة .. ولذلك نقرأ اول ما نقرأ الاستياء والغضب الاسرائيلي من التوجه التفاهمي الوحدوي الفلسطيني في اتفاق مكةالمكرمة على لسان الشخص الاوسع نفوذا والاشد تأثيراً على دائرة صنع القرار السياسي والعسكري في الدولة العبرية وهو يوفال ديسكين، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية " الشاباك "، الذي"اعتبر أن نجاح الفلسطينيين في تشكيل حكومة وحدة وطنية يعني أنه يتوجب على إسرائيل أن تتحرك فوراً للعمل عسكرياً في القطاع ضد حركة حماس " . لذا فقد ادخل اتفاق مكة وفقا للمعطيات والقراءات المختلفة الحكومة الاسرائيلية في حالة من الارتباك، فهي لم تستعد لهذا السيناريو ولم تتصوره،فقالت الصحف العبرية "أن إسرائيل قررت إعادة دراسة علاقاتها مع السلطة الفلسطينية ومع رئيس السلطة محمود عباس في أعقاب اتفاق مكة". ولذلك فقد اعتبر رئيس وزراء الاحتلال اولمرت ان توصل الرئيس محمود عباس الى اتفاق مكة خيانة له، اذ قال له في لقائهما الثلاثي مع رايس:" لقد خنتني بوصولك لاتفاق مع حماس" ، فرد عباس قائلا " أنت لم تعطني شيئا ولم تحافظ على تعهداتك". ولم يتوقف الامر عند اقطاب "اسرائيل" ،فقبل ذلك كانت صحيفة يديعوت احرونوت قد كشفت النقاب عن :"ان الإدارة الأمريكية غاضبة من الرئيس محمود عباس، بسبب عدم استجابته للمطالب الأمريكية قبيل توقيع اتفاقية مكة، والمتمثلة بعدم تشكيل حكومة لا تعترف بإسرائيل ومعارضة ان يكون على رأس هذه الحكومة شخصية من حماس". واوضحت الصحيفة "ان الإدارة الأمريكية خائبة الأمل لان اتفاق مكة لا يتطابق مع مطالبها وتوقعاتها، إلا أنها لا يمكنها أن ترد ردا سلبيا على الاتفاق لأنه يحمل في طياته بعض النقاط الايجابية وأهمها مشاركة حركة فتح في الحكومة". وتحدث المحلل ناحوم برنيع في يديعوت احرونوتفي هذا السياق قائلا: لقد تمت خيانة الادارة الامريكية ثلاث مرات حتي وُقع الاتفاق بين أبو مازن وحماس في مكة: كانت الاولى علي يدي الرئيس مبارك ، والثانية علي يدي الملك عبد الله في السعودية، والثالثة علي يدي أبو مازن. إن هؤلاء الحلفاء الثلاثة لامريكا لم يستجيبوا لتوسلات كوندوليزا رايس، وفاوضوا خالد مشعل وأخضعوا ارادتها لارادته". واستتباعا فان هذه الحملات التحريضية الحربية ضد السلطة والحكومة الحماسية من جهة ، والتهديدات بشن هجوم حربي واسع على غزة من جهة اخرى مبيتة منهجية تهدف الى تهيئة كل المناخات الاسرائيلية والفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية لاجتياحات حربية اسرائيلية باتت محتملة جدا لغزة ، و"اسرائيل" تعزز ذلك بالتقارير والتقديرات العسكرية الاستخباراتية وبالتحليلات السياسية والاستراتيجية . فمنذ ان بدأت جهود التفاهم والوحدة الفلسطينية اطلت علينا شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال لتحذر من "أن حركة حماس تقيم "شبه جيش" في قطاع غزة، وأنه في غضون سنة ستتصدى اسرائيل لمخاطر وتهديدات لم نشهدها من قبل ". واستنادا لذلك عرضت الهيئات الإستخبارية الإسرائيلية التابعة للجيش؛ جهاز الأمن العام (الشاباك) والموساد، التقرير الإستخباري السنوي على الحكومة، وتصدر التقرير التقديرات التي أطلقت عدة مرات من قبل عناصر في الأجهزة الأمنية، بأنه من غير المتوقع أن يتم فتح جبهة قتالية مع السوريين في السنة القادمة، بموجب المخاوف التي ثارت في الصيف الماضي. وتشير التقديرات إلى" أن الجبهة الجنوبية هي المعرضة للتصعيد/عن الصحف العبرية ". وأشارت المصادر ذاتها إلى "أن الإنتباه الآن مشدود باتجاه الجبهة الجنوبية، قطاع غزة، حيث يقول كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية إنه "بالرغم من وقف إطلاق النار فإن التنظيمات الفلسطينية تواصل استعداداتها بكل ما يتعلق ببناء القوة العسكرية وتعزيزها،وإن أي حدث غير عادي من الممكن أن يؤدي إلى حصول تصعيد في العمليات التي تشنها التنظيمات الفلسطينية، وبالتالي حصول تصعيد في المنطقة". ولذلك حذرت حركة فتح على لسان الناطف باسمها في الضفة الغربية د.جمال نزال من "أن هدف إسرائيل من عمليات التصعيد في هذا التوقيت هو استدراج الفلسطينيين للانفضاض من حول طاولة الإجماع التي وحدتهم في وثيقة الوفاق الوطني "وقال جمال نزال " أنه "لا يروق لإسرائيل أن ترى فتح وحماس يسيران يدا بيد وقادتهما يستقبلون في دول العالم كرجال سلام وهي معنية بجر الميدان الفلسطيني إلى أعمال تجرد القادة الفلسطينيين من مصداقية الحديث عن السلام باسم الفلسطينيين وتسهل على إسرائيل حشرهم في صورة الإرهابيين،ولذلك تعد اسرائيل خلطة شيطانية للاجهاز على حكومة الوحدة". وعلى ذلك نستخلص: ان الحكومة الاسرائيلية سوف تواصل العمل على الارجح بتراث شارون الامني /العسكري / الحربي والسياسي /التسووي وفقا لرؤيته المشار اليها .... وعليه فان الفلسطينيين امام تحدٍ كبير واستراتيجي ومصيري يتطلب منهم انجاح الوحدة وتكريسها وتقويتها دائما .. والعرب كذلك امام عروبتهم ومسؤوليتهم التاريخية والقومية والدينية والاخلاقية في دعم التوجهات الوحدوية الفلسطينية .