فاجأ أعضاء البرلمان المصري المنتمين للحزب الوطني الحاكم والمصوتون على التعديلات الدستورية النواب المقاطعين والمعارضين لهذه التعديلات بالتصويتِ النهائي عليها في الجلسة المسائية لليوم الاثنين بدلاً من غدًا الثلاثاء حيث تم إقرارها بأغلبية الثلثين. كما قرر نواب الوطني إجراء الاستفتاء حول التعديلات الجديدة يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري بدلا من يوم الرابع من شهر إبريل القادم وهو ما أشار إلى رغبة النظام في الحد من حركة المعارضة في حشد الجماهير للإعلان عن رفضها فضلا عن مقاطعتها لهذا الاستفتاء . ووافق على التعديلات بعد التصويت بالنداء بالاسم 315 نائبًا كلهم حزب وطني، بينما رفضها 113 نائبًا يمثلون كتلة الإخوان وكل المستقلين وكل المعارضة، إضافةً إلى نائبي الحزب الوطني طاهر حزين ومحمد حسين. وقد رفع الدكتور سرور رسالةً إلى الرئيس مبارك بموافقة مجلس الشعب على التعديلات لطرحها في استفتاءٍ شعبي . وخرجت التعديلات بدون أية إضافة عليها طبقًا لتقرير اللجنة التشريعية باستثناء التعديل الخطير الذي أدخلته الدكتورة آمال عثمان على المادة الأولى باستبدال الفاصلة بالنقطة في الفقرة الأولى من المادة!! وقد شهدت الجلسة أثناء التصويت مشادات ساخنة وتصرفات شاذة من نواب الحزب الوطني للتصدي لنواب الإخوان والمستقلين وفشلت محاولات أكثر من نائب للأغلبية في جر نواب الإخوان للاشتباك بالأيدي داخل قاعة المجلس وهي التصرفات التي قادها نائب الوطني محيي القطان. وكان نواب الإخوان والمستقلين قد قطعوا اعتصامهم خارج قاعة المجلس بعد أن رفض الدكتور سرور تسجيل المذكرة التي قدمها النواب وحملت توقيع 97 نائبًا برفض التعديلات وقال للنائب حسين محمد إبراهيم- نائب رئيس كتلة الإخوان- أنه ليس هناك توكيلات في عملية التصويت وهو ما دفع النواب المقاطعين للجلسة إلى الدخول لتسجيل رفضهم في المضبطة. وقد عرض النائب حسين إبراهيم نص المذكرة التي وقَّع عليها النواب بالرفض وعندما أراد أن يتلو الأسماء الموقعة عليها رفض سرور وحدث ما سبق الإشارة إليه. وبعد الإعلان عن عملية التصويت ردد النواب المعارضون "باطل باطل باطل" فرد عليهم نواب الحزب الوطني بترديد النشيد الوطني "بلادي بلادي".. فقام نواب الإخوان والمعارضة بالتريد معهم فلم يجد نواب الوطني ردًّا إلا بهتافهم "بالروح بالدم نفديك يا مبارك" فرد عليهم نواب الإخوان "بالروح بالدم نفديك يا إسلام.. بالروح بالدم نفديكِ يا مصر". وكان نواب الوطني قد ارتدوا أوشحةً خضراء مكتوبًا عليها "الحزب الوطني الديمقراطي.. نعم للتعديلات الدستورية". وكان مجلس الشعب قد شهد لليوم الثاني قصائد مدح في التعديلات المطروحة حيث زعموا أن التعديلات المطروحة ستضع مصر على طريق مسيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي وأنها تعكس آمال وطموحات الشعب المصري. في الوقت نفسه أكد النائب رجب هلال حميدة أن جميع التعديلات المقدمة تم رفضها من قِبل الأغلبية وقال إن ما تمَّ من تعديلٍ للمواد التي وافق عليها المجلس لم تتعد سوى إضافة الهمزة والنقطة وزيادة اختصاصات رئيس مجلس الوزراء، وتساءل عن سر زيادة اختصاصات منصب رئيس مجلس الوزراء. وتساءل مَن هو رئيس مجلس الوزراء القادم، وقال إنه من الواضح أن حد جاي يركب هذا المنصب. وأضاف: إننا نريد أن نعرف مَن هو رئيس الوزراء الذي نُفصِّل على مقاسه هذا التعديل، فيما تدخل الدكتور سرور موجهًا حديثه للنائب قائلاً: نحن هنا نناقش تعديلات دستورية ولا نناقش تخمينات. فيما رفض نواب الحزب الوطني محاولات نواب المعارضة والمستقلين المشاركين في المناقشات والذين لا يتعدى عددهم أصابع اليد إضافة أي تعديلاتٍ جديدة على المواد رغم تحذيرات نواب المعارضة من خطورة المادة 88، كما أعدتها اللجنة الدستورية ووصفها بأنها مادة تعود بنا إلى عصور التزوير والتلاعب بالعملية الانتخابية. وقال محمود أباظة رئيس حزب الوفد إن الهدف من تعديل المادة 88 هو رفع الإشراف القضائي والعودة إلى ما قبل عام 2000م الذي شاهدنا فيه التزوير وتغيير الأوراق مضيفا أنني أُحمل مسئولية ما سوف يحدث للأغلبية الساحقة التي تُفصِّل ما تريد. وأكد النائب محمد مصطفى شردي أنه ومعه الشعب المصري لا يثق في وعود هذا النظام أبدًا، معلنًا رفضه للتعديلات الواردة على المادة 88 والتي تلغي الإشراف القضائي على الانتخابات، وقال سمعنا قبل ذلك وعودًا عن النزاهة ولم يحدث شيء. وأضاف قائلا النزاهة بتاعتكم ماتت من زمان، والشعب عارف كدة وقال موجهًا حديثه لنواب الأغلبية تحملوا عاقبة قراركم. وقال مصطفى بكري عندما صدر حكم الدستورية العليا عام 2000م كان ردًّا على التدخل في الانتخابات وحدد الحكم الإشراف القضائي، وقال نعلم أنه لا يوجد دولة في العالم فيها قاضٍ على كل صندوق، ولكن ليس هناك بلد فيها ثقافة التزوير مثلما يحدث في مصر، وأشار إلى أن الانتخابات في الهند تجري على ثلاثة شهور. وأشار النائب الرفاعي حمادة إلى أنَّ التزوير قادمٌ في ظل الإبقاء على النصوص الواردة في المادة 88، لقد استخدمت الكلاب البوليسية في الانتخابات قبل الماضية لإسقاطي. يشار إلى أن التعديلات تشمل 34 مادة في الدستور كان رئيس الجمهورية حسني مبارك قد تعهد بإجرائها خلال حملته في الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وتعمل هذه التعديلات على إلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة كما وتسمح لرئيس الدولة بإحالة المدنيين إلى القضاء العسكري كما تسمح له بحل مجلس الشعب دون الرجوع للناخبين. حيث يكرس تعديل المادة 88 من الدستور عدم إشراف القضاة على صناديق الاقتراع وفقا لقاعدة قاض لكل صندوق، وينص على تشكيل "لجنة عليا مستقلة" لتنظيم العملية الانتخابية. وتتضمن التعديلات أيضا المادة 179 المتعلقة باستحداث قانون لمكافحة ما يسمى الإرهاب، وكذلك المادة التي تحظر إنشاء أي أحزاب سياسية على أساس ديني والتي تقول جماعة الإخوان المسلمين إنه يستهدفها. وتتيح المادة 179 اعتقال المشتبه فيهم وتفتيش منازلهم ومراقبة مراسلاتهم والتصنت على اتصالاتهم الهاتفية من دون الحصول على إذن قضائي، كما تتيح لرئيس الجمهورية إحالة قضايا الإرهاب إلى أي هيئة قضائية مشكلة طبقا للقانون والدستور. ويستطيع بذلك رئيس الجمهورية أن يحيل المتهمين في قضايا الإرهاب إلى محاكم عسكرية أو استثنائية. ويقول رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر أمين إن هذه التعديلات تضرب في مقتل أي أمل في إصلاح ديمقراطي.. فالنظام اختار السياسات التي تنتهجها عادة العصابات وليس الدول. وترى الحكومة أن هذه الإجراءات ضرورية لمكافحة الإرهاب مشيرة إلى أن الدول الغربية تطبق قوانين مماثلة لها.