كان حدثا هزّ أصحاب الضمائر على امتداد العالم أن يقتل طفل بريء أعزل في حضن والده عن سابق إصرار وترصّد بينما صوت استغاثاته يتعالى ليصدع قلوب الأحياء إلاّ قلب قاتله الميت. محمد الدرة الطفل الذي خلد اسمه وخلدت قصته على الرغم من مأساويتها لتثبت أنّ البطولة لا تعرف سنا كما أنّ الاحتلال المجرم لا يعرف الرحمة لا لصغير ولا لكبير، وأنّ العيش بذلة لا يسمح للأب أن يكون أبا ولا للأطفال أن يحيوا طفولتهم، وأنّ الرفض معناه أن تستعد للضحية. وجّهوا الرصاص نحو رأسه كما يفعل كل القناصة فهل كانوا يريدون موت الطفل أم موت الفكرة في رأسه ورؤوس من شاهدوه؟ نعرف أنّ البشر يتناسلون، فهل تتناسل المبادىء وتتوالد وتنتقل ما بين الناس؟ نعرف كذلك أنّ الأرث ينتقل في عصبة الدم، فهل ينتقل أيضا في عصبة الدين والأمة؟! اثنتا عشرة سنة مرت على استشهاد محمد الدرة في فلسطين ولكن الرمز لم يموت، وأراد الله أن تعود الذكرى بجسد وروح بشر يدبّ على الأرض فعبرت روح الشهيد من فلسطين إلى سوريا ليستلم الأمانة ويحيي سُنّة التضحية درة آخر واسم خيّر آخر هو الشهيد محمود الدرة الذي استشهد قبل عدة أيام في ريف دمشق والتحق بركب شهداء الثورة السورية، ليؤكد أنّ هذه الأمة ما زالت حية على امتداد أوطانها، فالاسم ذات الاسم، والقاتل ذات القاتل باطش غادر لا يعرف الرحمة، والدم ذات الدم ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم "والمسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم" والروح ذات الروح بالرغم من تشويه الجسد تحلّق في حواصل طير خضر. استشهاد محمد الدرة صوّره المصور أبو رحمة ونقله بأمانة للعالم وتحمّل الضغط مقابل شهادة حق على بشاعة الجريمة، وشهادة محمود الدرة تمّت تحت أعين بعثة المراقبين العرب، فهل ينطقون بالحق أم يشهدون بالزور ويذهب دم محمود هدرا ويفلت المجرم من عقاب الدنيا؟! ما بين الدرة الفلسطيني وعمه الثلاثيني السوري نعرف أنّ التاريخ فينا لا يموت وأننا لسنا أحفادا عاقّين لنضال ومجد آبائنا الأوائل. لبلاد العُرب اليوم وصف آخر ووحدة حقى بلون الدم، فلقد اتصل الماضي بالحاضر ليصوغ مستقبلا مزهوا بالنصر والحرية إن شاء الله. ما بين محمد الدرة ومحمود الدرة تتواصل قافلة الدرر من الشهداء وسوريا ترث شيئا من مجد فلسطين وصدق الشاعر إذ قال: إذا مات فينا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعولُ وما مات منّا سيد حتف أنفه ولا طال منّا حيث كان قتيلُ يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطولُ اللهم قرب النصر بحق وحرمة دماء الدرّتين. ------------------------------------------------------------------------ التعليقات Halim الأحد, 08 يناير 2012 - 03:13 pm لا ادري لا ادري لماذا الاخت لا تخوض في نقد الاردن ونضامها؟\r\nهل الاخت الفاضلة تعرف من اين اتى ملكها ومن اتى به وكيف اتى؟\r\nهل السيدة الكريمة واعية بما يفعله نضام الاردن الرشيد بدرر الاردن ودرر فلسطين؟ حماده المصري الإثنين, 09 يناير 2012 - 09:02 am إلى الاستاذ لا أدري عندما ينتقد انسان شيئا ما ثم يأتي آخر ليقول له لماذا لا تنتقد هذا وتنتقد هذا فهذا يدل على ضعف الحجة ومحاولة التهرب .. النقد يواجه بالتفنيد والادلة وليس معنى ان الاخت لم تنتقد الأردن أن ما حدث في سوريا غير حقيقي أو لا يستحق النقد .. الموضوع ليس شخص الأخت ولكن يجب علينا أنننظر الى قضية النقد التي طرحتها الاخت ولا شك أن ما يحدث في سوريا الآن هو فجر الطغاة وكفر الظلمة وطغيان الكفرة ونسأل الله عز وجل ان يخسف ببشار وجنوده واتباعه واشياعه الارض وان يجعلهم عبرة لمن يعتبر وان يصب عليهم سوط عذابه .. محمد المحمد الإثنين, 09 يناير 2012 - 01:10 pm قولوا لنا من هو القاتل! في اعتقادنا ان هناك قتلة وليس قاتلا واحدأ , والقتلة هم من جبهة الاعداء الذين ساروا على درب خراب الامة في بلاد الشام والرافدين لالغاء الهوية وهم معروفون باسم \"الصهيوصليبيون\"في الداخل وفي الخارج . واليوم حيث تيقن الكيان الصهيوني من نماء قدرة المقاومة على ارجاع الحق لاصحابه مما يعني الغاء وجوده شعر حلفاؤه بالخطر لانهم يعلمون ان سلامة عروشهم مشروطة بسلامة وجود الكيان الصهيوني . لهذا فهم يحاولون بعد ان تم لهم دمار العراق على ان يدمروا سورية ولبنان. وفي هذا المجال نرى الحلف العميل يبذل قصارى جهده لتدويل الأزمة في سورية كما فعل في أزمة العراق لكن على بتكرار السيناريو الليبي. نعيد الى الاذهان بعض تلك الانباء التي نشرت عالميا بعد حرب تموز 2006 في جنوب لبنان كيف هرعت امريكا الى تزؤيد السنيورة وجعجع والحريري بالسلاح ودفعت بالاردن وتركيا على فتح معسكرات التدريب وبمساعدة خبراء صهاينة ,يومها ااشار كثيرون من المحللين الى الهدف من ذلك وهو ما نعيشه اليوم في تكالب قطر والاردن والسعودية على اشعال نار الفتنة بأن يقوم عناصتهم القتلة بقتل\" الدرر\" انهم لا يريدون الاصلاح بل خراب سورية والمقاومة.