وصف الرئيس السوداني عمر البشير مقتل "خليل إبراهيم" زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور بأنه "قصاص رباني"، لافتًا إلى أن مقتله يعد رسالة لأطراف داخلية لم تستوعب المتغيرات بالمنطقة. وقال البشير في خطاب ألقاه الثلاثاء خلال حفل تخريج دورة القادة والأركان بحضور عدد من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بالخرطوم: "مقتل المتمرد خليل إبراهيم قصاص رباني لما ارتكبه من جرائم في حق الوطن والمواطنين". واعتبر مقتل خليل أيضًا "رسالة لأطراف داخلية لم تميز بين حق الوطن ومعارضة الحكومة والتي لم تستوعب المتغيرات بالمنطقة, وعلى رأسها تحسن العلاقات مع تشاد وسقوط نظام القذافي وتوقيع وثيقة سلام الدوحة". وأوضح أن "مقتل خليل نهاية لفصل من الأحقاد والخصومات غير المبررة بين أبناء الوطن وجاء لاختياره طريق الحرب وترويع الآمنين والعمل علي تفتيت وحدة الأمة". وأكد أن السودان تجاوز مرحلة الاكتفاء في إعداد نفسه لحماية أمنه وسلامه واستقراره, وبات يقدم خبراته وقدراته للأشقاء والأصدقاء وتعهد بالمضي قدمًا في دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للحفاظ على أمن واستقرار البلاد. وكان الجيش السوداني قد أعلن الأحد الماضي عن مقتل إبراهيم بعد اشتباكات ضارية دارت فى منطقة "ود بندة" بولاية شمال كردفان بين القوات المسلحة وقوات حركة العدل والمساواة. مشيرًا إلى أن "عناصر من قواته سارعت بدفنه في الخامسة من مساء السبت في المنطقة لإخفاء حقيقة مقتله حفاظًا على الروح المعنوية لفلول الحركة". ومعروف أن حركة العدل والمساواة المتمردة رفضت التوقيع على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور والتي وقعت عليها الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة في شهر يونيو الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة. كما رفضت الوثيقة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، التي تقاطع الاتفاق وتراه لا يمثل كل تطلعات أهل دارفور. وجاءت الوثيقة النهائية للسلام في دارفور بعد نحو 30 شهرًا من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة في السودان وليبيا وإثيوبيا وفرنسا. خلافات داخل العدل والمساواة: في غضون ذلك، تطورت الخلافات، التي نشبت داخل حركة «العدل والمساواة» على خلفية رئاسة الحركة بعد مقتل خليل إبراهيم، إلى صراعات وصلت إلى حد الاشتباكات المسلحة، في وقت تواترت فيه أنباء متضاربة عن مقتل أحد القادة المرشحين لرئاستها في هذه الاشتباكات. وقال مصدر مقرب من الحركة لمركز «السودان للخدمات الصحافية»، مساء الثلاثاء: إن هذه الاشتبكات والانقسامات أدت إلى ظهور عدد من التيارات المختلفة داخل الحركة بعد أن تم ترشيح «علي كاربينو» قائدًا عامًّا لفترة مؤقتة، ولحين انعقاد المؤتمر العام المزمع قيامه بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان في الأيام المقبلة. وأشار المصدر إلى أن هناك تيارًا آخر يساند الدكتور جبريل إبراهيم لتولي القيادة خلفًا لشقيقه خليل، موضحًا أن مجموعة علي كاربينو هددت بالانشقاق نهائيًّا عن «العدل والمساواة» وتنوي تكوين جناح آخر وفق أهداف وتوجهات مختلفة في حال عدم تنصيب كاربينو رئيسًا للحركة. تضييق الخناق على الفلول: من جهة ثانية، أكدت حكومتا ولايتي شمال وجنوب دارفور أن الأجهزة العسكرية تمكنت من تضييق الخناق على فلول حركة «العدل والمساواة» وأجلتها بعيدًا عن المدن والقرى، في وقت اتخذت فيه إجراءات أمنية مشددة على الطرق الرئيسية وكل المداخل والمخارج. وكشف عثمان يوسف كبر - والي شمال دارفور - عن محاصرة السلطات لمجموعة من فلول «العدل والمساواة» على الحدود بين شمال وجنوب دارفور وأخرى داخل جيوب صغيرة بمحليتي «الطويشة» و«اللعيت». وأشار إلى أن هناك قوات مشتركة من ولايتي شمال وجنوب كردفان تقوم بعمليات تمشيط ومطاردة مستمرة لضمان خلو المنطقة من بقايا حركة خليل إبراهيم التي أصبحت غير قادرة على المواجهة وفضلت التسلل والهروب. وأكد كبر أن حركة خليل بعد موته ستشهد الكثير من الانقسام والتشرذم لأنها فقدت قوة السيطرة ووحدة القيادة. من جانبه، قال محمد علي الشريف - معتمد محلية «عديلة» بجنوب دارفور -: إن استعدادات أمنية دقيقة فرضتها السلطات على حدود المحلية، تحسبًا لأي اختراقات متوقعة، نافيًا دخول مجموعة هاربة من «العدل والمساواة» لمحليته، وأن جميع تحركات التمرد تحت الرصد والمتابعة.