من جديد، يثبت الرئيس الأمريكي الشعبوي دونالد ترمب صهيونيته المفرطة، فبعد سلسلة من القرارات والسيايات الداعمة للعدو الصهيوني، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد اعتبارها عاصمة للعدو الصهيوني، والسعي الدوؤب لتصفية القضية الفلسطينية تحت مسمى "صفقة القرن"، أعلن ترمب عن رغبته في ضم الجولان السوري المحتل إلى العدو الصهيوني. وعد بلفور جديد.. هكذا وصف المحللون والمتابعون قرار ترمب الجديد، الذي يخالف وينتهك كل المواثيق والأعراف الدولية.. لكن، منذ متى والحلف الصهيوني الأمريكي يعترف أو يلتزم بهذه الأعراف؟ لقد خلقت الأعراف لتطبيقها فقط على دول العالم الثالث ومنعها من الاستقلال.
اقرأ أيضا: "إنتل" تستثمر 11 مليار دولار في إسرائيل.. فماذا قدمت المعونة لمصر؟
قرار ترامب
قال ترامب إنه "حان الوقت" لتعترف واشنطن بسيادة العدو الصهيوني على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967. وكتب دونالد ترامب في تغريدة على "تويتر"، الخميس: "بعد 52 عاما حان الوقت لتعترف الولاياتالمتحدة اعترافا كاملا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي تتميز بأهمية استراتيجية وأمنية حيوية بالنسبة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة". ونشر ترامب تغريدته على خلفية زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لكيان العدو الصهيوني. وقبل فترة توقفت الخارجية الأمريكية عن استخدام مصطلحات "الاحتلال" و"المحتلة" في وثائقها التي تم ذكر الضفة الغربية والجولان فيها، ما حظي بالترحيب من قبل العدو الصهيوني وإدانة شديدة من قبل الرئاسة الفلسطينية.
ترحيب صهيوني
احتفى العدو الصهيوني على الصعيدين الرسمي والشعبي، بقرار دونالد ترامب. كان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، وقبل يوم من قرار ترامب، قد دعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل، كما أكد عزمه على مواصلة بذل كل ما في وسعها لمواجهة إيران. وقدم نتنياهو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في القدس، الأربعاء، الشكر للولايات المتحدة على دعم إسرائيل في مواجهة إيران، وقال: "سنواصل بذل الجهود الضرورية ضد محاولات إيران للتحصن عسكريا ونشر أسلحة خطيرة في سوريا".
اقرأ أيضا: هل الانتخابات الإسرائيلية وراء استعجال السيسي تعديل الدستور؟
هدية انتخابية
لا يمكن قراءة قرار ترمب حول الجولان بمعزل عن الوضع الراهن في الكيان الصهيوني، في ظل ما يتررد بشكل كبير عن تراجع شعبية رئيس الوزراء نتنياهو، واحتمال خسارته الانتخابات المقبلة التي ستجرى في أبريل. بين ترمب ونتنياهو علاقة وطيدة، ويرى كلا منهما أن مصيره متعلق بوجود الآخر، لهذا، لا يتوانى ترمب عن تقديم الدعم لنتنياهو عبر مجموعة من القرارات والسياسات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم الجولان، بالإضافة لصفقة القرن. ومن المهم أن ننتبه إلى أن قرار ضم الجولان السوري إلى سيادة العدو الصهيوني يأتي في وقت يحتاج فيه نتنياهو إلى انتصار يلعب به كورقة في معركته الانتخابية، التي يشعر أن فرصه فيها ليست بقوة فرص منافسه جانتس. صحيفة "هآرتس" الصهيونية حاولت التقليل من أهمية الاعتراف، مشدّدّةً على أنّ الاعتراف هو بمثابة إعلانٍ تصريحيٍّ لا أكثر، فيما رأى مُحلّل الشؤون الحزبيّة والسياسيّة في الصحيفة، يوسي فارتر أنّ ترامب، بقراره الأخير أكّد مرّة أخرى أنّه "سانتا كلوز" لنتنياهو، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ترامب، الذي خطّطّ مسألة الاعتراف، بالتنسيق الكامِل مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ، انخرط عمليًا في حزب الليكود الحاكم، الذي يقوده نتنياهو، مُعتبِرًا أنّ هذا القرار هو هديّةً أخرى من ترامب لنتنياهو عشية الانتخابات العامّة. الاحتفاء الشعبي داخل الكيان الصهيوني ربما يثبت أن قرار ترمب قد أتت ثماره، وربما لا ينفذ لاحقا، خاصة أن الغرض منه ترجيح كفة نتنياهو المتعثر في الانتخابات المقبلة، في ظل الرفض الدولي للقرار، وإن كان ترمب قد عودنا على أنه لا يأبه كثيرا لحسابات السياسة والموازين الدولية. فهل سينجح القرار في إنقاذ نتنياهو من سيناريو الفشل في الانتخابات المقبلة؟