كشف تقرير "عين على الدين" الثالث المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي يتابع نتائج برنامج قرض صندوق النقد الدولي ، عن وجود ثلاثة مخاطر عالمية تُهدد وضع الاقتصاد المصري. ويأتي تقرير المبادرة ، عقب مرور عامان من قرار "تعويم الجنيه ورفع سعر الفائد" الذي جاء تلبيةً لشروط صندوق النقد الدولي ، لعقد اتفاض تقترض حكومة النظام العسكري بمقتضاه 12 مليار دولار ، القرار الذي أدى إلى ارتفاعات جنونية في أسعار السلع والخدمات ، الأمر الذي أثقل كاهل المواطن المصري من محدودي الدخل . وحدد التقرير المخاطر العالمية التي تواجه برنامج «الإصلاح»، في ارتفاع أسعار البترول العالمية، وتحسن قيمة الدولار أمام العملات العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية. ويُذكر أن صندوق النقد الدولي حاليا ، أرسل بعثة إلى القاهرة ، لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض. ووفقًا للتقرير ، فأن "تلك المخاطر تشير إلى أنه على الرغم من الثلاث سنوات العجاف الماضية، في سبيل الإصلاح الاقتصادي، يظل هيكل الاقتصاد المصري ضعيفًا. وتلقي تلك المخاطر الضوء على أن تحسن المؤشرات قد لا يعني بالضرورة تحسن الأوضاع، إذا ما بقي الاقتصاد الحقيقي هشًّا، وثماره لا توزع بشكل عادل. وقد يكون في ذلك فرصة لتحسين المؤشرات عن طريق تحسين جذري يعمل لصالح أغلبية المواطنين". 1 - ارتفاع أسعار البترول العالمية أشار التقرير ، إلى ارتفاع أسعار البترول الحالية ، حيث سجل وقود برنت أكثر من 86 دولارًا للبرميل في وقت سابق من الشهر الجاري، وهو أعلى سعر له خلال أربع سنوات ، ويرى محللون أن صعود أسعار البترول يأتي مدفوعًا بتوقعات انخفاض العرض من إيران على خلفية العقوبات الأمريكية. وبحسب التقرير ، "تزيد الأسعار العالمية للبترول، التي وصلت إلى مستويات قياسية، من مخاطر الإصلاح في مصر" ،حيث توقع صندوق النقد في مراجعاته الأخيرة أن يكون لذلك أثار سلبية على فاتورة دعم الطاقة وبالتالي أهداف خفض عجز الموازنة العامة. "وقد أعد مشروع الموازنة للعام المالي القادم 2018/ 2019 على أساس سعر البرميل بين 60 – 64 دولارًا… وكل دولار زيادة في سعر البرميل العالمي يؤدي إلى زيادة مخصصات دعم الطاقة في الموازنة ب 3 – 4 مليارات جنيه" وفقًا لتقرير المبادرة. ولفت التقرير ، إلى أن الحكومة أمامها خيارين لمواجهة ارتفاع أسعار البترول العالمية ، الأول أن تتحمله بالكامل ، وذلك سوف يؤدي إلى أرتفاع فاتورة الدعم وهو ما يعني فشل رؤيتهم الاقتصادية التي تقوم على رفع الدعم بالكامل ، والخيار الثاني أن تستمر الحكومة في رفع الأسعار على المواطنين وهو الإجراء الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأسعار العام ، و يُزيد من الاعباء التي يتحملها المواطنين في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة . 2 - تحسن قيمة الدولار أمام العملات العالمية وأشار تقرير "عين على الدين" إلى أن التحسن الذي يشهد الدولار أمام العملات العالمية له أثاره السلبية على الأسواق الناشئة ومنها مصر، حيث استغل المستثمرون الدوليون فترة انخفاض قيمة الدولار للاقتراض بالعملة الأمريكية في ظل سعر فائدة يقارب الصفر، أي الاقتراض بتكلفة ضئيلة، لكي يعيدوا استثمار هذه الأموال في الأسواق الناشئة التي تتبنى أسعار فائدة مرتفعة. ويعني تحسن قيمة الدولار وارتفاع سعر الفائدة الأمريكي أن الاقتراض من الولاياتالمتحدة لم يعد منخفض التكلفة. ويرصد تقرير المبادرة، تحذير مؤسسة موديز، من أن مصر واحدة من أربع دول عربية ضمن أكثر عشر دول تأثرًا بتضييق ظروف التمويل الدولية. «تلك الدول تملك معدلات دَين مرتفعة، قدرة محدودة على تحمل عبء الدَّين ومخاطر كبيرة لإعادة تدوير الديون. ومن ثم هي عرضة لأثر كبير على عجز الموازنة». 3 - ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة ويضع هذا الأمر مصر في مأزق، حيث كان من المفترض أن يبدأ البنك المركزي المصري في خفض سعر الفائدة كي يحفز القطاع الخاص على التوسع وخلق فرص عمل، والاقتصاد على النمو. لكن إذا استمر المركزي في خفض سعر الفائدة سيواجه أزمة عند خروج رؤوس الأموال. وبالتالي، تواجه مصر منافسة الأسواق الناشئة على هذه الأموال من خلال رفع أسعار الفائدة. ورفع المركزي المصري سعر الفائدة بنسبة 3% في نوفمبر 2016، ليصل عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 14.75% و15.75% على التوالي. ثم رفع المركزي سعر الفائدة بقيمة 2% في شهر مايو 2017، وأضاف 2% أخرى في شهر يوليو من نفس العام، لتصل إلى 18.75% على الإيداع و19.75%على الإقراض. ثم مع تراجع التضخم بدأت لجنة السياسات النقدية في شهر فبراير من العام الحالي بخفض الفائدة، وذلك بمقدار 1%، ثم خفضت الفائدة مرة أخرى بواقع 1% في شهر مارس لتسجل 16.75% على الإيداع و17.75%على الإقراض. ومنذ ذلك الحين استمر المركزي في إبقاء سعر الفائدة ثابتة. ويعد الأثر المباشر والأكبر لخروج رؤوس الأموال هو انخفاض قيمة الجنيه المصري، حيث أصبح عُرضة لهذه التقلبات العالمية بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. ويؤدي انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية منها القمح والوقود. وتشكل هذه المخاطر العالمية تهديدًا عامًا لأهداف برنامج صندوق النقد في مصر، والتي كانت تشمل خفض عجز الموازنة، إلغاء دعم الوقود وتحرير سعر الصرف. ويتطلب الإصرار على تحقيق هذه الأهداف في ظل التغيرات العالمية تحميل عبئها على المواطنين من خلال انخفاض أكبر في قيمة الجنيه وما له من أثر على زيادات أكبر في الأسعار، والتضخم، ورفع تكلفة الاقتراض الداخلي وما له من أثر سلبي على توسع القطاع الخاص وخلق الوظائف.