لا صوت يعلو في تركيا فوق صوت اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد انتشار أنباء مدعومة بشكل رسمي من الدولة التركية تتحدث عن قتله في القنصلية السعودية في اسطنبول. الاهتمام التركي بالقضية بلغ ذروته، عندما تطرق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الحادث خلال كلمة له أثناء مؤتمر سنوي لحزب العدالة والتنمية، وأكد أنه يتابع التحقيق في قضية اختفاء جمال خاشقجي، بشكل شخصي، وإن نتيجة التحقيق ستعلن "مهما كانت". وقال أردوغان، في تصريحات لصحفيين، إن المحققين يفحصون تسجيلات كاميرات المراقبة والمطارات للتحقق من مسار خاشقجي. كانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤولين أتراك قولهم إنهم يعتقدون أن خاشقجي "قتل" داخل القنصلية السعودية. تصريحات المسئولين اتفقت أيضا مع ما ذكره مستشار أردوغان، ياسين أقطاي، وهو صديق للصحفي السعودي، وقال أقطاي: "ما أعتقده أنه قتل داخل القنصلية السعودية". أسئلة تحتاج إجابات التصعيد التركي فيما يخص اختطاف خاشقجي وتبني رواية مقتله، ثم التصعيد الإعلامي القوي جدا قطريا وتركيا، لم يأت من فراغ. جمال خاشقجي قتل، وما يقال بإن التصعيد سببه الضغط على السعودية للكشف عن مكان خاشقجي يبدو أنه حجج واهية. لكن، ما يتجاله التعصيد الإعلامي القطري والتركي، هو أن تركيا تعرضت لإهانة بالغة بعد اختفاء ومقتل معارض على أرضها، فالضربة للمخابرات التركية كبيرة، لأن كل من على أرضها من أمثال خاشقجي مفترض أنهم في حمايتها، او تحت أعينها في أحسن الأحوال، وتعرضه للاختفاء لخمسة أيام ثم إعلان مقتله، يعني ان النظام التركي إما انه كان نائما غافلا، أو فؤجئ بالتصرف السعودي، وهو أمر لا ينفي الإهانة بالطبع. هناك مجموعة من الأسئلة تطرح نفسها بخصوص قضية جمال خاشقجي، تحتاج إلى إجابات، ربما لن نحصل عليها قريبا، لكننا سنطرح هذه الأسئلة، في إطار السعي للوصول لمعرفة الحقائق: 1- من أين أتى ل"خاشقجي" شعوره بالأمان الذي جعله يطمئن للذهاب لقنصلية السعودية في اسطنبول رغم مواقفه الأخيرة دون أي قلق أو خوف؟ 2- هل ذهب خاشقجي إلى القنصلية بموجب تطمينات بعدم المساس به على الأقل؟ 3- هل أخبر خاشقجي النظام التركي -أو بالأحرى المخابرات التركية- بخطوته تلك؟ أغلب الظن أنه فعل، فبماذا نصحته؟ وكيف اطمأن قلبها هي الأخرى؟ 4- هل كان خاشقجي والمخابرات التركية ضحية خداع سعودي؟ 5- لماذا لم يحصل خاشقجي على ما يريد من سفارة السعودية في واشنطن حيث يقيم مؤخرا؟ أو من أي من قنصلياتها في أمريكا؟ ووقتها كان من الصعب ان تضع السعودية أمريكا في مثل هذا المأزق كما فعلت مع تركيا؟ 6- هل ستواصل تركيا تصعيدها؟ أم سيتراجع أردوغان ويكتفي بالخناقات اللفظية والشرشحة الإعلامية ويبتلع الإهانة له ولبلده وسيادتها ولمخابراته؟ 7- الموقف الرسمي التركي من اختفاء خاشقجي، بإعلان مقتله في القنصلية، جاء متاخرا 4 أيام، فهل نتحدث عن تواطؤ تركي؟ 8- هل سر التأخر هو حيرة أردوغان وعدم معرفته كيفية الرد على الإهانة التي تلقتها بلده وجاهز مخابراته؟ 9- هل وجد اردوغان نفسه محاصرا؟ فهو مطالب بموقف قوي ضد انتهاك سيادة بلاده يتطلب قطع العلاقات مع السعودية، وهو ما يعني قطع العلاقات مع دولة إسلامية -في ظل ترويج الإعلام القطري والتركي لنظام أردوغان على انه نظام إسلامي، او يهتم بالعمق الإسلامي؟ 10- ما هو الموقف الأمريكي من الحادث؟ لاسيما مواقف الاستخبارات الأمريكية CIA وإدارة الرئيس ترمب؟ ألغاز كثيرة جدا تحتاج لإجابات