لوحة مرنبتاح وبها ملابس "الشاسو" يسعى الصهاينة دائماً وأبدا إلى تزوير وتهويد تاريخ فلسطين بتسخير كل الإمكانيات المادية والإعلامية، وتتعاون معهم كبرى المراكز العلمية بأوروبا وأمريكا .
وقد احتلت لوحة مرنبتاح الشهيرة بالمتحف المصرى الذى ذكر فيها لفظ إسرائيل لأول مرة ، وهو يشير لقبيلة مجهولة وليس شعب بعينه ، ولذا يعد استمرار تسميتها ب "لوحة إسرائيل" كارثة تاريخية ، وقد استخدم العلماء الغربيون مثل رينيه وديرفر هذه اللوحة لتزوير تاريخ فلسطين باعتبار شعب الشاسو وهو من الشعوب الكنعانية الأصيلة على أنه شعب إسرائيل .
وحول هذا الموضوع كشف الباحث الفلسطيني د. محمد العلامى مفاجأة فى مؤتمر الأثريين العرب وهي أن كساء الشاسو المسجل على جدران معابد الكرنك يؤكد أنهم شعب أصيل من الشعوب العربية الكنعانية التى جاءت من الجزيرة العربية وسكنت فلسطين وبلاد الشام منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد واستثمروا تلك المنطقة وعمروها حتى القرن العاشر قبل الميلاد
الشاسو ومصر القديمة
يشير الباحث إلى أن سكان أرض كنعان فى الألف الثانية قبل الميلاد لا ينتمون إلى مجموعات لغوية متنوعة فحسب وإنما إلى أنماط اقتصادية - ثقافية مختلفة إلى جانب السكان الساميين لغويا والحضريين .
وقد اصطدم المصريون مع القبائل الرحل منذ فترة حكم الفرعون أمنحوتب الثاني (القرن15 ق.م) وأطلقوا عليهم شاسو وهو اسم يعني رعاة الماشية الرحل أو البدو ، وقد جاءوا من شرق الأردن ومن ثم انتشروا في جنوب ووسط كنعان .
وتوجد فى معابد الكرنك مشاهد معارك سيتي الأول مع الشاسو التى جرت وقائعها بين سيلا وغزة إذ استوطن الشاسو بالقرب من سيناء ويتضح من تلك المشاهد أن سيتى الأول انتصر عليهم ابتداء من سيلا وحتى كنعان كما جرت الحرب مع الشاسو في وسط فلسطين .
ولاحقا في السنتين السادسة والسابعة من فترة حكم رعمسيس الثاني ووصل الجيش المصرى إلى الأردن حيث تقع مملكة مؤآب وآدوم - سعير وتمكنت القوات المصرية من السيطرة على الأردن وخاصة الأراضي التي كان يقيم عليها الشاسو الرحل .
ولم تقتصر حياة الشاسو على مهنة الرعي وإنما سكنوا المدن لفترة طويلة وكانت أعدادهم كثيرة حتى أن بعض المدن أشار المصريون إليها أنها تقع في أرض الشاسو ولعل ذكر الشاسو الرحل قد حوته المصادر المصرية فقط إذ نجد صورهم على جدران المعابد
الهوية الكنعانية
تأكد الباحث من خلال دراسته للثقافة المادية للشاسو على جدران المعابد المصرية أنهم من الشعوب الكنعانية حيث تجسّد مشاهد معارك سيتى الأول معركة من خلف جدران حصن فى أرض كنعان والأرجح أن يكون من غزة فمشاهد الأشخاص تختلف عن بقية سكان المدن الأخرى وتعتبر أردية الشاسو وملابسهم كمؤشر من المؤشرات العرقية وهو ما اعتمد عليه الباحث فى استبعاد أن يكون لهم علاقة بإسرائيل.
والكساء يتمثل فى ارتداء المئزر القصير لا يصل إلى الركبة وكانوا متحزمين بحزام ومن الجهة الأمامية فى وسط المئزر يتدلى شريط عمودي، ويتميز الشاسو بكسوة الرأس غير المألوف .
أما مشاهد الكرنك التى تظهر انتصار سيتى الأول وجلبه للأسرى من الشاسو فكانت تظهر الأسرى وهم يرتدون عباءات فوق المآزر ، وتختلف أردية المحاربين عن المدنيين عند الشاسو فمن مشاهد معركة قادش في الأقصر اتضح أن المحاربين كانوا يرتدون مئزرا قصيرا أو كسوة للرأس وقد ظهر الشاسو ضمن جيش الفرعون منذ فترة حكم رعمسيس الثالث
كما زين الشاسو ملابسهم بالشرابيش التى كانت منتشرة فى أرض كنعان ولم تقتصر على الشاسو كما زين الشاسو صدورهم بتعاويذ دائرية الشكل تشبه إلى حد بعيد تلك التعاويذ التي كانت ترتديها الشعوب السامية الحضرية.
وأثبت الباحث أن كل صفات ملابس الشاسو تشبه إلى حد بعيد الملابس العربية المعاصرة وبالذات ملابس سكان حضرموت حيث إنهم لفترة قريبة جدا كانوا يرتدون نقبا أو مآزر وقمصان ومناديل مربوطة على الرأس بالطريقة السابقة نفسها ذلك لأن أراضى الجزيرة العربية هى مكان تشكّل شعوب ما قبل الأقوام العربية التى هاجرت من الجزيرة إلى الشام وفلسطين أرض كنعان وبلاد مختلفة ويؤكد الباحث على أن مشاهد معابد الكرنك تصور الهيئات الخارجية لكثير من شعوب أرض كنعان ومن بينهم الشاسو الرعويين الرحل، سكان السهوب والمناطق شبه الصحراوية إذ كانت لهم ثقافة مادية خاصة بهم وقد شكلوا قومية موحدة لا علاقة لها بكلمة إسرائيل المدونة على لوحة مرنبتاح. الباحث الفلسطيني د.محمد العلامي