بالطبع لا يتوقف مصير الأمة العربية أو الإسلامية على شخص أو دولة بعينها، ولكنه يتغير بتغيير عقول الشعوب وانتمائتها وثوابتها التي تحارب الآن بشدة، وهذا ما ذهبت إليه وثيقة استخباراتية ألمانية، عن حال الوطن العربي فى وجود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي وصفته بإنه يمثل خطر حقيقي على الوطن ككل. وكشفت الوثيقة التي يعود تاريخها إلي ديسمبر 2015 أن "وضع السلطة في يد الأمير السعودي محمد بن سلمان يحمل مخاطر مرتبطة باحتمال سعيه إلى إثبات نفسه بانتظار خلافة والده"، كما أن "العلاقات مع الدول الصديقة للسعودية وجيرانها في المنطقة، يمكن أن تتأثر بنهج بن سلمان". وقالت الوثيقة التي جاءت بعنوان "المملكة العربية السعودية-القوة الإقليمية السنية التي تتمزق بين تغيير نموذج السياسة الخارجية وتوطيد السياسات المحلية": إن "الحذر الدبلوماسي الحالي الذي يتبعه كبار أفراد العائلة المالكة السعودية، ستحل مكانه سياسة تدخل عدائية"، وركزت الوثيقة على دور محمد بن سلمان الذي عين نائبا لولي العهد ووزيرا للدفاع في سن الثلاثين في وقت سابق من هذا العام. وأضافت الوثيقة التي نشرها موقع "إنترسبت" أن كلا من محمد بن سلمان، ووالده العاهل السعودي، يريدان أن تكون المملكة "قائدة للعالم العربي" وأن تكون سياستها الخارجية مبنية على ركيزة عسكرية قوية، محذرة من أن الأحداث الأخيرة في الخليج تؤكد صحة ما ذهبت إليه المذكرة، حين أمر بن سلمان باعتقال 11 من أبناء عمومته الأمراء، بمن فيهم واحد من أغنى الرجال في العالم، وهو الوليد بن طلال، وقائد الحرس الوطني، متعب بن عبدالله، واحتجازهم مع مسؤولين آخرين في فندق ريتز كارلتون بتهمة الفساد. وقالت الوثيقة إن محمد بن سلمان الذي أمر باعتقالات بعد ساعات قليلة من ترؤسه لجنة لمكافحة الفساد بتكليف من والده، ليس نموذجا للنزاهة والشفافية، فعلى سبيل المثال، من أين أتى ولي العهد بأكثر من 500 مليون دولار لإنفاقها على يخت فاخر، أثناء قضاء عطلته في جنوبفرنسا العام الماضي؟. وأشارت إلى إجبار بن سلمان في إطار سياسة "التدخل"، لرئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، على الاستقالة أثناء زيارته للسعودية، ثم وضعه تحت شكل من أشكال الإقامة الجبرية، كذلك هو حال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي أكد تحقيق أجرته وكالة أنباء "اسوشييتد برس" أن السعودية منعته مع ابنيه ووزراء ومسئولين عسكريين من العودة إلى اليمن منذ أشهر". وأبدت الوثيقة استغرابها من أن يقوم ابن سلمان باختطاف اثنين من القادة في الشرق الأوسط ويعتقل الأمير محمد بن نايف الذي أزاحه من ولاية العهد، في قصره، وتغض الحكومات الغربية نظرها عن مثل هذا السلوك المارق، مضيفة "علينا هنا أن نتخيل كيف ستكون ردة فعل المجتمع الدولي، لو كانت إيران مثلاً قد احتجزت، على سبيل المثال، رئيس الوزراء العراقي على أرضها، بعد إرغامه على الاستقالة ببيان على التلفزيون الإيراني". وقالت الوثيقة إنه على الرغم من تجاوزات بن سلمان خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ليعلن عبر "تويتر" عن دعمه لولي العهد ووالده قائلاً: "لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهد المملكة العربية السعودية، وهم يعرفون بالضبط ما يفعلونه"، كما أن الأوروبيين لم يكونوا أكثر واقعية، إذ قال الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، أثناء زيارة مفاجئة للرياض الأسبوع الماضي "إننا نفتخر بأن محمد بن سلمان يريد انفتاح بلاده ويدعم الإسلام المعتدل". وأشارت إلى الأزمة ما بين السعودية وقطر، والأحداث في اليمن، وبعد أكثر من عامين من بدء قصف أفقر بلد في الشرق الأوسط، من دون أن تكون هناك نهاية في الأفق، يجب السؤال ألم يكن الهجوم الصاروخي الحوثي الأخير على الرياض والذي وصفه ولي العهد بأنه "عدوان عسكري مباشر من قبل النظام الإيراني"، دليلا على فشل كامل للاستراتيجية العسكرية السعودية؟ ألم يكن من المفترض أن يكون هؤلاء الحوثيون المزعجون قد هزموا من قبل سلاح الجو الملكي السعودي الآن؟. ووصفت ولي العهد السعودي بأنه ليس فقط متسرعا، بل أيضاً هو غير كفؤ، ومتهور، ويعتزم تحويل الحرب الباردة السعودية الإيرانية التي طال أمدها إلى حرب ساخنة، كما أنه مستعد للتحالف مع إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو من أجل القيام بذلك.